..{ فع‘ــآآليـآآت المنتــدى }..



آخر 12 مواضيع
هل ستعطيه شربة المياه
الكاتـب : كريم عاصم - آخر مشاركة : ☆ شهـــاب ☆ - مشاركات : 3 -
إستحاله فلن أعود .. إنتهـــى ......
الكاتـب : كريم عاصم - آخر مشاركة : أمير عسكر - مشاركات : 8 -
قلت لقلبى ألم تستريح ذات مرة؟!
الكاتـب : العاشق الذى لم يتب - آخر مشاركة : ☆ شهـــاب ☆ - مشاركات : 9 -
خلف أسوار النيابة .. مقالة فى قصة
الكاتـب : كريم عاصم - آخر مشاركة : ☆ شهـــاب ☆ - مشاركات : 5 -
دول الشر
الكاتـب : يحيى الفضلي السودان - مشاركات : 6 -
مرض تعدد الشخصيات
الكاتـب : كريم عاصم - مشاركات : 4 -
من صاحب المقولة
الكاتـب : كريم عاصم - مشاركات : 8 -
ما رأيك فى إستايل المنتدى الجديد
الكاتـب : كريم عاصم - مشاركات : 10 -
الأثر النفسي للدعاء
الكاتـب : كريم عاصم - مشاركات : 12 -
إنك لاتهدى من احببت ولكن الله يهدى من يشاء
الكاتـب : كريم عاصم - مشاركات : 9 -
سأخبرك بجنونى
الكاتـب : العاشق الذى لم يتب - مشاركات : 16 -
حكاية حب
الكاتـب : أمير عسكر - آخر مشاركة : إيلاانا - مشاركات : 10 -

الإهداءات


استنشاق صوت الكلام

صفحات مكشوفة


3611معجبون

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /04-03-2022, 06:53 PM   #12071

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

المسلم الرمضاني له شأن في هذا الشهر الفضيل يختلف اختلافا تاما عن عموم الناس .. إنه يدرك أن رمضان محطة غنية بالمعاني والدروس والتوجيهات غنا ربما لا يتأتى لشهر آخر، لذلك فهو يستشعر نوعا من المسئولية الذاتية والمجتمعية تحمله على محمل الجد والتميز رغبة منه في الفوز بأكبر قدر من منح وعطايا هذا الموسم الإيماني السنوي، خاصة والأجواء مهيأة والهمم متطلعة والمساجد عامرة والشياطين مصفدة ورحمات الله لا تحصى ولا تعد .. من هنا كان للمسلم الرمضاني سمت فريد وبصمة متميزة، فهو يعيش أجواء هذا الشهر برؤية خاصة وهمة عجيبة ورغبة ملحة في أن يدرك ركب الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

• المسلم الرمضاني: يتفاعل بشوق مع التغيرات الكونية التي تحدث في شهر الرحمات .. روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ» .. وهذا الشوق ينبثق في دواخله حتى قبل أن يبدأ رمضان، فتجده كثيرا ما يدعو: (اللهم بلغنا رمضان) حتى إذا أهل الشهر الفضيل استقبله بهمة جديدة وعزيمة فريدة، فالصلوات تستغرق الأوقات، وختمات القرآن تتوالى، والأذكار تلهج بها الألسنة، والصدقات تُغدق على ذوي الحاجات .. فأوقاته من طاعة إلى طاعة، ومن قربة إلى قربة. لوم نفسه على التقصير أشد من لومها على جمع الجليل والحقير، ورحم الله الحسن البصري حيث يقول: "إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته".
وهذا بعكس من يستثقل قدوم رمضان لأنه سيحرمه من السيجارة أو كوب الشاي أو القهوة الذي لا يغادر مكتبه، أو يحرمه من وجبات اعتاد عليها ومشروبات يرتوي بها .. فمن أخلد إلى الأرض لا يرى في رمضان سوى صداع الرأس من شدة الجوع والعطش، وحرمان النفس مما لذ وطاب، وتعكير المزاج بتلجيم الملذات. فهو يسير في أيامه بملل يحاول أن يقتله بالنوم تارة وبالمسلسلات تارة وباللعب تارة أخرى!!
قال الحسن البصري: "إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون".

• المسلم الرمضاني: خلوق أكثر من أي وقت مضى، وأكثر من أي شهر انقضى، شعاره «إني صائم، إني صائم» يتجلى في معاملاته ومناقشاته وحتى مجادلاته وخصوماته .. إنه يتصالح مع نفسه عندما يتمثل الصيام واقعا سلوكيا لا شكليا فقط .. فهو صاحب «الصوم النظيف» .. الصائم الكاظم لغيظه والعافي عن الناس والمنضوي في قائمة المحسنين، رغبة في رضا رب العالمين .. يمر باللغو مر الكرام، ويدع قول الزور والعمل به، ويبذل النصح لكل مسلم، صومه عن المحرمات قرين صومه عن المطعومات، يحدوه الأمل في قبول الغفار والعتق من النيران.

• المسلم الرمضاني: يدرك جيدا أن رمضان شهر النصر، ويستشعر عبق بدر وفتح مكة وعين جالوت وغيرها من الأمجاد (185 انتصاراً وفتحاً غيرت مجرى التاريخ)، وإنما كان النصر الرمضاني فريدا لأن مدد الله في هذا الشهر فريدا أيضا، مع ما في رمضان من الصبر الذي هو قرين النصر، قال تعالى: {بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران:125] ورمضان شهر الإرادة التي هي عامل قوي في حسم الحروب والمواقف، والصوم سبيل التقوى التي هي مفتاح محبة الله ومعيته وولايته ونصره وتأييده، قال تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران:126] ولذلك تجد المسلم الرمضاني في هذا الشهر يسعى للنصر سعيا حثيثا، نصرا على النفس والهوى والملذات والشهوات، ونصرا على الكسل والفتور والسلبية، ونصرا على رتابة الأحداث وملل الروتين اليومي، ونصرا يجعله -إن شاء الله- في مصاف عتقاء الله من النار في هذا الشهر الكريم.

• المسلم الرمضاني: إيجابي يحمل هم أمته، ويعايش بواقعية وحركية قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكــــــم تتقــــــــون} [البقرة:183] وتحقيق التقوى بالتزام أوامر الدين وواجباته، ومنها «واجب الدعوة» الذي تزداد أهميته ووجوبه في مثل هذا العصر الذي بعدت فيه الأمة عن جادتها وكثرت جراحها وأنات ضعفائها من كثرة هزائمها وإخفاقاتها، ولعبت فيه الآلة الإعلامية الفاسدة بعقول أبنائها، فتوجب على المستشعرين لهذه المسئولية الجسيمة عدم التواني في تعبيد الخلق لرب الخلق، ولم شعث الأمة، وتوجيه طالب الحق إلى معالم الصراط المستقيم، ودحض شبهات الأفاقين وتلبيسات الأفاكين.
والتاريخ يشهد والتجربة تحكي أنه يوم عُمرت قلوبُ السلفِ بالتقوى، جمعهم اللهُ بعد فرقة، وأعزهم بعد ذلة، وفُتحت لهم البلاد، ومُصرت لهم الأمصار .. كل ذلك تحقيقا لـموعودِ الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف:96]

المسلم الرمضاني: يعي حجم التحدي الذي يواجه هذه الأمة من غزو فكري يعلي قيمة المادة على الروح، ويعطى فيها الأولويةُ للمحسوس على المعنوي، وللمباشر على غير المباشر، وللآني على الآجل، وللقوة على الرحمة، وللمتغير على الثابت .. إنها مفاهيم وقيم من ينظر تحت قدميه، ولا يدرك رسالة المرء الممتدة إلى حياة تكافلية وأبدية، وهو وضع خطير من شأنه أن يؤجج الغرائز ويهمش الفضائل ويحول المجتمع إلى غابة رعناء لا يرحم القوي فيها الضعيف، لذلك فرمضان للمسلم طاقة روحية تعبدية، ينعم فيه المؤمن بكل فضيلة ويحيد عن كل رذيلة، رضا الله في السر والعلن غايته، وطمأنينة نفسه أمنيته، والتراحم مع العالم رسالته.

ففي رمضان يجد المسلم الغذاء الروحي الذي تحيى به نفسه الصافية «شهر القلوب الرقيقة»، فهو القائم والراكع والساجد والقانت والمتضرع، وهو الداعي بكل خير، المتصدق بكل ما قدرت عليه طاقته، الناصح بكل ما جادت به قريحته، رجل التراويح وليلة القدر وتلاوة القرآن والتضرع بين يدي الرحمن .. فرمضان مدرسته الإيمانية والتربوية والسلوكية، يغتنم أيامها ولياليها قبل أن تحل الزفرات، وتبدأ الآهات، وتشتد السكرات.

المسلم الرمضاني: جواد باقتدار، فرمضان بالنسبة له موسم المتصدقين وشهر الباذلين، وقدوته في ذلك أكرم الخلق وأجودهم صلى الله عليه وسلم الذي كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه كل ليلة فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة كما في الصحيحين.
قال بعض السلف: الصلاة توصل صاحبها إلى نصف الطريق، والصيام يوصله إلى باب الملك، والصدقة تأخذ بيده فتدخله على الملك.

ولذلك حرص السلف رحمهم الله على زيادة البذل والإنفاق وخصوصاً تفطير الصائمين، وكان كثير منهم يواسون بإفطارهم وربما آثروا به على أنفسهم، فكان ابن عمر يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين، فإذا منعه أهله عنهم لم يتعش تلك الليلة، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه السائل فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفنة فيصبح صائماً ولم يأكل شيئاً، وكان يتصدق بالسكر ويقول: "سمعت الله يقول: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران:92]، والله يعلم أني أحب السكر"، وجاء سائل إلى الإمام أحمد فدفع إليه الإمام رغيفين كان يعدهما لفطره، ثم طوى وأصبح صائماً.

إن هذه الأمة فريدة في إيمانها وعقيدتها وتعاليمها، ولقد أثرت عنها مواقف باهرة في التراحم وإغاثة المحتاج ونجدة الملهوف، حتى باتت قناعة راسخة على قمة هرم «فقه الأولويات» .. خرج عبد الله بن المبارك رحمه الله مرةً إلى الحج، فاجتاز ببعض البلاد، فمات طائرٌ معهم، فأمر بإلقائه على مزبلة هناك، وسار أصحابُه أمامه، وتخلَّف هو وراءهم. فلما مرَّ بالمزبلة إذا جاريةٌ قد خَرَجَت من دار قريبة منها، فأخذت ذلك الطائر الميت، ثم لَفَّتْهُ، ثم أسرعت به إلى الدار، فَتَبِعَها، وجاء إليها فسألها عن أمرِها، وأخذِها الميتة ؟!. فقالت: أنا وأخي هنا، ليس لنا شيءٌ إلا هذا الإزار، وليس لنا قُوتٌ إلا ما يُلقى على هذه المزبلة، وقد حلَّت لنا المَيْتَةُ منذ أيام، وكان أبونا له مال، فظُلِم، وأُخِذَ مالُه وقُتِل!!.

فأمر ابن المبارك بِرَدِّ أحمال القافلة، وقال لوكيله الذي معه المال: كم معك من النفقة؟. قال: ألف دينار. فقال ابن المبارك: عُدَّ منها عشرين ديناراً تكفينا للرجوع إلى مَرْو (بلدته)، وأعطها الباقي، فهذا أفضل من حجنا هذا العام، ثم رجع.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 06:54 PM   #12072

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1] ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:71].

أما بعد: فإن التقوى منقبة جامعة لصنوف البر و الخير؛ لذلك عظمت عناية القرآن بها، وحسبك أن المواطن التي ذكرت فيها التقوى ومشتقاتها في كتاب الله العزيز قد نيّفت على أربعين ومائتي موطن، تؤمل بالتقوى، وتحث عليها، وتربط الفلاح بها، وتبرز منزلة المتقين في الدنيا والآخرة، عند الله وعند الناس: (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [البقرة:189].

فالتقوى خير، ولباسها خير لباس، وزادها أنفع زاد، ويكفيها شرفاً أن الله تعالى أمر عباده بها: (قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ) [الزمر:10]. وفي آية أخرى (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [البقرة:197]، وفي ثالثة: (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) [الأعراف:26]، وهي وصية الله لنا لمن قبلنا: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ) [النساء:131].

وللتقوى ثمرات عظيمة، ونتائج كبيرة؛ لأن الله تعالى ما أمر العباد بها وكرر ذلك إلا لعظيم مكانتها عنده تعالى وتقدس؛ لذا كان الجزاء عليها متناسباً مع عظيم منزلتها. ثمراتٌ وفوائد في الدنيا والآخرة، فالعاقبة والنصر لأهلها، (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) [طـه:132]، (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف:128].

وبالتقوى يفرق العبد بين الحق والباطل، وبين الخير والشر، وبين الضار والنافع، وتغفر له خطيئاته (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الأنفال:29].

لا يزال النور يلازم أهل التقوى، نور البصائر مع نور الأبصار؛ لأن البصائر هي التي تعمى، (فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج:46]. لكن المتقين حُفِظوا بتقواهم من عمى البصائر، فهم بنور التقوى يوفقون في أعمال دنياهم، وأعمال أخراهم.

وقد جاء النداء القرآني آمراً بالتقوى من أجل الحصول على ذلك النور حتى تستنير به البصائر مع نور الأبصار، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) [الحديد:28].

والتفضيل عند الله تعالى لم يكن بالجاه ولا السلطان ولا المال، ففرعون ما نفعه سلطانه، وهامان ما سرته وزارته، وقارون ما أغنى عنه ماله. ولم يكن القرب من الله بالأحساب والأنساب، فكبار قريش وسادة مكة الذين كانوا أميز الناس حسباً، وأوسطهم نسباً، يتحلقون حول الكعبة ينتظرون ذلك العبد الحبشي بلال بن رباح -رضي الله عنه- وأرضاه يصعد على ظهر الكعبة، وأقدامه فوق هام السادات؛ ليعلن النداء بالتوحيد بعد الفتح؛ ما كان بين عبوديته وبين مكانته تلك إلا سنوات قلائل، وعم النبي -صلى الله عليه وسلم- أبو لهب، في نار ذات لهب.

إنه العدل الرباني في إلغاء وسائل التفاضل بين البشر كلها إلا وسيلة التقوى، وهي التي يستطيع أن ينالها كلُ أحد متى ما تخلى عن الشهوات، وسارع إلى الطاعات (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات:13] أتقاكم! وليس أعزكم حسباً، ولا أوسطكم نسباً، ولا أوفركم مالاً، ولا أعظمكم جاهاً، ولا أقواكم سلطاناً؛ بل أكرمكم أتقاكم، وحسب.

ويكفي المتقين شرفاً معية الله تعالى لهم يحوطهم ويرعاهم ويحفظهم (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) النحل:128، ثم إنهم نالوا ولاية الله تعالى (إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) الأنفال: من الآية34، فكانت النجاة لهم يوم القيامة، (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً) [مريم:71-72]، (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الزمر:61].

ولما كانت النجاة نصيبهم في القيامة كانوا أبعد الناس عن الخوف والحزن، (فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الأعراف:35]. بُشروا بالجنة، وهل أعدت الجنة إلا لهم؟ (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الشعراء:90]، (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً) [مريم:63]، (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ) [الرعد:35]، (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران:133].

ولا تسل عن ندم أهل النار على تقصيرهم في حق التقوى حينما يقول قائلهم: (يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [الزمر:56-57].

والتقوى سهلة النيل لمن وفق الله من عباده؛ لكن، ما أعسرها على من كان عن الرحمة مبعداً! يحصل العبد عليها متى ما تخَلَّى عن الشهوات، وسارع إلى الطاعات. ومَن يستطيع ذلك إلا من كان مِن عباد الله موفقاً؟.

عرف التقوى طلقُ بن حبيب بكلمات مختصرات فقال -رحمه الله تعالى-: "هي العمل بطاعة الله، على نور من الله، رجاء ثواب الله؛ وترك معاصي الله، على نور من الله، مخافة عذاب الله". وقال ميمون بن مهران: "لا يكون الرجل تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، وحتى يعلم من أين ملبسه ومطعمه ومشربه".

أيها الإخوة: ورمضان من أعظم مواسم التقوى، والصيام مسلك من مسالكها؛ لذا أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الصيام جُنَّةٌ، أي: وقاية يقي أصحابه الفحش والمحرمات، وقد علل الله الصيام بالتقوى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183]. فمن أجَلِّ حِكَمِ الصيام الحصولُ على التقوى، ولكن هل فهم المسلمون هذا المعنى من الصيام؟!.

إن كثيراً منهم -وللأسف!- لم يفهموا منه إلا الإمساك عن الطعام والشراب والنكاح؛ لكنهم عن كثير من الشهوات لم يمسكوا! أمسكوا عما أحل الله لهم لكنهم أفطروا على ما حرم الله عليهم! فأي معنى لهذا الصيام؟ وأي تقوى تنال به؟ يجمع واحدهم حسنات كثيرة من ذكر وقرآن، وصلاة وقيام، وصدقة وإحسان، فما يبرح إلا قليلا حتى ينفق ما جمع من حسنات، ويستزيد عليها سيئات وخطيئات؛ وذلك حين تغرب شمس ذلك اليوم الذي صامه، وتنقضي تراويحه، فينطلق في ميادين الشهوات مع جلساء السوء وأهل الفراغ، في لهو وغفلة، وقيل وقال، وجهل وزور، ونبيكم -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أ يدع طعامه وشرابه".

ووالله الذي لا يُحلف بغيره! إن ما يُعرض في الفضائيات وغيرها لمن أشد الجهل وأعظم الزور، هدمٌ للعقيدة، ونيل من التوحيد، وتشويه للشريعة، وتمييع للنصوص، وضرب لبعضها في بعض، وأخذ بعضها دون بعض.

جعلوا رمضان مجرد طقوس وعادات، من تعليق الفوانيس، وصنع الحلوى، والاجتماع على البدعة. عرضٌ لنداءات وحداءات وابتهالات تُغني على أنغام الأوتار، في بعضها شرك، وفي سائرها بدعة وعصيان؛ وأما مسابقاتهم فهي الميسِر عينه، وفيها استقسام بالأزلام. هذا ما يخص جانب العبادة عندهم.

أما جوانب الفحش والسوء فلا تسل عنها من عري وانحلال، أوغل في مداعبة الغرائز، حتى نقل الفاحشة من درك المعصية والكبيرة إلى منزلة الفكر والكفر، الفكر تحت شعار الحرية، والكفر بالانطلاق من قيود الدين وتعاليمه؛ لم يكفهم ما يعيشونه من فساد وانحلال، إنما يريدون فرضه على الأمة.

لم يتركوا العباد في محاريبهم حتى نالوا منهم تحت مصطلح الأصولية، ولم يفتؤوا عن تغريب الشعوب المسلمة، وإفساد المرأة المسلمة، والطفل المسلم، وتدمير البيت الآمن.

إذا أراد الناس الفساد بادروا بعرضه، وإذا أرادوا الدين منعوهم منه، وحالوا بينهم وبينه، وبحجة أنهم لا يدركون مصالحهم! وتحت شعارهم الحرية تنتهك الحرية، وتقتل الحرية.

يريد المتحررون المفسدون أن يبقى الدين في المسجد لا يتعدى عتبته؛ ولا يخرج من بابه؛ كما كان دين النصارى في الكنيسة لا يتعداها؛ وأكثر ما يزعجهم أن يكون الدين موجوداً في الأسواق، متغلغلاً داخل البيوت، حاكماً على التعليم والتربية، والاقتصاد والسياسة، والإعلام والصحافة. إنه النفاق الذي أبدوه وأعلنوه.

وينخدع المشاهد المسكين بما يعرضونه في فضائياتهم من برنامج ديني، وهو أبعد ما يكون عن الدين، أو فيه (مزجٌ) لحَقٍّ بِباطل، مع ترسيخ لقاعدتهم القديمة: دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله!.
يعقب برنامجهم الديني غناء رقيع، أو فليم خليع، أو تقرير بدعة، أو حوار زندقة، تحت مسمى تلاقح الأفكار، وسماع الرأي الآخر، ولو كان ذلك سبّاً للذات الإلهية، أو قدحاً في الدين، أو تشكيكاً في الثوابت والمسلمات.

فيا للصائم المسكين! حقٌ أن يرثى لحاله! حينما أهبطوه من منازل الصيام العالية، وجردوه من معانيه السامية، إلى حضيض الشبهات، ومستنقع الشهوات، ومع ذلك يزعمون أنهم بفضائياتهم مصلحون يريدون الارتقاء بالعقل العربي، والفكر العربي، وهم يُسفون إسفافاً بليغاً، (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ) [البقرة:12].

بلى والله! إن أكثرهم يشعرون؛ ولكنهم في طغيانهم يعمهون، وفي غيهم يترددون، (وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) [الأعراف:102] ، فأين التقوى من قلوب هؤلاء؟ وأين التقوى من قلوب المتسمرين أمام الشاشة؟!.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) [ص:27-28].







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 06:55 PM   #12073

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله، تعالى فإنكم في شهر التقوى حيث تتأكد التقوى.

أيها الإخوة: قد يغيب عن ذهن المؤمن معنى الصيام، وحقيقة التقوى، فينجرف مع المنجرفين خلف الجهل والزور؛ ولكنه سرعان ما يُذكر فيتذكر، ويؤوب إلى الله تائباً منيباً؛ وهذا هو وصف المتقين، (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) [الأعراف:201]، يصيب الواحد منهم ذنباً في غفلة وإجلاب من الشيطان، ثم يتذكر عقاب الله وثوابه فيسارع بالتوبة والاستغفار.

ولا تزال الشياطين به تحاول إفساده، شياطين الجن والإنس، في مجالس الباطل واللهو، وعبر الشاشات والأثير (وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) [الأعراف:202]، وهو في جهاد معها؛ فإن غلبته الشياطين انفرط من عقد المتقين، وتخلف عن ركب الصائمين؛ وإن تغلب عليها وعلى شهواته، فهو في طليعة المتقين، ولربما قاد ركب الصائمين، وكان من أوائل الداخلين مع باب الريان الذي أعد للصائمين في جنات النعيم.

أيها الإخوة: ما كان هذا إلا تذكيراً في أوائل هذا الشهر المعظم الذي ينشط فيه أهل الباطل، وتتنافس فيه الفضائيات على إفساد صيام الصائمين، وتقوى المتقين؛ ولعل حكمة الله البالغة قد اقتضت أن ينشط شياطين الإنس بغية تغطية الفراغ الذي خلفه إخوانهم من شياطين الجن لما صفدت في رمضان، وكل ذلك امتحان للعباد وابتلاء.

فهذا تذكير، والذكرى تنفع المؤمنين، ومن لا يقبل التذكير والوعظ فأرجو أن لا يكون داخلاً في قوله تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْأِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) [البقرة:206].

فاتقوا الله ربكم، واحفظوا صيامكم، وحَذارِ حَذارِ أن تجمعوا حسنات النهار فتنفقوها في الليل! ثم تكتسبوا أضعافها سيئات وأوزاراً، احفظوا صيامكم، واحفظوا بيوتكم وأهليكم وأولادكم، وقوهم (نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم:6]، فالأمر ليس بالهين، والحساب عسير، والموت أقرب إلى أحدنا من شراك نعله، والسعيد من اتعظ بغيره، والشقي من كان عظة وعبرة للناس، ثم صلُّوا وسلموا على نبيكم كما أمركم بذلك ربكم...







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 06:56 PM   #12074

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

الحمدُ لله، الحمدُ لله واهِبِ النِّعَم والعطِيَّات، أمرَ عبادَه بفعلِ الخيرات، وحثَّهم على المُسارَعة إلى الطاعات، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه، وعلى آلِه وأصحابِه ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الممات.

أما بعدُ .. معاشر المؤمنين: أُوصِي نفسِي وإياكم بتقوَى الله – عزَّ وجل -، فهي وصيَّةُ الله تعالى للأولين والآخرين (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء: 131].

أمةَ الإسلام: بالأمسِ القريبِ ابتهَجَت قلوبُنا بدخُول شهر رمضان، وها هو اليوم قد انقَضَى منه شَطرُه، واكتَمَلَ بدرُه، وما هو إلا كما قال الله – عزَّ وجل -: (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ) [البقرة: 184]، تُصامُ تِباعًا، وتنقَضِي سِراعًا. فتزوَّدُوا – يا عباد الله -؛ فإنَّ خيرَ الزاد التقوَى.

أيها المُسلمون: شرَعَ الله لنا صيامَ رمضان لغايةٍ عظيمةٍ، وهو الحكيمُ – جلَّ جلالُه، وتقدَّسَت أسماؤُه -، فرمضان مدرسةٌ خُلُقيَّة، وإصلاحٌ وتزكِية، يمتنِعُ فيه المرءُ عن بعضِ المُباحات فضلًا عن المُحرَّمات؛ طاعةً وامتِثالًا لأمرِ الله، وتحقيقًا لتقواه.

والصيامُ خصَّه الله بفضلٍ عظيمٍ فنسَبَه إلى نفسِه دُون سائرِ العبادات، وهو سِرٌّ بين العبدِ وربِّه لا يطَّلِعُ عليه إلا الله؛ ففي "الصحيحين" عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «قال الله – عزَّ وجل -: كلُّ عملِ ابنِ آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي، وأنا أجزِي به».

فأضافَ – جلَّ جلالُه – الجزاءَ إلى نفسِه الكريمة، وهو – سبحانه – أكرمُ الأكرمين وأجوَدُ الأجوَدين، والعطِيَّةُ بقَدر مُعطِيها؛ فيكون أجرُ الصيام عظيمًا كثيرًا بلا حسابٍ.

ورمضانُ – يا عباد الله – هو شهرُ الخيرات، فيه تُصفَّدُ الشياطين، وتُغلَّقُ أبوابُ النِّيران، وتُفتَّحُ فيه أبوابُ الجِنان، والقرآنُ يُتلَى، والملائكةُ تتنزَّل.

إنه شهرُ الرحمةِ والخيرِ والبركةِ والغُفران، شهرُ ضياءِ المساجِد وذِكرِ الرحمن، شهرُ العظمة والجمال والبهاء، والتدبُّر والإنابة والدعاء، مَن صامَ نهارَه إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبِه، ومَن قامَ ليلَه إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبِه، فيه ليلةٌ هي خيرٌ مِن ألف شهر، مَن قامَها إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبِه.

وفي "سنن الترمذي" بسنَدٍ صحيحٍ عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال النبيُّ – صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان أولُ ليلةٍ مِن شهر رمضان صُفِّدَت الشياطينُ ومرَدَة الجنِّ، وغُلِّقَت أبوابُ النار فلم يُفتَح منها بابٌ، وفُتِّحَت أبوابُ الجنَّة فلم يُغلَق منها باب، ويُنادِي مُنادٍ: يا باغِيَ الخير أقبِل، ويا باغِيَ الشرِّ أقصِر، ولله عُتقاءُ مِن النَّار، وذلك كل ليلة».

وأبوابُ الخير – يا عباد الله – في هذا الشهر كثيرةٌ: صيامٌ وقيامٌ، وصِلةٌ للأرحام، وكفالةٌ للأيتام، وصدقةٌ وبِرٌّ وإحسانٌ، وعِيادةٌ للمرضَى، وتلاوةٌ للقُرآن، وإطعامٌ للمساكِين. فتفقَّدُوا – يا عباد الله – حالَ إخوانِكم المُسلمين، وأعِينُوهم على أمورِ دينِهم ودُنياهم، وتلطَّفُوا في ذلك؛ فإن منهم مَن قال الله فيهم: (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا) [البقرة: 273].

وفي "الصحيحين" عن أبي مُوسَى الأشعريِّ – رضي الله عنه -، أن النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – قال: «على كلِّ مُسلمٍ صدقة»، قيل: أرأيتَ إن لم يجِد؟ قال: «يعتَمِلُ بيدَيه فينفَعُ نفسَه ويتصدَّق»، قيل: أرأيتَ إن لم يستطِع؟ قال: «يُعينُ ذا الحاجةِ الملهُوف»، قال: قيل له: أرأيتَ إن لم يستطِع؟ قال: «يأمرُ بالمعروف أو الخير»، قال: أرأيتَ إن لم يفعَل؟ قال: «يُمسِكُ عن الشرِّ؛ فإنها صدقةٌ».

وشهرُ رمضان وإن كان موسِمًا لسائر الخيرات، إلا أنه للقرآن في رمضان مزِيَّةٌ وخصوصيَّةٌ، (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [البقرة: 185].

ولذلك كان رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – أجوَدَ بالخير من الرِّيح المُرسَلة، وكان أجوَدُ ما يكون في رمضان حين يلقَاه حبريلُ فيُدارِسُه القرآن، فيتدبَّر آياتِه، ويقِفُ عند مواعِظِه، ويتأمَّلُ أسرارَه وأحكامَه.

ففي "الصحيحين" عن ابن عباسٍ – رضي الله عنهما – قال: "كان رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – أجوَدَ الناس، وكان أجوَدُ ما يكونُ في رمضان حين يلقَاهُ جبريلُ، وكان جبريلُ يلقَاهُ في كل ليلةٍ مِن رمضان فيُدارِسُه القرآن، فلرسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – حين يلقَاهُ جبريل أجوَدُ بالخير مِن الرِّيح المُرسَلَة".

وإذا اجتمعَ الصيامُ مع القرآن أدرَكَت المُسلمَ يوم القيامة شفاعتان، (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [عبس: 34- 37].

ففي "مُستدرك الحاكم" بسندٍ صحيحٍ، عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما -، أن رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «الصِّيامُ والقرآن يشفَعَان للعبدِ، يقولُ الصيام: ربِّ إنِّي منَعتُه الطعامَ والشهواتِ بالنَّهار، فشفِّعني فيه، ويقولُ القرآن: منَعتُه النَّومَ بالليل، فيُشفَّعان».

وفي "صحيح مسلم" عن أبي أُمامة الباهِلِيِّ – رضي الله عنه – قال: سمعتُ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «اقرأوا القرآنَ؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفِيعًا لأصحابِه، اقرأوا الزهراوَين البقرةَ وآل عمران؛ فإنهما تأتِيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيَايتان – أي: سحابتان –، أو كأنهما فِرقان مِن طيرٍ صَوافٍّ – أي: جماعتان مِن طيرٍ صَوافٍّ – تُحاجَّان عن أصحابِهما».

قال ابنُ رجبٍ – رحمه الله -: "واعلَم أن المُؤمن يجتمِعُ له في شهر رمضان جِهادان لنفسِه: جِهادٌ بالنهار على الصيام، وجِهادٌ بالليل على القيام؛ فمَن جمعَ بين هذَين الجِهادَين، ووفَّى بحُقوقِهما، وصبَر عليهما وُفِّيَ أجرَه بغيرِ حسابٍ". اهـ كلامُه – رحمه الله -.

وإذا كان هذا فضلُ الصائِمِين في رمضان؛ فإن المُرابِطِين على الثُّغور أكبَرُ فضلًا وأعظمُ أجرًا، فهنيئًا للمُرابِطِين على ثُغور بلاد الحرمين الشريفين، نعم، هنيئًا للمُرابِطِين على ثُغور بلاد الحرمين الشريفين؛ لما اجتمَعَ لهم مِن فضلِ الزمانِ والمكان، وقد وردَت البِشاراتُ العظيمةُ بما أعدَّه الله تعالى للمُرابِطِين في سبيلِه.

ففي "صحيح مسلم" عن سَلمان – رضي الله عنه – قال: سمعتُ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «رِباطُ يومٍ وليلةٍ خيرٌ مِن صيامِ شهرٍ وقِيامِه، وإن ماتَ جرَى عليه عملُه الذي كان يعملُه، وأُجرِي عليه رِزقُه، وأمِنَ الفتَّان» أي: أمِنَ فتنةَ القبرِ وعذابَه.

قال الإمامُ السَّرخسِيُّ – رحمه الله -: "ومعنَى هذا الوعدِ في حقِّ مَن ماتَ مُرابِطًا – والله أعلم -: أنه في حياتِه كان يُؤمِّنُ المُسلمين بعملِه، فيُجازَى في قَبرِه بالأمنِ مِما يخافُ مِنه".

وفي "صحيح البخاري" عن سهلِ بن سعدٍ الساعديِّ – رضي الله عنه -، أن رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «رِباطُ يَومٍ في سبيلِ الله خيرٌ مِن الدنيا وما عليها، وموضِعُ سَوطِ أحدِكم مِن الجنَّة خيرٌ مِن الدنيا وما عليها، والرَّوحةُ يرُوحُها العبدُ في سبيلِ الله أو الغَدوَة خيرٌ مِن الدنيا وما عليها».

وكان أبو هريرة – رضي الله عنه – يقول: "لأَن أُرابِطَ ليلةً في سبيلِ الله أحبُّ إلَيَّ مِن أن أقُومَ ليلةَ القَدر عند الحجر الأسوَد".

قال شيخُ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: "المُرابطةُ بالثُّغور أفضلُ مِن المُجاوَرَة في المساجِدِ الثلاثة، كما نصَّ على ذلك أئمةُ الإسلام عامَّة، وهذا مُتَّفقٌ عليه بين السَّلَف".

أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) [آل عمران: 133- 136].

بارَك الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقولُ قولي هذا، وأستغفِرُ اللهَ لي ولكم، فاستغفِروه؛ إنه هو الغفورُ الرحيم.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 06:57 PM   #12075

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

الحمدُ لله، الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيبًا مُبارَكًا فيه كما يُحبُّ ربُّنا ويرضَى، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آلِهِ وصحبِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعدُ .. معاشر المُؤمنين: أخرج ابنُ حبان في "صحيحه" عن أبي هريرة – رضي الله عنه وأرضاه -، أن النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – صعِدَ المنبَرَ فقال: «آمين، آمين، آمين»، قيل: يا رسولَ الله! إنَّك حين صعِدتَّ المنبَرَ قُلتَ: آمين، آمين، آمين، قال: «إن جبريلَ أتاني فقال: مَن أدركَ شهرَ رمضان ولم يُغفَر له فدخلَ النار فأبعَدَه الله، قُل: آمين، فقُلتُ: آمين».

فما ظنُّك – أخي المُبارك – بدُعاءٍ يدعُو به جبريلُ – عليه السلام -، ويُؤمِّنُ عليه خليلُ ربِّ العالمين؟!

فيا أيها المُؤمنون: هذا أوانُ التوبة والاستِغفار، والأَوبَة والانكِسار، فمَن لم يتُب في شهر رمضان، فمتى يتُوب؟! ومَن لم يرجِع عن الذُّنوبِ والخطايَا في شهر الغُفران، فمتى يرجِع ويَؤُوب؟! ومَن لم يتعرَّض لنَفَحات أرحَم الراحمين في شهر الرَّحمات، فمتى يتعرَّضُ لذلك؟!

روَى الطبرانيُّ بسنَدٍ حسنٍ، عن أنس بن مالكٍ – رضي الله عنه – قال: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «افعَلُوا الخيرَ دهرَكم، وتعرَّضُوا لنَفَحات رحمةِ الله؛ فإن لله نفَحَاتٍ من رحمته يُصيبُ بها مَن يشاءُ مِن عبادِه».

قال ابنُ رجبٍ – رحمه الله -: "وما مِن هذه المواسِم الفاضِلَة موسِمٌ إلا ولله –تعالى- فيه وظيفةٌ مِن وظائِفِ طاعتِه، يُتقرَّبُ بها إليه، ولله فيه لطيفةٌ مِن لطائِفِ نَفَحَاته يُصيبُ بها مَن يعودُ بفضلِهِ ورحمتِه عليه".

فالسعيدُ مَن اغتنَمَ مواسِمَ الشهور والأيام والساعات، وتقرَّبَ فيها إلى مولاه بِما فيها مِن وظائِفِ الطاعات، فعسَى أن تُصيبَه نَفحَةٌ مِن تلك النَّفَحَات، فيسعَدُ بها سعادةً يأمَنُ بعدها مِن النَّار وما فيها مِن اللَّفَحَات.

فهذه نَفَحاتُ الرحمن قد تنزَّلَت، وهذه نسَمَاتُ الجِنان قد هبَّت، وجديرٌ بالعاقِلِ أن يُشمِّرَ ويجتهِد، (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت: 69].

ثم اعلَمُوا – معاشِرَ المُؤمنين – أن الله أمرَكم بأمرٍ كريمٍ، ابتَدَأَ فيه بنفسِه فقال – عزَّ مِن قائِلٍ -: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارِك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما بارَكتَ على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.

وارضَ اللهم عن الخُلفاء الراشِدِين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائِرِ الصحابةِ والتابِعِين، ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوِك وكرمِك وجُودِك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشرِكين، واحمِ حَوزةَ الدين، واجعَل هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا، رخاءً سخاءً، وسائرَ بلادِ المُسلمين.

اللهم أصلِح أحوالَ إخوانِنا المُسلمين في كل مكانٍ برحمتِك وفضلِك وجُودِك يا منَّان، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم تقبَّل صِيامَنا، وقِيامَنا، وسائرَ أعمالِنا.

اللهم إنا نسألُك بفضلِك ومِنَّتِك، وجُودِك وكرَمِك أن تحفَظَ بلادَ المُسلمين من كل شرٍّ يا أرحم الراحمين، اللهم احفَظ بلادَ الحرمين، اللهم احفَظ بلادَ الحرمين، اللهم احفَظها بحفظِك، واكلأها برِعايتِك وعنايتِك، اللهم أدِم أمنَها ورخاءَها واستِقرارَها.

اللهم مَن أرادَ بلادَ الحرمين بسُوءٍ فاجعَل كيدَه في نَحرِه، واجعَل تدبيرَه تدميرًا عليه يا قويُّ يا عزيزُ، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم وفِّق خادمَ الحرمَين لما تُحبُّ وترضَى، واجزِه عن الإسلام والمُسلمين خيرَ الجزاء، اللهم وفِّق جميعَ وُلاةِ أمور المسلمين لِما فيه خيرٌ لبلادِهم وشُعوبِهم يا أرحم الراحمين.

اللهم انصُر جنودَنا المُرابِطين على حُدودِ بلادِنا، اللهم أيِّدهم بتأيِيدِك، واحفَظهم بحفظِك، اللهم سدِّد رَميَهم، اللهم ثبِّت أقدامَهم، اللهم كُن لهم مُعِينًا ونصِيرًا، اللهم رُدَّهم إلى أهلِيهم سالِمين غانِمين برحمتِك يا أرحم الراحمين.

اللهم اغفِر للمُسلمين والمُسلِمات، والمُؤمنين والمُؤمنات الأحياء منهم والأموات برحمتِك يا أرحم الراحمين.

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90]، فاذكُروا اللهَ يذكُركم، واشكُرُوه على نِعمِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبَر، والله يعلَمُ ما تصنَعُون.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 06:58 PM   #12076

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

الحمدُ لله وليِّ التوفيقِ والهُدى، خصَّنا بموسِمٍ للطاعاتِ ما أهناهُ مورِدًا، مَن استَبَقَه بلَغَ مِن مراضِي الديَّان فرقَدًا.

على أنَّ الشُّكرَ ليس ببالِغٍ *** بعضَ ما أَولَى وأَجزَلَ مِن نَدَى
وأنَّى يُوازِي الشُّكرُ إحسانَ مُنعِمٍ *** يمُنُّ بلا مَنٍّ ويُولِي بلا أَذَى

وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً نتبوَّأُ بها مِن الجِنانِ مقعَدًا، وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدَنا مُحمدًا عبدُ الله ورسولُه خيرُ مَن صامَ وقامَ فكان في الفضلِ أوحَدًا، اللهم ربَّنا فصلِّ عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، الأُلَى بلَغُوا مِن شهر التُّقَى مجدًا وسُؤددًا، وصحبِه الكرَام الذين أمضَوا رمضان رُكَّعًا وسُجَّدًا، والتابعِين ومن تبِعَهم بإحسانٍ يرجُو المآلَ الأسعَدَا، وسلِّم تسليمًا كثيرًا لا يزالُ عَذبًا مُردَّدًا ما راحَ في الإحسانِ رائِحٌ أو غَدَا.

أما بعد: فاتَّقُوا الله – عباد الله -؛ فإنَّ تقوَاهُ أفضلُ ذُخرٍ وأحسَنُ زادٍ للمعاشِ والمعادِ، (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) [النور: 52].

إذا أنتَ لم تَرحَلْ بزادٍ مِن التُّقَى *** ولاقَيتَ بعد المَوتِ مَن قد تزوَّدَا
نَدِمتَ على أن لا تكونَ كمِثلِهِ *** وأنَّك لم ترصُدْ كما كان أرصَدَا

معاشِر المسلمين: إن لمنائِحِ الكرَمِ نشرًا تنُمُّ بها نفَحَاتُها، وتُرشِدُ إلى رَوضِهِ فَوحَاتُها، والأحوَذِيُّ الألمَعِيُّ مَن يستدِلُّ بتأرُّجِ العَرْفِ على تبلُّجِ العُرْفِ.

وإن مِن المسارِّ التي يُبتَهَجُ بها ويُتهادَى، والنِّعمِ السابِغَةِ على المُسلمين جميعًا وفُرادَى: ما كانت مِنَّتُها شائِعةٌ لا تتحيَّز، وبرَكَتُها ذائِعةٌ لا يختَصُّ بها قَبيلٌ ولا يتميَّز. نعمةٌ كمُلَت محاسِنُها وتمَّت، وكثُرَت فضائِلُها وجمَّت، وانتَحَتْنَا نفَحَاتُنا وعمَّت، تلكُم – يا رعاكم الله -: هي نِعمةُ حُلُول شهر رمضان المُبارك، الذي تبلَّجَ بيُمنِه الصباح، وتأرَّجَت الأمصارُ بعَبَقِه الفوَّاح، واستَقَت لمَقدَمِه الأرواح كُؤوسَ الأفراح.

وكَم لله مِن نفَحَاتِ خَيرٍ *** بمَقدَمِك السَّعيدِ أخَا السَّناءِ
فكَم خشَعَت قُلوبُ ذَوِي صَلاحٍ *** وكَم دمَعَت عُيُونُ الأتقِيَاءِ

أمة الإسلام: ها هو شهرُ رمضان المُبارك قد أشرَقَت في اُفقِ الزَّمانِ كواكِبُه، وعادَت بسلامةِ الإيابِ أمجادُهُ ومراكِبُه؛ لينضَحَ أرواحَنا اللَّهفَى بالرَّوح والرَّيحان، والقُربَى والازدِلافِ إلى المولَى الديَّان.

فيا لها مِن فرحةٍ غامِرةٍ تعيشُها الأمةُ الإسلاميَّةُ الآن، بالإطلالةِ السنويَّة لهذا الموسِمِ الكريم، والإشراقَةِ النورانيَّة لهذا الشهر العظيم، فهو شهرٌ لا يُشبِهُه شهر، مِن أشرَفِ أوقاتِ الدَّهر، فضائِلُه لا تُحصَى، ومحامِدُه لا تُستقصَى، إنه شهرُ القَبُول والسُّعُود، شهرُ العِتقِ والجُود، هذا إبَّانُ الترقِّي والصُّعُود، شهرٌ أنزلَ الله فيه كتابَه، وفتَحَ فيه للتائِبِين أبوابَه.

فيا لله! هذا نسِيمُ القَبُول هَبَّ، وهذا سَيلُ الخَير صَبَّ، وهذا الشيطانُ قد غُلَّ.

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه قال: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان أولُ ليلةٍ من شهر رمضان صُفِّدَت الشياطينُ ومرَدَةُ الجنِّ، وغُلِّقَت أبوابُ النَّار فلم يُفتَح مِنها بابٌ، وفُتِّحَت أبوابُ الجنَّة فلم يُغلَق مِنها بابٌ، ويُنادِي مُنادٍ: يا باغِيَ الخَير أقبِل، ويا باغِيَ الشرِّ أقصِر» (أخرجه الترمذي وابن ماجَه بسنَدٍ صحيحٍ).

شهرُ الأمانةِ والصِّيانةِ والتُّقَى *** والفوزُ فيه لمَن أرادَ قَبُولَا
فِيهِ الجِنانُ تفتَّحَت لقُدُومِهِ *** والحُورُ فِيهِ ازَّيَّنَت تَحفِيلَا
طُوبَى لعبدٍ صحَّ فِيهِ صِيامُهُ *** ودعَا المُهيمِنَ بُكرةً وأصِيلَا

يقولُ الحسنُ البصريُّ – رحمه الله -: "إن الله جعلَ شهرَ رمضان مِضمارًا لخلقِه يستبِقُون فِيهِ بطاعتِهِ إلى مَرضاتِهِ، فسبَقَ قومٌ ففازُوا، وتخلَّفَ آخرُون فخابُوا، فالعَجَبُ مِن اللَّاعِبِ في اليوم الذي يفُوزُ فيه المُحسِنُون، ويخسَرُ فيه المُبطِلُون".

إخوة الإسلام: إنها النفوسُ التي جُبِلَت على البِرِّ والصلاح، وطُبِعَت على الجَمِيلِ والإصلاحِ، تهفُو إلى الخَير وتُسَرُّ بإدراكِهِ ووقوعِهِ، وتأسَى للشرِّ وتَحزَنُ لرُتُوعِهِ، وتجتَهِدُ في العبادة تأسِّيًا بالنبيِّ المُصطفى – صلى الله عليه وسلم -.

روى الإمامُ مُسلمٌ في "صحيحه" من حديث أمِّ المُؤمنين عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت: "كان رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -، يجتهِدُ في رمضان ما لا يجتَهِدُ في غيرِه".

وذلك أن العُقبَى عظيمة، والجائِزةَ جِسِيمة: جنَّةٌ عرضُها السماوات والأرض، جنَّةٌ تحلَّت بأزاهِيرِ الرَّياحِين، وتجلَّت في حُلَلٍ سُندُسِيَّةٍ مِن البَسَاتِين، ذاتُ قَرارٍ ومَعِين، وظِلٍّ ظَلِيلٍ، وماءٍ سَلسَبِيلٍ.

فحَيَّ على جنَّاتِ عدنٍ فإنَّها *** منازِلُ كالأُولَى وفيها المُخيَّمُ
ولكنَّنا سَبْيُ العدوِّ فهَل ترَى *** نعُودُ إلى أوطانِنا ونُسَلَّمُ؟

إنها دارُ الكرامةِ والرِّضوان، والسلامة والسلام والأمان، أشرَقَ بهاؤُها، وطابَ فِناؤُها، ودامَ نَعِيمُها، قد تشوَّقَت لطالِبِيها، وتزَيَّنَت لمُريدِيها.

فيا عجَبًا! كيف لطالِبِ الجِنانِ أن ينام؟! خاصَّةً في شهر العفوِ والغُفرانِ .. شهر الذِّكر والقُرآن .. وما أعذَبَ الحديثَ عن رَوحِ الجِنان في موسِمِ رمضان.

هي جنَّةٌ طابَتْ وطابَ نعِيمُها *** فنَعِيمُها باقٍ وليسَ بفَانِ
دارُ السَّلامِ وجنَّةُ المأوَى *** ومنزِلُ عسكَرِ الإيمانِ والقُرآنِ
سُكَّانُها أهلُ القِيامِ مع الصِّيامِ *** وطيِّبِ الكلِماتِ والإحسانِ
أنهارُها في غَير أُخدُودٍ جَرَتْ *** سُبحانَ مُسِكِها عن الفَيَضانِ
مِن تحتِهِم تجرِي كما شاؤُوا *** مُفجَّرةً وما للنَّهرِ مِن نُقصَانِ
عسَلٌ مُصفَّى ثُمَّ ماءٌ ثُمَّ خَمرٌ *** ثُمَّ أنهارٌ مِن الألبَانِ

وأبلَغُ مِن ذلك: قولُ الحقِّ – تبارك وتعالى -: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ) [محمد: 15].

الله أكبر! هذه أنهارُها، أما بِناؤُها فلَبِنةٌ مِن ذهبٍ، ولَبِنَةٌ مِن فِضَّة، بينهما مِسكٌ أرفَعُ مِن أن يُعدَّ حُسنُ ذاتِهِ وطِيبُ رِيحِه وصِفاتِه، حَصباؤُها اللُّؤلؤُ والياقُوتُ.

روى الإمامُ أحمدُ في "مسنده" من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه قال: قُلنا: يا رسولَ الله! حدِّثنا عن الجنَّة ما بِناؤُها؟ قال: «لَبِنةُ ذهَبٍ ولَبِنَةُ فِضَّة، ومِلاطُها المِسكُ الأذفَر، وحَصباؤُها اللُّؤلُؤُ والياقُوت، وتُرابُها الزَّعفَران، مَن يدخُلُها يَنعَمُ ولا يَبأَسُ، ويخلُدُ ولا يمُوت، لا تَبلَى ثِيابُه، ولا يَفنَى شَبابُه».

وبِناؤُها اللَّبِناتُ مِن ذهَبٍ *** وأُخرَى فِضَّةٌ نَوعَانِ مُختَلِفانِ
وقُصُورُها مِن لُؤلُؤٍ وزَبرْجَدٍ *** أو فِضَّةٍ أو خالِصِ العِقيَانِ
وكذاك مِن دُرٍّ وياقُوتٍ بِهِ *** نُظِمَ البِناءُ بِغايَةِ الإتقَانِ

نَدِيٌّ ظِلُّها، وسَحٌّ وابِلُها وطَلُّها، نعمةٌ صافِية، ومِنحةٌ ضافِية، وعِيشةٌ راضِية.

روَى ابنُ ماجَه في "سننه" من حديث أُسامة بن زَيدٍ – رضي الله عنه – أنه قال: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – ذاتَ يومٍ لأصحابِهِ: «ألا هل مِن مُشمِّرٍ للجنَّة؟ فإنَّ الجنَّةَ لا خطَرَ لها، هي وربِّ الكعبَة نُورٌ يتلألَأُ، ورَياحنةٌ تهتَزُّ، وقصرٌ مَشِيد، ونهرٌ مُضطرِدٌ، وفاكِهةٌ كثيرةٌ نضِيجَةٌ، وزَوجةٌ جَمِيلةٌ، وحُلَلٌ كثِيرةٌ، في مقامٍ أبَدًا، في حَبرَةٍ ونَضرةٍ، في دُرَرٍ عالِيةٍ سلِيمةٍ بهِيَّة»، قالوا: نحن المُشمِّرُون لها يا رسولَ الله، قال: «قُولُوا: إن شاءَ الله».

أمة الإيمان: وإنَّ في الجنَّة لشجرَةً يسِيرُ الراكِبُ في ظلِّها مائةَ عامٍ لا يقطَعُها، كما صحَّ ذلك عن النبيِّ – صلى الله عليه وسلم -، واقرَؤُوا إن شِئتُم: (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) [الواقعة: 30]، وقال – سبحانه -: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ) [المرسلات: 41، 42].

مجالِسُهم في الجنَّة على سُررٍ موضُونة، أي: منسُوجةٍ مِن الذَّهبِ والياقُوتِ والجَواهِر، (مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ * يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ * جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا) [الواقعة: 16- 26].

للعبدِ فيها خَيمةٌ مِن لُؤلُؤٍ *** قد جُوِّفَت هي صَنعَةُ الرَّحمنِ
ولقد أتَى ذِكرُ اللِّقاءِ لربِّنا *** الرَّحمنِ في سُورٍ مِن القرآنِ

معاشِر المُسلمين: وإن أعظمَ نعيمٍ لأهلِ الجنَّة رُؤيةُ ربِّ العالَمين – جلَّ جلالُه -، روى البخاريُّ ومُسلمٌ في "صحيحيهما" مِن حديثِ جريرِ بن عبد الله – رضي الله عنه – أنه قال: كُنَّا عند النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – فنظَرَ إلى القمرِ ليلةَ البدر، وقال: «إنَّكم ستَرَونَ ربَّكُم كما تَرَونَ هذا القمَرَ، لا تُضامُون في رُؤيَتِه» أي: لا تشُكُّون ولا تختَلِفُون في رُؤيَتِه.

وروى مُسلمٌ في "صحيحه" من حديث صُهيبٍ – رضي الله عنه -، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «إذا دخَلَ أهلُ الجنَّة الجنَّةَ يقولُ الله – تبارك وتعالى -: تُرِيدُون شيئًا أزِيدُكم؟ فيقُولُون: ألم تُبيِّض وُجوهَنا؟! ألم تُدخِلنا الجنَّة وتُنجِينَا مِن النار؟!»، قال: «فيُكشَفُ الحِجابُ فيَرَونَ ربَّ العزَّة – سبحانه -، فما أُعطُوا شيئًا أحبَّ إليهم مِن النَّظر إلى ربِّهم – عزَّ وجل -».

الله أكبر! الله أكبر! اللهم متِّعنا بلذَّةِ النَّظر إلى وجهِك الكريم، والشَّوقِ إلى لِقائِك في غيرِ ضرَّاء مُضِرَّة، ولا فِتنةٍ مُضِلَّة.

(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) [يونس: 26]، (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) [ق: 35].

أنعَمَ عليهم وأفادَ، وأعطَاهم مُناهم وزاد.

فبينَا هم في عيشِهم وسُرُورِهم *** وأرزاقُهم تجرِي عليهم وتُقسَمُ
إذ هم بنُورٍ ساطِعٍ أشرَقَت له *** بأقطارِها الجنَّاتُ لا يُتوهَّمُ
تجلَّى لهم ربُّ السماوات جَهرَةً *** فيضحَكُ فوقَ العرشِ ثم يُكلِّمُ
سلامٌ عليكُم يسمَعُون جميعُهم *** بآذانِهم تسلِيمَه إذ يُسلِّمُ
يقولُ: سَلُونِي ما اشتَهَيتُم فكُلُّ ما *** تُريدُون عِندِي إنَّنِي أنا أرحَمُ
فقالُوا جميعًا: نحن نسألُك الرِّضا *** فأنت الذي تُولِي الجَمِيلَ وترحَمُ
فيُعطِيهِمُ هذا ويُشهِد جميعَهم *** عليه تعالَى اللهُ فاللهُ أكرَمُ

جعَلَنا الله وإيَّاكُم في الدارَين مِن أهلِ السَّعادَة، ورزَقَنا الحُسنَى وزِيادَة.

أعوذُ بالله مِن الشيطان الرجيم: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ) [الرعد: 35].

اللهم إنا نسألُك الجنَّةَ وما قرَّبَ إليها مِن قولٍ وعملٍ، ونعُوذُ بك مِن النَّارِ وما قرَّبَ إليها مِن قولٍ وعملٍ، اللهم إنا نسألُك رِضاكَ والجنَّة، ونعوذُ بك مِن سخَطِك والنَّار.

بارَكَ الله لي ولكم في أوقاتِ الطاعاتِ، وزادَنا مِن البرَكاتِ والخيراتِ والرَّحماتِ، وجعَلَنا جميعًا مِن أهلِ الجنَّاتِ؛ فهو ولِيُّ النِّعَم والمكرُماتِ، أقولُ قولِي هذا، وأستغفِرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولكافَّة المُسلمين والمُسلمات من كلِّ الذُّنوبِ والخطيئَاتِ؛ فاستغفِرُوه وتوبُوا إليه، إنه هو التوابُ الرحيمُ.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 06:59 PM   #12077

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

الحمدُ لله، جعلَ الصِّيامَ قُربةً إليه وجُنَّة، وسببًا مُوصِلًا إلى الرِّضوانِ والجنَّة، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له إلهُ النَّاسِ والجِنَّة، وأشهدُ أن نبيَّنا مُحمدًا عبدُ الله ورسولُه المبعُوثُ بأكمَلِ شريعةٍ وأقوَمِ سُنَّة، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آلِه وأصحابِه أُولِي الهِمَم العلِيَّة والنُّفُوسِ المُطمئِنَّة، والتابِعِين ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتَّقُوا الله – عباد الله – في السرِّ والعلَن، واحذَرُوا مُخالَفَة الفِعلِ الذَّمِيمِ لقَولِكم الحسَن؛ تبلُغُوا مراضِيَ الرَّحمن وأعظَمَ المِنَن.

إخوة الإيمان: إنَّنا إذ نُشنِّفُ الآذانَ، ونُمتِّعُ الجَنانَ بالحديثِ عن نعيمِ الجِنانِ إنما نحُثُّ الجَزمَ، ونشُدُّ العَزمَ لنهنَأَ في أفضلِ رِياضٍ، ونكرَعَ مِن أهنَأِ حِيَاضٍ، لا يجِفُّ ينبُوعُها، ولا تنضَبُ فيُوضُها، خاصَّةً وأن مواسِمَ الخيراتِ قد حلَّت، وأبوابَ الفضلِ قد هلَّت، وأبوابُ الجِنانِ على مِصراعَيها فُتِحَت.

فرمضانُ نعيمٌ ثَرَّارٌ للمُتنافِسِين، ومنهَلٌ بالتُّقَى عَذبٌ للمُتسابِقِين، وها هو قد أمتَعَنا بظِلالِه، وأندَى قُلوبَنا ببِلالِهِ.

رمضانُ بالحسَناتِ كفُّك تَزخَرُ *** والكَونُ في لألاءِ حُسنِك مُبحِرُ
هتَفَت للُقيَاك النُّفُوسُ وأسرَعَت *** مِن حُوبِها بدُمُوعِها تستغفِرُ

أمة الصِّيام والقِيام: إن على الأمة الإسلاميَّة أن تنخَلِعَ مِن حيِّز المَقالِ والانفِعالِ إلى التحقُّقِ بالفِعال.

فهلُمُّوا نتضمَّخُ مِن الصِّيام بأزكَى الطُّيُوبِ والنَّشر .. هلُمُّوا نمتَحُ أفاوِيقَ الإشراقاتِ .. وسوامِقَ البشائِرِ والنَّفَحاتِ بمُحكَمِ الآياتِ ومجلُوِّ الصَّفَحات؛ تكون لقُلوبِنا تِرياقًا وشِفاءً، ولأرواحِنا صُبحًا وضَّاءً، لاسيَّما والسِّهامُ تَرِيشُ الأمةَ مِن كل حدَبٍ وصَوبٍ.

نعم .. يا رعاكم الله: جدِيرٌ بنا في شهرِنا الذي اكتنَزَ ليلةً هي خَيرٌ مِن ألفِ شهر أن نُحدِّدَ الأهدافَ والدُّرُوبَ، ونُوحِّدَ الصُّفُوفَ والقُلُوبَ، وأن يُحرَّكَ مِن الأمةِ الهِمَمُ والعزائِمُ التي ترُومُ العِزَّة وتأبَى الهزائِم، فتأتَلِفَ على حلِّ قضاياها العالميَّة، وفي الذُّؤابَةِ مِنها قضيَّةُ القُدسِ الأبِيَّة. ذلكم لكي نستأنِفَ منازِلَ الرِّيادَة، وعليَاءَ القِيادةِ والسِّيادَة في أقصًى مُبارَكٍ مُحرَّرٍ – بإذن الله -.

إخوة الإسلام: وفي هذا الشهر العظيمِ يُندَبُ اللَّهَجُ بالدَّعواتِ الطيِّباتِ، فارفَعُوا أكُفَّ الضَّراعَةِ لكُم ولأهلِيكُم وأمَّتِكم، وألِحُّوا على البارِي – سبحانه – بالدُّعاء في حِفظِ بلاد الحرمَين الشريفَين، واستِقرارِها وأمنِها، وسلامةِ عُمَّارِها وزُوَّارِها، وتوفيقِ وُلاةِ أمرِها ورِجالِ أمنِها، والمُرابِطِين على ثُغُورِها وحُدودِها، وإحلالِ الأمنِ والسِّلمِ الدولِيَّين في تعزيزٍ لمنهَجِ الوسطيَّة والتسامُحِ والاعتِدال، وبُعدٍ عن الإرهابِ والطائفيَّة والانحِلال.

وارفَعُوا إليه الشَّكوَى والنِّدا أن ينصُرَ إخوانَكم المُستضعَفِين والمُشرَّدِين، والمنكُوبِين والمأسُورِين، والمُضطهَدِين في كلِّ مكانٍ، وأن يُفرِّجَ كُروبَهم وهُمُومَهم، ويكشِفَ شدائِدَهم وغُمُومَهم، خاصَّةً إخوانُنا في بلاد الشَّام الذين زادَ التَّقتِيلُ فيهم والإجرام، وفي العراقِ الوَطِيد، واليمَن السَّعِيد، ومُسلِمِي بُورما وأراكان، الذين يستقبِلُون شهرَ القرآن بالإبادَة والتشريدِ، والطُّغيان والتَّهجِير ومَزِيدِ الوَعِيد.

ولكنَّ الله ناصِرٌ أولياءَه، ومُتبِّرٌ أعداءَه، وإن طالَ الدُّجَى زمنًا.

ألا فاجتَهِدُوا في طلَبِ الجِنان، وشمِّرُوا لنَيلِ رِضا الرَّحمن؛ تتحقَّق لكم آمالُ الزَّمان.

يا سِلعةَ الرَّحمن لستِ رخِيصَةً *** بل أنتِ غالِيةٌ على الكسلَانِ
يا سِلعةَ الرَّحمن ليس يَنالُها *** فِي الألفِ إلا واحِدٌ لا اثنَانِ
يا سِلعةَ الرَّحمن هل مِن خاطِبٍ *** فلقَد عُرِضتِ بأيسَرِ الأثمَانِ

جعلَنا الله وإيَّاكم ووالِدِينا والمُسلمين من أهلِها بمنِّه وكرمِه.

هذا وصلُّوا وسلِّمُوا – رحِمَكم الله – على إمامِ المُرسَلين، وقُدوَة الصائِمِين القائِمِين: النبيِّ الأُمِّيِّ الأمين، كما أمرَكم بذلك ربُّكُم ربُّ العالمين، فقال في مُحكَم الكتابِ المُبِين: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

وقال – صلى الله عليه وسلم -: «مَن صلَّى علَيَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عَشرًا».
وأفضَلُ الصلاةِ والتَّسلِيمِ *** على النبيِّ المُصطفَى الكريمِ
مُحمَّدِ خَيرِ الأنامِ العاقِبِ *** وآلِهِ الغُرِّ ذَوِي المناقِبِ
وصَحبِهِ الأماجِدِ الأبرارِ *** الصَّفوَةِ الأكابِرِ الأخيَارِ

وخُصَّ منهم: أبا بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليَّ، اللهم ارضَ عن سائِرِ أصحابِ نبيِّك أجمعِين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمَتِك يا أرحَمَ الراحِمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشِّركَ والمُشركِين، وسلِّم المُعتمِرين والزَّائِرين، واجعَل هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا وسائِرَ بلادِ المُسلمين.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا ووُلاةَ أمورِنا، وأيِّد بالحقِّ إمامَنا ووليَّ أمرنا خادِمَ الحرمَين الشريفَين، اللهم وفِّقه لما تحبُّ وترضَى، وخُذ بناصِيَتِه للبِرِّ والتقوَى، وهيِّئ له البِطانةَ الصالِحة، اللهم وفِّقه ونائِبَيْه وإخوانَه وأعوانَه إلى ما فيه عِزُّ الإسلام وصلاحُ المسلمين، وإلى ما فيه الخيرُ للبلادِ والعبادِ.

اللهم وفِّق جميعَ قادَة المُسلمين لتحكيمِ شرعِك، واتِّباعِ سنَّة نبيِّك – صلى الله عليه وسلم -، اللهم اجعَلهم رحمةً على عبادِك المُؤمنين.

اللهم ادفَع عنَّا الغلا والوَبَا والرِّبَا والزِّنا، والزلازِلَ والمِحَن، وسُوءَ الفِتَن ما ظهَرَ مِنها وما بطَنَ عن بلدِنا هذا وعن سائِرِ بلادِ المُسلمين يا ربَّ العالَمِين.

اللهم فرِّج همَّ المهمُومين، ونفِّس كربَ المكرُوبين، واقضِ الدَّين عن المَدينين، واشفِ مرضانَا ومرضَى المُسلمين برحمتِك يا أرحم الراحِمين.

اللهم أنقِذِ المسجِدَ الأقصَى، اللهم أنقِذِ المسجِدَ الأقصَى، اللهم أنقِذِ المسجِدَ الأقصَى مِن براثِنِ المُعتَدِين المُحتلِّين، اللهم اجعَله شامِخًا عزيزًا إلى يومِ الدِّين.

اللهم كُن لإخوانِنا في بلادِ الشَّام، وفي سُوريا، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم إنهم مظلُومُون فانصُرهم، اللهم إنهم مظلُومُون فانصُرهم، يا ناصِر المُستضعَفين.

اللهم أصلِح حالَ إخوانِنا في العِراق، وفي اليمَن، وفي كلِّ مكانٍ يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطَّولِ والإنعامِ.

اللهم ادفَع عنَّا الفِتَن ما ظهَرَ منها وما بطَنَ.

اللهم اجمَع قُلوبَ هذه الأمة على الكتابِ والسُّنَّة يا ذا العطاءِ والمِنَّة.

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].

ربَّنا تقبَّل منَّا إنَّك أنت السميعُ العليم، وتُب علينا إنَّك أنت التوَّابُ الرحيم، واغفِر لنا ولوالِدِينا وجميعِ المُسلمين الأحياءِ منهم والميِّتين برحمتِك يا أرم الراحمين.

اللهم وفِّق رِجالَ أمنِنا، اللهم وفِّق رِجالَ أمنِنا، اللهم وفِّق رِجالَ أمنِنا، اللهم كُن لجُنودِنا المُرابِطِين على ثُغورِنا وحُدودِنا، اللهم سدِّد رميَهم ورأيَهم، وتقبَّل شُهداءَهم، واشفِ جرحَاهم، وعافِ مرضَاهم يا رب العالمين، ورُدَّهم سالِمين غانِمِين يا حيُّ يا قيُّوم، يا ذا الجلالِ والإكرامِ.

اللهم إنَّك عفُوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعفُ عنَّا.

ربَّنا تقبَّل منَّا إنَّك أنت السميعُ العليم، وآخِرُ دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 07:00 PM   #12078

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

إنَّ الحمدَ لله، نحمَده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالِنا، منْ يَهده الله فلا مضلَّ لـه، ومنْ يضلل فلا هاديَ لـه، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله، وحده لا شريكَ لـه، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله.

(يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنوا اتَّقوا اللَّهَ حَقَّ تقَاتِه وَلا تَـموتنَّ إِلَّا وَأَنْتمْ مسْلِمونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيّهَا النَّاس اتَّقوا رَبَّكم الَّذِي خَلَقَكمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهمَا رِجَالا كَثِيرا وَنِسَاء وَاتَّقوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلونَ بِه وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكمْ رَقِيبا) [النساء:1]، (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنوا اتَّقوا اللَّهَ وَقولوا قَوْلاً سَدِيداً* يصْلِحْ لَكمْ أَعْمَالَكمْ وَيَغْفِرْ لَكمْ ذنوبَكمْ وَمَنْ يطِع اللَّهَ وَرَسولَه فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]، أما بعد:

فإنَّ أصدَقَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هدي محمدٍ -صلى الله عليه وسلـم- وشرَّ الأمور مـحدثاتها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار، أما بعد:

أيها المسلمون:
ففي يومنا هذا نسعدُ بحلول شهرنا العظيم, شهر الصيام, والقيام وقراءة القرآن, وحبّ المساكين، وبحلول هذا الشهر الكريم تخطر في بالك تلك الآية المحكمة التي فرض الله تعالى من خلالها الصيام بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183].

فإنْ كان الصيام مفروضاً على من سبقنا من الأمم، فإنَّه من الطبيعي جداً أنْ يُفرض على هذه الأمة؛ خاصةً وهي الأمة التي فُرضَ عليها الجهاد في سبيل الله؛ لتقرير منهجه في الأرض وللقوامة على البشرية, وللشهادة على الناس.

فالصوم هو مجال تقرير الإرادة الجازمة, ومجال اتصال الإنسان بربه ومولاه -اتصال طاعة وانقياد- كما أنّه مجال الاستعلاء على ضرورات الجسد كلها, واحتمال ضغطها وثقلها؛ إيثاراً لما عند الله من الرضا والمتاع, وهذه كلها عناصرٌ لازمة في إعداد النفوس لاحتمال مشقات الطريق المفروش بالعقبات والأشواك, والذي تتـناثر مع جوانبه الرغبات والشهوات، والذي تهتف لسالكيه آلاف المغريات والمثبطات.

ومن خلال الآية الكريمة -قوله تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183] يلحظ اللبيب الفطن المتدبّر لكتاب الله الغاية التي من أجلها شرع الصوم ألا وهي تحقيق ثمرته، وجني علته تلك التي أشار إليها القرآن بقوله: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).

فالتقوى هي التي تستيقظ في القلوب وتحيى بها الضمائر, وتسعد بها النفوس وهي تؤدي هذه الفريضة العظيمة طاعة لله وإيثاراً لرضاه، والتقوى هي التي تحرس القلوب وتحفظ النفوس من مظلات الفتن, ووساوس الشياطين.

والمخاطبون بهذا القرآن يدركون مقام التقوى عند الله ووزنها في ميزانه سبحانه, فهي غاية تتطلع إليها أرواحهم وتشتاقها نفوسهم، وهذا الصوم أداة من أدواتها وطريق موصل إليها، فإنْ لم يثمر الصوم خشيةً في القلوب وإرهافاً في الشعور وتخلّياً عن الذنوب، وندماً على الأعمار المهدرة والسنين المبعثرة -إنْ لم يثمر الصوم هذا كله أو جلّه- فهو مضيعة للوقت, وتبديد للجهد فيما لا فائدة فيه، وإنْ لم يثمر الصوم عزماً صادقاً, ويقيناً واثقاً على التوبة النصوح, والاستقامة على الهدى, والعزيمة على التقى "فليس لله حاجه بأنْ يدعَ الصائمُ طعامه وشرابه".

أيها المسلمون:
لقد أساء الكثيرون فهم الإسلام واتخذوا أجلَّ عبادته وأعظم شعائره عبادات جوفاء لا روح فيها ولا تأثير لها, بل إنها أقرب للعادات منها للعبادات, وإلا فما معنى أنْ يتحوّل أعظم شهورهم وأنفس أوقاتهم -شهر الصيام والقيام, شهر بدرٍ, وفتح مكة- ما معنى أنْ يتحول ذلك الشهر العظيم إلى شهر الأسواق المزدحمة، والشوارع المكتظَّة, والموائد الممتدة بألوان الإسراف والتبذير؟! وما معنى أنْ يتحول أعظم الشهور وأقدس الدهور إلى شهر لعرض الفتنة، وإثارة الغرائز, وتدمير الأخلاق؟!

لقد نتج عن سوء فهم الإسلام وسوء فهم شعائره ومقاصده ومراميه ما تعانيه الأمة كلها من الذلّ والهوان, وتسلط الأعداء يسومونها سوء العذاب، ويسفكون دمائها, ويستبيحون ويدنسون عقائدها, ويعبثون بأخلاقها, وقيمها, بل إنهم ليمارسون وصاية ذليلة على شعوبها، ويرسمون للأمة سياساتها, ويوجهون زمام الأمور فيها وصدق فينا قول القائل:

ويُقضى الأمرُ حين تغيبُ تيمٌ *** ولا يستأمرون وهم شهودُ

لقد آن الأوان أنْ تستيقظ الأمة من رقدتها، وتتخلص من غفلتها وتراجع دينها مبعث قوَّتها, وسرّ نهضتها, ومصدر عزيمتها: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) [الحديد:16).

ألم يأن لشباب الأمة أن يصطلحوا مع ربّهم, ويعودوا إلى رشدهم, ويعوا حقيقة دورهم؟! ألم يأنِ لشباب الأمة أنْ يدركوا ما يُخطط لهم، وما يراد بهم من أولئك الذين يعبثون بعقائدهم ويسخرون من قيمهم وأخلاقهم, ويضيعون زهرة شبابهم في الفن والرياضة وبذل الولاءات لها؟!

ألم يأنِ لشباب الأمة أنْ يثأروا لإسلامهم الجريح, وعقيدتهم الممتهنة, وكرامتهم المهدرة؟ ألم يأن للآباء والشيوخ أنْ يغتنموا بقية أعمارهم ونهاية آمالهم فيلتمسوا رضا ربهم وعفو بارئهم في ساعات السحر, وانتظار الصلاة بعد الصلاة, وإصلاح البيوت, وتفقد الأسر, وتعاهد الأبناء بالنصح والرعاية والتوجيه؟

(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ)؟! أجيبوا بربكم أجيبوا؟!
ألم يأنِ لنا أنْ نستغلّ مناسبة كهذه نثب فيها إلى رشدنا, ونصلح ما بيننا وبين ربنا, ونعاهده سبحانه في هذا المكان الطيب المبارك, وفي هذا اليوم الفضيل -خير يوم طلعت فيه الشمس- في هذا الشهر الكريم, شهر القرآن, وليلة القدر، نعاهده –سبحانه- على الـتوبة من كل ذنب, والندم على كلّ خطيئة, والعزيمة على الرشد والاستقامة؟!

(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ* وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ* أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ* أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ* أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ* بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ* وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ* وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الزمر:53-61].

هذا كلام ربنا، فهل نفقه ما يقول سبحانه؟ وهل نقبل نُصْحَه -جلَّ جلاله-؟ أم نظل فريسة للشيطان يتلاعب بنا كيف يشاء, ويسخر من عواطفنا, ويوهن عزائمنا, ويقوض إرادتنا؟! إلى متى نظل أسرى لشهواتنا، وضحايا لرغباتنا ونتناسى هادم اللذات, ومفرّق الجماعات, ومضيق الصدور, ومدخل القبور؟!

أيها المسلمون:
هذا رمضان حلّ بكم أياماً معدودات, وسيرحل قريباً أو عنه ترحلون, فأين المسارعون للخيرات, والمبادرون بالصدقات؟ أين الراحمون للضعفاء، القاصدون للفقراء؟ أين الواصلون للقربات، المكثرون من القربات؟ أين العافون عن الحرام، الزاهدون في الآثام؟ أين الهاجرون للموبقات، التاركون للمحرمات؟ أين العلماء العاملون، والدعاة المخلصون؟

هذا شهرهم وهذا أوانهم، (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإنْسَانَ كَفُورٌ) [الشورى:48].

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وأيَّا كم بالذكرِ الحكيم، واستغفر الله لي ولكم إنَّهُ هو الغفورُ الرحيم .







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 07:00 PM   #12079

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

الحمد لله، يُعطي ويمنع ويخفضُ ويرفع, ويضُرُّ وينفع, ألا إلى اللهِ تصيرُ الأمور، وأُصلِّي وأسلِّمُ على الرحمةِ المهداة, والنعمةِ المُسداة, وعلى آلهِ وأصحابه والتابعين، أمَّا بعدُ:

أيها المسلمون:
هذه بعض أحكام الصيام أسوقها للتذكير بها؛ امتثالاً لقوله تعالى: (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) [آل عمران:187]، فمن أحكام الصيام:
وجوب تبييت النية من الليل, وتكفي نيةٌ واحدة لصيام الشهر كله على الصحيح من قولي العلماء.
ومن أحكام الصيام سقوطه عن المريض، فإن كان مرضه ملازماً له لا يرجى زواله فيطعم عن كل يوم مسكيناً, ومثله الكبير الهرم العاجز عن الصوم, وأمَّا إنْ كان المرض يرجى زواله, والشفاء منه فيلزم القضاء من غير إطعام.

ومما يجب معرفته أنَّ المرض إنْ لم يكن شاقاً أو ضاراً بالمريض فلا يجوز له الفطر بتاتاً, وأما المسافر فيجوز له الفطر حتى وإن لم يشقّ عليه الصوم, أما الذين يتحايلون بالسفر من أجل الفطر على الطريق لقطعهم في الأسفار ففطرهم حرام لا يجوز.

وأما مفسداتُ الصوم فسبعة:
الأول: الجماعُ في نهار رمضان، فمن جامع امرأته بطل صومه، ولزمته الكفارة المغلظة, وهي عتق رقبة, فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين, فإن لم يستطع, فإطعام ستين مسكيناً.

والثاني من مفسدات الصوم: إنزال المني بمباشرة أو نحوهما.
والثالث: الأكل والشرب، سواءً عن طريق الفم أو الأنف، بطريقة طبيعية أو صناعية.
الرابع: ما كان بمعنى الأكل والشرب، كالإبر المغذية, وأما غير المغذية فلا تفطر.
الخامس: التقيؤ عمداً، فإن لم يتعمده صحّ صومُه ولا شيء عليه.
السادس: خروج دم الحيض والنفاس، ولو قبل المغرب بيسير.
السابع: إخراج الدم بالحجامة، أو ما يشابهها كالفصد ونحوه.

وهذه المفطرات كلها لا تفطر الصائم إلا بثلاثة شروط:
الأول: أن يكون عالماً بالحكم، وعالماً بالوقت غير جاهل.
الثاني: أن يكون ذاكراً غير ناسٍ.
الثالث: أن يكون مختاراً غير مكره.

اللهمَّ إنَّا نسألُك إيماناً يُباشرُ قلوبنا، ويقيناً صادقاً، وتوبةً قبلَ الموتِ، وراحةً بعد الموتِ، ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ, والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة، ولا فتنةً مضلة.

اللهمَّ زيِّنَّا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هُداةً مهتدين, لا ضالِّيَن ولا مُضلين, بالمعروف آمرين, وعن المنكر ناهين، يا ربَّ العالمين.

ألا وصلوا وسلِّموا على من أُمرتم بالصلاة عليه، إمام المتقين، وقائد الغرِّ المحجلين وعلى ألهِ وصحابته أجمعين.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاءِ الراشدين، أبي بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، وعلي.

اللهمَّ آمنا في الأوطانِ والدُور، وأصلحِ الأئمةَ وولاةِ الأمورِ, يا عزيزُ يا غفور.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون .







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 07:02 PM   #12080

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

إن الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:
فاتَّقوا الله – عباد الله – حقَّ التقوى، وراقِبُوه في السرِّ والنجوَى.

أيها المسلمون:
شرفُ الإنسان في استِسلامِه لأوامر الله وتحقيقِ العبوديَّة له دُون ما سِواه، وهو ميزانُ التفاضُل بين العباد، ومن أرادَ السعادةَ الأبديَّةَ فليلزَم العبوديَّةَ لله.

والزمانُ ميدانٌ فسيحٌ للتنافُسِ فيها، ولله في أيامِه نفَحَاتٌ يمُنُّ فيها على عبادِه، والمُؤمنُ يتعرَّضُ لها لعلَّه أن تُصيبَه نفحَةٌ لا يشقَى بعدَها أبدًا.

وها هو رمضانُ سيِّدُ الشهور نعيشُ لحظَاته، موسِمُ الخيرات والسِّباقُ في القُرُبات، تكثُرُ فيه المِنَحُ والبركاتُ، وتزدادُ فيه العطايا والهِبات، يُضاعِفُ الله فيه الأجرَ ويُجزِلُ المواهِبَ ويفتَحُ أبوابَ الخير لكل راغِبٍ.

خصَّه الله بالفضلِ دُون سائر الشهور، واختصَّت أمَّتُنا بصيامِ شهرٍ تامٍّ على سائر الأُمم في الدُّهور. السعيُ فيه مشكُور، والمُؤمنُ فيه محبُور. حلَّ بنا وهو عن قليلٍ راحِلٌ عنَّا، شاهِدٌ لنا أو علينا، ومُؤذِنٌ بسعادةِ أقوامٍ وشقاءِ آخرين.

رمضانُ شهرٌ مُبارَكٌ أنزلَ الله فيه أعظمَ كُتُبه، قال – سبحانه -: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) [البقرة: 185].

وفيه تُفتَّحُ أبوابُ الجنة، وتُغلَّقُ أبوابُ النيران، وتُصفَّدُ الشياطين ومرَدَةُ الجان. محفوفٌ بالرحمةِ والمغفرةِ والرِّضوانِ، وفيه ليلةُ القدر ليلةٌ مُبارَكةٌ هي خيرٌ من ألفِ شهر، ولشرفِها تنزَّلُ الملائِكةُ والرُّوحُ فيها، وفيها الخيرُ والسلامُ حتى مطلَعِ الفجر.

شهرٌ تُكفَّرُ فيه الذنوبُ والآثام، قال – عليه الصلاة والسلام -: «الصلواتُ الخمسُ، والجُمعةُ إلى الجُمعة، ورمضانُ إلى رمضان مُكفِّراتٌ ما بينهنَّ إذا اجتنَبَ الكبائِر» (رواه مسلم).
و«رغِمَ أنفُ رجلٍ دخلَ عليه رمضان ثم انسلَخَ قبل أن يُغفرَ له» (رواه الترمذي).
ونصرُ المُسلمين كثيرًا ما يكونُ فيه؛ كيوم الفتح ويوم الفُرقان.

وفيه تجتمِعُ أصولٌ من العباداتِ ويكثُرُ الخيرُ ويُجدَّدُ فيه الإيمان، شرعَ الله فيه من الأعمالِ ما به يثقُلُ الميزان.

وكان من هديِه – عليه الصلاة والسلام -: الإكثارُ فيه من أنواعِ العبادة، ويجتهِدُ في أيامِه وليالِيه ما لا يجتهِدُ في غيرِه.

وعلى هذا كان سلَفُ الأمة والصالِحون:
لما حضرَ الموتُ عامرَ بن عبد القيس بكَى، فقيل له: ما يُبكِيك؟ قال: "ما أبكِي جزعًا من الموتِ، ولا حِرصًا على الدنيا، ولكن أبكِي على ظمأ الهواجِر وقيامِ الليل".

وأفضلُ القُرُبات: إخلاصُ العملِ لله وتوحيدِه، ومُتابعَة سُنَّة النبي – صلى الله عليه وسلم -.

والصلاةُ عامُود الدين ونورُ المُؤمنين، وبها صلاحُ العمل وقبولُه، وهي أولُ ما يُحاسَبُ عليه العبدُ من دينِه، ومن نامَ عن فرضِها لم يعرِف رمضان، ومن تكاسَلَ عن سُنَنها ورواتِبِها فقد غفَلَ عن فضلِ رمضان.

وصومُ رمضان شِعارُ الطاعة فيه، فرضَه الله على الأنام، وجعلَه أحدَ أركان الإسلام، قال – سبحانه -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [البقرة: 183].

خصَّه الله لنفسِه دون سائر الأعمال، وجعلَ ثوابَه بغير عدٍّ ولا حساب، قال – عليه الصلاة والسلام -: «كلُّ عملِ ابنِ آدم يُضاعَفُ الحسنةُ إلى عشرِ أمثالِها إلى سبعمائةِ ضِعفٍ، قال الله – عز وجل -: إلا الصومَ فإنه لي وأنا أجزِي به» (رواه مسلم).

وهو عبادةٌ في الإسلام عظيمة، قال أبو أُمامةَ – رضي الله عنه -: أتيتُ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – فقلتُ: مُرني بأمرٍ آخُذُه عنك. قال: «عليك بالصومِ فإنه لا مِثلَ له» (رواه النسائي).
و«من صامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه» (متفق عليه).
«وفتنةُ الرجلِ في أهلِه ومالِه ونفسِه وولدِه وجارِه يُكفِّرُها الصيام» (متفق عليه).

وهو فِديةٌ لبعضِ الأعمال أو كفَّارةٌ لها، وبه يسترُ العبدُ نفسَه من الآثامِ والنار، قال – عليه الصلاة والسلام -: «الصوم جُنَّة» (رواه الترمذي).
و«لخلُوفُ فمِ الصائِمِ أطيَبُ عند الله من رِيحِ المِسكِ» (متفق عليه).

وفي تعجيلِ الفِطر وتأخير السحُور خيريَّةُ الأمة، ويوم القيامة يأتي الصوم شفيعًا لأصحابِه فيقولُ الصيام: «أيْ ربِّ! منعتُه الطعامَ والشهوات بالنهار فشفِّعني فيه، ويقولُ القرآنُ: منعتُه النومَ بالليل فشفِّعني فيه»، قال: «فيُشفَّعان» (رواه أحمد).

والجنةُ أعدَّها الله لمن أطابَ الكلامَ، وفيها بابٌ يُقال له "الريان" لا يدخلُ منه إلا الصائِمون، وإذا دخلُوها يُقال لهم: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) [الحاقة: 24].
قال مُجاهِدٌ – رحمه الله -: "نزلت في الصائِمين".

في الصيام حلولُ الفرحِ والسُّرور، قال – عليه الصلاة والسلام -: «للصائِمِ فرحَتان يفرحُهما: إذا أفطرَ فرِحَ، وإذا لقِيَ ربَّه فرِحَ بصومِه» (رواه البخاري).
وكلُّه خير، قال – سبحانه -: (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة: 184].

وللصوم مقاصِدُ وحِكَمٌ عظيمة: فبِه يمتثِلُ العبدُ مُراقبةَ ربِّه في سرِّه وإعلانِه، ويتَّقِيه ليفوزَ بجنَّته ورِضوانه، ويقِيهِ سخطَه ونيرانَه.

وفيه تحقيقُ الصبر على طاعة الله وأوامره، وعن نواهِيه وعِصيانِه. وإصلاحُ النفسِ وتزكيتُها يكمُلُ في الصيام.

وحفظُ الجوارِحِ وتهذيبُ الأخلاق عاجِلُ بُشرى الصائِم، قال – عليه الصلاة والسلام -: «فإذا كان يومُ صومِ أحدِكم فلا يرفُث ولا يصخَب، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتَلَه فليقُل: إني صائِمٌ» (متفق عليه).

والشهواتُ تنكسِرُ بالصيام، وإلى ذلك أرشدَ – عليه الصلاة والسلام – من عجزَ عن الزواجِ، فقال: «ومن لم يستطِع فعليه بالصومِ؛ فإنه له وِجاء» (متفق عليه).

وبه صحَّةُ الأبدان وسلامةُ الأذهان، ورِقَّةُ القلبِ، والقُربُ من الرحمن، كما أنه يصُونُ الجوارِحَ عن المعاصِي ويخذُلُ الشيطانَ.

وبه يعرِفُ العبدُ نعمَ الله عليه فيشكُرُها، قال تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].

بالصيامِ يعرِفُ العبادُ ضعفَهم وحاجتَهم إلى ربِّهم، وفيه يتجلَّى يُسرُ الإسلام وسماحتُه؛ فنهَى عن الوِصالِ واستحبَّ السحورَ وتأخيرَه، وتعجيلَ الإفطار، ورخَّصَ في الفِطرِ للمُسافِر والمريضِ والحاملِ والمُرضِعِ.

وفي رمضان يتأكَّدُ استِحباب القيام، ومن صِفات أهلِ الجنة: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) [الذاريات: 17]، (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا) [السجدة: 16].

قال – عليه الصلاة والسلام -: «من قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه» (متفق عليه).
و«من قامَ مع الإمامِ حتى ينصرِفَ كُتِبَ له قيامُ ليلة» (رواه الترمذي).

وكان – عليه الصلاة والسلام – إذا دخلَت العشرُ شدَّ مئزَرَه، وأحيَى ليلَه.
وفيها ليلةُ القدر، من قامَها «إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه» (متفق عليه).

والصدقةُ بُرهانٌ، وأفضلُها ما كان في رمضان، وإذا أصابَك الجوعُ والظمأُ فتذكَّر إخوانًا لك يُكابِدون دهرَهم ذلك، والله كريمٌ يُحبُّ الكرم، ونبيُّنا – صلى الله عليه وسلم – أجودُ الناس، وكان أجودَ ما يكونُ في رمضان حين يلقَاهُ جبريلُ فيُدارِسُه القرآن، فلهو أجودُ بالخير من الرِّيحِ المُرسَلَة، ولا يُسألُ شيئًا إلا أعطاه.

فأنفِقُوا من طيِّبِ كسبِكم، واحتسِبُوا عند اللهِ أجرَكم، فبالصدقةِ بركةُ الأموال وطهارةُ الأنفُس، وكلُّ امرئٍ في ظلِّ صدقَتِه يوم القيامة، وممن يُظلُّهم الله في ظلِّ عرشِه: «ورجلٌ تصدَّقَ بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلَمَ يمينُه ما تُنفِقُ شِمالُه» (متفق عليه).

والمُؤمنُ لا يستقِلُّ شيئًا، فرُبَّ درهمٍ سبقَ ألفَ درهَمٍ. ومن الصدقات: سُقيا الماء وإطعامُ الطعام، و«من فطَّر صائِمًا كان له مثلُ أجرِه غيرَ أنه لا ينقُصُ من أجر الصائِم شيئًا» (رواه الترمذي).
وكان ابنُ عُمر – رضي الله عنهما – يصومُ ولا يُفطِرُ إلا مع المساكين.

والجمعُ بين الصدقةِ والصيامِ من مُوجِبات الجنة، ومن جادَ على عبادِ الله جادَ الله عليه بالفضلِ والعطاء، والجزاءُ من جِنسِ العمل.

قال – عليه الصلاة والسلام -: «إن في الجنةِ غُرفًا تُرى ظهورُها من بُطونِها، وبُطونُها من ظُهورِها». فقام أعرابيٌّ فقال: لمن هي يا رسولَ الله؟ قال: «لمن أطابَ الكلامَ، وأطعمَ الطعامَ، وأدامَ الصيامَ، وصلَّى بالليل والناسُ نِيام» (رواه الترمذي).

وعُمرةٌ في رمضان تعدِلُ حجَّة. وأعظمُ الناسِ أجرًا في هذا الشهرِ أخلصُهم لله وأكثرُهم له ذِكرًا، وخيرُ الذكرِ تلاوةُ القرآن العظيمِ، قال – سبحانه -: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) [فاطر: 29، 30].
ومن قرأَ حرفًا من كتابِ الله فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، والماهِرُ به مع السَّفَرَة الكرامِ البرَرَة.

وفي كل ليلةٍ من رمضان كان جبريلُ – عليه السلام – يُدارِسُ نبيَّنا – صلى الله عليه وسلم -، وفي العامِ الذي تُوفِّي فيه دارسَه مرتين.

وكان الزُّهريُّ – رحمه الله – إذا دخلَ رمضانُ قال: "إنما هو تلاوةُ القرآن وإطعامُ الطعام".
ومن الفوزِ: الإقبالُ على كتابِ الله بقلوبٍ حاضِرةٍ، وتدبُّر آياتِه، والعملُ بمُحكَمه.

وليس شيءٌ أكرم على الله من الدعاءِ، وهو حبلٌ ممدودٌ بين العبدِ وربِّه، لا واسِطةَ فيه ولا حائِل، قال – سبحانه -: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186].

ودعوةُ الصائمِ لا تُردُّ، وأسمعُ الدعاءِ: جوفُ الليل الآخرِ ودُبُر الصلواتِ المكتُوبات.
والاعتِكافُ قُربةٌ وسُنَّةٌ، قالت عائشةُ – رضي الله عنها -: "كان رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – يعتكِفُ العشرَ الأواخِرَ من رمضان حتى توفَّاه الله" (متفق عليه).

قال الزُّهريُّ – رحمه الله -: "عجَبًا للمُسلمين تركُوا الاعتِكافَ، ورسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – لم يترُكه منذ دخلَ المدينةَ كلَّ عامٍ في العشرِ الأواخِر حتى قبضَه الله".

والأبناءُ هبةٌ من الله وأمانةٌ، والله سائِلُك عنهم، وبصلاحِهم تنتفِعُ بعد موتِك، وتعلُو درجاتُك عند ربِّك، وعلى الصائِمِ أن يتعاهَدَ أبناءَه وأُسرتَه، وأن يكون خيرَ مُعينٍ لهم على الطاعةِ، فيُرشِدُ جاهلَهم، ويُذكِّرُ غافلَهم، ويُعوِّدُ صِغارَه على الصيامِ والقيامِ والمُسابقَة إلى ما يُرضِي الرحمن.

قالت الرُّبيِّعُ بنتُ مُعوِّذٍ – رضي الله عنها -: "أرسلَ النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – غداةَ عاشُوراء إلى قُرى الأنصار: «من أصبحَ مُفطِرًا فليُتِمَّ بقيَّة يومِه، ومن أصبحَ صائِمًا فليصُم». قالت: "فكُنَّا نصومُه بعدُ ونُصوِّمُ صِبيانَنا" (متفق عليه).

وفي بِرِّ الوالدَين وصِلةِ الأرحام رِفعةُ الدرجات، وفي الأيامِ الفاضِلَةِ يزدادُ الابنُ الصالِحُ قُربًا من والدَيه وخدمةً لهما.

ومن دعا إلى هُدًى كان له من الأجرِ مثلُ أجورِ من تبِعَه إلى يوم القيامة، ولئن يهدِيَ الله بك رجُلاً واحدًا خيرٌ لك من حُمر النَّعَم.

والصُّحبةُ الصالحةُ عونٌ وقوةٌ وثباتٌ، ولا غِنى لعاقلٍ عنها، (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) [التوبة: 40].

وأمارةُ الصلاةِ: حِفظُ اللسانِ ولُزومُ العمل، وإذا أرادَ الله بقومٍ شرًّا ألزمَهم الجدلَ ومنعَهم العملَ، والتوبةُ بابُها مفتوحٌ وعطاءُ الله ممنُوح، والمُوفَّقُ من طرقَ بابَها وأكثرَ الإلحاحَ على ربِّه، وطُوبَى لمن وجدَ في صحيفتِه استِغفارًا كثيرًا.

وبعدُ .. أيها المسلمون:
ففي الطاعاتِ لذَّةُ المُؤمن وسُرورُه وفلاحُه وحُبورُه، والتقوَى لا تُفارِقُ ليلَه ونهارَه، والمُسلمُ لا يقعُدُ فراغًا؛ فإن الموتَ يطلُبُه. ومن حاسبَ نفسَه ربِحَ، ومن غفَلَ عنها خسِر، ومن نظرَ العواقِبَ نجا، وطُوبَى لمن تركَ شهوةً حاضِرةً لموعِدٍ غُيِّبَ لم يرَه.

أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران: 133].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعَني الله وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقولُ ما تسمَعون، وأستغفرُ الله لي ولكم ولجميع المُسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.







  رد مع اقتباس
إضافة رد

« آنآ مش آنطوآئى آنتم متتعآشروش | can 7lm »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 41 ( الأعضاء 0 والزوار 41)
 

Posting Rules
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فـوائد استنشاق هواء الفجر ۩۩ سيد الشرقاوي ۩۩ منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم 8 04-26-2012 09:08 AM
فوائد استنشاق هواء الفجر بحبك حبيبي مواضيع عامة - ثقافة عامة 0 12-27-2010 04:33 PM
فوائد استنشاق هواء الفجر .. ؟؟ احمد العليمي صحة - طب بديل - تغذية - ريجيم 2 11-22-2010 03:06 PM
استنشاق زيت النعناع ميدو العثل صحة - طب بديل - تغذية - ريجيم 4 10-25-2010 08:33 AM
استنشاق الورد يقووي الذاكـره الملكة كيلوباترا صحة - طب بديل - تغذية - ريجيم 6 11-27-2009 05:07 AM


الساعة الآن 06:36 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 RC 1
منتديات بنات مصر . منتدى كل العرب

a.d - i.s.s.w


elMagic Style.Design By:۩۩ elMagic ۩۩