مشروع رواية

[د/ عبد الله]

السلام عليكم..أولى محاولاتي في كتابة الرواية حبيت أشارك معاكم جزء كتبته واسمع اراءكم..

في ليلةٍ من ليالي ديسمبر الخاوية, استقللت سيّارتي متّجها نحو اللا شئ
فكّرتُ في الهروب من الازدحام الذي اكتظَّ به المسكنُ الممتلئُ عن آخره
بالوحدة والسكون والكآبة.
خرجتُ في طريقي أستأنسُ بأصوات محرّكات السيّارات وأنوارِ مصابيحها.
أسترجعُ ما مضى وأتحسّرُ على ما استقرّت إليه أيامي وأفكّرُ فيما سوف
تؤول إليه الأيامُ المقبلة.
وعند منعطف طريق شعرت أن استئناسي قد بلغ ذروته,
فكأنَّ محرّك السيارة المقابلة قد استقرّ في أذنيَّ, وأنوار مصابيحها قد اخترقت
بؤبؤ عينيَّ, فاستسلمت لذلك الشعور الذي لم أعِ ماهيّته,ولكنّي أحببته.

-يا فتى, أنتهيت من الكلاليب؟ وأين منزلُ الدعة؟ ولماذا تأخّرت؟
-.......!!!
-ماذا بك؟
-لا أفهمُ عمّ تتحدّث
-ألا تذكر شيئا؟
-لا
-إذن فأنت غريب, واسمُك غريب.
-يا غلام, خذ غريبَ وأوصله إلى دُكّان الحدّاد.
وانطلقت مع الغلام ألتفتُ يمينا ويسارا, أتفرّسُ الوجوهَ من حولي,وجوها لا عهدَ
لي بها من قبل, وديارًا لم أنزلها في يومٍ من الأيام.
-حد اتصل بالإسعاف؟
-أنا اتصلت وهما في الطريق

وقفتُ أمام دُكّان الحداد لأنتظرَ الجديدَ الذي سأعلمه عن نفسي
-أين كنتَ يا غريب؟
-........!!
-هيّا,أسرع بالدخول فلدينا من العمل الكثير.
تحرّكت قدماي,ولم أكن أنا من حرّكهما, فوصلت إلى منتصف الدكّان وأمسكت
بالمطرقة وبدأت أطرق الحديد.
-غريب...تعالَ هنا
تقدّمتُ نحوها حتى صرتُ أشعرُ بأنفاسها تسري في صدري
أأنهيت ما طلبته منك؟
-.......!!!
اقتربت منّي تلك الساحرة في حركةٍ خفيفةٍ وأطبقت شفتيها على أذني وهمست:
-سأنتظرك في نفس المكان
ثمَّ استلّت رُضابَها من حول أذني بعدما لثمتها بشفتين تُطبقان على العسل.
عُدتُ إلى طرقِ الحديد,وكأنّ قلبي من يطرُقه لا المطرقة
وما هو إلا وقتٌ يسيرٌ حتى سللتُ نفسي من بين أكوام الحديد ولهب الجمر اللامع
وخرجتُ دون أن آبه بنظرات الحدّاد المستنكرة.
ولكن إلى أين؟ وما هو ذلك المكانُ الذي أشارت إليه؟
تحرّكت قدماي وحرّكتاني معهما باتجاهٍ خارجَ الديار حتى وصلتُ إلى بئرٍ مهجورة
تُحيطها نخلاتٌ ثلاثٌ وشجرةُ توت ضخمة خاويةٌ على أغصانها.
وعلى حافةِ البئرِ حدثَ ما كان خارقًا لقوانين الفلك,فقد اجتمع الشمسُ والقمرُ
في آنٍ واحد, الشمسُ في سمائها, والقمرُ بين يديّ.
وقفتُ مليًّا أنظرُ إليها, فأشارت إليَّ أن أقترب,فاقتربتُ وعيناي لا تُفارقانِ عينيها
أشارت إليَّ أن أجلس, فجلستُ بجوارها حتى شعُرتُ بحرارةِ جسدها الناعم
التفتت إليَّ بعينين تمتلكانِ سحرَ هاروت وماروت, وشفتينِ تُغريانِ كتفّاحة آدم
-ما بك يا حبيبي؟
لم أُجبها أكثرَ من تيهٍ بين جنانِها, وغرقٍ بين شاطئيها.
ابتسمت بخجلٍ, ثمَّ عضّت على شفتها السفلى وقالت:
-ألا تُريدُ شيئا من هاهنا؟..وأشارت نحو شفتيها
هممتُ أن أسألها: من أنتِ, أحوريّةٌ من الجنّة؟ ولكنها سبقتني معاتبةً في دلالٍ لا يليقُ إلا بها:
-ألم تقُل أنّي أمنيتُك, بل كلُّ أمانيك؟
-إذن فأنتِ أماني
فالتمعت حبّاتُ اللؤلؤ بين شفتيها وانسابت على وجهِ الشمس,فتساقطت عليَّ
وفيَّ تُغريني بالمزيد, فأجبتُها حتّى ذُبتُ بينها وفيها.

قُبيل المغيب عُدتُ أدراجي نحو دُكّان الحدادة, بينما سلكت أماني طريقا غير
طريقي حتى لا يُظنَّ فينا ما قد كان منّا.
وقفتُ أمام الدكان وإذا بصاحبه يجمعُ أغراضه إيذانا بانتهاء العمل.
-سيّدي
نظر إليَّ بنظرةٍ ملؤها الاستنكارُ والغضب, ولكنّه لم ينفّس عن هذا الغضب
لا أعلم لماذا..لماذا لا يزجُرني أو حتّى يلومني لتأخّري ؟
-سيّدي...أنا..., أنا لا أتذكّرُ اسمك..فهل لك أن تذكّرني ؟
-أترى أنَّه الوقتُ المناسبُ للمزاح؟
-ولكنّي لا أمزح يا سيّدي
اعتدل الرجلُ واقفا واقترب منّي ثاقبا بعينيه دواخلَ عينيّ, ولكنّه لم يعُد بشئ
-ما بك يا غريب..أرى حالك مختلفةً منذ الصباح
فكّرتُ قليلا قبل أن أجيبه:
-أنا مُتعبٌ يا سيّدي, أشعرُ كأنّي فقدتُ ذاكرتي, لم يدُلّني عليك إلا هذا الشيخ
الذي أرسلني مع غلامه.
-أيُّ شيخٍ, وأيُّ غلام؟
-شيخٌ وقورٌ طويلُ القامة, تعلوه الهيبةُ كما يعلو وجنتيه احمرارٌ زاده جمالا ووقارا
أرسلني مع غلامه الذي جاء بي إليك.
-لا يوجدُ بيننا رجلٌ كالذي ذكرتَ, كما أنّك جئتني وحدك, لم يكن معك غلام
-.......!!
يُتبع..