الطمع ضر صاحبه

[ساحر الأحزان]

احتضنت بيدها المجعدة .... العصا التي لا تفارقها منذ ان خانتها قدامها ....تنهدت وهي تفكر بالسنين التي مضت وكأنها البارحة ....بالرغم من أنها لم يعد لها الكثير من هذه الدنيا لتحياه.... الا أنها تشعر بالخطأ الذي اقترفته عندما وافقت على الزواج من هذا العجوز البخيل الطماع الذي يقبع بجانبها ....تنهدت بندم لو يعود الزمن للماضي لما وافقت على الزواج به ،واختارت رجلا كريما ...ولكن بالرغم من صفاته السيئة إلا أنها أحبته سبحان من قال :« وجعل بينكم مودة ورحمة »
قاطع أفكارها زوجها العجوز ،وهو يناظرها بابتسامة دافئة : بما تفكرين يا عزيزتي ؟!.أراك قد أبحرت بخيالك ....فما الذي أشغلك عني ؟!
ابتسمت وهي تناظر ملامح وجهه المجعدة بلحية بيضاء طويلة، وبرأس اقرع يلمع ،وكأن رأسه بطيخة ...لتبتسم له بمجاملة : كنت افكر بأيام الخطوبة كم كانت جميلة !
ابتسم متحمسا لتلك الايام : اتذكرين يا عزيزتي كم كنا نواجه الصعوبات حتى نلتقي بسبب فكر والدك المعقد !
اتذكرين ؟!
هزت راسها ونطقت بحسرة : وكيف لي ان انسى يا عزيزي !
اغمض كلاهما عينيه لتذكر تلك اللحظات
~
~
~ [color="gre]
خلف احدى العمارات القديمة ...ينظر حوله ليتأكد خلو المكان من أهلها ، وهو يمسك يدها بتملك ...لينطق بضجر : لا أستطيع أن يمر اليوم علي دون أن أراك ...لابد لنا من خطة حتى تخرجين لي، و أراك دون أن يعلم والدك المعقد بذلك!
أشاحت وجهها بعدم الرضا من كلامه : لا تنعت والدي بهذا اللقب ...هذه عاداتنا لا تستطيع رؤيتي إلا يوم الزفاف !
ليقاطعها بضجر : حسنا أعطني طريقة للقاء !
سكتت لبرهة وهي تفكر بخبث كيف تجمع النقود من خطيبها ..إنه رجل بخيل ولا يعطيها المال ...لتنطق بعد أن حزمت الامر : اسمعني جيدا ...عندما تود رؤيتي ما عليك سوى أن ترمي بقطعة النقود المعدنية على الشرفة، وقتها سأسمع صوت رنينها وأخرج لك بدون أن يعلم أحد، ما رأيك عزيزي !
ابتسم لها موافقا على هذه الطريقة ...بينما هي تريد أن تقفز فرحا ولم تتوقع ان تنطلي عليه الحيلة بهذه السرعة !
في اليوم الثاني جلست بغرفتها تنتظر قدومه بفارغ الصبر حتى تحصل على القطعة النقدية ..سرعان ما قفزت عندما سمعت صوت رنينها وهي ترتطم على أرضية الشرفة ...تكاد تحس أن أنفاسها ستنقطع من شدة الفرح ...جثت على ركبتيها وكأنها في حلم ..امسكت القطعة بيديها ..وغرقت بأحلامها وهي تفكر كم من النقود ستحصل عليها إن جاء خطيبها مرتين باليوم ...بدأت تجمع وهي مغمضة العينان كم النقود ستحصل عليها نهاية الشهر ...ياااااه لا تصدق ستحصل على مبلغ خيالي ...ستشتري به خاتما من ذهب لا لا من الفضة لا لا ستشتري فستانا
لم تكمل آخر كلمة عندما طارت القطعة النقدية بالهواء واختفت عن ناظريها ...لتقف على قدميها كالمجنونة تبحث عنها .....سرعان ما شعرت وكأنها سقطت من السماء وخرت بالارض عندما رأت خطيبها بالأسفل يحرك القطعة المعدنية يمينا يسارا وهي مربوطة بالخيط ...ابتسم لها وهو يحرك حاجباه : هيا بسرعة
رفعت نظرها للأعلى وهي تشعر بالدوار بعد أن تحطمت أحلامها !





[/color]



فتح كلاهما عيناه بعد ما تذكروا تلك اللحظات ليبتسم لها وهو يردد : اياما جميلة
لترد وهي تبتسم مجاملة : نعم كانت اياما جميلة جدا !
ليحرك رأسه باتجاهها وهو يتذكر : اتذكرين عزيزتي عندما كنا نذهب عند الشاطئ ونأكل المكسرات ونضحك سويا آه كم كانت اياما جميلة
لتهز رأسها وترجع بذكراها الى تلك الأيام
~
~






جلس قرب الشاطئ بحماس وهو يناظر جمال الطبيعة : اجلسي عزيزتي يجب ان نستمتع بكل دقيقة بل بكل ثانية فقد دفعت لصاحب سيارة الاجرة مبلغا
لتقاطعه وهي تجلس بيأس لن يتغير :، لا تفكر بالمال لأن الأهم أن نستمتع بحياتنا ...
ابتسمت لتغير الموضوع : ماذا جلبت معك لنأكل !
رفع كيسا من الفستق بابتسامة عريضة: انظري يا عزيزتي لقد جلبت الفستق كي نتسلى ونحن نناظر هذه المناظر الجميلة!
لترفع حاجبا بخيبة كل ما أحضر لهذه الرحلة فقط فستق !!
يا له من رجل بخيل ....تنهدت وهي تصبر نفسها وأن تغض النظر عن صفته السيئة ،وتنظر إلى الجانب المشرق ...وأن ترضى بالقليل ...هزت راسها وهي تواسي نفسها بذلك ...ورسمت ابتسامة جميلة على ثغرها : إذن أعطني كي نتسلى يا عزيزي !
فتح الكيس ومد لها بحبة فستق واحده !-
فتحت فمها بغباوة حبة واحدة !
سرعان ما تداركت الأمر وأخذتها وهي تقنع نفسها لربما ظنها تأكل بلطافة كالممثلات حبة حبة ألا يدري أنها بالبيت تفرغ ما في الصحن مرة واحدة في حلقها، وتمضغه مع بعضه، ويكاد فمها ينفجر ،ومع ذلك تواصل حتى تشعر بطعم الفستق اللذيذ أما حبة واحدة ماذا تفعل بها ؟! ستقسم أنها ستضيع داخل فمها الكبير ...مضغتها بسرعة ولم تشعر بالطعم لتبادره بابتسامة وهي تمد يدها : اعطني يا عزيزي حبة اخرى لأتذوقها
ليقاطعها وهو يضع الكيس خلف ظهره : اقسم لك يا عزيزتي كله نفس الطعم!
ومضى الوقت وهو يأكل الفستق ،وهي تناظره ،وكأنه جاروشة لطحن الشعير بأصوات مزعجة ...لتنطق بداخلها ....ليتك تغص يا ابا الفستق !




طردت هذه الذكرى من بالها وهي تناظره بغيض : نعم ونعم الذكرى !
ليهز رأسه بابتسامة : إذا نزلت إلى السوق سأشتري لك فستق
قاطعته بغضب : لا أريد حبة الفستق !
زم شفتيه بتفهم وهو يهز رأسه : سامحك الله لسوء ظنك أقسم أنني كنت سأعطيك ثلاث حبات من الفستق هذه المرة
لتقرصه بعيناه وبنصح : يا لك من رجل طماع وبخيل تحب كل شيء لنفسك وتعطيني فقط القليل ،وفوق هذا تشح بالمال ..ستندم على جشعك هذا !
زفر بضيق من كلامها ..وابتسم ليغير مزاجها: اتدرين عزيزتي لقد اشتقت لتلك الايام وافكر كثيرا لو نعيدها حتى نجدد ايامنا ...ما رأيك ان اذهب إلى الشاطئ ونلتقي هناك ونستذكر أيامنا !
ناظرته بتفكير وأجابت بعدما راقت لها الفكرة : موافقة ..غدا بعد العصر انتظرني ولا تعد إلى البيت وانتظر قدومي !
جلس بعد العصر عند الشاطئ وهو يتذكر تلك الأيام ....نظر إلى ساعته باستغراب لقد تأخرت كثيرا ..مرت الساعة وساعتين وثلاث لم تحضر ..وقع في قلبه الفزع لربما أصاب عجوزه شرا ..وعاد بسرعة للبيت وهو يفكر ماذا حصل لها !
دخل البيت وناظرها وهي تجلس بالصالة، وبيدها السبحة تسبح بصوت هامس !
اقترب منها بتعب من صعود الدرج : لماذا لم تأت الى الموعد
قاطعته وهي تضحك بشماتة : لقد منعني والدي من الحضور
ودخلت بدوامة من الضحك على شكل العجوز الغاضب !
جلس غاضبا وهو ينطق : متى يعود محمد من السفر ليرى تصرفات والدته الصبيانه !
ابتسمت لذكرى ولدها لتنطق : بالمناسبة عندما يعود محمد من السفر سأقيم حفلة كبيرة بمناسبة قدومه فهو مخترع كبير ولا يليق به حفلة عائلية !
لم يمض وقت طويل حتى عاد محمدا الى أهله سعيدا بمخترعاته ...وبعد أن سلم على والديه فتح إحدى الحقائب وأخرج منها علبة دواء ...مدها لوالده بابتسامة فرحة باختراعه: خذ يا والدي لقد اخترعت هذا الدواء، اذا شربت منه جرعة ستصبح أقل سنا وفتيا أيضا
ابتسم الوالد وهو يمسك العلبة بفرح كبير ..رد وهو يحلق بالعلبة بتمعن: شكرا لك يا بني !
ضرب محمد جبهته بتذكر : لقد نسيت صديقي ينتظرني بالأسفل حتى
قاطعته والدته : ولكنك لم تصل إلا منذ لحظات
تحرك للخارج وهو يردد : لن أتأخر !
خرج محمد لبعض الوقت ثم عاد إلى المنزل وهو مشتاق لوالديه ..يتوق لسماع احاديثهم ....لكنه توقف فجأة بذهول واستغراب وهو يرى أمه واقفة عند النافذة تحمل بحضنها طفل رضيع ..اقترب خطوة من والدته ونطق باستغراب : من هذا الطفل يا أمي؟!
لتجيب بخيبة واحراج : هذا والدك يا بني فقد شرب العلبة كلها !!!!






صدق من قال : لو كان لابن آدم واديان من مال لا بتغى إليهما ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب

[حـيـــــآة ❤]

ضحكني ال شرب العلبه كلها😂

[ساحر الأحزان]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حـيـــــآة ❤ ضحكني ال شرب العلبه كلها😂

شكرا لك حياه

اسعدني جميل تواجدك الطيب