لغة الصمت

[بحر القمر]

قد لا نرى الجمال في الحياة عندما يملأ الصمت الأِزقَة والميادين وقد تكون أشد وطأه عندما
تصاحب فيها من لا تسمع منه سوى صدى حديثك ...

تصاحب فيها من تراه كالجماد ما إن تنظر إلى محياه إلا ويعتريك برد مشاعره وبالنضير
قد ينظر إليك نظرة وحديثٌ يحاكي روحه وقلبه أنك بوابتي للخروج من سجن الصمت ...

يحاكي دواخله بأنك دافعه للبقاء على هذه الحياة وصوت حبيس صمته أن لا تتخلى عنه
وابحث في كيانه عسى أن تجد مفتاح لزنزانته التي لطالما اعتكف على بوابتها الحديدية
عسى أن تراه فتفتحها له ...

نعم .. هناك من الناس من لا يجيد لغة المشاعر فهم كالأبكم الذي يفهم مايدور حوله من حديث بيد أنه لا يُعجز الحديث فينطق ...

هناك من هم كنزٌ حقيقِّي , هناك من تشعر بالأمان بمجرد الوصول إليهم لكن مثل هؤلاء صعب إيجادهم فهم كالكنز تماماً لا تجده إلا بعد جهدٍ و عناء لا تجده إلا بعد تمرغك بالتراب وتحمل المشاق حتى تهنأ بقربهم وتفخر بمجالسة أمثالهم ...

ففي صمتهم لذَّة وفي ابتسامتهم قلب مبتهج ووقار .. في ابتسامتهم اعتراف بك وحباً لك وترحيباَ..


هم أُناس صادقين في حديثهم , جاديين في مشاعرهم , قليلون مُجالسيهم , هم كالملوك تماماً
لا يجالسون إلا ملك مثلهم ليس في توافه الحياة لا ,بل بالقلب القوي والأخلاق النبيله
إذ أنهم برجاحة عقولهم لا يصاحبون جاهلٍ أو متغطرس في الحياة ناهيك أنهم لا يترددون
في سحب كيانهم ممن لم يعد يروق لهم و سحب رتبته النبيلة منه إذ أنه فرط فيها وانجذب نحو سراب سيظل يطارده حتى يأخذه الموت رحمة وشفقة به ..

هؤلاء الناس هم كالذهب تماماً وكمالا ,إذ أنَّ له مكانة ترفعه عن منازل الفضه , فالفضة صالحه مدة من الزمن ما إن تتغير فهي كمن يصاحبك مادام بحاجةٍ منك وما إن تتعثر وما إن يقضي حاجته يُعرض عنك مستكبراً مترفعا,مثله كفيلة لك الأيام أن تكشف بَخس ثمنه وسوء معدنه, قد يرمى الذهب على رف الإهمال بيد إن ضاقت بك تجده فتفرح به لتوسع ضيقتك , أَمَّ صاحبك الفضة تخدع بحبه لك مادمت بخير ليزيد عليك وطأة الأيام عندما يتخلى عنك رغم حاجتك له ..

جميلٌ أن نتعلم لغتهم لغة الصمت لنجعل الأيام تسير بهدوء وسكينه سحابها الوقار وظلها الوفاء ومطرها الإخلاص ونباتها الحب ..قليلٌ قولهم جميلٌ فعلهم .. نصب أعينهم قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ) ..ونبراس حياتهم وقائدهم في الحياة أشرف أبناء آدم محمدٍ ابن عبدالله رسول الرحمة متمم الأخلاق عليه أفضل صلاةٍ وأتم تسليم.