..{ فع‘ــآآليـآآت المنتــدى }..



آخر 12 مواضيع
ساحر الاحزان مع أعضاء بنات مصر في رمضان مع شاعر الحب الحزين
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : إيلاانا - مشاركات : 4 -
مآآشي ي زمن
الكاتـب : نو تعارف - آخر مشاركة : ساحر الأحزان - مشاركات : 1 -
بلا إستئذان .. قلم مهيب
الكاتـب : مهيب الركن . - آخر مشاركة : ساحر الأحزان - مشاركات : 2 -
بكامل قوايا العقلية
الكاتـب : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 4 -
ولعت في العيال
الكاتـب : ~♥ Queen sozan♥~ - آخر مشاركة : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 3 -
ساحر الأحزان مع أعضاء بنات مصر في رمضان مع اميره ميرو
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : نغم الشام بعد المغيب.. - مشاركات : 9 -
كل سنه وانتي معايا
الكاتـب : واد حبيب - آخر مشاركة : ~♥ Queen sozan♥~ - مشاركات : 5 -
اتأخرتي جداً
الكاتـب : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 4 -
بقيت بغير عنواني
الكاتـب : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 6 -
امي حُبًّا خَالِدًا
الكاتـب : حسن الذاكي - آخر مشاركة : عابرpasserbyسبيل - مشاركات : 2 -
البال مش رايق
الكاتـب : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 8 -
عابرpasserbyسبيل اهلا بيك في المنتدي
الكاتـب : واد حبيب - آخر مشاركة : عابرpasserbyسبيل - مشاركات : 13 -

الإهداءات


أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي

منتدى الشخصيات التاريخيه


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /10-19-2021, 05:39 PM   #1

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,760
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي

أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي (15 رمضان 3 هـ - 49 هـ، أو 50 هـ، أو 51 هـ / 4 مارس 625 م - 670 م)، هو سبط الرسول محمد، وصَحابيّ، وخامس الخلفاء الراشدين عند أهل السنة والجماعة، والإمام الثاني عند الشيعة، أطلق عليه النبي محمد لقب سيد شباب أهل الجنة فقال: «الحسَنَ والحُسَيْنَ سيِّدا شبابِ أَهْلِ الجنَّةِ»، وهو رابع أصحاب الكساء. أبوه علي بن أبي طالب ابن عم النبي محمد، أمه: فاطمة بنت النبي محمد، وقيل إنه أشبه الناس بالنبي.

ولد في النصف من شهر رمضان عام 3 هـ، وكان النبي محمد يحبه كثيرًا ويقول: «اللهم إني أحبه فأحبه»، وكان يأخذه معه إلى المسجد النبوي في أوقات الصلاة، فيصلي بالناس، وكان الحسن يركب على ظهره وهو ساجد، ويحمله على كتفيه، ويُقبّله ويداعبه ويضعه في حجره ويَرْقِيه، كما كان يعلمه الحلال والحرام، توفي جده النبي محمد سنة 11 هـ وكذلك توفيت أمه فاطمة في نفس السنة، شارك الحسن في الجهاد في عهد عثمان، فشارك في فتح إفريقية تحت إمرة عبد الله بن سعد بن أبي السرح، وشارك في فتح طبرستان وجرجان في جيش سعيد بن العاص، كما شارك في معركة الجمل ومعركة صفين.

بويع بالخلافة في أواخر سنة 40 هـ بعد وفاة علي بن أبي طالب في الكوفة. واستمر بعد بيعته خليفة للمسلمين نحو ستة أشهر، ثم تنازل عنها لصالح معاوية بن أبي سفيان بعد أن صالحه على عدد من الأمور. وانتقل الحسن بعد ذلك من الكوفة إلى المدينة المنورة وعاش فيها بقية حياته حتى توفي في سنة 49 هـ، وقيل سنة 50 هـ لخمسِ ليالٍ خَلَونَ من شهر ربيع الأول، ودفن بالبقيع.

يعتبره أهل السنة والجماعة خامس الخلفاء الراشدين وأن النبي بشّر أنه سيصلح الله به بين فئتين من المسلمين، وبسببه انتهت الفتنة، ويعتقد الشيعة الاثنا عشرية أنه الإمام الثاني من الأئمة الاثني عشر، ومن المعصومين الأربعة عشر، ومن أصحاب الكساء. قيل إنّ الحسن كان كثير الزواج والطلاق، وشكك البعض بذلك، ولا يُعرف من أسماء زوجاته إلا إحدى عشرة زوجة بما فيهنّ أمهات الأولاد، ذكر الذهبي أن للحسن اثني عشر ابنًا ذكرًا، وذكر أنه ولم يُعقِب منهُم سِوى الحسن المثنى وزيد بن الحسن، وذكر الفخر الرازي أن له من الأولاد ثلاثة عشر ذكرًا وست بنات، وذكر المفيد خمسة عشر ولدًا ذكرًا وأنثى.


بداياته

نسبه

هو: الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصَي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي، بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. أبوه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين رابع الخلفاء الراشدين عند أهل السنة والجماعة، والإمام الأول عند الشيعة الاثنا عشرية، وابن عم النبي محمد.
أمه: فاطمة الزهراء بنت النبي محمد، لذلك يُعرف بـ "سبط رسول الله"، والسبط كلمة تُطلق على الأولاد بشكل عام، وقيل: أولاد الأولاد، وأولاد البنات، وقيل معناه الطائفة أو القطعة، فيكون معنى "سبط رسول الله" أي قطعة منه دلالة على شدة حبه له وللحسين.
كنيته: أبو محمد.
إخوته: للحسن بن علي العديد من الإخوة والأخوات من أبيه، فقد بلغ عدد إخوته من الذكور حوالي عشرين أخًا، ومن الإناث ثماني عشرة، أما الإخوة الأشقاء من أبناء فاطمة الزهراء فهم: الحسين والمحسن وزينب وأم كلثوم. والحسن هو الابن الأكبر لعلي وفاطمة.

مولده

اختلف في تاريخ ميلاده، وأرجح الأقوال أنه ولد في شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة، ذكر ذلك الليث بن سعد: «ولدت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي في شهر رمضان من ثلاث، وولدت الحسين في ليال خلون من شعبان سنة أربع»، وذكر محمد بن سعد البغدادي، وابن البرقي، وابن عبد البر، أنه ولد في 15 رمضان سنة 3 هـ، وقيل في شعبان سنة 3 هـ، وقيل ولد سنة 4 هـ وقيل سنة 5 هـ. كذلك أغلب المراجع الشيعية على القول الأول، بينما جاء في الكافي رواية تذكر أنه ولد في 2 هـ.

ولمَّا وُلد الحسن أُتِيَ به إلى النبي محمد، فحنكه النبي بريقه، وأذن في أذنيه بالصلاة، ثم ذبح النبي عنه كبشَا كعقيقة، وكان علي بن أبي طالب يريد تسميته حربًا، فسماه النبي حسنًا، فعن علي قال: «لما ولد الحسن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أروني ابني ما سميتموه؟ قلت: سميته حربا. قال: بل هو حسن. فلما ولد الحسين قال: أروني ابني ما سميتموه؟ قلت سميته حربا. قال: بل هو حسين. فلما ولد الثالث جاء النبي صلى الله عليه وسلم قال: أروني ابني ما سميتموه؟ قلت سميته حربًا قال: هو محسن. ثم قال: إني سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر.» وقال عمران بن سليمان: «الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنة. لم يكونا في الجاهلية.» وفي اليوم السابع من ولادته حلقت أمه فاطمة شعره وتصدقت بوزن شعره فضة على المساكين وأهل الصفة، فوُجد وزنه ثلثي درهم، وجاء في بعض الروايات أنها عقَّت عنه بجزور، وقيل لم تعَّق عنه لأن النبي عقّ عنه بكبش. وخُتِنَ الحسن في اليوم السابع من ولادته.

وقد جاء في بعض المصادر أن أمه فاطمة دفعته إلى أم الفضل بنت الحارث زوجة العباس لترضعه، وأنها رأت رؤيا قبل مولده، فيروى عنها أنها قالت: «يا رسول الله رأيت في المنام كأن عضوا من أعضائك في بيتي أو قالت في حجرتي، فقال تلد فاطمة غلامًا إن شاء الله، فتكفلينه، فولدت فاطمة حسنًا فدفعه إليها فأرضعته بلبن قثم بن العباس، فجئت به يومًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبال على صدره فدحيت في ظهره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مهلًا يرحمك الله أوجعت مشهور، فقلت ادفع إلي إزارك فأغسله، فقال: لا صبي عليه الماء فإنه يصب على بول الغلام ويغسل بول الجارية.»، وقيل بل أرضعت الحسين وليس الحسن.

نشأته على عهد النبي

نشأ الحسن في بيت أبويه في المدينة المنورة، وكان النبي محمد يُحب أن يرعاه، وكان يأخذه معه إلى المسجد النبوي في أوقات الصلاة حين يصلي بالناس، وكان الحسن يركب على ظهره وهو ساجد، ويأتي وهو راكع، فيفرج له بين رجليه، حتى يخرج من الجانب الآخر. وكان يحمله على كتفيه، فيقول الناس: «نعم المركب ركبت يا غلام»، فيقول النبي: «ونعم الراكب هو». وكان يذكره على المنبر، فعن أبي بكر قال: «لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وهو يُقبِل على الناس مرة، وعلى الحسن مرة، ويقول: إن ابني هذا سيد وعسى الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين.»

وجاء في العديد من الأحاديث والمرويات، أن النبي محمد كان يُقبّله ويداعبه ويضعه في حجره ويَرْقِيه، كما كان يدعوه له كثيرًا ويقول: «اللهم إني أحبه فأحبه». وكان يُعلّمه الدعاء مثل الدعاء في الوتر، ويعلمه الحلال والحرام، والصلاة والعفة وغيرها، فيقول الحسن:

الحسن بن علي سمعته - أي النبي صلى الله عليه وسلم - يقول لرجل: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الشر ريبة وإن الخير طمأنينة»، وعقلت منه: أني بينما أنا أمشي معه إلى جنب جرين الصدقة تناولت ثمرة فألقيتها في في، فأدخل إصبعه في في فاستخرجها بلعابها وبزاقها فألقاها فيه. وقال: أنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة، وعقلت عنه الصلوات الخمس، فعلمني كلمات أقولهن عند انقضائهن: اللهم اهدني فيمن هديت. وعافني فيمن عافيت. وتولنا فيمن توليت. وبارك لنا فيما أعطيت. وقنا شر ما قضيت. إنك تقضي ولا يقضى عليك. إنه لا يذل من واليت. تباركت ربنا وتعاليت. الحسن بن علي
توفي النبي محمد سنة 11 هـ، والحسن حينها بين السابعة والثامنة من عمره، وتذكر المراجع الشيعية أن الحسن والحسين كانا بجانب النبي عند وفاته. ولم تلبث عدة شهور حتى توفيت والدته فاطمة الزهراء، حيث توفيت في نفس السنة 11 هـ، واختُلِفَ في الشهر الذي توفيت فيه، فذهب جماعة من الباحثين إلى القول بأنها عاشت بعد أبيها 24 يومًا وتراوحت الأقوال ما بين 45 و85 و95 يومًا أو 100 يوم، وعلى قول آخر عاشت بعد أبيها بما يقارب 3 أشهر، ومنهم من أوصل ذلك إلى 6 أشه

سيرته في عهد الخلفاء الراشدين

في عهد أبي بكر وعمر

لم يتجاوز سن الحسن في عهد أبي بكر الصديق الثامنة أو التاسعة، ولا يُذكر عنه الكثير في تلك الفترة، وتوفي أبو بكر في سنة 13 هـ، وفي عهد عمر بن الخطاب قطع الحسن دور الصبا وأصبح شابًا، وكانت سياسة عمر أن يُجل السبطين: الحسن والحسين، ويجعل لهما نصيبُا من الغنائم، ووردت إليه حُلل من وشي اليمن فوزعها على المسلمين ثم أرسل إلى عامله على اليمن أن يرسل له حلتين، فأرسلهما إليه فكساهما للحسن والحسين، وجعل عطاءهما مثل عطاء أبيهما علي بن أبي طالب، وألحقهما بفريضة أهل بدر، وكانت خمسة آلاف دينار. يقول محمد باقر المجلسي صاحب بحار الأنوار: «ولمّا دوّن الدواوين بدأ بالحسن والحسين، فملأ حجرهما من المال، فقال له ابن عمر:تقدمهما عليّ ولي صُحبة وهجرة دونهما، فقال عمر: اسكت، لا أم لك، أبوهما خير من أبيك، وأمهما خير من أمك.

في عهد عثمان

بلَغَ الحسنُ في عهد عثمان نيفًا وعشرين سنة، والتحق بالجيش والجهاد، فذكر ابن خلدون أن جيش عقبة بن نافع في إفريقية كان عشرة ألاف ولم يستطع فتحها، وصالح أهلها على مال يؤدونه، ثم استأذن عبد الله بن أبي السرح عثمان أن يذهب لفتح إفريقية، وطلب منه أن يُمدّه بجيش من المدينة، فأرسل له عثمان جيشًا، فيه عبد الله بن عباس والحارث بن الحكم بن أبي العاص وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب والحسن والحُسين، وفتحوها سنة 26 هـ أو 27 هـ. وفي سنة 30 هـ غزا الحسن مع أخيه الحُسين وابن عباس طبرستان تحت قيادة سعيد بن العاص، فلمّا وصلوا إليها فتحوها، وذكر المدائني: «أن سعيد بن العاص ركب في جيش فيه الحسن والحسين، والعبادلة الأربعة، وحذيفة بن اليمان، في خلق من الصحابة، فسار بهم فمر على بلدان شتى يصالحونه على أموال جزيلة، حتى انتهى إلى بلد معاملة جرجان، فقاتلوه حتى احتاجوا إلى صلاة الخوف»

وفي سنة 35 هـ حوصر عثمان بن عفان في داره، ويذكر ابن خلدون أنه لما أقسم عثمان على الناس لينصرفوا عن الدفاع عنه، انصرفوا جميعًا إلا الحسن ومحمد بن طلحة بن عبيد الله وعبد الله بن الزبير أبوا إلا أن يدافعوا عنه، قال الحسن البصري: «كان الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه يرد الناس عن الدار بسيفين يضرب بيديه جميعًا.»، وتذكر مصادر أهل السنة أنه لما قُتل عثمان حزن عليه الحسن حزنًا شديدًا، يقول طه حسين: «لم يفارق الحسن حزنه على عثمان.»، بينما أغلب المراجع الشيعية أن الحسن لم يدافع عن عثمان، يقول باقر شريف القرشي: «هذا القول بلا شك من موضوعات الأمويين»

في عهد علي

بعدما بويع علي بالخلافة، عزم على الخروج للعراق، وتذكر عدد من المصادر التاريخية أن الحسن كان لا يريد أباه أن يخرج من المدينة، ولما خرجوا إلى البصرة، أرسل علي الحسن وعمار بن ياسر إلى الكوفة لعزل أبي موسى الأشعري وتولية قرظة بن كعب بدلًا منه، وليقوما باستنفار الناس وحثهم على الخروج معه، ثم حدثت معركة الجمل وكان الحسن على الميمنة وقيل على الميسرة، قال الصفدي: «وكان يكره القتال ويشير علي أبيه بتركه»، وكذلك حضر معركة صفين وكان على الميمنة أيضًا، وتذكر المصادر الشيعية أن علياً أمر الحسن أن يلقي خطبة يبين فيها أسباب المعركة، ولم تذكر المصادر أنه شارك في معركة النهروان، وسكن الحسن الكوفة مع أبيه حتى مقتله.

قُتل علي بن أبي طالب على يد عبد الرحمن بن ملجم، حيث ضربه أثناء الصلاة بسيف مسموم، ثم حُمل على الأكتاف إلى بيته وقال: «أبصروا ضاربي أطعموه من طعامي، واسقوه من شرابي، النفس بالنفس، إن هلكت، فاقتلوه كما قتلني وإن بقيت رأيت فيه رأيي» ونهى عن تكبيله بالأصفاد وتعذيبه. وجيء له بالأطباء الذين عجزوا عن معالجته فلما علم علي أنه ميت قام بكتابة وصيته كما ورد في مقاتل الطالبيين. ظل السم يسري بجسده إلى أن توفي بعدها بثلاثة أيام، تحديدا ليلة 21 رمضان سنة 40 هـ عن عمر يناهز 64 حسب بعض الأقوال. وبعد مماته تولى عبد الله بن جعفر والحسن والحسين غسل جثمانه وتجهيزه، وصلى عليه الحسن، وكبر عليه أربعًا، وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص، ودُفن في السحر. وكان عبد الرحمن بن ملجم في السجن، فلما مات علي ودُفن، بعث الحسن إلى ابن ملجم، فأخرجه من السجن فقتله، وقيل أمر بضرب عنقه

خلافته

بيعته

لما قُتل علي بن أبي طالب على يد عبد الرحمن بن ملجم المرادي، بُويع ابنه الحسن للخلافة وذلك بعد أن اختاره الناس. وقد كان ذلك في شهر رمضان من سنة 40هـ الموافق لشهر يناير من سنة 661م. تنص مصادر أهل السنة والجماعة على أن علي بن أبي طالب لم يعين أحد من بعده، وقد طلب منه الناس أن يستخلف أحدًا من بعده، إلا أنه رفض ذلك فقال لهم : «لَا؛ وَلَكِنِّي أَتْرُكُكُمْ إِلَى مَا تَرْكَكُمْ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.» أي بغير استخلاف. وسأل "عبد الله بن جندب" عليًا عن بيعة الحسن فقال: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ فَقَدْنَاكَ وَلَا نَفْقُدُكَ فَنُبَايِعُ الْحَسَنَ؟ قَالَ: مَا آمُرُكُمْ، وَلَا أَنْهَاكُمْ أَنْتُمْ أَبْصَرُ.» بينما تنص المصادر الشيعية على أن النبي محمد قد نص على الأئمة من بعده وعينهم بأسمائهم ومن بينهم الحسن، وتنص كذلك على أن عليًا قد أوصى قبل وفاته بالخلافة إلى ولده الحسن، وقد أشهد على وصيته جميع أولاده وأهل شيعته وأهل بيته، وعهد إليه بكتابه وسلاحه وأمره بأن يدفعها لأخيه الحسين إذا حضرته الوفاة. لكن أهل السنة والجماعة يردون على الشيعة في قضية النص على خلافة الحسن بالبطلان، ويعتبرون هذا الأمر من المفتريات، ويذكرون أن هذا لم يصح عن النبي ولا عن علي بن أبي طالب. وفي نفس العام بُويعَ معاوية بن أبي سفيان بإيلياء وكان قبل ذلك يدعى الأمير في الشام فلما قٌتل علي بن أبي طالب دعي بأمير المؤمنين.

أخرج ابن سعد في طبقاته عددًا من المرويات التي تحدثت عن بيعة الحسن، منها أن عامر الشعبي قال: «أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ صَلَّى عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَدُفِنَ عَلِيٌّ بِالْكُوفَةِ عِنْدَ مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّحَبَةِ مِمَّا يَلِي أَبْوَابَ كِنْدَةَ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ النَّاسُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ انْصَرَفَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ دَفْنِهِ فَدَعَا النَّاسَ إِلَى بَيْعَتِهِ فَبَايَعُوهُ، وَكَانَتْ خِلَافَةُ عَلِيٍّ أَرْبَعَ سِنِينَ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ.»

تنص المصادر السنية والشيعية على أن أول من بايع الحسن بالخلافة هو قيس بن سعد الانصاري، وقال له: «ابسط يدك أبايعك عَلَى كتاب اللَّه، عَزَّ وَجَلَّ، وسنة نبيه وقتال المحلين، فَقَالَ لَهُ الْحَسَن، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَلَى كتاب اللَّه وسنة نبيه، فإن ذَلِكَ يأتي من وراء كل شرط، فبايعه وسكت وبايعه الناس.» هذا الخبر أورده ابن الأثير الجزري. والطبري، وابن الجوزي. وتزيد المصادر الشيعية على أن عبد الله بن عباس قد حفز المسلمين على مبايعته فقال: «معاشر الناس إن هذا ابن بنت نبيكم ووصي إمامكم فبايعوه.» فاستجابوا له، وقالوا: «ما أحبه إلينا وأحقه بالخلافة.» فتبادر الناس إلى بيعته. اشترط الحسن على أهل العراق عندما أرادوا بيعته بالسمع والطاعة، وأن يسالموا من سالم، وأن يحاربوا من حارب، ينقل الطبري في كتابه عن الزهري أنه قال: «بَايَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ الْحَسَن بْنَ عَلِيٍّ بِالْخِلافَةِ، فَطَفِقَ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِمُ الْحَسَنُ: إِنَّكُمْ سَامِعُونَ مُطِيعُونَ، تُسَالِمُونَ مَنْ سَالَمْتُ، وَتُحَارِبُونَ مَنْ حَارَبْتُ، فَارْتَابَ أَهْلُ الْعِرَاقِ فِي أَمْرِهِمْ حِينَ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ هَذَا الشَّرْطَ، وَقَالُوا: مَا هَذَا لَكُمْ بِصَاحِبٍ، وَمَا يُرِيدُ هَذَا الْقِتَالَ.» وقد أخرج ابن عساكر هذا الخبر من طريق الزهري بمثله، وأورده ابن كثير بنحوه. ونقل ابن سعد في طبقات قول خالد بن مضرب، قال: «سمعت الحسن بن علي يقول: والله لا أبايعكم إلا على ما أقول لكم. قالوا: ما هو؟ قال: تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت.» وقول ميمون بن مهران: «إن الحسن بن علي بن أبي طالب بايع أهل العراق بعد علي على بيعتين. بايعهم على الإمرة. وبايعهم على أن يدخلوا فيما دخل فيه. ويرضوا بما رضي به.» وتنص المصادر الشيعية على ذلك أيضًا، يقول الشيخ المفيد: «ولما قبض أمير المؤمنين عليه السلام خطب الناس الحسن عليه السلام وذكر حقه، فبايعه أصحاب أبيه على حرب من حارب وسلم من سالم

مدة خلافته ووصفه بالخليفة الراشد الخامس

استمر الحسن بعد بيعته خليفة على الحجاز واليمن والعراق وخراسان وغير ذلك نحو سبعة أشهر، وقيل ثمانية أشهر، وقيل ستة أشهر. ويعتقد أهل السنة والجماعة أن خلافة الحسن بن علي كانت خلافة حقة وأنها جزء مكمل لخلافة النبوة (خلافة راشدة) التي أخبر النبي محمد أن مدتها ثلاثون سنة ثم تصير ملكًا، فقد روى الترمذي بإسناده إلى سفينة مولى النبي قال: «قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الخِلاَفَةُ فِي أُمَّتِي ثَلاَثُونَ سَنَةً، ثُمَّ مُلْكٌ بَعْدَ ذَلِكَ.» وقد علق ابن كثير على هذا الحديث فقال: «وَإِنَّمَا كَمَلَتِ الثَّلَاثُونَ بِخِلَافَةِ الْحَسَنِ بن على، فَإِنَّهُ نَزَلَ عَنِ الْخِلَافَةِ لِمُعَاوِيَةَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ، وَذَلِكَ كَمَالُ ثَلَاثِينَ سَنَةً مِنْ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَهَذَا من دلائل النبوة صلوات الله وسلامه عليه وسلم تسليما.» وبذلك يكون الحسن خامس الخلفاء الراشدين فلم يكن في الثلاثين سنة بعد وفاة النبي إلا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن. وقد قرر جمع من علماء أهل السنة والجماعة عند شرحهم لقول النبي: «الخِلاَفَةُ فِي أُمَّتِي ثَلاَثُونَ سَنَةً.» أن الأشهر التي تولى فيها الحسن بن علي بعد موت أبيه كانت داخلة في خلافة النبوة ومكملة لها. ومن هؤلاء العلماء: "أبو بكر بن العربي" و"القاضي عياض" و"ابن كثير" و"ابن أبي العز"، و"محمد عبد الرؤوف المناوي

إدارة الدولة

كانت الظروف التي أعقبت وفاة علي بن أبي طالب صعبة ومعقدة، إذ ما زالت الحرب قائمة مع معاوية بن أبي سفيان، وفي هذه الظروف بايع أهل الكوفة الحسن بن علي بالخلافة في سنة 40هـ الموافقة لسنة 661م، ولذلك لم يكن لدى الحسن متسع من الوقت لإجراء تغييرات إدارية، أو تغيير للولاة، فأقر عمال أبيه على ولاياتهم، عدا الكوفة، فقد ولى عليها المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بعدما سار إلى معاوية بدلًا من واليها السابق "هانئ بن هوذة النخعي". أما على المدائن فقد استمر سعد بن مسعود الثقفي عاملًا عليها، وقد كان عاملًا للخليفة علي بن أبي طالب على ذات المدينة، وقد استبقاه الحسن إبان خلافته واستمر يشغل منصبه إلى نهاية عهد الحسن وتنازله لمعاوية بن أبي سفيان.

أما على البصرة فقد جاء في بعض الروايات بأن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب كان واليًا عليها من قبل الخليفة علي بن أبي طالب وبقي عليها لغاية عقد الصلح مع معاوية بن أبي سفيان، ثم خرج من البصرة معتزلًا السياسة قاصدًا مكة المكرمة وتفرغ للعلم والتعليم. وتذكر بعض الروايات الأخرى أنه خرج من البصرة وذهب إلى مكة بعد مقتل علي. وقد قال ابن الأثير الجزري أن هذه الرواية الثانية أصح وإنما كان الذي شهد صلح الحسن عبيد الله بن عباس وليس عبد الله. وقد قام عبد الله بن عباس باستخلاف "عبد الله بن الحارث بن نوفل" على البصرة ومضى إلى الحجاز.

أما ولاية فارس فقد كانت لزياد بن أبيه، وقد كان علي بن أبي طالب قد بعثه إليها لتأديب بعض المتمردين، فظفر بهم وتمكن من القضاء عليهم، ثم ولاه بعد ذلك عليها لغاية عقد الصلح مع معاوية بن أبي سفيان. كما قام الحسن بإبقاء العمال أنفسهم الذين كانوا يعملون لوالده، فقد استبقى عبيد الله بن رافع كاتبًا، واستبقى شريح بن الحارث قاضي الكوفة، وأبقى معقل بن قيس الرياحي على الشرطة. ولم يستحجب حاجبًا.

عماله
الوظيفة الاسم
والي الكوفة "هانئ بن هوذة النخعي"
المغيرة بن نوفل
والي المدائن سعد بن مسعود الثقفي
والي البصرة عبد الله بن الحارث بن نوفل
والي فارس زياد بن أبيه
الكاتب عبيد الله بن أبي رافع
قاضي الكوفة شريح بن الحارث
صاحب الشرطة معقل بن قيس الرياحي
إمارة أذربيجان قيس بن سعد بن عبادة
عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب
قائد شرطة الخميس قيس بن سعد بن عبادة

التنازل عن الخلافة والصلح مع معاوية

نُبوءة الصلح

يؤمن أهل السنة والجماعة بأن النبي محمد قد بشر وتنبأ بأن الحسن سيصلح بين فئتين عظيمتين من المسلمين قبل حصول هذا الأمر بسنوات بعيدة، فقد ورد في ذلك حديث نبوي رواه البخاري في صحيحه عن الحسن البصري قال: «وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ، قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، جَاءَ الحَسَنُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ».» وجاء الحديث لدى أحمد بن حنبل في مسنده عن الحسن البصري قال: «سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: عَنْ أَبِي بَكَرَةَ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَحَسَنٌ مَعَهُ، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً، وَعَلَيْهِ مَرَّةً، وَيَقُولُ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ».» فتشير المصادر إلى أن حديث الرسول هذا هو ما دفع الحسن إلى الإقدام على الصلح، وأن هذه النبوءة قد كانت هي الموجهة للحسن في اتجاهاته وتصرفاته ومنهج حياته، وأنها حلت في قرارة نفسه، واعتبرها كوصية من الرسول

التمهيد للصلح ثم محاولة اغتياله

تنص مصادر أهل السنة والجماعة على أن الروايات التي نقلت شرط الحسن بالمسالمة تفيد بابتدائه في التمهيد للصلح مع معاوية بن أبي سفيان فور استخلافه، وذلك تحقيقًا لنبوءة النبي. فتشير الروايات على أن الحسن قد قام فور استخلافه بوضع شرط لقبوله مبايعة أهل العراق له وهو أن يقوموا بمسالمة من يسالم ويحاربون من يحارب، فعن ميمون بن مهران، قال: «إن الحسن بن علي بن أبي طالب بايع أهل العراق بعد علي على بيعتين. بايعهم على الإمرة. وبايعهم على أن يدخلوا فيما دخل فيه. ويرضوا بما رضي به.» ويقول خالد بن مضرب، قال: «سمعت الحسن بن علي يقول: والله لا أبايعكم إلا على ما أقول لكم. قالوا: ما هو؟ قال: تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت.»

وقد نقل ابن سعد في طبقاته رواية تذكر أن معاوية بن أبي سفيان بعث إلى الحسن بعد وفاة علي فأصلح الذي بينهما سرًا. يقول عمرو بن دينار: «أن معاوية كان يعلم أن الحسن كان أكره الناس للفتنة. فلما توفي علي بعث إلى الحسن فأصلح الذي بينه وبينه سرًا وأعطاه معاوية عهدا إن حدث به حدث والحسن حي ليسمينه وليجعلن هذا الأمر إليه.»

بعد أن كشف الحسن عن نيته في الصلح مع معاوية وقعت محاولة لاغتياله، وتنص المصادر أن هذه المحاولة قد جرت بعد استخلافه بقليل، وهو ما أشارت إليه أكثر من رواية، فقد أخرج ابن سعد في طبقاته من طريق أبي جميلة الطهوي، قال: «أن الحسن بن علي لما استخلف حين قتل علي. فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر. وزعم حصين أنه بلغه أن الذي طعنه رجل من بني أسد- وحسن ساجد، قال حصين: وعمي أدرك ذاك. قال: فيزعمون أن الطعنة وقعت في وركه فمرض منها أشهرًا ثم برئ. فقعد على المنبر فقال: «يا أهل العراق اتقوا الله فينا فإنا أمراؤكم وضيفانكم أهل البيت الذين قال الله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ قال: فما زال يقول ذاك حتى ما يرى أحد من أهل المسجد إلا وهو يخن بكاء

المسير نحو المدائن

نظرة أهل السنة والجماعة

تنص مصادر أهل السنة والجماعة على أن أهل العراق قد دفعوا الحسن إلى الخروج لقتال أهل الشام من غير رغبة منه، فخرج الحسن بجيش العراق من الكوفة إلى المدائن، وأرسل القوة الضاربة من الجيش وهي "شرطة الخميس" إلى "مسكن" بقيادة قيس بن سعد بن عبادة. وقد أشار ابن سعد في طبقاته إلى ذلك في الرواية التي أخرجها من طريق الشعبي، قال: «بايع أهل العراق بعد علي بن أبي طالب الحسن بن علي، ثم قالوا له: سر إلى هؤلاء القوم الذين عصوا الله ورسوله وارتكبوا العظيم وابتزوا الناس أمورهم. فإنا نرجو أن يمكن الله منهم. فسار الحسن إلى أهل الشام. وجعل على مقدمته قيس بن سعد بن عبادة. في اثني عشر ألفا، وكانوا يسمون شرطة الخميس.» ومن خلال هذه الرواية السابقة يتضح أن أهل العراق هم الذين دفعوا الحسن إلى الخروج لقتال أهل الشام من غير رغبة منه، وهذا الأمر قد أشار إليه ابن كثير بقوله: «وَلَمْ يَكُنْ فِي نِيَّةِ الْحَسَنِ أَنْ يُقَاتِلَ أَحَدًا، وَلَكِنْ غَلَبُوهُ عَلَى رَأْيِهِ، فَاجْتَمَعُوا اجْتِمَاعًا عَظِيمًا لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ، فَأَمَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَسَارَ هُوَ بِالْجُيُوشِ فِي إِثْرِهِ قَاصِدًا بِلَادَ الشَّامِ، لِيُقَاتِلَ مُعَاوِيَةَ وَأَهْلَ الشَّامِ فَلَمَّا اجْتَازَ بِالْمَدَائِنِ نَزَلَهَا وَقَدَّمَ الْمُقَدِّمَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ.» رجح بعض الباحثين مثل "خالد بن محمد الغيث" أن تاريخ خروج الحسن من الكوفة في شهر صفر من سنة 41هـ. تشير بعض المصادر السنية إلى أن الحسن قد أظهر حنكة كبيرة قد دلت على دهائه عندما لم يشأ أن يواجه أهل العراق من البداية بميله إلى مصالحة معاوية وتسليمه الأمر، نظرًا لطبيعة أهل العراق الذين كان معهم، وليقيم عليهم الدليل ويثبت صدق نظرته فيهم، وعلى سلامة ما اتجه إليه. فوافقهم على المسير لحرب معاوية. بعد أن وصل خبر خروج الحسن إلى المدائن خرج معاوية بن أبي سفيان بأهل الشام إلى العراق حتى نزل جسر منبج، فأقبل من جسر منبج إلى "مسكن" في خمسة أيام ودخل في اليوم السادس

نظرة الشيعة

تنص المصادر الشيعية أن معاوية بن أبي سفيان لما بلغته بيعة الحسن، دس رجلًا من في الكوفة، ورجلًا آخر في البصرة ليكتبا له بالأخبار ويفسدا على الحسن الأمور. فعرف الحسن بأمرهما وأمر بضرب عنقهما. فوقعت بعد هذه الحادثة بين الحسن ومعاوية مراسلات واحتجاجات ادعى فيها كلاهمها الأولوية بالخلافة. وأرسل الحسن في أحد كتبه إلى معاوية يدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه الناس وأن يدع البغي ويحقن دماء المسلمين، ويهدده إن أبى بالقتال. إلا أن معاوية رد بالرفض على عروض الحسن بالدخول في البيعة وأدعى أنه أولى بالخلافة. وانتهت هذه المراسلات بمسير معاوية نحو العراق ليغلبَ عليه، فلما بلغ "جسر منبج" تحرك الحسن وبعث حجر بن عدي، فأمر العمال بالمسير واستنفر الناس للجهاد فتثاقلوا عنه، ثم خف معه أخلاط الناس، بعضهم شيعة له ولأبيه، وبعضهم من الخوارج، وبعضهم أصحاب فتن وطمع في الغنائم، وغيرهم. وسار الحسن حتى نزل ساباط.

تبادل الرسل ووقوع الصلح

تنقل مصادر أهل السنة والجماعة حديث البخاري في صحيحه عند الحديث عن تبادل الرسل بين الحسن ومعاوية ووقوع الصلح بينهما، يقول الحسن البصري:

الحسن بن علي اسْتَقْبَلَ وَاللَّهِ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ بِكَتَائِبَ أَمْثَالِ الجِبَالِ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ العَاصِ: إِنِّي لَأَرَى كَتَائِبَ لاَ تُوَلِّي حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ وَكَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ: أَيْ عَمْرُو إِنْ قَتَلَ هَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ، وَهَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ مَنْ لِي بِأُمُورِ النَّاسِ مَنْ لِي بِنِسَائِهِمْ مَنْ لِي بِضَيْعَتِهِمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، فَقَالَ: اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، فَاعْرِضَا عَلَيْهِ، وَقُولاَ لَهُ: وَاطْلُبَا إِلَيْهِ، فَأَتَيَاهُ، فَدَخَلاَ عَلَيْهِ فَتَكَلَّمَا، وَقَالاَ لَهُ: فَطَلَبَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: إِنَّا بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ، قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا المَالِ، وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا، قَالاَ: فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا، وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ قَالَ: فَمَنْ لِي بِهَذَا، قَالاَ: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلَّا قَالاَ: نَحْنُ لَكَ بِهِ، فَصَالَحَهُ، فَقَالَ الحَسَنُ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً، وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ»، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: "قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّمَا ثَبَتَ لَنَا سَمَاعُ الحَسَنِ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ، بِهَذَا الحَدِيثِ".

محاولة اغتياله وموقف جيشه وقادته

بعد نجاح مفاوضات الصلح بين الحسن ومعاوية، شرع الحسن في تهيئة نفوس أتباعه على تقبل الصلح الذي تم، فقام فيهم خطيبًا ليبين لهم ما تم بينه وبين معاوية، وقد أورد البلاذري الخطبة التي ألقاها، قال الحسن: «إني أرجو أن أكون أنصح خلف لخلقه، وما أنا محتمل عَلَى أحد ضغينة وَلا حقدًا، وَلا مريد بِهِ غائلة وَلا سوءً، ألا وإن مَا تكرهون فِي الجماعة خير لكم مما تحبون فِي الفرقة، ألا وإني ناظر لكم خيرًا من نظركم لأنفسكم، فلا تخالفوا أمري وَلا تردوا علي، غفر اللَّه لي ولكم.» وفيما هو يخطب هجم عليه بعض معسكره محاولين قتله بعد أن اتهموه بالضعف لعزمه على صلح معاوية، وشدوا على فسفاطه، فدخلوه، وانتزعوا مصلاه من تحته، وانتهبوا ثيابه. ثم شد عليه "عبد الرحمن بن عبد الله بن جعال الأزدي" فنَزَعَ رداءَهُ عن عاتقه، فبقي متقلدًا سيفه فدهش، ثم رجع ذهنه، فركب فرسه، وأطاف به الناس، فبعضهم يعجزه ويضعفه، وبعضهم بنحي أولئك عنه، ويمنعهم منه، وانطلق رجل يقال له "الجراح بن سنان الأسدي" وكان يرى رأي الخوارج فانتظر الحسن في "مظلم ساباط"، فقعد له ينتظره، فلما مر الحسن، ودنا من دابته فأخذ بلجامها، ثم أخرج معولًا كان معه، وقال: «أشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل.» وطعنه بالمعول في أصل فخذه، فشق في فخذه شقًا كاد يصل إلى العظم، وضرب الحسن وجهه، ثم اعتنقا وخرا إلى الأرض، ثم سارع "عبد الله بن الخضل الطائي" فنزع المعول من يده، وقام "ظبيان بن عمارة التميمي" بقتل الجراح. وحُمل الحسن إلى المدائن، ثم أتى سعد بن مسعود الثقفي عامل الحسن على المدائن بطبيب وقام عليه حتى برئ وحوله إلى القصر الأبيض بالمدائن. وقد أورد هذه الرواية أبو حنيفة الدينوري، وقد أوردت الكتب الشيعية هذه الرواية بنحو رواية البلاذري فأوردها أبو الفرج الأصفهاني. والشيخ المفيد.

أما موقف الحسن تجاه ما حصل له في معكسره، فقد أخرج ابن سعد في طبقاته عن "هلال بن خباب"، قال: «جمع الحسن بن علي رؤوس أصحابه في قصر المدائن. فقال: يا أهل العراق لو لم تَذْهَلْ نفسي عنكم إلا لثلاث خصال لَذَهَلْتُ: مقتلكم أبي. ومطعنكم بغلتي. وانتهابكم ثقلي أو قال: ردائي عن عاتقي. وإنكم قد بايعتموني أن تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت وإني قد بايعت معاوية فاسمعوا له وأطيعوا. قال: ثم نزل فدخل القصر.»

وأما موقف شرطة الخميس وهم مقدمة جيش العراق من الصلح فقد أخرجه الحاكم في مستدركه عن أبي الغريف، قال: «كُنَّا فِي مُقَدِّمَةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا تَقْطُرُ أَسْيَافُنَا مِنَ الْحِدَّةِ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ، وَعَلَيْنَا أَبُو الْعُمُرِطَهْ، فَلَمَّا أَتَانَا صُلْحُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ كَأَنَّمَا كُسِرَتْ ظُهُورُنَا مِنَ الْحَرَدِ وَالْغَيْظِ، فَلَمَّا قَدِمَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفَةَ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَّا يُكَنَّى أَبَا عَامِرٍ سُفْيَانُ بْنُ اللَّيْلِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ الْحَسَنُ: «لَا تَقُلْ ذَاكَ يَا أَبَا عَامِرٍ، لَمْ أَذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَهُمْ فِي طَلَبِ الْمُلْكِ».»

أما موقف قيس بن سعد بن عبادة أمير مقدمة جيش الحسن من الصلح، فتشير المصادر أنه تردد في الدخول فيه، واعتزل بمن أطاعه من جيشه مدة، ثم دخل في الصلح وبايع معاوية بن أبي سفيان بعد مراجعته للأمر.

وأما مواقف أمراء علي بن أبي طالب من الصلح فقد اتسمت بالتباين والتفاوت، حيث قبله بعضهم وكرهه بعضهم الآخر. فكان موقف عبد الله بن جعفر بن أبي طالب القبول والاستحسان، وأما زياد بن أبيه وقيس بن سعد بن عبادة فقد كان بالرفض ثم القبول، وهناك فريق ثالث دخل الصلح وهو له كاره، وهؤلاء ينقسمون إلى قسمين: قسم يرى أن الصلح ملزم له في ظل حياة الحسن فقط ويمثل هؤلاء حجر بن عدي، وقسم يرى أن الصلح ملزم له في ظل حياة الحسن ومعاوية، أو الآخر موتًا منهما، ويمثل هؤلاء الحسين بن علي.

تسليم الأمر لمعاوية

نظرة أهل السنة والجماعة

تنص مصادر أهل السنة والجماعة على أن الحسن قد ترك المدائن وسار إلى الكوفة بعد أن نجى من محاولة الاغتيال الأخيرة في معسكره، ولما أراد المسير أتاه عبد الرحمن بن سمرة وعبد الله بن عامر بن كريز بكتاب الصلح كما أُسلف. وبعد ذلك سار معاوية من "مسكن" إلى "النخيلة"، ثم خرج الحسن من الكوفة إلى النخيلة لمقابلة معاوية وتسليم الأمر له. أخرج الطبراني في معجمه الكبير عن الشعبي، قال: «شهدت الحسن بن علي رضي الله عنه بالنخيلة حين صالحه معاوية رضي الله عنه، فقال له معاوية: إذا كان ذا فقم فتكلم، وأخبر الناس أنك قد سلمت هذا الأمر لي. وربما قال سفيان: أخبر الناس بهذا الأمر الذي تركته لي. فقام فخطب على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه -قال الشعبي: وأنا أسمع- ثم قال: "أما بعد، فإن أكيس الكيس التقى، وإن أحمق الحمق الفجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية إما كان حقًا لي تركته لمعاوية إرادة صلاح هذه الأمة، وحقن دمائهم، أو يكون حقًا كان لامرئ أحق به مني، ففعلت ذلك، ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ﴾.»

كذلك أخرج رواية البيعة أحمد بن حنبل من طريق أنس بن سيرين، قال: «قال الحسن بن علي يوم كلم معاوية: "ما بين جابرس وجابلق: رجل جده نبي غيري وإني رأيت أن أصلح بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وكنت أحقهم بذاك، ألا إنا قد بايعنا معاوية ولا أدري ﴿لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ﴾".»

وأخرج ابن سعد رواية البيعة من طريق عمرو بن دينار، وفيها: «فقام الحسن فقال: يا أيها الناس إني كنت أكره الناس لأول هذا الحديث وأنا أصلحت آخره لذي حق أديت إليه حقه أحق به مني. أو حق جدت به لصلاح أمة محمد وإن الله قد ولاك يا معاوية هذا الحديث لخير يعلمه عندك أو لشر يعلمه فيك ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ﴾ ثم نزل.» بعد ذلك جاء الحسن بقيس بن سعد بن عبادة ليبايع معاوية، فبايعه

نظرة الشيعة

يقول الشيخ المفيد بعد أن ذكر محاولة اغتيال الحسن: «وكتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية بالطاعة له في السر، واستحثوه على السير نحوهم، وضمنوا له تسليم الحسن عليه السلام إليه عند دنوهم من عسكره أو الفتك به، وبلغ الحسن ذلك. وورد عليه كتاب قيس بن سعد رضي الله عنه وكان قد أنفذه مع عبيد الله بن العباس عند مسيره من الكوفة، ليلقى معاوية فيرده عن العراق، وجعله أميرا على الجماعة وقال: "إن أصبت فالأمير قيس بن سعد"، فوصل كتاب ابن سعد يخبره أنهم نازلوا معاوية بقرية يقال لها الحبونية بإزاء مسكن، وأن معاوية أرسل إلى عبيد الله بن العباس يرغبه في المصير إليه، وضمن له ألف ألف درهم، يعجل له منها النصف، ويعطيه النصف الآخر عند دخوله الكوفة، فانسل عبيد الله بن العباس في الليل إلى معسكر معاوية في خاصته، وأصبح الناس قد فقدوا أميرهم، فصلى بهم قيس رضي الله عنه ونظر في أمورهم. فازدادت بصيرة الحسن عليه السلام بخذلان القوم له، وفساد نيات المحكمة فيه بما أظهروه له من السب والتكفير واستحلال دمه ونهب أمواله، ولم يبق معه من يأمن غوائله إلا خاصة من شيعته وشيعة أبيه أمير المؤمنين عليه السلام، وهم جماعة لا تقوم لأجناد الشام. فكتب إليه معاوية في الهدنة والصلح، وأنفذ إليه بكتب أصحابه التي ضمنوا له فيها الفتك به وتسليمه إليه، واشترط له على نفسه في إجابته إلى صلحه شروطا كثيرة وعقد له عقودا كان في الوفاء بها مصالح شاملة، فلم يثق به الحسن عليه السلام وعلم احتياله بذلك واغتياله، غير أنه لم يجد بدا من إجابته إلى ما التمس من ترك الحرب وإنفاذ الهدنة»، ثم يقول: «فلقا استتمت الهدنة على ذلك، سار معاوية حتى نزل بالنخيلة، وكان ذلك يوم جمعة فصلى بالناس ضحى النهار.»، ثم ذكر الخطبة وما جرى فيها

شروط الصلح

تنص المصادر السنية والشيعية على نفس أسباب الصلح، وقد ذكر ابن حجر الهيتمي صورة كتاب الصلح بين الحسن ومعاوية على النحو الآتي:

الحسن بن علي
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان صَالحه على:

أَن يسلم إِلَيْهِ ولَايَة الْمُسلمين على أَن يعْمل فيهم بِكِتَاب الله تَعَالَى وَسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسيرة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين.
وَلَيْسَ لمعاوية بن أبي سُفْيَان أَن يعْهَد إِلَى أحد من بعده عهدا بل يكون الْأَمر من بعده شُورَى بَين الْمُسلمين.
وعَلى أَن النَّاس آمنون حَيْثُ كَانُوا من أَرض الله تَعَالَى فِي شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم.
وعَلى أَن أَصْحَاب عَليّ وشيعته آمنون على أنفسهم وَأَمْوَالهمْ وَنِسَائِهِمْ وَأَوْلَادهمْ حَيْثُ كَانُوا.
وعَلى مُعَاوِيَة بن ابي سُفْيَان بذلك عهد الله وميثاقه وَأَن لَا يَبْتَغِي لِلْحسنِ بن عَليّ وَلَا لِأَخِيهِ الْحُسَيْن وَلَا لأحد من أهل بَيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غائلة سرا وَلَا جَهرا وَلَا يخيف أحدا مِنْهُم فِي أفق من الْآفَاق.
أشهد عَلَيْهِ فلَان وَفُلَان بن فلَان وَكفى بِاللَّه شَهِيدًا.

الحسن بن علي
تنص بعض المصادر السنية والشيعية زيادة على الشروط السابقة أن الحسن اشترط على معاوية أن يترك سب علي بن أبي طالب، أو أن يترك سب علي وهو يسمع. إلا أن هذا الشرط يرفضه بعض الباحثين المتقدمين من أهل السنة.
وتشير بعض المصادر بأن معاوية كان يجري للحسن أموالًا طائلة في كل عام. إلا أن هذه الروايات تم تكذيبها من قبل بعض الباحثين المتقدمين من أهل السنة والجماعة، لأنها تصور وكأن الحسن قد باع الخلافة لمعاوية، وتم وصفها بأنها روايات غير مقبولة ولا يعتمد عليها.

دوافع الصلح

نظرة أهل السنة والجماعة

تنقل العديد من مصادر أهل السنة والجماعة عددًا من أقوال الحسن بن علي التي أشار فيها إلى الأسباب التي هيأته وجعلته يعقد الصلح مع معاوية. وقد جمع عدد من العلماء والباحثين القدامى والمعاصرين هذه الأقوال وجعلوها على شكل نقاط لبيان المسألة:

الرغبة فيما عند الله وإرادة صلاح الأمة ووحدتها: يقول "نفير الحضرمي": «قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تُرِيدُ الْخِلَافَةَ؟ فَقَالَ: كَانَتْ جَمَاجِمُ الْعَرَبِ بِيَدِي، يُسَالِمُونَ مَنْ سَالَمْتُ وَيُحَارِبُونَ مَنْ حَارَبْتُ، فَتَرَكْتُهَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ.» وقال في خطبته التي تنازل فيها لمعاوية: «وَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي اخْتَلَفْتُ فِيهِ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ إِمَّا كَانَ حَقًّا لِي تَرَكْتُهُ لِمُعَاوِيَةَ إِرَادَةَ صَلَاحِ هَذِهِ الْأُمَّةِ.» ويقول في أحد خطبه حول وحدة الأمة: «أيها الناس، إني قد أصبحت غير محتمل على مسلم ضغينة، وإني ناظر لكم كنظري لنفسي، وأرى رأيًا فلا تردوا عليَّ رأيي، إن الذين تكرهون من الجماعة أفضل مما تحبون من الفرقة.»
دعوة الرسول له: تنص المصادر على أن قول النبي عن الحسن: «ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ.» قد كان هو الدافع الرئيسي لتوجه الحسن إلى الصلح، وأن هذا الحديث قد دفعه إلى التخطيط والاستعداد النفسي للصلح والتغلب على العوائق التي كانت في الطريق باعتبار هذا الحديث وصية من جده الرسول.

حقن دماء المسلمين: يقول الحسن: «خشيت أن يجئ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُونَ أَلْفًا، أَوْ ثَمَانُونَ أَلْفًا، أو أكثر أو أقل، تَنْضَحُ أَوْدَاجُهُمْ دَمًا، كُلُّهُمْ يَسْتَعْدِي اللَّهَ فِيمَ هُرِيقَ دَمُهُ.» وقال وهو يخطب الناس بالمدائن: «ألا إن أمر الله واقع إذ ليس له دافع وإن كره الناس، إني ما أحببت أن ألي من أمة محمد مثقال حبة من خردل يهراق فيه محجمة من دم، قد علمت ما ينفعني مما يضرني فالحقوا بطيتكم.» وقال في خطبته التي تنازل فيها لمعاوية: «وَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي اخْتَلَفْتُ فِيهِ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ إِمَّا كَانَ حَقًّا لِي تَرَكْتُهُ لِمُعَاوِيَةَ إِرَادَةَ صَلَاحِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَحَقْنِ دِمَائِهِمْ.»
اضطراب جيش أهل العراق والكوفة: يقول ابن الأثير الجزري في كتابه الكامل في التاريخ: «قِيلَ لِلْحَسَنِ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ؟ فَقَالَ: كَرِهْتُ الدُّنْيَا وَرَأَيْتُ أَهْلَ الْكُوفَةِ قَوْمًا لَا يَثِقُ بِهِمْ أَحَدٌ أَبَدًا إِلَّا غُلِبَ، لَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ يُوَافِقُ آخَرَ فِي رَأْيٍ وَلَا هَوًى، مُخْتَلِفِينَ لَا نِيَّةَ لَهُمْ فِي خَيْرٍ وَلَا شَرٍّ، لَقَدْ لَقِيَ أَبِي مِنْهُمْ أُمُورًا عِظَامًا، فَلَيْتَ شِعْرِي لِمَنْ يَصْلُحُونَ بَعْدِي، وَهِيَ أَسْرَعُ الْبِلَادِ خَرَابًا!»
أسباب أخرى: يقول أبو بكر بن العربي: «وَعَمِلَ الْحَسَنُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمُقْتَضَى حَالِهِ، فَإِنَّهُ صَالَحَ حِينَ اسْتَشْرَى الْأَمْرُ عَلَيْهِ، وَكَانَ ذَلِكَ بِأَسْبَابٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَمَقَادِيرَ أَزَلِيَّةٍ، وَمَوَاعِيدَ مِنْ الصَّادِقِ صَادِقَةٍ، وَمِنْهَا مَا رَأَى مِنْ تَشَتُّتِ آرَاءِ مَنْ مَعَهُ، وَمِنْهَا أَنَّهُ طُعِنَ حِينَ خَرَجَ إلَى مُعَاوِيَةَ فَسَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ وَدَاوَى جُرْحَهُ حَتَّى بَرِئَ؛ فَعَلِمَ أَنَّ عِنْدَهُ مَنْ يُنَافِقُ عَلَيْهِ وَلَا يَأْمَنُهُ عَلَى نَفْسِهِ. وَمِنْهَا أَنَّهُ رَأَى الْخَوَارِجَ أَحَاطُوا بِأَطْرَافِهِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ إنْ اشْتَغَلَ بِحَرْبِ مُعَاوِيَةَ اسْتَوْلَى الْخَوَارِجُ عَلَى الْبِلَادِ، وَإِنْ اشْتَغَلَ بِالْخَوَارِجِ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا مُعَاوِيَةُ.»

نظرة الشيعة

تنص المصادر الشيعية على أن هناك مبررات وغايات دفعت الحسن إلى الصلح، منها:

حفظ حياة الحسن وشيعته: يقول أبو سعيد عقيصا: «قلت للحسن بن علي بن أبي طالب يا بن رسول الله لم داهنت معاوية وصالحته وقد علمت أن الحق لك دونه وأن معاوية ضال باغ؟ فقال: يا أبا سعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله صلى الله عليه وآله لبني ضمرة وبني أشجع، ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية... ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قتل.» وينقل ابن أبي الفتح الإربلي أن بعض الشيعة قد لاموا الحسن على بيعته فرد عليهم قائلًا: «ويحكم ما تدرون ما عملت والله الذي عملت خير لشيعتي مما طلعت عليه الشمس أو غربت.» ويقول محمد باقر المجلسي: «وقد أجاب عليه السلام حجر بن عدي الكندي لما قال له: سودت وجوه المؤمنين فقال عليه السلام: ما كل أحد يحب ما تحب ولا رأيه كرأيك، وإنما فعلت ما فعلت إبقاء عليكم.»
تخاذل الناس عن مساعدته: ينقل محمد باقر المجلسي أن الحسن قال في أحد خطبه: «لو أن الناس بايعوني وأطاعوني ونصروني لأعطتهم السماء قطرها، والأرض بركتها...» وأنه قال أيضًا: «لو وجدت أعوانًا ما سلمت له الأمر، لأنه محرم على بني أمية...» وينقل المجلسي كذلك أن جواب الحسن على أحد المعترضين على الصلح، يقول: «والله ما سلمت الأمر إليه إلا أني لم أجد أنصارا، ولو وجدت أنصارا لقاتلته ليلي ونهاري حتى يحكم الله بيني وبينه، ولكني عرفت أهل الكوفة وبلوتهم، ولا يصلح لي منهم ما كان فاسدا، إنهم لا وفاء لهم ولا ذمة في قول ولا فعل، إنهم لمختلفون ويقولون لنا: إن قلوبهم معنا، وإن سيوفهم لمشهورة علينا.»
صلاح الأمة وقطع الفتنة ومنع إراقة دماء الشيعة: ينقل محمد باقر المجلسي قول الحسن في أحد خطبه: «إن معاوية نازعني حقًا هو لي دونه، فنظرت لصلاح الأمة، وقطع الفتنة، وقد كنتم بايعتموني على أن تسالموا من سالمت، وتحاربوا من حاربت، فرأيت أن أسالم معاوية وأضع الحرب بيني وبينه، وقد بايعته، ورأيت أن حقن الدماء خير من سفكها ولم أرد بذلك إلا صلاحكم وبقاءكم، ﴿وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين﴾

حياته بعد الصلح

ترك الحسن الكوفة بعد تنازله لمعاوية ورجع بمن معه من أصحابه وبني هاشم إلى المدينة المنورة واستقر بها، وكانت زعامة بني هاشم عنده. وتنص المصادر على أن الحسن كان يقدم على معاوية بن أبي سفيان في خلافته، فقدم عليه مرة فقال له معاوية: «لأجيزنك بجائزة ما أجزت بها أحدًا قبلك ولا أجيز بها أحدًا بعدك، فأعطاه أربع مائة ألف فقبلها.» وكان الحسن يفد كل سنة إلى معاوية فيصله بمائة ألف درهم. ونقل ابن كثير أن الحسن وعبد الله بن الزبير وفدا على معاوية، فقال للحسن: «مرحبا وأهلا بابن رسول الله صلى الله عليه وسلم». وأمر له بثلاثمائة ألف، وقال لابن الزبير: «مرحبا وأهلا بابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.» وأمر له بمائة ألف. وينقل بعض علماء الشيعة مثل ابن أبي الحديد ومحمد باقر المجلسي أن الحسن دخل على معاوية بعد عام الجماعة وبعد الحديث بينهما قال معاوية للحسن: «يا بن أخي، بلغني أن عليك دينا، قال: إن لعلي دينا، قال: كم هو؟ قال: مائة ألف، فقال: قد أمرنا لك بثلاثمائة ألف، مائة منها لدينك، ومائة تقسمها في أهل بيتك، ومائة لخاصة نفسك، فقم مكرما، واقبض صلتك.»

وفاته

اختُلِف في زمن وفاة الحسن، وأكثر الآراء أنه توفي سنة 49 هـ وهو قول الواقدي وخليفة بن خياط، وقيل سنة 50 هـ وهو قول المدائني وابن الكلبي والزبير بن بكار، وقيل 51 هـ وهو قول محمد بن إسماعيل البخاري ورجََّحه خالد الغيث. ومات وهو ابن سبع وأربعين سنة، أو ثمان وأربعين سنة، ورُوى أنه قبل مماته رأى رؤيا كأنّ بين عينيه مكتوبٌ Ra bracket.png قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ Aya-1.png La bracket.png، ففسرها سعيد بن المسيب أن أجله قد اقترب، قال أبو نعيم الأصبهاني: «لما اشتد بالحسن بن علي الوجع جزع، فدخل عليه رجل فقال له: يا أبا محمد، ما هذا الجزع؟ ما هو إلا أن تفارق روحك جسدك، فتقدم على أبويك علي وفاطمة، وعلى جديك النبي صلى الله عليه وسلم وخديجة، وعلى أعمامك حمزة وجعفر، وعلى أخوالك القاسم الطيب ومطهر وإبراهيم، وعلى خالاتك رقية وأم كلثوم وزينب، قال: فسُرّيَ عنه. وفي رواية: أن القائل له ذلك الحسين، وأن الحسن قال له: يا أخي إني أدخل في أمر من أمر الله لم أدخل في مثله، وأرى خلقا من خلق الله لم أر مثله قط. قال: فبكى الحسين رضي الله عنهما»

أوصى الحسنُ أخاه أن يدفنه في حجرة عائشة مع النبي، وقال: «ادفني عند أبي، - يعني النبي - إلا أن تخافوا الدماء، فادفني في مقابر المسلمين.»، ونقل ابن عبد البر أنهم لما التمسوا من عائشة أن يدفن الحسن في حجرتها، قالت: «نعم وكرامة.»، ولكن منعهم مروان بن الحكم، وراسل معاوية بالخبر، واستعان بوالي المدينة المنورة يومئذٍ سعيد بن العاص، وقال: «لا ندعه يدفن مع رسول الله، أيدفن عثمان بالبقيع، ويدفن الحسن بن علي في الحجرة.»، فتنازع الحسين ومروان، وكادا يتقاتلا، فلما خاف الناس وقوع الفتنة أشار سعد بن أبي وقاص، وأبو هريرة، وجابر، وابن عمر على الحسين أن لا يقاتل، وقال له أبو هريرة: «أنشدك الله ووصية أخيك، فإن القوم لن يدعوك حتى يكون بينكم دماء.»، فدفنوه بالبقيع عند قبر فاطمة بنت أسد. واجتمع الناس لجنازته حتى ما كان البقيع يسع أحدًا من الزحام. وقدَّم الحسين والي المدينة المنورة سعيد بن العاص للصلاة على الحسن، روى سفيان الثوري عن سالم بن أبي حفصة عن أبي حازم أنه قال: «إني لشاهد يوم مات الحسن، فرأيت الحسين يقول لسعيد بن العاص، ويطعن في عنقه: تقدم، فلولا أنها سنة ما قُدِّمت.».

يُعتبر يوم 28 صفر في إيران عطلة رسمية لذكرى وفاة الإمام الحسن وهو نفس اليوم الذي تحدده الجمهورية لوفاة النبي محمد، ويقيم الشيعة في إيران مراسم العزاء في ذلك اليوم، بينما في العراق؛ يوم 7 صفر هو يوم العزاء الذي حددته الحوزة العلمية في النجف.

أمّا عن سبب وفاته، فالمشهور عند السنة والشيعة أنه قُتل مسمومًا، قال قتادة بن دعامة: «قال الحسن للحسين: قد سقيت السم غير مرة، ولم أسق مثل هذه، إني لأضع كبدي. فقال: من فعله؟ فأبى أن يخبره.»، وقال ابن حجر العسقلاني: «يقال إنه مات مسمومًا.»، أما عن قاتله فاختُلف في ذلك، حيث تذكر أغلب المصادر الشيعية أن زوجته جعدة بنت الأشعث هي من سقته السم بإيعاز من يزيد بن معاوية، وقيل بإيعاز من معاوية نفسه، بينما ينكر أهل السنة هذا الخبر، يقول ابن خلدون: «وما نُقل من أن معاوية دسَّ إليه السم مع زوجته جعدة بنت الأشعث، فهو من أحاديث الشيعة، حاشا لمعاوية من ذلك.»، وقال الذهبي: «هذا شيء لا يصح؛ فمن الذي اطلع عليه!»

صفاته

صفاته الخَلقية

كان الحسن أشبه الناس بالنبي، أكثر من مشابهته لأبيه، جاء في صحيح البخاري: «عن عقبة بن الحارث قال: رأيت أبا بكر رضي الله عنه وحمل الحسن وهو يقول:بأبي شبيه بالنبي، ليس شبيه بعلي، وعلي يضحك»، وعن علي قال: «كان الحسن أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم من وجهه إلى سرته، وكان الحسين أشبه الناس به ما أسفل من ذلك.»

وتذكر المصادر أن الحسن كان وسيمًا جميلًا يُخضب بالسواد، يضرب شعره منكبيه، أبيض مشربًا بحمرة، أدعج العينين،(1) سهل الخدين، دقيق المسربة،(2) كث اللحية ذا وفرة، عظيم الكراديس،(3) بعيد ما بين المنكبين، ربعة ليس بطويل ولا قصير، جعد الشعر، حسن البدن، يختتم في يساره.

عبادته

كان مما يُلاحظ على الحسن كثرة عبادته، فكان الحسن إذا صلى الغداة في المسجد النبوي يجلس في مصلاه يذكر الله حتى ترتفع الشمس، ويجلس إليه من يجلس من سادات الناس يتحدثون عنده، ثم يقوم فيدخل على أمهات المؤمنين فيسلم عليهن، ثم ينصرف إلى منزله. وكان إذا توضأ تغير لونه فقيل له ذلك فقال: «حقٌ لمن أراد أن يدخل على ذي العرش أن يتغير لونه» وكان كثير الحج ورُوى أنه حجَّ خمس وعشرين مرة ماشيًا على رجليه، وكان يقول: «إني لأستحي من ربي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته.» وكان إذا أوى إلى فراشه قرأ سورة الكهف، وكان يُعرف عنه الزهد فيقول:

لَكَسْرةٌ من خسيسِ الخبزِ تُشبعُني وشَربةٌ من قراحٍ المَاء تكفيني
وطرةٌ من دقيق الثوب تسترني حيًا وإنْ متّ تكفيني لتكفيني
ويقول:

يَا أَهْلَ لَذَّاتِ دُنْيَا لَا بَقَاءَ لَهَا إِنَّ اغْتِرَارًا بِظِلٍّ زَائِلٍ حُمْقُ


كرمه

كان يُعرف عنه الكرم وكثرة الإنفاق، فسمع مرةً رجلًا إلى جنبه يسأل الله أن يرزقه عشرة آلاف درهم، فانصرف فبعث بها إليه، وقال محمد بن سيرين: «كان يعطي الرجل الواحد مائة ألف.»، وكان لا يدعو أحدًا إلى طعامه من قلة الطعام، ويقول: «هو أهون من أن يدعى إليه أحد»، وعن أبي هارون: «قال : انطلقنا حجاجا، فدخلنا المدينة، فدخلنا على الحسن، فحدثناه بمسيرنا وحالنا، فلما خرجنا، بعث إلى كل رجل منا بأربعمائة، فرجعنا، فأخبرناه بيسارنا، فقال: لا تردوا علي معروفي، فلو كنت على غير هذه الحال، كان هذا لكم يسيرًا، أما إني مزودكم: إن الله يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة.» وكان يجلس مع الفقراء على الأرض ويأكل معهم كسيرات الخبر، وذكروا أن الحسن رأى غلامًا أسودًا يأكل من رغيف لقمة، ويطعم كلبًا هناك لقمة، فقال له: «ما حملك على هذا؟» فقال: إني أستحي منه أن آكل ولا أطعمه، فقال له الحسن: «لا تبرح من مكانك حتى آتيك»، فذهب إلى سيده فاشتراه واشترى الحائط الذي هو فيه، فأعتقه وملّكه الحائط، فقال الغلام: «يا مولاي قد وهبت الحائط للذي وهبتني له». وغير ذلك من الآثار التي رُويت عن كرمه وتواضعه.

حلمه

يذكر الذهبي عن مروان بن الحكم قوله عن الحسن: «كان حلمه يوازن بالجبال»، وشتمه رجل مرة فقال: «إني والله لا أمحو عنك شيئًا، ولكن مهدك الله فلئن كنت صادقًا فجزاك الله بصدقك، ولئن كنت كاذبًا فجزاك الله بكذبك، والله أشد نقمة مني.» ويُروى أن رجلاً من أهل الشام قال: «دخلت المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فرأيت رجلاً راكباً على بغلة لم أر أحسن وجهاً ولا سمتاً ولا ثوباً ولا دابة منه، فمال قلبي إليه فسألت عنه فقيل: هذا الحسن بن علي بن أبي طالب، فامتلأ قلبي له بغضاً وحسدت علياً أن يكون له ابن مثله، فصرت إليه وقلت له: أأنت ابن علي بن أبي طالب قال: أنا ابنه، قلت: فعل بك وبأبيك - أسبهما؛ فلما انقضى كلامي قال لي: أحسبك غريباً قلت: أجل، قال: مل بنا، فإن احتجت إلى منزل أنزلناك أو إلى مال آسيناك أو إلى حاجة عاوناك؛ قال: فانصرفت عنه وما على الأرض أحب ألي منه وما فكرت فيما صنع وصنعت إلا شكرته وخزيت نفسي.»

عائلته

زوجاته


اختُلف في عدد زوجات الحسن بن علي، وذكروا أنه كان كثير الزواج والطلاق، فقيل إنه تزوج حوالي سبعين امرأة، يقول الذهبي: «كان منكاحًا مطلاقًا، تزوج نحوًا من سبعين امرأة، وقلما كان يفارقه أربع ضرائر، عن جعفر الصادق: أن عليًا قال: يا أهل الكوفة! لا تُزوِّجوا الحسن، فإنه مطلاق، فقال رجل: والله لنزوجنه، فما رضي أمسك، وما كره طلق.»، وقال ابن كثير الدمشقي: «قالوا: وكان كثير التزوج، وكان لا يفارقه أربع حرائر، وكان مطلاقًا مصداقًا. يقال: إنه أحصن سبعين امرأة. وذكروا أنه طلق امرأتين في يوم، واحدة من بني أسد، وأخرى من بني فزارة وبعث إلى كل واحدة منهما بعشرة آلاف، وبزقاق من عسل.» وذكر ابن أبي الحديد أن عدد زوجاته أكبر من ذلك، وشكك البعض في هذه الأرقام لعدم معرفة أسماء زوجاته إلا القليل منهن، وذكروا أن الروايات التي ذُكر بها أعداد زوجاته ذات أسانيد ضعيفة. ومن زوجاته المعروفة أسماؤهنّ:

خولة بنت منظور الفزازية،

أنجبت له الحسن المثنى، كانت زوجة محمد بن طلحة بن عبيد الله ولها منه ثلاثة أولاد، وقُتِل محمد عنها في معركة الجمل، ثم تزوجت الحسن.

جعدة بنت الأشعث،

ويتهمها الشيعة بأنها من سممته فيما ينكر أهل السنة والجماعة هذه التهمة وينفونها عنها.

عائشة الخثعمية،

طلّقها بعد وفاة أبيه، فعن سويد بن غفلة قال: «كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن علي بن أبي طالب، فلما أصيب علي، وبويع الحسن بالخلافة، قالت: ليهنك الخلافة يا أمير المؤمنين، فقال: يُقتل علي وتظهرين الشماتة؟! اذهبي فأنت طالق ثلاثا، قال: فتلفعت نساجها، وقعدت حتى انقضت عدتها، بعث إليها بعشرة آلاف متعة، وبقية بقي لها من صداقها، فقالت: متاع قليل من حبيب مفارق.»

أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله،

أنجبت له الحسين وفاطمة وطلحة، تزوجها بعده أخوه الحسين، وأنجبت له فاطمة بنت الحسين بن علي.

أم بشير بنت أبي مسعود الأنصاري،
أنجبت له زيد وأم الحسن وأم الحسين، تزوجت بسعيد بن زيد، وبعده تزوجت بالحسن، ثم بعبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة.

أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب،

تزوجها الحسن، فولدت له محمدًا وجعفرًا وحمزة، ثم فارقها فتزوجها أبو موسى الأشعري، فولدت له موسى. ومات عنها فتزوجها عمران بن طلحة بن عبيد الله، ففارقها فرجعت إلى دار أبي موسى، فماتت فدفنت بظاهر الكوفة.

هند بنت عبد الرحمن بن أبي بكر.

أم عبد الله وهي بنت السليل بن عبد الله أخو جرير البجلي،
أنجبت له عبد الله.
أم ولد من بني ثقيف.
أم ولد من بني عمرو بن أهيم المنقري.
أم ولد من بني شيبان من آل همام بن مرة.

ذريته

ذكر الذهبي اثني عشر ابنًا ذكرًا للحسن ولم يذكر الإناث، وذكر أنه ولم يُعقِب منهُم سِوى الحسن المثنى وزيد بن الحسن، وذكر الفخر الرازي أن له من الأولاد ثلاثة عشر ذكرًا وست بنات، وذكر المفيد خمسة عشر ولدًا ذكرًا وأنثى، وجميع ما ذُكر من أبنائه الذكور هم:

الحسن بن الحسن المعروف بالحسن المُثنّى، أمه خولة بنت منظور، أنجب خمسة أولاد أعقبوا، وهم: عبد الله، والحسن، وإبراهيم، داود، وجعفر. شارك في معركة كربلاء مع عمه الحسين وأُصيب فيها، توفي في 97 هـ.
زيد بن الحسن، أمه أم بشير بنت أبي مسعود، ولد في 30 هـ، ومات له تسعون سنة، أنجب الحسن بن زيد بن الحسن، فلا عقب له إلا منه، ولي ابنه إمرة المدينة المنورة، وهو والد نفيسة بنت الحسن، والقاسم، وإسماعيل، وعبد الله، وإبراهيم، وزيد، وإسحاق، وعلي.
طلحة بن الحسن، أمه أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله.
القاسم بن الحسن، أمه أم ولد، قتل في معركة كربلاء مع عمه الحسين، وهو يومئذ غلام.
أبو بكر بن الحسن، أمه أم ولد، وهو شقيق القاسم، قتل في معركة كربلاء بعد أخيه القاسم.
عبد الله بن الحسن، أمه أم عبد الله بنت السليل بن عبد الله، قُتل أيضًا في كربلاء.
عمرو بن الحسن، أمه أم ولد، كان حاضرا في واقعة الطف، وأٌسر في معركة كربلاء.
الحسين بن الحسن، يُعرف بالأثرم، أمه أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله، ولا يصح له عقب.
محمد الأكبر، به يُكنى والده، ذكر ابن سعد أن أمه هي خولة بنت منظور.
محمد الأصغر، أمه أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب.
جعفر، أمه أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب، لم يٌذكر إلا في سيرة والدته.
حمزة، أمه أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب، لم يٌذكر إلا في سيرة والدته.
عبد الرحمن بن الحسن.
يعقوب بن الحسن.
إسماعيل بن الحسن.
وما ذُكر من بناته:

فاطمة بنت الحسن، أمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله، هي زوجة علي بن الحسين، وأم محمد الباقر.
أم الحسن بنت الحسن، أمها أم بشير بنت أبي مسعود.
أم الحسين بنت الحسن، أمها أم بشير بنت أبي مسعود.
أم عبد الله بنت الحسن، أمها أم ولد.
أم سلمة بنت الحسن، أمها أم ولد.
رقية بنت الحسن، أمها أم ولد

تراثه

روايته للحديث النبوي

توفي النبي محمد والحسن في سن صغير؛ لذلك لم يدرك الحسن الكثير من أحاديث النبي محمد، فروى عن جده النبي محمد، وعن أبيه علي بن أبي طالب، وعن أمه فاطمة بنت محمد، وكذلك عن صغار الصحابة مثل عبد الله بن عباس ومحمود بن الربيع، وحدث عنه: ابنه الحسن بن الحسن، وسويد بن غفلة، وأبو الحوراء السعدي، والشعبي، وهبيرة بن يريم، وأصبغ بن نباتة، والمسيب بن نجبة. وقد روى له بقي بن مخلد في مسنده ثلاثة عشر حديثًا، وروى له أحمد بن حنبل في مسند أحمد خمسة عشر حديثًا، وروى له أصحاب السنن الأربعة ستة أحاديث

شعره

كان الحسن يُنشد الشعر في كثير من المواقف، ونسبت إليه العديد من الأشعار، منها أنه كان منقوشًا على خاتمه أبياتًا في الزهد:

قدم لنفسك ما استطعت من التقى إن المنية نازل بك يا فتى
أصبحت ذا فرح كأنك لا ترى أحباب قلبك في المقابر والبلى
ونٌسب له قوله في التذكير بالموت:

قل للمقيم بغير دار إقامة حان الرحيل فودع الأحبابا
إن الذين لقيتهم وصحبتهم صاروا جميعًا في القبور ترابًا

الآراء والمواقف حوله


مكانته عند النبي


للحسن بن علي مكانة كبيرة عند عموم المسلمين بمختلف طوائفهم، وذلك لأنه حفيد النبي محمد وابن ابنته فاطمة، وحِبُه وريحانته، وسيد شباب أهل الجنة، وأنه كان أشبه الناس بالنبي، وغيرها من الأوصاف التي تصفه بها الأحاديث النبوية، ولا تختلف طوائف المسلمين حول هذه النقاط، ومن هذه الأحاديث:

عن البراء بن عازب قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعًا الحسن بن علي على عاتقه وهو يقول اللهم إني أحبه فأحبه».
عن أبي هريرة قال: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ أَحَبَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي».
عن عبد الله بن مسعود قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، فَإِذَا سَجَدَ وَثَبَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَمْنَعُوهُمَا أَشَارَ إِلَيْهِمْ:أَنْ دَعُوهُمَا فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ وَضَعَهُمَا فِي حِجْرِهِ. فَقَالَ:مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ هَذَيْنِ».
ووصفه برحانته من الدنيا، فسأل رجل عبد الله بن عمر عن قتل الذباب أثناء الإحرام، فقال: «أهل العراق يسألون عن الذباب، وقد قتلوا ابن ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: هما ريحانتاي من الدنيا».
عن عبد الله بن عمر قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما».

مكانته لدى الصحابة

جاءت العديد من الروايات في المصادر التاريخية التي تذكر تبجيل الصحابة للحسن، مثل ابن عباس وأبي هريرة وعبد الله بن الزبير وغيرهم، ومن هذه الروايات:

أن ابن عباس كان يُمسك الركاب للحسن ويُسوي له، فقال له مدرك أبو زياد: «أنت أكبر منهما تمسك لهما وتسوي عليهما.» فقال ابن عباس: «يا لكع. أتدري من هذان؟ هذان ابنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوليس هذا مما أنعم الله علي به أن أمسك لهما وأسوي عليهما؟».
وأن عبد الله بن الزبير كان يُثني عليه، فعن عبد الله بن عروة بن الزبير: «رأيت عبد الله بن الزبير قعد إلى الحسن بن علي في غداة من الشتاء باردة، قال: فوالله ما قام حتى تفسخ جبينه عرقاً، فغاضني ذلك فقمت إليه، فقلت: يا عم، قال: ما تشاء؟ فقلت: رأيتك قعدت إلى الحسن بن علي فأقمت حتى تفسخ جبينك عرقاً!. قال: يا بن أخي أنه ابن فاطمة، لا والله ما قامت النساء عن مثله».
وأن أبا هريرة كان يُظهر حبه للحسن، يقول أبو هريرة: «ما رأيت الحسن قط إلا فاضت عيناي دموعًا»، وعن أبي هريرة قال: «كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِ المَدِينَةِ، فَانْصَرَفَ فَانْصَرَفْتُ، فَقَالَ: «أَيْنَ لُكَعُ - ثَلاَثًا - ادْعُ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ». فَقَامَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يَمْشِي وَفِي عُنُقِهِ السِّخَابُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ هَكَذَا، فَقَالَ الحَسَنُ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَالْتَزَمَهُ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ» وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، بَعْدَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ»، وعن عميرِ بن إسحاق قال: «كُنْتُ مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَلَقِيَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: أَرِنِي أُقَبِّلُ مِنْكَ حَيْثُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ، فَقَالَ: بِقَمِيصِهِ، قَالَ: فَقَبَّلَ سُرَّتَهُ». وقال مساور السعدي: «رأيت أبا هريرة قائما على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات الحسن، يبكي وينادي بأعلى صوته: يا أيها الناس! مات اليوم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فابكوا».
أن أبا بكر صلى العصر، ثم خرج يمشي ومعه علي، فرأى الحسن يلعب مع الصبيان، فحمله على عاتقه وقال:
بأبي شبيهٌ بالنبي ليس شبيهًا بعلي

نظرة أهل السنة والجماعة


سيد يُصلح الله به بين فئتين من المسلمين: يرى أهل السنة والجماعة أن الحسن هو أمير المؤمنين خامس الخلفاء الراشدين، وأن النبي بشّر بأن الحسن سيصلح الله به بين فئتين من المسلمين، وأن هذا ما تحقق بإنهائه الفتنة الأولى التي حدثت بين المسلمين بتنازله عن الخلافة حفظًا لدماء المسلمين، وهو ما جاء في الحديث عن أبي بكرة قال: «لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وهو يُقْبِل على الناس مرة، وعلى الحسن مرة، ويقول: إن ابني هذا سيد وعسى الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين.»
أمير المؤمنين وخامس الخلفاء الراشدين: قرر علماء أهل السنة والجماعة عند شرحهم لقول النبي: «الخِلاَفَةُ فِي أُمَّتِي ثَلاَثُونَ سَنَةً.» أن الأشهر التي تولى فيها الحسن بن علي بعد موت أبيه كانت داخلة في خلافة النبوة والخلافة الراشدة ومكملة لها، وبتنازل الحسن انتهت مدة الخلافة الراشدة وبدأت فترة الملك العضوض. فقد قد قال كل من:
أبو بكر بن العربي: «فَنَفَذَ الْوَعْدُ الصَّادِقُ فِي قَوْلِهِ: «إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ». وَبِقَوْلِهِ: «الْخِلَافَةُ ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ تَعُودُ مُلْكًا»، فَكَانَتْ لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٌّ، وَلِلْحَسَنِ مِنْهَا ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ لَا تَزِيدُ يَوْمًا وَلَا تَنْقُصُ يَوْمًا، فَسُبْحَانَ الْمُحِيطِ لَا رَبَّ غَيْرُهُ.»
القاضي عياض: «لَمْ يَكُنْ فِي ثَلَاثِينَ سَنَةً إِلَّا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْأَرْبَعَةُ وَالْأَشْهُرُ الَّتِي بُويِعَ فِيهَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ... والْمُرَادَ فِي حَدِيثِ الخلافة ثلاثون سنة خلافة النبوة وقد جاء مفسرا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا.»
ابن كثير: «وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أَحَدُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْحَدِيثُ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ فِي دَلَائِلِ النبوة من طريق سَفِينَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْخِلَافَةُ بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا» وَإِنَّمَا كَمَلَتِ الثَّلَاثُونَ بِخِلَافَةِ الْحَسَنِ بن علي.»
ابن أبي العز شارح العقيدة الطحاوية: «وَكَانَتْ خِلَافَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ سَنَتَيْنِ وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَخِلَافَةُ عُمَرَ عَشْرَ سِنِينَ وَنِصْفًا، وَخِلَافَةُ عُثْمَانَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَخِلَافَةُ عَلَيٍّ أَرْبَعَ سِنِينَ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَخِلَافَةُ الْحَسَنِ ابْنِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ.»
المناوي: يقول بعد ذكره لقول النبي: «ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.» قال: «وكان ذلك فلما بويع له بعد أبيه وصار هو الإمام الحق مدة ستة أشهر تكملة للثلاثين سنة التي أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أنها مدة الخلافة وبعدها يكون ملكًا عضوضًا.»
منزلة أهل البيت عمومًا: يعتقد أهل السنة أن أهل البيت تجب محبتهم وموالاتهم ورعاية حقوقهم، وأن المسلمين مأمورون بالصلاة عليهم مع الصلاة على النبي، وأنّ لهم حقًا في أداء الخمس من المغنم والفيء، فعن عائشة بنت أبي بكر قالت: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرحَّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم دخلت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليُّ فأدخله، ثم قال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾»

نظرة الشيعة

الإمام الثاني من الأئمة الاثني عشر: تؤمن أغلب طوائف الشيعة أن الحسن هو الإمام الثاني من الأئمة الاثني عشر بعد الإمام الأول علي بن أبي طالب، وأن علي بن أبي طالب أوصى له قبل موته بالإمامة من بعده:
جاء في كتاب الكافي: «عن سليم بن قيس قال: شهدت وصية أمير المؤمنين عليه السلام حين أوصى إلى ابنه الحسن عليه السلام، وأشهد على وصيته الحسين عليه السلام ومحمدًا وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته، ثم دفع إليه الكتاب والسلاح، وقال لابنه الحسن: يا بني أمرني رسول الله أن أوصي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلي رسول الله، ودفع إلى كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين، ثم أقبل على ابنه الحسين فقال، وأمرك رسول الله أن تدفعها إلى ابنك هذا، ثم أخذ بيد علي بن الحسين، ثم قال لعلي بن الحسين: وأمرك رسول الله أن تدفعها إلى ابنك محمد بن علي واقرأه من رسول الله».
يقول الشريف المرتضى: «وأخبار وصية أمير المؤمنين إلى ابنه الحسن، واستخلافه له، ظاهرة مشهورة بين الشيعة».
يقول حسين النوري الطبرسي: «نستدلّ بتواتر الشيعة ونقلها خلفاً عن سلف: أنّ أمير المؤمنين عليًا نصّ على ابنه الحسن بحضرة شيعته، واستخلفه عليهم بصريح القول».
من المعصومين: يعتقد الشيعة الاثنا عشرية أن الحسن وجميع الأئمة الاثنا عشر بالإضافة إلى النبي وفاطمة الزهراء، معصومون عن الذنوب والمعاصي صغائرها وكبائرها، وأنه لا يمكن صدور المعصية منهم حتى على نحو الغفلة أو السهو أو النسيان، وجاء في الكافي: «قال جعفر الصادق: نحن قوم معصومون، أمر الله تبارك وتعالى بطاعتنا ونهى عن معصيتنا».
من أصحاب الكساء: يعتقد المسلمون كما ورد في صحيح مسلم ومسند أحمد أن النبي جمع علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين معه تحت كساء واحد بعد نزول ما يُسمَّى بآية التطهير: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾.







  رد مع اقتباس
إضافة رد

« طَلْحَة بن عُبَيْد اللّه التَّيمي القُرشي | أبو عبد الله الحُسين بن علي بن أبي طالب »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

Posting Rules
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حمزة بن عبد المطلب الهاشمي القرشي بحر القمر منتدى الشخصيات التاريخيه 0 10-19-2021 05:29 PM
جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي المشهور بـجعفر الطيار بحر القمر منتدى الشخصيات التاريخيه 0 10-19-2021 05:26 PM
حفل تكريم الدكتور محمد الهاشمي ميمي00 صحة - طب بديل - تغذية - ريجيم 0 05-19-2009 12:16 PM

مجلة الحلوة / مذهلة

الساعة الآن 03:42 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 RC 1
منتديات بنات مصر . منتدى كل العرب

a.d - i.s.s.w


elMagic Style.Design By:۩۩ elMagic ۩۩