منتديات بنات مصر - حكاية.. وشم وجحور وأشياء أخرى

وهكذا

صِرْتُ أنادي كل ليلة
بكل جهاري..

وصار زئيري الجريح
تعرفُ أنينه
كل الصحاري..

ما عدت أقدر على الهمس
تمردت أحبالي الصوتية
على استكانتي
وافتقاري..

هكذا اختزلتُ ليلي
في النداء المستميت..

فلم يجاوبني

من الليل إلا سَـــــرْمده..
ولا من الجرح إلا أنكأه..

وحتى الصدى
لا يجاوبُــــــــني..

وكأنه لا يعرفني..

وكأنَّه لا يريد العودة
إلى حلقِي المنفِيِّ

حيث بارحــــني..

صحرائي مطيرة
دائمة..

أجوبها تحدوني عصاي المرتعشة
وأقلب صفحات الرمال
النائمة..

بحثا عن أثرك
فلا أنال من بعثرتي
إلا حنق الرمال

وصرخات التوبيخ

والتمتمة..

أحمل في جعبتي سهامي
وكل دفاتر العاشقين

يبحث سهمي
عن فريستي..

وتبحث سلْوتي التائهة
عن جُحر
تختبئ فيه مع الثعالــــــب..

أسَال المطر حبر دفاتري
على رمال الصحراء..

فاستحضرَتْ ذرَّاتُها
مُدُن العشق الدفينة
كم طوت في جوفها من أجداث العاشقين

وكأن الصحراء لا تأوي
في جوفها
إلا رفات العاشقين
وجحور الثـــــــــــــعالـــــب..

وكأن قدر عشقي

أن يحيا فوق القبـــور
أن يبقى وسط الجحور

فلا مَنْ في القبور يحرِّكون ساكنًا

ولا تفارق من أجله
جحورَها الثـــــــــعالـــــب..

ويشتدُّ المطر
ويستشري الحبر في الأنحاء

فتثقُلُ على قدميَّ خُطاي
وتزيدُ رعشــــة عصاي

وتغيض الرمال
بالحبر الثمين
وكنوز العاشقين..

وتنْغرسُ في كفي
مدينة من مرايَـــــا..

أسكنتُها أحلامي
في كل الزوايـــــــا..

أحلام الصبا الغضِّ

وكَتاتيب الطفولة

وقِصاصات العشق
وضفائر الصبايــــا..

وبين مدن العاشقين الدفينة
ومدينة كـفي..

يتوارى الزئير الجريح
وأرى على مرمى

خُطوتي حتفي..

كفاني ما بعثرتُ
في زماني من رمال..

وما استحدثت في خيالي
حول صورتك

من أقمار وتـــــــلال..

وما تكفَّأ في دموعي
من دفاتر العاشقين

ومن كرامة الرجــال..

سأقطع يديكِ
وأستعيدُ منها سواري
وأوتار قيثارتي وعزفي..

وسأنزع قِطعة من جلدِكِ
تحمِلُ اسمي وشمًا على معصمك

قبل أن أطأ حتفي..

سأحسِرُ شعرَكِ المسترسل
عن أوداجَكِ

وسأمْضِي
فوق شرايينكِ سيفـــي..

فلا كلماتي ستنفد قبل موتكِ

ولا سيقدرُ
جوفُ الصحراء

علي التهامي رغم أنفي..

وكما رفعتُ فيما مضى
من شِعرى ذِكرَكِ

سأبْقى بالشعر
أصلب على أبواب سلطنتي

أمثالك من النســــــــــــــاء..

سأقتلع قلبي من صدري
وأصبغه بدماء قلبك..

وأذيبه مزيجًا مُسْكِرًا
في جفنة دموعك..

لن تعرفي في حضرتي
سوى الترنُّحَ والبــــــــــــكاء..

سأُعَتِّقُ المزيج
في قبو قصري

وسأرشف كل صباح رشفة..

نسيتي يا حبيبتي
من بين ما نسيتي عني

أنني طبيب

ماهرٌ بصناعة الــــــــــــدواء..

عمَّا قريب

سيشهد زماني عودتي
سأعود أميرًا

لا بل سأعود

أميرًا مُجَنَّحًا

سأتعلم الطيران..

سأقمع تمرُّد أحبالي الصوتية

سأتعلم التغريد

سأتعلم النسيـــــــان..

وأستفقتُ

قبل أن تتعثر خطوتي

ونظرتُ من بين زخات المطر
وقد تعافى بصري..

لم أعد أرى حتفي

أفكرُ مستبشرًا:

قد جاوزتُه
وتركتُه خلفي..

أرى الآن في الأفق
خيطا أبيض
وخيطا أسود..

ها أنا الآن

قد تبينتُ فجري..

وأسمع تمتمة الرمال

تتحول لضحكات
متقطعة هامسة..

تلك الرمال الماجنة
العابثة

لابد أنها تتغامز
الآن
عليَّ في ظهري..

يوما ما
ســــــأعود قادرا
على الهمس مثلها ولكن..

في
أذُنٍ تعرفُ قدري..

أرى الثعالب تتطلع من جحورها
للفجر الباسم بلا خوف..

أرى الأمطار
ينكسر هطولها الهادر
وتخفُتُ حدتُها في حنوٍّ ولُطف..

أراني بعد أعوامٍ قليلة
أجلس أمام مدفأتي

وسط لوحاتي ورسمي..

وقد زادت دفاتر العاشقين
دفترًا يحمل إسمي..

ولكنكِ

حتمًا تعرفين يا سيدتي

دفتري لن يجوب الصحراء
في غضب يائس موتــــور..

ولن يسيل حبره على رمالها
قد غادرت ثعالبها الجحور..

ولن يصير صاحبه في عشقك
قبرًا دفينا من القبـــــــور..

تعرفين لماذا؟

لأنه ببساطة

سيخلو من

توقيعك..