أهدي إلى عالي المقام بتأدب أزكى السلام
وأقول حمدا للأمير وقل حمد عن مرامي
هي نعمة جمعت بها شتى من النعم الجسام
طوقتني طوق الحمام فليت للي سجع الحمام
ومنحتني شرفا أتيه به على كل الأنام
طالعت ديوان الأمير بأي شوق واهتمام
متوردا سفريه أسقى الراح في جام فجام
وإذا مدام الروح أنشتنا فما روح المدام
ما كدت أقرأ معجز القرآن في ذاك النظام
حتى تصفحت السماء وزهرها كلم أمامي
عجبا لذاك الدر في تلك العقود من الكلام
ولورعة في مائة متوهجا وهج الضرام
در بديع من جنى بحر بفيض العلم طامي
الشرق أودع سره فيه فعز على السوام
والغرب زاد بصوغه حسنا على الحسن القدام
يا من حبا بفريده لغة ترد لغير سام
لغة الفرنسيس الأولى بلغوا بها حد التمام
ومن البلاغة والفصاحة أنزلوها في السنام
حتى غدت بفنونها في عزة فوق المرام
أربت مفاخرها بعدك في مجيديها العظام
قاحمت فيها والسوابق من بنيها في القحام
فإصبت جائزة المجلي واللواحق في زحام
وضربت قبلا في مراميها بمختلف السهام
فأصبت عن ثقة ولم تك رمية من غير رام
تلك البراعة لم تتح لك بالتواكل والجمام
لكن بكد فيه تحيي الليل من قتل المنام
كم والمدامع في انهمال والجوانح في احتدام
أخرجت روضا من نبات العبقرية لا الرغام
أزهاره تسبي النهى بين انفراد وانضمام
و وروده بعقائق سال الفداء بها دوامي
يشتم في نسماته وراده عبق الخزام
وكأن نرجسه بمر أي منهم ناد ونام
ما الشعر إلا صدق وصفك بين رسم واترسام
او ذلك الخلق الخيالي الحقيقي القوام
أو ذلك التوفيق في قدر المقال على المقام
أو ذلك اللفظ الرقيق مع الجلاء والانسجام
من سانحات العبقرية في حى قيل همام
تغزو العباد هوى ويلقاها الغزاة بجني هام
شعر له أشهى التغلغل في الجوانح والعظام
ألفكر طلق لا تقيده عروض بالتزام
واللفظ تكسوه مباهج من حلى قوس الغمام
والحس لطف يستشف الغيب من حجب الظلام
في محكمات من قواف بالنهى ذات احتكام
يرمي بهن الوحي عن كثب إلى أقصى المرامي
هن الكوافي من طوى هن الشوافي من أوام
هن الواخذ للرقى حق الحلال من الحرام
في كل ما ضمنه من حكمة أو من غرام
هم المير بقدره وهيامه فوق الهيام
هم بأجنحة تراوده المجرة وهو ظام
فله انطلاق النسر لا يلوي بشيء وهو سامي
ناهيك بالغايات من نبل وفضل واعتزام
يدعو إليها الليث إيقاظا لقوام نيام
ولزأر ليث قد يكون أحب وقعا من بغام
لله حيدر من فتى أخلاقه فوق الملام
هو زين فتية مصر وابن ملوكها الصيد الكرام
أعلى الإمارة باليراع على الإمارة بالحسام
أعطى الكرامة حقها ال أوفى بلطف واحتشام
حر المشائل غير منان وليس بذي انتقام
الخير كل مناه في حرب الزمان وفي السلام
وبه غياث للهيف ونجدة للمستضام
يا شارعا لغة القوب إليه ألقت بالزمام
من لي بمقدرة على إيفاء مالك في مامي
فأقوم بالعبء الذي حملتني بعض القيام
شكرا لما أوليتني من ذلك الفخر العظام
في مدحة بسمات أشرف مادح ذات اتسام
أبياتها انتظمت أفانين الحلى أي انتظام
تفتر كالنوار بين مدامع الفجر السجام
في كل بيت روعة تزدان بالفضل التؤام
ألحسن والإحسان يقتسمانها أبهى اقتسام
تلك القصيدة رتبتي يوم التباهي أو وسامي
ضمنت لي الذكرى يرددها الرواة على الدوام
وجلت لعيني الخلود إلي يرنو بابتسام
فلجعلن كتابها حتى أحققه إمامي
الملك يتفقد المرضى في الصعيد الاعلى وكان سفر جلالته ليلة عيد جلوسه السعيد