عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /12-28-2009, 12:31 PM   #1

افدى بلدى بدمى

عضو ذهبي

 

 رقم العضوية : 34609
 تاريخ التسجيل : Nov 2009
 العمر : 29
 المكان : مصرية ولى الفخر
 المشاركات : 1,087
 النقاط : افدى بلدى بدمى will become famous soon enough
 درجة التقييم : 52
 قوة التقييم : 0

افدى بلدى بدمى غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي «لا تؤمنوا حتى تحابوا»

في رياض السنة



«لا تؤمنوا حتى تحابوا»



بقلم: الاستاذ محمد صلاح الدين المستاوي



عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم: والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» (رواه مسلم)

هذا الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه يرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين الى ما به يتحقق لهم حب بعضهم البعض وقبل أن نبين هذا الذي يتحقق به التحابب بين المؤمنين وهو إفشاء السلام بينهم تبين منزلة الحب المتميزة في دين الاسلام ولا شك أنها كذلك في كل الديانات السماوية التي تتحد في مصدرها، فهي كلها في عقيدة المسلمين من عند الله أرسل من أجل تجسيمها في الواقع الأنبياء والمرسلون عليهم السلام. فالحب لا يمكن أن يكون خاصية دين واحد من الأديان السماوية دون بقية الأديان وذلك ما يذهب اليه البعض ويتباهون به، في حين أن الحب قيمة أساسية مركزية في كل الأديان السماوية.

فالمسلم مثلا مدعو بنصوص الكتاب العزيز والسنة النبوية العطرة الى أن يحب ربه الذي خلقه وسواه وغمره بالنعم الظاهرة والخفية والأنفس السوية مجبولة علىمحبة من أحسن إليها وهل هنالك من هو أكثر إحسانا للعبد من ربه جلّ وعلا؟ فهو سبحانه وتعالى مسبغ النعم وهو القائل: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) كما أن المسلم مدعو الى أن يحب من كان سببا في هدايته وخروجه من الضيق الى السعة ومن الجور الى العدل من أرسله الله بشيرا ونذيرا وبعثه رحمة للعالمين وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن حلاوة الإيمان وتذوقه تتحقق بأن يكون الله ورسوله أحب الى المؤمن ممن سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره ان يعود الى الكفر كما يكره أن يقذف في النار وقد تعددت الآيات والأحاديث التي تدعو الى ترسيخ الحب في قلب المؤمن.

وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى (وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين فيّ والمتزاورين فيّ والمتباذلين في) وهو حديث صحيح رواه الإمام مالك في الموطإ.

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله وسلم قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء) رواه الترمذي.

كما في الحديث الشريف أنه من السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله: رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه.

وفي سبيل تمتين العلاقة بين المؤمنين وجعلها خالصة لوجه الله لا تشوبها شائبة أشار رسول الله صلى الله وسلم الى أن المسلم (إذا أحب أخاه المؤمن لوجه الله عليه أن يخبر أخاه بذلك فعن المقداد بن معديكرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه) رواه ابو داود والترمذي.

وأخبر معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: يا معاذ والله إني لأقبك ثم أوصيك يا معاذ: لا تدعنّ في دبر كل صلاة تقول (اللهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).

ويمضي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجال ترسيخ هذه القيمة (قيمة الحب) في قلوب المؤمنين فيجعل من المؤمن الحق يتبادل الحب حتى مع الجماد فقال عليه الصلاة والسلام: (أحد جبل يحبنا ونحبه، أحد معي في الجنة) فالمسلم يحب كل الناس ويحب كل شيء ولا يكره إلا الكفر والضلال والشر والضرر بالنفس وبالناس أيا كانوا هؤلاء الناس حتى أولئك المبتلين المغلوبين المسرفين فهؤلاء لا يحقد عليهم ولا يكرههم وإنما يشفق عليهم ويدعو لهم بالهداية مثلما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهل الطائف عندما قال: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، ومع قريش عندما فتح الله عليه مكة المكرمة حيث قال عليه الصلاة والسلام لهم وقد وقفوا بين يديه صاغرين (لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء).

إنها النبوة التي هي حلم وعفو وصفح ودفع بالتي هي أحسن جسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكن حبه في قلوب الجميع.

إن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو زاد المسلم الذي يرجو أن يلاقي عليها ربه فقد سأل أحد الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم وماذا أعددت لها؟ قال السائل: حب الله ورسوله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (أبشر أنت مع من أحببت).

إن الإيمان والحقد والكراهية لا تجتمع في قلب مؤمن إذ لا يفوز ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلب سليم، لا حقد فيه، ولا بغضاء فيه فقد بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك الداخل على الصحابة في المسجد وهو يقطر ماء صلّ ثم انصرف وفي كل مرة يكون الداخل هو نفس الشخص ولما اتبعه أحد الصحابة ليرى عن كثب ما الذي أوصله الى هذه الدرجة لم يجده يزيد على آداء ما فرض الله عليه ولكنه لم يبت ليلة من الليالي وفي قلبه غل على أحد من عباد الله وما تقلب في فراشه إلا ذكر الله.

وهذا الحب للمؤمنين جسمه في الواقع الأنصار من أهل المدينة مع إخوانهم المهاجرين من أهل مكة الذين تركوا الأهل والمال وفروا بدينهم فوجدوا من إخوانهم المهاجرين كل ترحيب ومحبة مجسمين بذلك هدي الإسلام الذي أرشد اليه كتاب الله (إنما المؤمنون إخوة) ودعا إليه سيد الأنام عليه الصلاة والسلام الذي آخى بين الأنصار والمهاجرين وكان ذلك أول ما بادر إليه عليه الصلاة والسلام بمجرد ان استقر به المقام في المدينة المنورة.

وقد سجل الكتاب العزيز للأنصار رضي الله عنهم هذه الروح من المحبة الخالصة لوجه الله فقال جل من قائل (والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم) (الحشر).

وبهذا الصنيع استحق الأنصار أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال في الأنصار (لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، من أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله) متفق عليه.

وهذا الحديث الذي يرويه سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه يقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي نفسه بيده وهو الله عز وجل وهو يخاطب الصحابة (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا) والإيمان هو حجر الزاوية، وأن الإيمان لا يتحقق حتى يحب المؤمنون بعضهم البعض (حتى تحابوا) ثم أرشدهم الى سبيل تحقيق هذه المحبة: هل أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) والسلام هو اسم من أسماء الله والجنة هي دار السلام وتحية المسلمين هي السلام عليكم ودعاء المسلمين هو: «اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا بالسلام وأدخلنا الجنة دار السلام».