بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى ، وسلام على عباده الذين اصطفى ،،،،
وبعد
فإن هذا المنتدى من أفضل منتديات الحوار الإسلامي لما له من تميز ظاهر في الحيادية ، وتنوع مواضيع الحوار ، وسعة اطلاع المراقبين القائمين عليه بل والأعضاء إلا القليل .
وما كان هذا شأنه فقليل الشر يظهر فيه ، كثوب أبيض تلطخ بقليل من القذر .
فأرى أنه من الأمانة الواجبة على كل عضو في هذا المنتدى أن يحافظ على سمعته لئلا يصد عن سبيل الله وهو لا يشعر .
وأقول لكم صدقًا :
لقد هالني خلق بعض الأعضاء مع إخوانهم من سخرية واستهزاء وتحقير وازدراء ،
فقلت لماذا وصلت حال هؤلاء إلى هذا الحد ؟
ماذا خسر هؤلاء لو التزموا بآداب الإسلام مع إخوانهم الملتزمين بل وغيرهم مما قد يستشكل عليه أمر ما ؟
بل تعدى الأمر إلى التلميح بالانتقاص من بعض أهل الفضل ممن له سابقة خير في الدعوة ، بل تعدى إلى تسمية بعضهم ، ووصل الأمر إلى السب والاستهزاء ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وعلى ذلك فهذه جملة من أدب الحوار في المنتدى أسأل الله أن ينفعني بها أولاً وأن ينفع بها إخواني ثانيًا ، وأسأله تعالى أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم .
1- الإخلاص
يجب على المسلم أن يجعل غايته دائمًا وهمه الأكبر رضا الله عز وجل ، وأن يظهر الحق على لسان أي أحد كائنًا ما كان .
قال الشافعي رحمه الله (( ما ناظرت أحدًا قط إلا تمنيت أن يظهر الله الحق على لسانه ))
2- الاتباع هو شعار المسلم ، فتعصبه للدليل من الكتاب والسنة فحسب .
والتقليد الأعمى للعلماء والمشايخ والبلدان لا يسمى علمًا فضلاً عن أن يكون حجة يجب الالتزام بها ، ولكن قد يكون شخص ما حكمه التقليد دون غيره .
فالناس في ذلك على أضرب ثلاثة
إما عالم مجتهد فهذا حكمه البحث والنظر والاستدلال ، وإما طالب علم مميز فهذا ينظر في أدلة الأطراف المختلفة ويرجح بينها ، وإما مقلد فهذا حكمه الاجتهاد في البحث عن أورع العلماء وأقربهم للسنة فيقلده ، ولا بأس أن يقلد في كل فن عالمًا .
وفي ظني أن أعضاء المنتدى جميعهم يتنوعون ما بين طالب علم ومقلد – وهذا أكثر – .
3- لا تجوز المناظرة ولا المجادلة للمقلد ، إذ حكمه التقليد فحسب ، فليس معه من علوم الآلات ما يرجح به أو يعرف به أصول الاستدلال . ولا يجوز له التعصب لشيخ ما أو لبلد ما أو لمذهب ما ، فقد يكون الحق مع غيره ، فلا يختص الحق بشيخ دون شيخ أو مكان دون مكان أو مذهب دون مذهب .
4- المناقشة الهادئة القائمة على أصول ثابتة متفق عليها هي أقرب الطرق للوصول إلى الحق .
5- اللين لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه . فقد يكون الحق معي ولكن لسوء تعبيري لا أقيم الحجة على مخالفي .
وكما قيل
تقول هذا مجاج النحل ، تمدحه .... وإن تشأ قلت : ذا قيء الزنابير
مدحاً وذماً ، وما جاوزت وصفهما .... والحق قد يعتريه سوء تعبير
6- ينبغي ترويض النفس على قبول الحق والانصياع له والاعتراف بالخطأ ، فليس من العيب أن تقول : أخطأت ، ولكن العيب هو التمادي في ذلك الخطأ ، والبحث عن حجج من هنا وهناك لإحقاق باطل أو تصحيح خطأ .
7- تقبل نقد الآخرين لك بصدر رحب وخلق قويم ، وأوضح حجتك وتقبل حجة الآخرين ، ولا يحملن جهل غيرك عليك أن تجهل أنت عليه ، فالكريم لا يعامل اللئيم بمثل معاملته .
8- لا تجوز غيبة الأشخاص ولا الهيئات بغير حق ، والغيبة من كبائر الذنوب ، وإن كانت في العلماء وأهل الفضل فهي أكبر .
قال الإمام ابن عساكر رحمه الله : اعلم يا أخي – وفقني الله وإياك لمرضاته ، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته – أن لحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منقصيهم معلومة ، لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم ، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم ، والاختلاف على ما اختاره الله منهم خلق ذميم ، وما وقع فيهم أحد بالثلب إلا ابتلاه الله قبل موته بموت القلب . اهـ ( تبيين كذب المفتري ص28)
وقال الإمام الذهبي رحمه الله : الجاهل لا يعرف رتبة نفسه فكيف يعرف رتبة غيره . اهـ
9- إذا صدر من العالم ما يخالف الدليل ، فيجب حمله على أحسن المحامل وعلى إحسان الظن بالعالم ، لأن الأصل عدالة العلماء فلا ينتقلون عنها إلا بدليل بين ،
وأسباب إحسان الظن كثيرة منها : عدم وصول الدليل لذلك العالم ، أو وصوله وعدم ثبوته ، أو ثبوته لكن معارضته بما هو أقوى منه في نظره ،
قال عمر بن الخطاب : لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المسلم سوءًا وأنت تجد لها في الخير محملاً . ( تفسير ابن كثير 4/213)
قال السبكي : فإذا كان الرجل مشهودًا له بالإيمان والاستقامة ، فلا ينبغي أن يحمل كلامه والفاظ كتاباته على غير ما تعود منه ومن أمثاله ، بل ينبغي التأويل الصالح وحسن الظن الواجب به وبأمثاله . اهـ ( قاعدة في الجرح والتعديل ص93)
واعلم أنه ما من أحد إلا وقد تكلم فيه ، وقد تكلم كثير من العلماء بعضهم في بعض ، ومع هذا لا يعبأ بكلام الأقران ، فكلامهم يطوى ولا يروى .
10- الاعتبار في الحكم على الناس بكثرة الفضائل فيما يسميه العلماء ( موازنة الحسنات والسيئات )
قال الإمام ابن رجب رحمه الله : والمنصف من اغتفر قليل خطإ المرء في كثير صوابه . اهـ ( القواعد ص3)
قال الإمام الذهبي رحمه الله : نحب السنة وأهلها ، ونحب العالم على ما فيه من الاتباع والصفات الحميدة ، ولا نحب ما ابتدع فيه بتأويل سائغ ، وإنما العبرة بكثرة المحاسن . اهـ ( السير 20/46)
وقال : ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق أهدرناه وبدعناه لقل من يسلم من الأئمة من ذلك .
وقال : وإنما يمدح العالم بكثرة ما له من الفضائل ، فلا تدفن المحاسن لورطة ن ولعله رجع عنها، وقد يغفر له باستفراغه الوسع في طلب الحق ، ولا قوة إلا بالله . ( السير 5/271)
قال ابن القيم رحمه الله : من قواعد الشرع والحكمة أيضًا أن من كثرت حسناته وعظمت وكان له في الإسلام تأثير ظاهر ، فإنه يحتمل له ما لا يحتمل لغيره ، ويعفى عنه ما لا يعفى عن غيره ، فإن المعصية خبث ، والماء غذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث ، بخلاف الماء القليل فإنه يحمل أدنى خبث . اهـ ( مفتاح دار السعادة 1/166)
11- لا يجوز تتبع زلات العلماء ، إذ أنهم بشر غير معصومون . وهذا الذي أتعب نفسه وأضاع وقته في تتبع السقطات والزلات ذو نفس ذبابية لا تقع إلا على القاذورات ، فلا ينبغي أن ننظر بعين واحدة بل الواجب علينا إحسان الظن بالعلماء على ما قدمانه آنفًا .
12- لا يجوز ترويج الشائعات وعدم التثبت منها ، خصوصًا إن كانت تتعلق بقضية من كبار القضايا كالجهاد والحاكمية والإيمان والكفر وغير ذلك .
13- لا يجوز التساهل في أمر المباهلة ، إذ هذا هو آخر الحلول المعتبرة ، ولا تكون إلا مع خصم عرف الحق ولم ينقد له ولم يعترف بخطأ قوله وبطلانه ، أما مع وجود المناقشة العلمية أو حتى لو وصل الأمر إلا جدال فلا ينبغي طلب المباهلة على ذلك وحده ، فلا ينبغي الدعاء باللعن لأجل جدال مجادل ، فالجدال والمراء أمر مذموم ولكن ليست سببًا للعن .
هذا آخر ما تيسر لدي وأسأل الله أن ينفعني به أولاً
وألا أكون كمن قال ولم يعمل .
سبحانك اللهم وبحمدك .. أشهد أن لا إله إلا أنت .. أستغفرك وأتوب إليك
منقول للفائده
أ