لك وحدك انا ( جلست من نومي غافلا أشاهد أخبار العالم هنا و هناك ،
بصرت بأحد القنوات الفضائية ما خلفه هذا النيزك الذي سقط من السماء بالأمس مخترقا سقف أحد البيوت ،
اكتسح في طريقه كل ما اعترضه نازلا بهم إلى هوة عميقة ،
عندها تذكرت ـ أنا الغافل ـ
تذكرت أنك أنت الحافظ لا حافظ إلا أنت و تذكرت واسع رحمتك و عظيم رفقك بنا برغم ضخامة و عظم خطايانا و جحودنا ،
تبعثرت الحروف بين شفتاي ،
حاولت جاهدا لملمتها ،
بالكاد استطعت ،
وجدت لساني يتمتم )
ـ اللهم لك الحمد حمدا طيبا مباركا كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك .
( عندما دخلت نسمة الفجر الباردة تداعب وجهي ،
فردت لها جناحي أعانقها ،
سحبت نفسا عميقا ،
سرى الهواء عليلا متوغلا مطيبا صدري و جسدي ،
عندها بصرت بالتلفاز منظرا قريبا للشمس ،
فزعت فزعا شديدا لقوة احمرارها من هول حرارتها ،
تذكرت مقولة الدكتور مصطفى محمود )
ـ تخيلوا لو خرج من الشمس أحد ألسنة الجحيم تجاه الأرض ،
لما تركت على سطحها أو بباطنها أثرا لأية حياة ،
( عندها تذكرت ـ أنا الغافل ـ
تذكرت أنك أنت الله لا إله إلا أنت ربي الكريم الرحمن الرحيم ،
لا كريم و لا رحمن و لا رحيم سواك ،
قلبت صفحات التلفاز ،
فإذا بصورة لضحايا أحد الزلازل بالصين ،
تذكرت عندها هذه الطبقات التكتونية التي نعيش عليها ،
تخيلت لو انزلقت إحدى هذه الكتل عن الأخرى ،
توهمت زلزلة الأرض من تحتنا ،
و انهيال هذه الكتل الخراسانية فوقنا تسحقنا ،
عندها فقط تذكرت ـ أنا الغافل ـ أنك أنت الحافظ الرحمن الرحيم ،
سبحانك إني كنت من الظالمين ،
مددت أصابعي أتناول ما لذ و طاب من الطعام و الشراب ،
وجدت بالتلفاز صورة أطفال كادت عظامهم الدقيقة تخترق جلودهم ،
أحدهم يحاول لعق التراب من شدة الظمأ و الجوع ،
وجدت لساني رطب بذكرك يتمتم )
ـ اللهم لك الحمد حمدا طيبا مباركا ،
( قلبت صفحات التلفاز و إذا بأحد مقدمي البرامج يقص علينا حادثا لرجل و زوجته كانا يسيران في رحلة العودة من عملهما يحملان الطعام و الشراب لأفراخهما بينما حولتهم هذه السيارة الفارهة التي يقودها هذا الشاب الأرعن إلى أشلاء مبعثرة فوق الإسفلت ،
عندها فقط تذكرت رحمتك و لطفك ،
وجدتني أتمتم )
ـ سبحانك يا لطيف يا رحمن يا رحيم سبحانك ،
( خطف البرق المتسلل من خلف ستائر النافذة بصري ، صم الرعد أذني ، تذكرت هذا الكم الهائل من الكهرباء الاستاتيكية الشرهة التي تعبر خلال الأجساد ـ الموصلة الجيدة للكهرباء ـ في طريقها لرحلتها المحتومة إلى الأرض ، تذكرت أنا الغافل أنك أنت الحافظ لا حافظ إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ،
حاولت أعدد و أعدد و ما أنساني إلا الشيطان الرجيم أن أتذكر ،
أنك قلت في كتابك الكريم و قولك الحق :
( و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ، إن الله لغفور رحيم )
ربـــــــــــــــــــــــــــــــــي
أسأل نفسي كل لحظة ،
لم ؟
ماذا فعلت لكي أنال كل هذه الرحمة منك ؟
و أنت العليم بكثرة ذنوبي ,
ماذا فعلت لكي تغدق علي بكل هذا الكرم منك ؟
و أنت البصير بعظم معصيتي ،
ماذا فعلت لكي أنعم بكل هذا اللطف منك ؟
و أنت السميع بفظيع زلاتي ،
ماذا فعلت لكي تكرمني بكرمك يا كريم لا كريم إلا أنت ؟
أستغفرك و أتوب إليك ،
أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم و أتوب إليه ،
أستغفرك و أتوب إليك يا من لا تؤاخذنا بما نفعل ،
سبحانك ، سبحانك ،
سبحانك أنت الغني لا غني إلا أنت ،
و أنا العبد الفقير إليك أنت وحدك لا شريك لك ،
سبحانك أنت القوي لا قوي إلا أنت ،
و أنا العبد الضعيف المتذلل إليك أنت وحدك لا شريك لك ،
يا رب ،
أجدني أتضاءل أتضاءل حتى أصل إلى العدم من عدم العدم أمام ذرة من ذرة من عظيم واسع عظيم عظيم كرمك و لطفك و رحمتك ،
فأحمدك و أشكرك فأحمدك فأشكرك و سأبقى بإذنك أحمدك و أشكرك إلى آخر نفس يخرج من صدري ، و أدعوك سبحانك أن تعينني على حسن عبادتك ، و حمدك و شكرك ،
حمدك و شكرك على أنك أنت ربي ،
يا رب ،
أحمدك على أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ،
و أحمدك على أنني عبدك أنت فقط ، عبدك أنت وحدك لا شريك لك .
|