كان واقفا ينظر فى ثبات ، يختفى فى ظل الشجرة الوارفة المواجهة للنافذة
نظرته ثابتة ، ترى الألم يرتسم على ملامح وجهه الطفولية التى غطاها غبار الزمن ، فعلى الرغم من سنوات عمره القليلة الا أن الزمن قد رسم خطوطا و تفاصيل على ملامح وجهه النبيل
حقا يا له من وجه نبيل ؟
أنف دقيق شامخ و عينان سوداوان واسعتان تجمعان ما بين براءة الطفولة و مرارة الأيام
تستطيع أن ترى من خلال عينيه ما يدور بداخل نفسه
أن ترى عبر هذه الدموع المترقرقة الرغبة فى الحياة
تراه ينظر الى ذلك الحفل ، الى الأطفال ، كل يتعلق بيدى أمه و أبيه
و من له ليتعلق به سوى مرارة الأيام ؟؟
كل طفل فى مثل عمره يرتدى ملابسا ما أجملها ؟
ينظر الى ثيابه الرثة و الى ثيابهم و يقارن و يا لها من مقارنة ؟
ينظر الى هدايا عيد الميلاد و الى الحلويات و يتمنى
و حانت لحظة اطفاء الشموع و هو ينظر ، يبكى ، يتألم و لا يشعر به أحد
و يلعب به الخيال ، يتخيل نفسه ملك هذا الحفل ، الكل يهنئه ، يرتدى أفضل الملابس ، يلعب يتمتع كالأطفال ، و طار به بساط الخيال حتى نسى نفسه
عاش فى الأوهام و نسى نفسه أو نسى واقعه حتى لتكاد ترى نظرة السعادة و هى تطل من وراء غمام دموعه و ابتسامة خفيفة تداعب شفتيه ، ربما كانت أمانى تافهة و لكنها من وجهة نظره الصغيرة أمنية من الأمانى ، وهم حاول أن يعيشه
اقتربت منه و قد كنت أراقبه منذ فترة و أفكر فيما يفكر فيه أعرف طموحاته الصغيرة
حاولت أن أدعوه أن يدخل و لكن ما أن اقتربت منه حتى قفز مرتجفا و لم يعطنى الفرصة حتى لأنطق و انطلق يعدو ، أكاد أرى الدموع تتطاير من عينيه غزيرة فلقد أيقظته من أحلامه و أحيانا يكون الواقع كالسكين يقطع الآمال
أحسست بالحزن يغزو قلبى ، حقا ما أسوأ ان يحيا الانسان فى الأحلام ، أن يمنى نفسه بما لا يستطيع أن يمتلكه ، يحيا فى برج من الأوهام حتى اذا انهار البرج تحطم الانسان على أرض الواقع
ربما كان شعورا سيئا أن يرى الانسان السعادة قريبة منه و لا يستطيع ان يمتلكها ربما لم تكن من حقه و لكن هذا الشعور أفضل من أن يمنى نفسه بامتلاك تلك السعادة و يحيا فى الاوهام حتى اذا ما افاق و أدرك الواقع انهار و تحطمت حياته
حقا يا له من طفل تعيس تمنى السعادة و لم ينلها ؟
لا احد يعرف ما قد يحدث فى المستقبل ربما امتلك السعادة حقا