لهب الحنين
**************
عندما نبتلع الكلمات .. وتحتم علينا الظروف بأن نتوقف عن الكلام ونتردى برداء الصمت .. تجد من مرارة تلك الكلمات المحبوسة بأطراف اللسان ما يكفي لتشقق الحنجرة وضيق الصدر وفقد الأنفاس .. عندما تريد أن تتكلم ولا تستطيع التلفظ بالكلام تجد الحلق يجف وتكاد الحروف تتلاشى وتتوارى وسط سُحُبٍ من اليأس..
خلف باب الذكريات أقبع أنا .. أدق أجراس الماضي .. أتصفح دفاتر الأيام الخوالي ..
أين أهرب من ذكرياتي.. كيف أطوي صفحاتي.. متى تطيب جراحاتي ؟!..
تلك أيام الصبا وهذه أيام عمري كلها لم تبرح الذهن الضنين ولم تهجر القلب السجين بين ضلوع من عاش السنين يئنُّ من ألم الحنين لذكرياتٍ قد مضت رحلت وغابت وانتهت لكنَّ قلبي لم يزل يتلمس العطر الذي فاح من زهر جمالها ..
في براءات الطفولة .. في تمرد الشباب ..
في مراحل الدراسة ولذة الجد والاجتهاد ..
حب تغلغل في الفؤاد ولم يَـدُم إلا السُهاد ..
مهلاً أيها السنين يا من تمري مسرعة دون أن تروي ظمأ المشتاقين ..
الآن يعزف اللحن الحزين .. على أوتار ممزقة من الشرايين..
فلقد أذاب القلب نيران الحنين..
هو الحنين .. هو الحنين..
هو الحنين.
****