9- اليقين بأن سعادة المؤمن الحقيقية في الآخرة لا في الدنيا:
قال تعالى: ( وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) (هود:108).
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم " الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر " .
وهنا قصة عجيبة لابن حجر العسقلاني - رحمه الله - خرج يوما بأبهته - وكان رئيس القضاة بمصر - فإذا برجل يهودي، في حالة رثة، فقال اليهودي: قف. فوقف ابن حجر. فقال له: كيف تفسر قول رسولكم: " الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر " وها أنت تراني في حالة رثة وأنا كافر، وأنت في نعيم وأبهة مع أنك مؤمن؟!.
فقال ابن حجر: أنت مع تعاستك وبؤسك تعد في جنة، لما ينتظرك في الآخرة من عذاب أليم - إن مت كافرا -.
وأنا مع هذه الأبهة - إن أدخلني الله الجنة - فهذا النعيم الدنيوي يعد سجنا بالمقارنة مع النعيم الذي ينتظرني في الجنات.
فقال: أكذلك؟ قال: نعم. فقال: أشهد ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
10- مصاحبة الأخيار والرفقة الصالحة:
ولا يستطيع أحد أن ينكر أثر القرين على قرينه، فهو مشهود، ومجرب، وواضح من خلال الواقع، ومن خلال التاريخ.
ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم " مثل الجليس الصـالح، والجليس السوء، كحامل المسك، ونـافخ الكير... " [متفق عليه].
11- أن تعلم أن أذى الناس خير لك ووبال عليهم:
قال إبراهيم التيمي: "إن الرجل ليظلمني، فأرحمه".
ويروى أن ابن تيمية أساء إليه عدد من العلماء وعدد من الناس، وسجن في الإسكندرية.
فلما خرج، قيل له: أتريد أن تنتقم ممن أساء إليك؟ فقال: قد أحللت كل من ظلمني، وعفوت عنه" أحلهم جميعا، لأنه يعلم أن ذلك سعادة له في الدنيا والآخرة.
ويحكي الفضيل بن عياض - رحمه الله - أنه كان في الحرم، فجاء خراساني يبكي، فقال له: لماذا تبكي؟ قال: فقدت دنانير، فعلمت أنها سرقت فمني، فبكيت.
قال: أتبكي من أجل الدنانير؟ قال: لا، لكني بكيت، لعلمي أني سأقف بين يدي الله أنا وهذا السارق، فرحمت السارق، فبكيت.
وبلغ أحد السلف أن رجلا اغتابه، فبحث عن هدية جميلة ومناسبة، ثم ذهب إلى الذي اغتابه، وقدم إليه الهدية. فسأله عن سبب الهدية. فقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " من صنع لكم معروفا فكافئوه "
وإنك أهديت لي حسناتك، وليس عندي مكافأة لك إلا من الدنيا. سبحان الله!!
12- الكلمة الطيبة، ودفع السيئة بالحسنة:
قال الله - تعالى -: ( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) (فصلت:34).
فتأمل يا أخي هذا الإرشاد الإلهي العظيم.
وقال - تعالى - واصفا عباده المؤمنين: ( وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً ) (الفرقان: من الآية72).
13- الالتجاء إلى الله عز وجل وكثرة الدعاء: وقد كان ذلك من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم.
كان يقـول: " اللهم أصلح لي ديني، الذي هو عصمة أمري. وأصلع لي دنياي، التي فيها معاشي. وأصلح لي آخرتي، التي فيها معادي. واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر " [رواه مسلم 17/40].
وكـان يقول: " اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين. وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت " .
ويقول - كما ورد في الأثر: " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، ومن الجبن والبخل، ومن غلبة الدين وقهر الرجال ".
ختاما: أدعوك أيها القارئ الكريم لتلحق بركب السعداء، سعادة حقيقية غير وهمية.
لتفوز بالحياة الطيبة الهانئة بعيدا عن الأكدار والمنغصات وذلك بتحقيق معنى الإيمان بالله والعمل الصالح في نفسك.
فإن الله عز وجل يقول: ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (النحل:97) .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.