حانةُ الروح
يا حانَةَ الروحِ في صَحْوي وفي حُلُمِي
أَنْخابُ عِشقِك تَسْري نَشْوةً بِدَمي
لا تَسْأَليني الهوى ما خافقي بيدي
قلبي على وردَتَيْ تُفّاحتَيْكِ رُمي
لم يُبقِ لحظُكِ منّي غيرَ مُسْتَلَبٍ
إلا على رَوْضكِ الفَتَّانِ لم يَهِمِ
مَن أنتِ صانِعَتي من لهفةٍ ورُؤى؟
مَن أنتِ يا لوحيَ المحفوظَ يا قَلَمِي
سِرٌّ مِن اللهِ حَلَّ الطينَ فارتَعَشتْ
أَوْصالُهُ وسَرى الإحساسُ في الأَدَمِ
حَبّاتُ تُرْبٍ بماءِ اللطفِ قد جُبِلتْ
للحُبِّ ..للحُزنِ.. للأشواقِ.. للألم
فيها انطوى سِرُّ هذا الكونِ واختُصِرت
كلُّ العَوالِمِ مِن نُور ومن ظُلَمِ
حتى استَحَقَّت سُجودَ العالمَينَ بما
أبْدى بها اللهُ مِن عِلمٍ ومِن حِكَمِ
أنتِ الخليفةُ ، فالنَّعمَاءُ قد كَمُلَتْ
والعقلُ أعظَمُ ما أُوتيتِ مِن نِعَمِ
في جِسمِكِ البَضِّ أخْفى اللهُ قُدرَتَهُ
فقَدَّرَ الخلقَ والتَكوينَ في الرَّحِمِ
وأَبدعَ النَهدَ ، وافْتَنَّ الإلهُ بِه
فأَودَعَ اللَّبنَ المَعسولَ في الحَلمِ
في كلِّ عِطفٍ تَبَدَّى حُسنُ صَنعتِهِ
وازَّخرَفَتْ جَنَّةٌ مخْمُورةُ النَّسَمِ
يا نَبْعَةَ الخلقِ جَلَّ اللهُ مُبْدِعُها
يا آيةً صاغَها الرحمنُ مِن عَدَمٍ
منكِ ابْتُدِيتُ وأُسكِنْتُ الحَشا وعلى
دَقاتِ قلبِكِ غَنَّى للجَمَالِ فَمِي
أنتِ الحَنانُ وقد أُرْضِعْتُهُ لَبَناً
والعطفُ واللطُّفُ مِن مَكْنونِكِ الرَّخِمِ
ديباجُ صَدرِكِ مَهْدي ما أَحَبَّ وما
أَهْنا وما أَسْعَدَ الأَحْلامَ إِنْ أَنَمِ
ما زِلْتُ طِفْلكِ والنَهدان مابَرِحا
تُفّاحَتَيَّ , وحُلْمِي لم يزَلْ حُلُمِي
قد كنْتِ في جَنَّةِ الأَرواحِ سوْسَنَتي
فوَّاحَةَ العِطْرِ فيها سَكرةُ القِدَمِ
ثُمَّ افْتَرَقْنا ، تُرى يا حُبُّ تجَمَعُنا؟
وا لَهفَي نفسي وهل تحَيا بها رِمَمي
مادام شَوقي إِليْها نَبْضَ قافيَتي
فالجَمْرُ في كَبِدي والخَمْرُ في قَلَمِي