الموضوع: الليل واخره
عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /12-12-2010, 07:21 PM   #1

احمد العليمي
عضو سوبر
 

 رقم العضوية : 35142
 تاريخ التسجيل : Nov 2009
 المكان : 6 اكتــوبــــــــــر
 المشاركات : 1,618
 النقاط : احمد العليمي is a jewel in the roughاحمد العليمي is a jewel in the roughاحمد العليمي is a jewel in the roughاحمد العليمي is a jewel in the rough
 درجة التقييم : 343
 قوة التقييم : 1

احمد العليمي غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي الليل واخره

الليل واخره

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد

وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعـد:

فيـأخـي الكـريـم: وأختي الكريمة

إن في تقلب الليل والنهار وتحول الفصول عبرة وعظة لنا،

كما قال ربنا تبارك وتعالى

﴿ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ ﴾

[ النور:44]،

وقال جلّ شأنه:

﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُور ﴾

[ الفرقان:62]

قال بعض السلف:

من عجز بالليل كان له في أول النهار مستعتب -

أي فرصة للاعتذار والاستغفار-

ومن عجز بالنهار كان له في الليل مستعتب.

وإذا كان مثل هذا في الليل والنهار،

فهو أيضاً في تعاقب الفصول التي هي أيام وليال..

فإن فيها عبرة للمعتبرين،

وذكرى للمتذكرين،

جعلنا الله وإياكم منهم.

أخي الحبيب: أختي الكريمة

حديثي إليك في هذه الأسطر عن فصل من هذه الفصول،

ولعلك عرفته من خلال عنوان هذه الوريقات التي بين يديك،

نعم.. إنه فصل الصيف.. الذي سيكون بعد ايام قلائل

هذا الفصل الذي يذكّر حرّه بأمور كثيرة، منها:

تذكر قول النبي كما في الصحيحين:

( اشتكت النار إلى ربها،

فقالت: يا رب أكل بعضي بعضاً،

فاذن لها بنفسين؛ نفس في الشتاء ونفس في الصيف،

فأشد ما تجدون من الحر من سموم جهنم،

وأشد ما تجدون من البرد من زمهرير جهنم )

فالمؤمن يتذكر النار،

عند رؤيته لأمور كثيرة:

منها تذكره لها كلما لفحته رياح الصيف

وألهبت وجهه الناعم بحرها..

ويقول في نفسه:

إذا كان هذا من نفس جهنم فكيف بجهنم نفسها؟؟!!

نعوذ بالله تعالى منها. ومن حرها

وإذا كنا- أخي الحبيب - أختي الكريمة

لا نحتمل نار الدنيا

وهي جزء من تسعة وستين جزءاً من نار الآخرة،

فما بالكم بنار الآخرة؟؟!!

ولذا قال بعض السلف:

لو أخرج أهل النار منها إلى نار الدنيا

لقالوا فيها ألفي عام.

يعني أنهم ينامون فيها ويرونها برداً.

ومن ذلك:

نتذكر أحوال السلف الصالح - رحمهم الله-

الذين كانت قلوبهم حية..

نعم أخي الحبيب .. أختي الكريمة

فكل ما يرونه ويشاهدونه في الدنيا يذكرهم بالآخرة..

ومن ذلك أن بعض السلف

كان إذا شرب الماء البارد في الصيف

بكى وتذكر أمنية أهل النار

حينما يشتهون الماء،

فيحال بينهم وبينه،

ويقولون لأهل الجنة:

﴿ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ ﴾

[ الأعراف:50] .

ومن ذلك: أن بعض السلف

كان إذا دخل الحمام في الصيف

وشعر بحر المكان تذكر النار،

وتذكر يوم تطبق النار على من فيها وتوصد عليهم،

ويقال لهم:

خلود بلا موت،

فإذا خرج من الحمام أحدث ذلك التذكر له عبادة.

ومن ذلك أيضاً:

أن بعض الصالحين صبّ على رأسه ماء من الحمام

فوجده شديد الحر، فبكى

وقال: ذكرت قوله تعالى:

﴿ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ﴾

[ الحج: 29]

فلا إله إلا الله ما أشد تذكرهم..

وما أعظم اعتبارهم!!

ورأى عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله-

قوماً في جنازة قد هربوا من الشمس إلى الظل،

وتوقوا الغبار،

فبكى، ثم أنشد:

من كان حين تصيب الشمس جبهـته

أو الغبار، يخاف الشين والشعـثا

ويألف الظلّ كي تبقي بشـاشـــته

فسـوف يسكن يوماً راغماً جـدثا

في ظلّ مقفرة غبراء مظلمــــة

يطيل تحت الثرى في غمّها اللـيثا

تجهّزي بجهــــــاز تبلغين به

يا نفـس قبل الردى لم تخلقي عبثا


وكان بعضهم إذا رجع من الجمعة في حرّ الظهيرة،

يذكر انصراف الناس من موقف

الحساب إلى الجنة أو النار،

فإن الساعة تقوم يوم الجمعة.

أخي الحبيب: أختي الكريمة

وليس هذا فحسب! فهم - رضي الله عنهم-

رغم انعدام وسائل التكييف والراحة ـ

التي ننعم بها في زماننا والحمد لله ـ

إلا أن ذلك لم يقطعهم عن طاعة من الطاعات،

مهما كانت مشقتها على النفس،

ومن تلك الطاعات التي كانت لا تنقطع

في مثل هذه الحال:

الجهاد في سبيل الله تعالى،

ولعل أول ما يخطر في بالك تلك الغزوة العظيمة غزوة تبوك،

التي خرج فيها سيد الخلق ـ ومعه أصحابه - رضي الله عنهم -

في شدة الحر،

والتي لم تمنعهم عن النفير في الجهاد؛

لأنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه،

ولكنها منعت المنافقين

الذين قالوا

كما أخبر الله عنهم

﴿ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ ﴾ [ التوبة:81]

فجاءهم الجواب المناسب لمقولتهم:

﴿ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ﴾ [ التوبة:81]

أما من تخلف من الصحابة الصادقين بغير عذر،

فقد تاب الله عليهم بعد ذلك في قصة مشهورة.

لثلاثة من أصحاب رسول الله

أخي الحبيب: أختي الكريمة

بعضنا يعجز عن مجاهدة نفسه على القيام ببعض الطاعات،

وهو منطرح على فراشه الوثير تحت المكيف،

آمناً في سربه، معافىً في بدنه،

عنده من ألوان الطعام الشيء الكثير،

ومع ذلك يتثاقل عن صلاة الفجر جماعةً مع المسلمين،

أو يتكاسل عن القيام بحقوق الوالدين، وصلة الأرحام..

إلى غيرها من أبواب الخير،

أو يظن بمثل هؤلاء أن يجاهدوا أعداء الأمة

وهم لم يستطيعوا جهاد أنفسهم؟!!

ومن ذلك أيضاً حرصهم على الصيام

في الصيف لعظيم ثوابه،

ولهذا كان معاذ بن جبل وغيره من السلف -

رضي الله عنهم -

يتأسف عند موته على..

أتدري على ماذا؟

أتظنه أسف عن قصر لم يشيّده؟!

أم تراه أسف على صفقة تجارية لم يربحها؟!

أم على إمرأة حسناء لم ينكحها؟!

كلا، لا هذا ولا ذاك..

بل أسف على ظمأ الهواجر..

ولهذا كان بعض الصالحين

يحرص على صيام أشد أيام الصيف حراً،

فيقال له في ذلك، فيقول:

إن السعر إذا رخص، اشتراه كل أحد

وهذا ـ وربي ـ من علو الهمة.

فيـا أخي الحبيب - وأختي الكريمة :

هيا بنا نجاهد أنفسنا على هذه الطاعة العظيمة،

التي اختصها الله – سبحانه -

من بين العبادات

بقوله الصوم لي وأنا أجزي به )كما في الصحيحين،

هيا نجاهدها ولو يوماً في كل عشرة أيام،

فإن الحسنة بعشر أمثالها،

وإن ألم العطش في اليوم الحار سيذهب في أول شربة ماء،

أما أجره؛ فأرجو الله تعالى أن تنالونه

بل وتسرّوا به يوم يقال في الدار الآخرة

﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴾

[ الحاقة:24] ،

ويوم ينادى الصائمون ليقال لهم:

ادخلوا من باب الريان.

اللهم اجعلنا منهم يارب العالمين

أخي الحبيب : أختي الكريمة

إن صيام الفرض يشترك معك فيه

كل رجل وامرأة من المسلمين،

فأين همتكم العالية؟

أين همتكم التي لا ترضى بالوقوف

عند الفرض في أعمال الخير؟

أين سلفكم الصالح مع حرصهم على إتقان الفرائض

لم يكونوا يتوقفون عندها،

بل سمت هممهم إلى الذروة في التسابق إلى الخيرات؛

لأنهم يعلمون أن سلعة الله ـ غالية، ـ وهي الجنة

وأن دخولها وإن كان لن يتم إلا برحمة الله تعالى،

إلا أن العمل سبب لذلك:

ومـن يطلـب الحسنـاء لـم يغلـه المهـر

أخي الحبيب: أختي الكريمة

إن بعض الناس ربما يهرب في الإجازة الصيفية

من الحر الشديد الذي يكون في فصل الصيف

ربما هرب إلى أماكن باردة، أو معتدلة،

وهذا لا محذور فيه ـ

إذا كان ذلك السفر مضبوطاً بضوابط الشرع ـ

إلا أن الملاحظ أن بعض الناس-

هداهم الله -

يظن أنه بسفره للخارج قد خرج عن مراقبة الله..

فتراه يقتحم النار بأفعاله،

نظر محرّم.. سماع محرّم.. ورقص،

مشروبات محرّمة.. فواحش ـ

والعياذ بالله ـ

فإلى أولئك الفارين من الحر،

والواقعين في أسباب غضب الرب جل جلاله

يقال لهم: إلى أين تفرون؟

ومن أي شيء تهربون؟

إن المنافقين عصوا الله تعالى

بجلوسهم في ظلال المدينة هرباً من الحرّ،

وتركهم رسول الله وأصحابه -رضي الله عنهم-

في حرّ الرمضاء استعداداً لقتال العدو،

فياليتكم ـ معاشر الفارّين ـ

تحولون هروبكم من الحر

خارج البلاد إلى جهاد في سبيل الدعوة إلى الله تعالى،

ونشر الإسلام بصورته الصحيحة،

كما خرج قدوتكم وحبيبكم للجهاد وقتال أعداء الله،

ونشر الإسلام بين الناس،

ليسعدوا به كما سعدت به أنتم،

وسعد به أهلكم وعشيرتكم.

إن الجهاد الذي نطالبكم به،

لا يحتاج إلى حمل السلاح الثقيل !

ولا يحتاج إلى خبرة بأساليب الحرب!

بل هو جهاد، بالقدوة الحسنة

التي تترجمها بأخلاق الإسلام،

والبعد عن المحرمات،

وجهاد بالكلمة الطيبة،

في دعوة من تلاقيه من الناس ـ

في أي أرض تذهب إليها ـ

مسلماً كان أم كافراً، كل حسب ما يناسبه.

ولعلكم تعتذروا بأنكم لستم من حملة العلم الشرعي!

أو لست من الدعاة! وما هذا ـ أيها الأحبة ـ بعذر،

فمكاتب دعوة الجاليات منتشرة في كل مكان،

وفيها كتب نافعة لأغلب لغات أهل العالم،

وهل يكلفك ـ أيها الغيّور على دينك ـ

الذهاب إليها لتأخذ معك بعض الكتب

أو الأشرطة التي تناسب لغة البلد التي ستسافر إليها؟

لتكون بذلك داعية خير، ورسول سلام،

وحامل دعوة، وما يدريك!

فلعل الله تعالى أن يهدي على يديك أحداً

في سفرك هذ إلى الإسلام،

فهو ـ والله ـ خير لك من الدنيا وما فيها،

وغير خاف عليك أن كل عمل صالح يعمله

ذلك الذي اهتدى على يديك،

فسيكون في ميزان حسناتك.

أخـي .. أختي رعاكم الله:

تمتعوا بما أحل الله لكم،

من وسائل تكييف، وراحة، وسفر، ولكن..

إياكم أن تكونوا ممن يهرب من حر الدنيا ويقع فيها

بسبب التعرض للحر الأكبر في نار جهنم

أعاذنا الله وإياكم والمسلمين منها،

وتذكر واـ حفظكم الله ـ أنكم بخير عظيم

مادمتم تحملون همّ الدعوة إلى دينكم

ولو بإهداء كتيب أو شريط،

ولا يكن ذلك الهندوسي القابع في زوايا بعض المزارع

أو تلك الراهبة التي تعيش في غابات أفريقيا،

لا يكن هؤلاء خيراً منا في الدعوة،

مع أنهم يدعون إلى أديانهم الباطلة،

ونحن ندعو ـ وبكلفة قليلة ـ

إلى خير الأديان وخاتمتها وأكملها.

أسأل الله تعالى أن يحفظكم وأن يبارك فيكم أينما كنتم،

وأن يعيذنا وإياكم من أسباب غضبه،

وأليم عقابه،

وأن يجعلنا جميعاً من الدعاة إلى سبيله على بصيرة.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين







  رد مع اقتباس