عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /01-03-2011, 07:33 PM   #1

ي سوف
موقوف
 

 رقم العضوية : 63051
 تاريخ التسجيل : Dec 2010
 العمر : 39
 المكان : المنصوره
 المشاركات : 1,103
 النقاط : ي سوف will become famous soon enough
 درجة التقييم : 62
 قوة التقييم : 0

ي سوف غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ي سوف إرسال رسالة عبر Skype إلى ي سوف
أوسمة العضو
Question أسباب ضعف الالتزام ؟


إخوتاه
ما هي الأسباب وراء ضعف الالتزام؟


السبب الأول: عدم الجدية في أخذ الدين.
فإننا لم نأخذ هذا الدين في الأصل بجد، بل دخلنا فيه هوى وهواية، وكثيراً جداً ما أطالبكم بأن يراجع كل منا نفسه، فيبدأ بسبب التزامه الأول، تدري عندما أصرخ فيمن لا يصلي لماذا لا تصلي؟ أحتاج ـ أيضاً ـ أن أوجه صرخة أخرى لمعاشر المصلين وأنتم لماذا تصلون؟
نعم لماذا تصلي؟! نعم يا من أعفيت لحيتك لماذا أعفيتها؟ لماذا ـ أخي ـ قصرت ثوبك؟! لماذا تركت أشرطة الأغاني وأقبلت على سماع القرآن؟! لماذا خلا بيتك من الدش والفيديو والتليفزيون؟ لماذا؟!!
لماذا اقتنيت مصحفاً؟ لماذا بدأت تقرأ القرآن؟ لماذا تحفظ القرآن؟ لماذا تحضر دروس العلم؟ لماذا لا تصاحب إلا مؤمناً؟ ….لماذا.. لماذا؟
إن لم يكن كل هذا لله فإنه مردود عليك، فيضمحل ويتلاشى ويتواري ويعود كأن لم يكن.
قال تعالى: " وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً " [ الفرقان / 23 ]
لابد أن نمحص نياتنا على جمرات الإخلاص، ارجع إلى البدايات الأولى، اتهم نيتك، فكثير منا التزم الدين في ظروف غير طبيعية قد تكون دفعته أو اضطرته إلى الالتزام، وبعضنا ـ ولله الحمد ـ التزم لله مخلصاً، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم، لكن ارجع وصحح نيتك فهذه هو الأصل.


السبب الثاني: الترف
والترف مفسد أي مفسد، إذ يتعلق قلب صاحبه بالدنيا، وللأسف الشديد إنَّ أكثر الأمة اليوم يعيش ترفاً غريباً عجيباً دخيلاً علينا.
فالفقراء يحاولون أن يفتعلوا الترف، ولو في بعض الأشياء، تجده لا يجد إلا قوته الضروري ولكنه يقتطع منه من أجل أن يقتني المحمول، ويشتري أفخر الأثاث، ويشتري أحدث الأجهزة، ليشتري الدش فيدخل الفساد على أهله ويقره في بيته دياثة، وهذا يقتطع من قوت أطفاله لكي يصيّف هنا أو هناك، والقائمة طويلة تعرفونها جيداً، وإلى الله المشتكى.
ترف وللأسف الشديد أمر يخجل، فلأجل الله يشح ويبخل، ويقدم لك الاعتذارات لضيق الوقت وضيق ذات اليد و … و… الخ لكن للدنيا وللشهوات يحارب ويدبر ويفكر.
إنه التنافس على الدنيا، وكأنه لو لم يحصل هذه الأمور سيعيش في الضنك، وسيبلغ به الحرج المدى، ولا والله فما الزيادة في الدنيا إلا زيادة في الخسران.
فالغني يصاب بالبطر والكبر، ويصبح ماله نقمة عليه في الآخرة فيصرخ يوم القيامة: " مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ " [ الحاقة /28-37]
والفقير يحلق دينه بالحقد والحسد، ناهيك عمَّن يتكبر وهو معوز فيدخل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر "
[1].
فرجل كبير السن يزني، وملك يكذب على رعيته ولا يحتاج لذلك فإذا كذب غش، فهنا ـ كما يقول العلماء ـ ضعف الداعي، وتم الفعل، فعظم الوزر.
إنها عقوبة تروع قلب أي مسلم ألا يكلمه الله، انظر لكعب بن مالك لما خاصمه رسول الله صلى الله عليه وسلم كادت روحه تزهق، تفكر في حالك ولو أتيت من تحب فوجدته معرضاً عنك أو خاصمك كيف تكون حينها؟! ألا تشعر أنَّ الدنيا اسودت في وجهك، ويحل بك من الضيق والحزن ما يقطع قلبك، فما بالك أن يقاطعك الله، لا يكلمك، لا ينظر إليك، يعرض عنك، لا يزكيك، هذا أشد من عذاب جهنم عند الموقنين المحبين الموحدين.
والثالث: عائل أي فقير وهو مع هذا مستكبر، فأن يطغى الغني بالمال هذا أمر معروف قال تعالى: " إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى " [ العلق /6-7 ] لكن فقير يتكبر فلماذا ـ يا عبد الله ـ؟ !! وكذلك فقير مترف هذا شيء يبغضه الله تعالى.
إخوتاه..
ولا شك أنَّ الترف أفسد أبناءنا، فوجدنا فينا من يتفاخر يقول: أنا لا أجعل ابني في احتياج إلى شيء أبداً فأنا ألبي له جميع طلباته ورغباته.
ومثل هذا يظن أنه أحسن إلى ولده، وأنا أعرف أنَّ العاطفة لها دخل كبير في هذا، بل من لا يستطيع أن يفعل ذلك يظل مهموماً بهذه الرغبات من الأولاد والتي لا يستطيع أن يلبيها لهم، والحقيقة أنَّ هذا ليس من التربية في شيء، فأنت بذلك تفسد الولد، إننا نفتقد الحكمة في التربية، نفتقد التربية الإيمانية الصحيحة لأولادنا.
لماذا لا تربي ولدك منذ البداية على أن يتعلق بالله، فإذا طلب شيئاً مفيداً ولم تستطع أن تجيبه فقل له: هيا يا بني نصلي ركعتين وندعو الله فيهما، فإنَّ الله هو الرزاق، وهو ربنا المدبر لأمورنا، فإذا لم يمنحنا المال الذي أستطيع به أن آتيك بما تريد، فاعلم أنَّ هذا ليس مفيداً لنا الآن ؛ لأنَّ الله صرفه عنَّا.
فتعلمه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله "
[2]، وليس من التربية أن تلبي جميع متطلبات أولادك فينشأ الواحد منهم عبد شهواته، كلما تاقت نفسه إلى شيء طلبه فإنَّه إن لم يجده سيسرق ويزنى ويخون من أجل أن يحقق ما يشتهي.
إن لابنك حقاً أعظم من الدنيا، وهو أن تعلمه كيف ينجو من النار، اللهم نجنا وأولادنا من النار. قال الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون " [التحريم / 6 ]
إخوتاه..
نحتاج إلى صفات " الرجولة "، والرجل الحق لا يعرف الترف.
قال عمر: اخشوشنوا فإنَّ النعمة لا تدوم.
وقالت العرب قديما: وعند الصباح يحمد القوم السُّري
[3].
قال الشاعر:

ليسَ أمرُ المرءِ سهلاً كله *** إِنَّما الأمـرُ سهـولٌ وحزونْ
ربما قـرَّتْ عيونٌ بشجى *** مُرْمضٍ قد سخنتْ عنه عيونْ
تطلبُ الراحةَ في دارِ العنا *** خابَ من يطلبُ شيئاً لا يكونْ
أيها الأحبة في الله..
موقف لطيف جرى بين عالمين جليلين، فقد اجتمع يوماً ابن حزم الأندلسي الفقيه الظاهري مع أبي الوليد الباجي الفقيه المالكي، وجرت بينهما مناظرة سنة 440 من الهجرة، فلما انقضت المناظرة قال أبو الوليد الباجي لابن حزم: تعذرني فإن أكثر مطالعاتي كانت على سرج الحراس.
فأبو الوليد الباجي كان فقيراً لا يجد مالاً، لا يجد مصباحاً في بيته، فاعتذر لابن حزم لأن قراءته ومذاكرته وطلبه للعلم كان على مصابيح الحراس، فالحراس كانوا يمشون في الليل بمشاعل لحماية البلاد من اللصوص، فكان هو يسير وراءهم يقرأ في الكتاب، ويذاكر على ضوء مصابيح الحراس.
سبحان الله العظيم !! وهذا بقي بن مخلد المحدث المشهور صاحب المسند، وهو أكبر من مسند الإمام أحمد بن حنبل، الشاهد قال لتلاميذه يوماً: أنتم تطلبون العلم !!
إنني كنت أطلب العلم فلا أجد ما أتقوت به فأجمع من على المزابل أوراق الكرنب الخضراء لآكلها، وأتعشى بها، حتى أتي اليوم الذي بعت فيه سراويلي من أجل أن أشتري أوراقاً أكتب بها، وجلست بلا سراويل.
قال ياقوت الحموى: فالغني أضيع لطلب العلم من الفقر.
وقال بعض المحققين: كثرة المال وطيب العيش تسد مسالك العلم إلى النفوس، فلا تتجه النفوس إلى العلم مع الترف غالباً، فإن الغني قد يسهل اللهو ويفتح بابه، وإذا انفتح باب اللهو سد باب النور والمعرفة، فلذائذ الحياة وكثرتها تطمس نور القلب، وتعمي البصيرة، وتذهب بنعمة الإدراك، أما الفقير وإن شغله طلب القوت، فقد سدت عنه أبواب اللهو، فأشرقت النفس، وانبثق نور الهداية والله الموفق والمستعان.
إخوتاه..

هذه هي القضية أن الترف مفسد، وكثرة المال تلهى، فاللهم أعطنا ما يكفينا، وعافنا مما يطغينا.
وللأسف الشديد الناس في هذا الزمان لا يطلبون ما يكفيهم، بل يطلبون ما يطغيهم، لا يكتفون بما يرضيهم بل يطلبون ما يعليهم.
انظر لطلبة العلم الآن، فأكثرهم لم يختم القرآن حفظاً، والحفاظ أصبحوا ندرة، فإذا سئلت لماذا لم تحفظ القرآن؟!! فالجواب عادة: لأنني لا أجد الوقت.
لماذا ـ أخي ـ لا وقت عندك، لأنك تضيعه في طلب الدنيا أو طلب شهوات النفس، أليس لله حق في وقتك، فاتقِِ الله. ولا حول ولا قوة إلا بالله.


السبب الثالث: رواسب الجاهلية
من أسباب ضعف الالتزام رواسب الجاهلية، فإن أكثرنا يدخل طريق الالتزام وفي داخلة نفسه رواسب من رواسب الجاهلية مثل: حب الدنيا، والاعتزاز بالنفس، والآمال الدنيوية العريضة، وعدم قبول النصيحة، وكثرة الأكل، وكثرة النوم، وكثرة الكلام، و.. و…الخ.
قال الله جل جلاله عن قوم موسى الذين لم يستطيعوا أن يدخلوا معه الأرض المقدسة قال عنهم: " فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ " [يونس /83 ].
هؤلاء الذين أسلموا لموسى بعد السحرة، يخبرنا الله أنهم أسلموا على خوف، إنهم ربُّوا على القهر والذل والاستعباد، وسياقهم كالقطيع، نشأوا على ذلك، عاشوا على هذا، فلما آمنوا ظلت فيهم رواسب من هذا فلم ينجحوا مع موسى عليه وعلى نبينا الصلاة و السلام، فاتعبوه، وبدأت الجاهليات تظهر، فتارةً قالوا: " لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً " [ البقرة /55 ]، وتارة قالوا: " لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ " [ البقرة /61 ]، وتارةً " قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ " [المائدة /24 ].
والشاهد أن سبب هذا أنهم آمنوا أصلاً على خوف من فرعون وملأهم، فإذا اجتمع الالتزام مع رواسب الجاهلية، تظل الرواسب تشدك للماضي.
كم من شباب التزم ثم نكص على عقبيه، وأنت تعلمون أنِّي ـ والله ـ أحبكم في الله، فلا تغضبوا مني، فإني أحاول أن نصل معاً إلى حل، إلى علاج لتلك الأمراض التي تفت في عضدنا، وتطمس الجهود الدعوية المبذولة لإعلاء كلمة الله في الأرض، فلكي نصل إلى الجنة لابد من تحمل مرارة الدواء، فهل يعز عليكم تحمل هذا في سبيل الوصول للجنة؟‍ !!
لذلك تعالوا بنا إلى بعض السبل العلاجية لظاهرة ضعف الالتزام والفتور.







  رد مع اقتباس