منذ /08-08-2011, 01:56 AM
|
#1 |
| أيـــاك أن تفتحــــة! أن فتحتة دخــــــــــل!!! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يظل الإنسان بخير مادام بعيدا عن الفتن، إذا بدت إليه هرب منها، وفر عنها، وإذا رآها مقبلة عليه من بعيد أغلق على نفسه أبوابها، وأحكم سداد منافذها حتى لا تجد إليه سبيلا، فمثل هذا في عافية، قد أراح نفسه وطلب لها السلامة، والسلامة لا يعدلها شيء، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه. فإذا ما طرق العبد أبواب الفتن وسبل الشهوة وتهاون في رد الشبهات، وإغلاق الأبواب أمام المغريات، انفتحت عليه أبواب البليات، فكم من قدم زلت بعد ثبوتها، وكم ممن ظن نفسه يحسن السباحة قد جرفه التيار فأغرقه في بحرها بعد أن كان زمانا على شاطئ السلامة، فما أشد طوفان الشهوات إذا انفتح بابُ ردِّه، وما أقوى سيلَ المغريات إذا انتقض بناءُ سدِّه... فمن تعرض للفتن استشرفت له، ومن رعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ومن تساهل في الشبهات وقع في الحرام ولا بد.
وقد ضرب الله لنا مثلا على لسان رسوله كما في الحديث الصحيح عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام: [ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس، ادخلوا الصراط جميعا ولا تعوجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب، قال: ويحك، لا تفتحه؛ فإنك إن تفتحه تلجه . فالصراط الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم]. فحدود الله تبارك وتعالى وحرماته جعل سبحانه عليها ستورا من الممنوعات والمكروهات، ولا يتوصل الإنسان إلى انتهاك المحرم حتى يرفع هذه الستور، وعند ذلك يقع في الممنوع وينتهك المحظور، ومن رفع الستر وفتح الباب ولج ولابد، والمعصوم من عصمه الله.
إن الفرار من الفتن يحمي صاحبه من مقارفة الذنوب، والمتجرئ على الشبهات وبدايات المحرمات غالبا ما يقع فيها، فيتمنى في آخر آمره ألَّو ترك الستر مرخيا وظل بعيدا عن البلاء.
لقد تذكرت كل ذلك وأنا أقرأ حال شاب كتب يستصرخ أهل المروءات ليجدوا له حلا لمصيبته، كان في صيانة وتعفف حتى سول له إبليس أن ينظر إلى صور العاريات ـ كان أول مرة من باب حب الاستطلاع لا غيرـ لكنه غرق في الوحل، ومنذ أول لحظة تعلق القلب بهذه البلية حتى صار يومه كله أمام النت يبحث عن الجديد والعجيب، والنفس لا تكاد تكف عن طلب المزيد، حتى فسدت عليه حياته، وتأخر في دراسته، وضعف بدنه، وكاد قلبه أن يتلف، وكلما أراد التوبة غلبته الشهوة فعاد إلى ما كان بل أشد.. فهل من مخرج يا أصحاب الهمم والبصائر؟..
إنها قصة شاب تتكرر مع المئات بل مع الآلاف من الشباب والشابات، ولو أغلقوا الباب من أوله لكانت السلامة.
إن الشيطان لا يترك أهل الاستقامة على استقامتهم بل يحاول معهم ولا ييأس منهم أبدا، ولو كان له أن ييأس من أحد لكان آدم عليه السلام نبي الله وأول خلقه وهو في جنة الخلد أولى بذلك، ولكن هيهات. وطرق الشيطان متشعبة ووسائله لا نهاية لها، ولا يزال يحيك للناس ويزين لهم أنواع الفتن ويفتح عليهم مصاريعها بخبرة وإصرار وصبر وطول نفس، وعلمه بالنفس ومحبوباتها وخبايا زواياها وما يستهويها يجعله يدخل إليها من كل باب، فإذا انسد أمامه باب دخل من غيره، وربما فتح للعبد مائة باب من الخير ليوقعه في باب من الشر، فلعلها كانت القاصمة، وقد حذرنا الله من خطواته أشد التحذير: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (النور:21) ربما يعيش المرء زمانا بعيدا عن الشاشات ومنكراتها طالبا السلامة من فتنها ومحافظا على ضعف نفسه أمامها فيأتيه الشيطان فيزين له اقتناءها (لمعرفة أخبار الدنيا وأحوال العالم خصوصا أحوال المسلمين ليعيش معهم أتراحهم ويتعايش مع مشكلاتهم)، فما يزال به حتى يدخل الشاشة ذات الدش بيته، فيرى في البداية النشرات بمذيعاتها الفاتنات، وقد كان قلبه ينكر ذلك قديما فاعتاد عليه، ثم أخذه الشيطان إلى المباريات فقضى أمامها أوقاتا كان يضن بها قبل أن تضيع في مثل هذا، ثم بدأت نفسه تدعوه لمعرفة ما في الدنيا وأحوال الناس جميعا فيها فتحرك الروموت، ورويدا رويدا انزلقت القدم وراحت لذات الطاعات وخلفتها حسرات المعاصي فيا ليتها خطوة ما كانت. إن الشيطان لا يقول للعبد قم فارتكب الفاحشة، وإنما يستدرجه بالنظرة تلو النظرة، حتى إذا هاجت النفس سعت وخططت وتآمرت للحصول على مرادها، ولو غض البصر في البداية لسلم الدين في النهاية.
إنها أول خطوة .. يزينها الشيطان فقد تنزلق بها الأقدام، ويقع صاحبها وقوعا لا يمكنه بعده القيام. لا تنسونا من دعائكم
|
| |