الموضوع: صلاة مصر
عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /10-13-2011, 04:31 PM   #1

قلم بلا حبر
مشرف سابق
 

 رقم العضوية : 6075
 تاريخ التسجيل : Aug 2008
 العمر : 41
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 3,295
 النقاط : قلم بلا حبر has a reputation beyond reputeقلم بلا حبر has a reputation beyond reputeقلم بلا حبر has a reputation beyond reputeقلم بلا حبر has a reputation beyond reputeقلم بلا حبر has a reputation beyond reputeقلم بلا حبر has a reputation beyond reputeقلم بلا حبر has a reputation beyond reputeقلم بلا حبر has a reputation beyond reputeقلم بلا حبر has a reputation beyond reputeقلم بلا حبر has a reputation beyond reputeقلم بلا حبر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 64584
 قوة التقييم : 33

قلم بلا حبر غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر Yahoo إلى قلم بلا حبر

أوسمة العضو

تكريم أدارى درع التميز 162 

Exclamation صلاة مصر

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فى صباح يوم الثالث من فبراير للعام 2011 كانت اشعة الشمس تتسلل الى احد اهم ميادين العالم حينذاك ,,, تتساقط الاشعه واحدا تلو الاخر ذرات الرماد تتناثر هنا وهناك ,,, الاحخجار فى كل مكان ,, يسود الجميع حاله من الصمت المغلف بالارهاق الشديد ,,, احدهم الى جوار حائط ملطخ بالدماء يلقى بجسده المنهك ملابسه تنم عن موقعه حربيه كانت فى هذا المكان ,,,, انه اقرب ما يكون الى حالة مدينة لينينجراد ابان الىحرب العالميه الثانيه ,, احجار ورماد وبشر يتناثرون فى ارجاء الميدان ما بين مستلق على ظهره وما بين فاقدا للوعى وما بين مصاب يعالج ,,, وجوه شاحبه وعيون ملؤها التحدى ,, مفارقه عجيبه تسللت الى قلبى ,,, جعلتنى استكمل مسيرى بينما لاتزال الشمس فى صعودها لتنكشف كل اجاء المشهد ,,,

حقا انها معركه حربيه ,, لاشك ان طائرات ومدافع كانت هنا ,, قلتها بينى وبين نفسى وانا اشاهد احدهم لاتزال الدماء تسيل من كل جزء من جسده ,,, والى جواره طبيب يلاحق شبكه من الثقوب التى ابتلى بها جسده ,,, رفعت رأسى وتجولت بناظرى فى المكان لآشاهد ثلاثة اطفال يفترشون رداء امرأه فى العقد الرابع من العمر وقد أصابه وابل من الاتربه ولم يخلو من التمزق احدهم يصرخ والآم بحركه بطيئه تنم عن نفاذ ما لديها من قوه تحاول تهدئته دون جدوى ,,,

يالله ما هذا ,,, علمت منذ الصغر ان لكل شئ ثمن ,,, وتعلمت فى الكبر ان ثمن الحريه غالى ,,, لكنى لم اعتقد يوما ان تكون تلك المشاهد هى الثمن ,,,

عاودت النظر الى السماء ولم أتمكن من حجب قطرات الدموع التى بدأت تتساقط على وجنتيى قاومت هذا الاحساس بنظرات التحدى والكبرياء التى قاطعت سكونى وهى تقول على لسان صاحبها ,,,, : دموعك لن تكون بديلا لدماء هؤلاء ,, الشباب هناك بحاجه الى تماسكك وربطة جأشك ,,, اذهب وساعدهم ,,

كان رجلا كهلا ... الشيب قد اغتال تفاصيل جسده ,, لكن على النقيض يحمل فى عيونه اشراقة امل قلما تجدها لدى شاب فى العشرين من العمر ,,,

تخلصت من حالة الرثاء وافعمت بجرعه من التحدى بثها بداخلى هذا الشيخ ,,, ليتنى استطيع ان انزع تلك العزيمه منه لاستنسخها لنفسى ,,,,

انطلقت باتجاه الشباب عند احد السواتر كانت الآصوات تتعالى كلما اقتربت منهم ,,, انظر عن يمينى لالمح فى عينى احدهم ترحابا بقدومى حتى ولو لم يعبر بلسانه لكن ابتسامته الممزوجه بالتعب تنم عن هذا ,,, ابتسمت واغمضت عينى لاعبر له بنفس لغته عن امتنانى لترحيبه ليقاطعنى اصطدام قوى بكتفى الايسر ,, انه احد الشباب مسرعا نظر الى الخلف ورفع يده معربا لى عن اسفه بينما انا لم اعر اصدامه بى نفس الاهتمام الذى اعرته لحالته الصحيه ,, انه على ما يبدو مصابا فى قدمه ,,, سرواله ممزق والدماء لاتزال تسيل من فخذه الآيمن ,,, استدرت بجسدى واندفعت نحوه مسرعا حتى لحقت به ,,,
وعرضت عليه المساعده ,, ولكنى لازلت قيد هذا التسلسل الغريب من الاحداث التى تصيبنى بعلامات التعجب والدهشه ,, فعلى عكس ما توقعت وجدته يبتسم ثم ينظر الى بنظره حانيه ويربت على كتفى ليخبرنى بانه ذاهب لجلب المساعده لاحد الشباب الذى أصيب بطلق نارى فى رقبته وأشار الى مكان تواجده ,,, اتسعت عيناى وهرولت اليه فى السؤال : أحقا انت لست بحاجه الى المساعده ؟
فأجاب : منذ الآمس وانا هكذا لكنى أشعر بارتياح شديد وعلى العكس احس بسريان نبضات بداخلى غريبه تدفعنى الى الحركه وتحجب عنى الآلم

نرظت اليه وانا احاول ان ادرك ما يحدث لكنه قاطعنى بابتسامته : أرجوك أذهب هناك حتى أجلب المساعده ,, امأت برأسى وانطلقت مسرعا تتكرر المشاهد امام عينى ,, ويلتف رأسى بدائره كبيره من علامات التعجب والاستفهام ,, يخالجنى شعور بالسعاده ويغتالنى فى نفس الوقت شعور بالقلق ,,, تتخاطف عينى المشاهد من كل الجوانب وانا لاأزال اهرول فى طريقى الى هذا المصاب وكل املى ان اكون سببا فى نجاته ,,, اخيرا وصلت اليه انه شاب فى العقد الثالث من العمر ملقى على ظهره وجهه به العديد من الجروح الداله على انه تعرض لتشويه متعمد لوجهه لاخفاء ملامحه ليصعب التعرف عليه ,, ينساب شلال الدماء أسفل رقبته ,, مبتور اليدين ,, ولاتزال الدماء تنزف منهما بالرغم من ان احدهم قد قام بربطها بقميصه,,, و هنالك العديد من الثقوب الدائريه فى جسده وهى الآخرى تتدفق منها الدماء ,, انحنيت لآمسح عنه دماؤه لاجد احدهم يصرخ من بعيد لا تحركه حتى يصل الطبيب ,, كان الشخص يحمل احجارا باحجام صغيره ويندفع بها فى اتجاه بعض الشباب الذين يتخذون من عربات قد احترقت واخشاب مكسره والواح من الحديد ساترا يحتمون به ويتبادلون من خلفه القاء تلك الاحجار على المهاجمين ,, أيقنت منذ الوهله الاولى انه اعلم منى وعلى ذلك خلعت قميصى وبدأت احاول كتم الدم المنهمر من رقبة الشاب بحرص حتى لا أتسبب فى ما لايحمد عقباه ,,, وبينما انا اقوم بهذا رأيت جفون الشاب تحاول ان ترتفع رويدا رويدا حتى انكشف من خلفها بياض عينيه ,, شفتاه هى الآخرى تحاول التخلص من سكونها لكن دون جدوى ,, تحدثت اليه قائلا : لا تقلق كل شئ سيكون على ما يرام ,, واكملت محاولاتى فى السيطره على تدفق الدم حتى شعرت باقتراب احدهم من خلفى فاستدرت لاجد الطبيب وقد تلاحقت انفاسه وشحوب وجهه يؤكد انه لم يذق طعم النوم منذ وقت ليس بالقليل ,, بدأ الطبيب الشاب يحاول ان يسعف المصاب وانا الى جواره اساعده الى ان نظر الى والدموع تتساقط من عينه قائلا ,,, استدعى اخرين لحمل الشهيد ,,, تجحظت عيناى ,, وأصبت بشلل فى اطرافى جعلنى أسقط على ركبتاى وأنا لا أنبث ببنت شفه وكل ما كنت أشعر به هو رغبتى فى الصراخ لكنى حتى لا أستطيع تحريك شفتاى ,,, لم يكن لينجدنى من هذا سوى صوت الطبيب وهو ينهرنى قائلا :: تماسك يا اخى فكلنا فداءا لمصر ,, احتسبه عند الله شهيدا ,, اذهب فاستدعى من يساعدنا على حمله فتكريمه فى دفنه ,,, اعتدلت بجسدى وكلى قلق من يهوى على الآرض لكن استجمعت ما تبقى لدى من قوه واستدعيت من مخيلتى نظرات العجوز الذى شاهدته عند قدومى والتى غمرتنى بالتحدى والاصرار وانطلقت صارخا :: نحن فى حاجه الى المساعده ,, ليقترب منى العديد من الشباب ونعاود جميعا الى الشهيد ويهم الجميع بحمله والسير به نحو خيمه علمت بعدها انهم يتخذونها مستشفى لمصابى الميدان ,,, وهناك تبادلت الحديث مع احدهم وبدا لى انه يعرف هذا الشخص جيدا من خلال حديثه عن بطولته فى صد زحف البلطجيه تجاه الميدان وانقضاضه فى بعض الاحيان نحوهم حتى استطاعوا فى مره من المرات السيطره عليه واختطافه بعيدا ومن ثم معاودةالقاؤه فى احد الشوارع الجانبيه المؤمنه من قبل الثوار ليحمله احد الشباب بعيدا عن مناطق الاشتباك ,,,, تعجبت وسألته كيف علمت بهذا وهو مشوه الوجه وملامحه لا تكاد تظهر ,,,, فأجابنى انه لم يشاهده الا بالامس فقط وانه كان ملفتا للانظار لشجاعته المنقطعة النظير وجرأته فى مواجهة البلطجيه كما انه كان يرتدى زيا مميزا و الجميع كان يتابعه وهو يطارد ويقاوم لكن كان من الصعب التوقف للتعرف عليه من قرب ومن هنا صار بالنسبه لنا مجهولا ,,,شعرت بخيبة امل تتدفق بداخلى فبينما كنت أشاهد التلفاز بالامس كان هناك من يقدم روحه بكل ترحاب فداءا لوطنه ,,, لاجد الشاب فى مواجهتى وقد شعر بما انا عليه فوضع يده على راسى وقال :: لا عليك فانت الآن بيننا ويمكنك فعل الكثير ,, لكن الآن دعنا نتعرف على هوية الشهيد حتى نتمكن من مساعدته ,, فلو كنا قد اخفقنا فى مساعدته حيا ,, فحقه علينا تكريمه شهيدا ,,, تحولت بنظرى نحو الشهيد وانحنيت على سرواله محاولا استخراج حافظته الشخصيه للاطلاع على هويته فلم اجد شيئا ,, يبدو ان البلطجيه قد استولوا علىمتعلقاته الشخصيه ,, وهنا اعترانى القلق مرة اخرى ,, فكيف سيتسنى لنا ان ندفنه دون معرفة هويته ,, كما ان الجثه مشوهه مما يصعب حتى من فكرة نشر صورته على الفيس بوك او الصحف للاستدلال على هويته ,,, رباه : كيف لشخص ان يحيا بطلا ويستشهد مجهول الهويه ؟

لم أشعر سوى برغبتى فى الصراخ عاليا :: لييييييييييييه ؟؟؟؟؟؟؟

ليلتف حولى حشد من الناس محاولين تهدئتى دون جدوى ,, كانت افكار كثيره تقودنى الى تلك الحاله ,, فكيف لانسان ان يضحى بحياته من اجل ما يؤمن به ثم يغرف فى المجهول ,, كيف ؟؟؟؟

لم يكن امام المجموعه التى تجمعت من حولى سوى محاولة ايجاد الحلول للخروج من هذا النفق المظلم الذى شعر به الجميع ,,, توقفت الانفاس عند انطلاق صوت عالى من شخص فى العقد الخامس لحيته يشوبها بعض البياض يحمل بين يديه بعض الآوراق قائلا :: لماذا انتم متحيرون دعونا نصلى عليه وندفنه فان كان قد غم علينا شخصيته فهو عند الله معلوما وسكنه الجنه ان شاء الله ,,, نظر اليه احدهم وهو يهمس فى صوت خافت :: لكن يا شيخنا كيف نصلى عليه ونحن حتى لا نعرف هل نصلى عليه صلاة المسلمين ام صلاة المسيحين ؟؟

نظر الجميع الى بعضهم البعض وقد تكيت وجوههم بالحيره ,, ثم تلاقت الاعين كلها نحو يدى الشهيد التى قد بترها البلطجيه ,, فلم يعد هنالك ما يدل على هويته المسيحيه او المسلمه وهنا يلف السؤال جميع الواقفين :: بأى طريقه سوف يدفن الشهيد وما هى الصلاه التى سوف تصلى عليه ,,,, ؟؟

وبدأ الجميع فى الدخول فى نقاشات جانبيه عن احدهم قد رأى الشهيد وهو يكبر اثناء مطاردته للبلطجيه ,, وجزم الآخر بانه شاهده وهو ينطلق مسرعا حينما راى الخيول تكاد تدهس الصليب الذى سقط على الارض من احد القساوسه أثناء محاولة تفاديه لهجوم الخيول والجمال ,,,,

ثم ينادى ثالث بالتحكيم الى العقل ,,, فلو احد المسلمين شاهد قسا يسقط لهم الى نجدته وكلنا كنا لنفعل هذا كما ان الصليب ليس رمزا دينيا فقط بل هو رمز وطنى ايضا ,,,, كما ان اخوتنا المسيحيين قد شاركونا كثيرا فى تكبيرنا فليس فى الدين المسيحى ما يمنع من ان (( الله اكبر ))

كانت كلمات الثالث هذا صدمه للجميع انقطع معها حبل التفكير فى هوية الشهيد وبات أشبه الى اليقين ان لا سبيل الى معرفة ديانته ويجب البحث عن حل بديل ......

وهنا استدرت بجسدى قليلا نحو الجدار بخلفى فاطرافى لاتزال مجمده وبالكاد استطيع رفع رأسى بهدوء وجفونى تتثاقل حين انوى رفعها ,, ليقع نظرى على ذاك العجوز الذى قابلته اول ما أتيت الى الميدان فناديته بوالدى ,, وكلى فخر بهذا فتوقف ونظر الى :: هل أصابك مكروه ؟

فأجبته بالنفى ,, وقصيت عليه قصة الشهيد وطلبت منه حلا .... فانعقد حاجباه ثم توجه الى الجميع حول الشهيد صارخا بصوت عال ,, :: عجبا لكم لقد عاش بطلا لاجل مصر ومات شهيدا لاجلها ,, فلنصلى عليه صلاة مصر

فاندهش الناس من حولى ,,,,,, لكنى تبسمت لانى اخيرا وجدت الحل ..........


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

القصه من وحى الخيال ,, لكن لكم تمنيت ان اكون احد ابطالها ,, لكن فى نفس التوقيت الذى كان يدافع فيه اخوتى عن مصر مدنيا فى ميدان التحرير ,, كنت انا من بين من يدافعون عنها عسكريا ,, فخدمتى العسكريه قد انتهت بنهاية شهر اغسطس 2011

بالقطع جميعنا فى حاجه الى صلاة مصر ,,,,,,








  رد مع اقتباس