مدخل
عذرا رسول الله ان قصرت في وصفي فان جمالكم لن يوصفا
قد جـاءت قديمــاً ذرة من نوركـم قد جمـل الرحمن بها يوسفا
والله لـو جـد العبـاقر كلهــم لوصــف افضــال له لـن تعـرفــا
والله لـو مـاء البحـار بجمعهــا كـان مدادا لوصف احمد ما كفـا
والله لـو قلـم الزمــان مـن البدايــة للنهايــة ظل يكتب ما اكتفـا
والله لـو قبـر الرســول تفجــرت انـواره للبـــدر ولى واختفــــا
يكفيـه لقيـا فى السمـاوات العلا وبحضـرة المولى الجليل تشرفا
يكفيـه ان البـدر يخســف نـوره لكـن نـور مـحمـد لـن يخسفـــا
لبيك يا رسول الله,قصيدة في نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم ضد الإساءة والافتراء عليه
قصيدة نظمها الأستاذ (( يحيى فتلون )) ناهجًا منهج شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم في الدفاع عنه وعن الإسلام والمسلمين ضد إساءات الأعداء الظالمين مستوحيًا فيها ظروف العصر وتاريخ الأمم ومشيرًا إلى بشائر وإنذارات على ضوء الكتاب والسنة
القصيدة
لَــــبَّيْـــــكَ يـا رَسُـــــولَ الله
لا تَعْجَبَنَّ إِذَا أَدْمَاكَ بُهْتَانُ ----- بِسَـهْمِ حِقْـدٍ ، وَقَدْ أَذْكَتْـهُ نِيْـرانُ
أَصْمَى فُؤَادًا , وَحُبُّ اللهِ تَيَّمَهُ ----- وَحُبُّ خَـيْرِ الوَرَى : عُجْـمٌ وعَدْنَانُ
مُحَمَّدٌ , مَنْ حَبَاهُ اللهُ طَلْعَتَهُ ----- نُـورٌ أَضَـاءَ , فَلا يَمْحُـوهُ بُطْـلانُ
فَالْحَـقُّ أَبْلَجُ , لا تُزْرِيهِ زَوْبَعَةٌ ----- يَشُـنُّهَا حَـاقِدٌ , أَذْكَتْـهُ أَضْغَـانُ
لا يَنْطَفِي النُّـورُ إِنْ أَفْوَاهُهُـمْ نَفَخَتْ ----- أَوْ أَعْـيُنٌ عَمِيَتْ ، أَوْ صُمَّ آذَانُ
كَالشَّـمْسِ تَعْـلُو بِنُورٍ , لا يُبَدِّدُهُ ----- مَـرُّ السَّحَابِ ، ولا يَمْحُوهُ كُفْرانُ
* * 1 * *
يَـا دَوْلةَ الرُّومِ , مَهْـلاً , إِنَّ كَيْدَكُمُ ----- كَالزَّبَـدِ الآسِـنِ اسْتَحْـلاهُ دِهْقَـانُ
أَفْوَاهُكُمْ شَانَهَـا البَغْضَاءُ , يَنْسُـجُها ----- زُورُ الكَلامِ ، لَكُمْ بِالـزُّورِ خُسْـرَانُ
يَـا دَوْلةَ الرُّومِ , بِئْسَ الصُّنعُ يَصْنَعُـهُ ----- خَسِيسُ أَرْذَلِكُـمْ ، حَاشَـاهُ إِنْسـانُ
هذَا الرَّسُولُ أَتَى , بالْخِزْيِ يُنْذِرُكُمْ ----- دُنْيَـا وأُخْرَى إذا مَا نَدَّ إِيْمَانُ
بِالبَيِّنَـاتِ أَتَى , كَالشَّـمْسِ سَاطِعَـةً ----- والْمُعْجِزاتِ : فَتِبْيَانٌ , وبُرْهَانُ
إِنَّ العِـدَا شَهِـدُوا إذْ أَنْصَفُـوهُ فَـلا ----- يُجْدِيكُمُ سَفَهٌ مِنْكمْ ونُكْرانُ
قَدْ غَرَّكُمْ زُخْـرُفُ الدُّنْيـا وَزَهْرتُـهَا ----- هِيَ الحَيَـاةُ ، فَمَـوْتٌ ثُـمَّ نِسْـيَانُ
وَزَيَّنَتْ لَكُمُ مَـا سَـوَّدَتْ صُحُـفٌ ----- صِحَـافَ أَوْجُهِكُمْ ، بُـؤْسٌ وخُذْلانُ
ويومَ يَبْعَثُكُمْ رَبُّ العِبادِ فَلا ----- نَجَـاةَ مِنْ لَهَبٍ , يُصْلِي ونِيْرَانُ
* * 2 * *
هُوَ النَّبِـيُّ بِبُشْـرَى فِي كِتَـابِكُـمُ ----- بِصِدْقِ إِنْـجِيلِكُمْ , فَلْيُصْغِ كُهَّانُ
وَيَا يَهُـودُ دَعُـوا التَّزْوِيْرَ مِنْ كَـذِبٍ ----- تَـوْرَاةُ سِيْنائِكُمْ : قُدْسٌ وفَارَانُ
فَلَنْ يَضِيرَ رَسُولَ اللهِ مَنْ نَزَلَتْ ----- مِنْ ذِي الْجَلالِ لَهُ : (( إِقْرَأْ )) وقُرْآنُ
تَكْذِيـبُ قَوْمٍ قَسَـتْ مِنْهُمْ قُلُوبُهُـمُ ----- فَكَالْحِجَـارَةِ أَضْحَتْ ، بَلْ عَـلا رَانُ
قَدْ مَرَّ أَلْفَـانِ مِنْ عَدِّ السِّـنِينَ ، أَلا ----- مِنْ بَعْدِ عِيسَى رَسُوْلٌ ! مَرَّ أَزْمَانُ
أَمِ النُّبُـوَّةُ فِي (( بُوشٍ )) ودَعْوَتِهِ ----- وَأَنَّهُ مُلْهَمٌ ، فَلْيَدْرِ صِبْيَـانُ
نَشْـرُ الفَسَادِ لَهُ دِيْنٌ , وَدَيْدَنُهُ ----- شَـنُّ الحُرُوبِ ، لَهُ فِي الظُّلْمِ أَقْـرَانُ
فَكَمْ شُعُوبٍ تُعَانِي مِنْ عَدَاوَتِهِ ----- فَقْرًا ، وَقَدْ قُصِفَتْ أَرْضٌ وبُلْدَانُ
* * 3 * *
يَـا مَنْ تَذَرَّعَ بِالأَقْـوَالِ وَاهِيَةً ----- حُرِّيَةُ الرَّأْيِ تَزْوِيرٌ وبُهْتَانُ
لَكَ البِشَارَةُ فَـارْقُبْ سُوءَ عَاقِبَةٍ ----- قَدْ جُـزَّ قَبْلَكَ فِرْعَوْنٌ وَهَامَانُ
وَمَـزَّقَ اللهُ ((كِسْـرَى )) ثُمَّ دَوْلَتَهُ ----- وَأُخْمِدَتْ أَبَدًا لِلْفُرْسِ نِيْرَانُ
إِذْ مَـزَّقَ الآثِـمُ الْمَأْفُـونُ عَنْ كِـبَرٍ ----- كِتَابَ خَـيْرِ الوَرَى ، فَاللهُ دَيَّانُ
فَاشْكُرْ(( هِرَقْلَ )) لِتَعْظِيمٍ كِتابَ رَسُوْ ----- لِ اللهِ , إذْ حُفِظَتْ لِلرُّومِ أَدْيَانُ
وَقَوْمُ نُوْحٍ , أَتَـاهُمْ حِينَمَا سَخِرُوا ----- بِأَمْـرِ رَبِّكَ تَدْمِـِيْرٌ وَطُوْفَانُ
سَفِينَةُ اللهِ تُنْـجِي مَنْ لَهُ نَصَرُوا ----- وَمَنْ لَهُمْ بِجَلالِ اللهِ إِيْـقَانُ
كَذَا شُعَيْبٌ ، فَلَمَّا قومُهُ سَخِرُوا ----- بِصَيْحَـةٍ أُهْلِـكُوا فِيهَا , وَقَدْ بَانُوا
أَمَا سَمِعْتَ كِتَابَ اللهِ مُدَّكِرًا ----- لأَغْلِـبَنَّ وَرُسْـلِي ، بَلْ لَهُمْ شَانُ
إِيْذَاءُ مُصْحَفِنا تَمْزِيْقُ دَوْلَتِكُمْ ----- هُوَ الكِتابُ لِنَهْجِ الْحَقِّ مِيْزَانُ
يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ , والرَّحْمَنُ يَحْفَظُهُ ----- هُوَ لِلْعِبَادِ ولِلأَكْوَانِ فُرْقَانُ
* * 4 * *
تاريْخُنا شاهِدٌ فِي حُسْـنِ سِيْرَتِنا ----- وَسُوءِ سِـيْرَتِكُمْ , فَلْيَصْحُ وَسْنَانُ
بُشْرَى لَكُمْ يا بِلادَ الشَّامِ , يَحْفَظُها ----- رَبٌّ عَظِيْمٌ رَؤُوفٌ , فَهْوَ مَنَّانُ
كِنَانَـةُ اللهِ , سَوْطُ الْحَقِّ صَامِدَةٌ ----- فَيَا دِمَشْـقُ : لِيَسْــعَدْ فِيكِ قُطَّانُ
أَخْبارُهَا ذُكِرَتْ بُشْـرَى وتَذْكِرةً ----- كَـذَاكَ قَدْ ذُكِرَتْ قُدْسٌ وعَمَّانُ
فَأَنْتِ مَهْبِـطُ عِيسَـى فِي مَنَارَتِهِ ----- رُوْحِ الإلَهِ ، وفِي الأَقْصَى لَهُ شَانُ
* * 5 * *
يَا سَيِّدي يَا رَسُولَ اللهِ مَعْذِرَةً ----- مِنْ أُمَّـةٍ فُجِعَـتْ , وَالْكُلُّ غَضْبَـانُ
لَكِنَّـهَا وَبِعَـوْنِ اللَّـهِ وَاثِـقَةٌ ----- مِنْ عِزِّ ربِّكَ مَهْمَا جَدَّ أَحْزَانُ
فَأَنْتَ سَـيِّدُنَا ، بَلْ أَنْتَ قَائِدُنَـا ----- فِي كُلِّ قَلْبٍ لَكُمْ رَوْحٌ وَرَيْحَانُ
وَأَنْتَ مَوْئِلُنَا فِي كُلِّ نَازِلَةٍ ----- لَكَ الفِـدَاءُ , ومَهْما تَغْلُ أَثْمَانُ
وَأَنْتَ بُغْـيَتُنا ، بَلْ أَنْـتَ شَـافِعُنَـا ----- لَكُـمْ مِـنَ اللهِ تَأْيِيْـدٌ وإِحْسَــانُ
فَدَتْـكَ رُوْحِي ورُوْحُ الْخَلْقِ كُلِّهِمُ ----- طَوْعًا وكَرْهًا ، فَتَصْدِيْقٌ , وإِذْعَانُ
فَنَحْنُ أَبْناءُ مَنْ صَحِبُوكَ إِذْ صَدَقُوا ----- إِنَّا كَذلِكَ أَنْصَارٌ وأَعْوَانُ
لا كَاليَـهُودِ , فَقَـدْ آذَوْا نَبِيَّهُـمُ ----- أَصَابَـهُمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ خُذْلانُ
* * 6 * *
إِنْ كُنْتُ أَبْغِي بِقَرْضِ الشِّعْرِ مَكْرُمَةً ----- قَـدْ فازَ سَـبْقًا بِهَا كَعْبٌ وحَسَّـانُ
لَكِنَّنِي قَـدْ عَقَدْتُ العَـزْمَ مُلْتَمِسَـًا ----- لَثْمًا لِبُرْدَتِهِ , يَا نِعْمَ أَرْدَانُ
فَاقْبَلْ دِفَاعَ عُبَيْدٍ مُغْرَمٍ وَلِهٍ ----- لِطِيْـبِ لُقْيَـاكَ مُشْـتاقٌ وعَجْـلانُ
أَرْجُوْ بِمَدْحِكَ أَنْ أَحْظَـى بِأُنْسِـكُمُ ----- فِي جَنَّةِ الخُلْدِ ، فِرْدَوْسٌ ورِضْوَانُ
لَعَلَّ رَشْفَـةَ كَأْسٍ مِنْ يَدٍ حَظِيَتْ ----- بِكَوْثَرِ الْحَوْضِ , يُسْقَى مِنْهُ رَيَّانُ
يا رَبِّ صَلِّ عَلَيهِ دائِمًا أَبَدًا ----- مَعَ السَّـلامِ , بِقَـلْبٍ فيهِ وَلْهَانُ
* * 7 * *
10 محرم 1427 هـ
8 شباط 2006 م نَظَمَهَـا : يَحْيَــى فَتـَلُــــون
شـرح الكلمـات :
1- أَذْكَتْـهُ : ذكَّيْتُ النارَ , وأَذْكَيتُها إذا أَتْمَمْتُ إشْعالَها . أَصْمَى : أَصْمى الرَّمِيَّةَ : أَنفذَها . تَيَّمَهُ : التَّيْمُ : أَن يَسْتَعْبدَه الهَوَى . أَبْلَجُ : مشرقٌ مضيءٌ , ومنه تبَلَّج الصُّبحُ وانْبَلج . تُزْرِيهِ : الازْدِراء : الاحْتِقارُ والانْتِقاصُ والعَيْبُ . أَضْغانُ : الضِّغْنُ والضَّغَنُ : الحِقْد ، والجمعُ : أَضْغانٌ .
2- الآسِنِ : الآسِنُ من الماء , مثلُ الآجِن : الْمُتَغَيِّرُ غيرَ أَنه شَرُوبٌ . دِهْقَانُ : الدُِّهْقَان بكسر الدال وضمها : رئيسُ القَرْية , والتاجر القويّ على التصرف مع حِدَّة , وهو فارسي معرَّب . شَانَهَا : الشَّينُ : العَيبُ , وهو ضِدُّ الزَّين . بِالْخِزْيِ : الخِزْيُ : الهوان والهلاك والوقوع في بَلِيَّةٍ , وأَخْزاهُ اللهُ : أَي قَهَره . نَدَّ : نَدَّ البعير يَنِدُّ نَدًا ونُدُودا : نَفَرَ وذهب على وجهه شارداً . سَفَهٌ : السَّفهُ : الخِفّةُ والطيشُ , وهو ضدُّ الحِلم , وسَفِهَ فُلانٌ رأيَه إذا كان مَضْطربا لا اسِتقامَةَ له , والسفيهُ : الجاهلُ . بُؤْسٌ : البُؤسُ : الخضوعُ والفقر .
3- فَارَانُ : اسمٌ عِبْرَانيٌّ لجبال مكَّة ، له ذِكر في أعْلام النُّبوّة . رَانُ : الرَّانُ والرَّيْنُ سواءٌ , وفي التنزيل العزيز : كلا بل رَانَ على قلوبهم ما كانوا يكسبون : أَي غَلَبَ وطَبَعَ وخَتَم . دَيْدَنُهُ : الدَّيْدانُ والدَّيْدَنُ والدِّينُ : العادةُ .
4- تَذَرَّعَ : الذَّرِيعَةُ : الوسيلةُ , وقد تَذَرَّعَ فلان بذريعةٍ : أي توسَّلَ بوسيلةٍ , والجمعُ : الذَّرَائِعُ . الْمَأْفُونُ : الضعيفُ العقل والرأي . دَيَّانُ : الدَّيَّانُ من صفة الله تعالى , أي : الْمُجازي . بَانُوا : البَيْنُ في كلام العرب جاء على وجْهَين : البَينُ بمعنى الفُرْقةَ ، أو بمعنى الوَصْلِ ، تقول : بانَ يَبِينُ بَيْناً وبَيْنُونةً ، وهو من الأَضداد , وبَانُوا هنا : افترقوا . فُُرْقَانُ : كلُّ ما فُرِقَ به بينْ الحق والباطلِ فهو فُرْقانٌ .
5- وَسْنَانُ : رجلٌ وَسْنانُ ونَعْسانُ بمعنى واحد , والوَسَنُ : أَولُ النوم . قُرْبَانُ : القُرْبانُ ما قَرَّبْتَ إِلى اللّه ، تبتغي بذلك قُرْبةً ووسيلة . مَنَّانُ : الْمَنَّانُ : من أسماء اللّه تعالى , وهو الْمُنْعِمُ المُعْطِي ، من المَنِّ : العَطاءِ ، لا مِنَ المِنَّةِ . كِنَانَةُ اللهِ : الكِنانَةُ : الجُعْبَةُ التي تُجْعَلُ فيها السهامُ . قُطَّانُ : قَطَنَ بالمكان : أقام به , وتوطَّنه فهو قاطِنٌ , والجمع قُطَّانٌ وقَطِينٌ .
6- رَوْحٌ وَرَيْحَانُ : الرَّوْحُ بالفتح من الاستراحةُ وكذا الرَّاحَةُ , والرَّوْحُ أيضاً و الرِّيْحانُ : الرحمةُ والرزقُ .
7- كَعْبٌ وحَسَّانُ : من شعراء النبي . لِبُرْدَتِهِ : أي : البردةِ التي ألبسَها النبي كَعْبَاً حين مدحه بقصيدته التي مطلعها (( بانَتْ سُعادُ )) . أَرْدَانُ : الرُّدْنُ : الكُمّ , يقال : قميص واسع الرُّدْن . وَلْهَانُ : الوَلَهُ : ذهابُ العقل والتَّحَيُّرُ من شدّة الوَجْدِ أَو الحُزْنِ أَو الخوفِ لفِقْدانِ الحبيب .