الركن الثالث : الإيمان بالكتب أ- معنى الإيمان بالكتب : التصديق الجازم بأن لله تعالى كتبا أنزلها على رسله إلى عباده، وأن هذه الكتب كلام الله تعالى تكلّم بها حقيقة كما يليق به سبحانه، وأن هذه الكتب فيها الحق والنور والهدى للناس في الدارين. والإيمان بالكتب يتضمن ثلاثة أمور: الأول : الإيمان بأن نزولها من عند الله حقَاَ. الثاني : الإيمان بما سمّى الله من كتبه كالقرآن الكريم الذي نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، والتوراةِ التي أنزلت على موسى عليه السلام ، والإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام. الثالث : تصديق ما صح من أخبارها كأخبار القرآن , أي ما علمنا أنه حقا من كلام الله تعالى فلابد لنا من تصديق كل ما جاء فيه والتسليم به تسليما مطلقا , وهذا حاليا ينطبق فقط على القرءان الكريم , لأن الكتب الأخرى قد حرفت وبدلت , كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى . والإيمان بالكتب أحد أركان الإيمان، كما قال سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ }. فأمر الله بالإيمان به وبرسوله وبالكتاب الذي نزّل على رسوله صلى الله عليه وسلم وهو القرآن، كما أمر بالإيمان بالكتب المنزلة من قبل القرآن. وقال صلى الله عليه وسلم عن الإيمان: « أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره » . تحريف الكتب السابقة : أخبرنا الله تعالى في القرآن الكريم أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى قد حرّفوا كتبهم، فلم تعد في صورتها التي أنزلها الله تعالى. فحرّف اليهود التوراة، وبدّلوها، وغيرّوها، وتلاعبوا بأحكام التوراة، قال تعالى: { مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ } . كما حرفّ النصارى الإنجيل، وبدّلوا أحكامه، قال تعالى عن النصارى : { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) . موقفنا من الكتب الموجودة الان بين ايدي اهل الكتاب : ليست التوراة الموجودة الآن هي التوراة التي أنزلت على موسى عليه السلام، ولا الإنجيل الموجود الآن هو الإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم و( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم )). رواه البخاري .
وقال صلى الله عليه وسلم : (ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولاتكذبوهم وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله , فإن كان حقا لم تكذبوهم وإن كان باطلا لم تصدقوهم ) السلسة الصحيحة . إن التوراة والإنجيل التي في أيدي أهل الكتاب قد حُرف وبُدل كثير منها وزيد فيها ونقص منها , وأصبحت تشتمل على عقائد فاسدة، وأخبار باطلة، وحكايات كاذبة، فلا نصدِّق من هذه الكتب إلا ما صدّقه القرآن الكريم، أو السنة الصحيحة، ونكذب ما كذّبه القرآن والسنة , أما ما ذكر فيها مما لم يصدقه القرءان الكريم والسنة ولم يكذباه فنتوقف فيه , فلا نصدقه لجواز أن يكون باطلا , ولا نكذبه لجواز ان يكون حقا , ونقول : ءامنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم . النهي عن الانشغال بقراءة كتبهم وكتابتها : وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قراءة كتبهم وكتابة شيء منها .. فجاء في الحديث الذي رواه احمد وغيره وحسنه الألباني : ( عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ فَقَرَأَهُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَغَضِبَ وَقَالَ « أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً , لاَ تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَىْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ , وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلاَّ أَنْ يَتَّبِعَنِى ». حديث حسن . فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن ننشغل بدراسة القرءان والسنة , فقد جاءت بيضاء نقية واضحة صافية , لم تغير او تبدل .ويستثنى من هذا الحكم العلماء الذين يقرؤون كتبهم للرد عليهم ومناظرتهم , كما كان يفعل بعض الصحابة رضي الله عنهم , لكن بشكل عام فإن المسلم عليه ألا ينشغل بكتبهم وأخبارهم , حتى لا يقع في المحظور فيكذب حقا او يصدق باطلا ,, وعنده كتاب الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه و سلم ففيهما الغنى والكفاية , فإن جاءه شيء مما ورد في كتبهم كان موقفه منه كما ذكر سابقا .
|