الموضوع: الرسول قدوتنا
عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /01-30-2012, 12:09 PM   #1

نسيتك وبادعيلك

عضو ذهبي

 

 رقم العضوية : 75699
 تاريخ التسجيل : Oct 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : مصر
 المشاركات : 1,151
 الحكمة المفضلة : كن كالشجر يرمية الناس بالحجر فيسقط اليهم الثمر
 النقاط : نسيتك وبادعيلك has a reputation beyond reputeنسيتك وبادعيلك has a reputation beyond reputeنسيتك وبادعيلك has a reputation beyond reputeنسيتك وبادعيلك has a reputation beyond reputeنسيتك وبادعيلك has a reputation beyond reputeنسيتك وبادعيلك has a reputation beyond reputeنسيتك وبادعيلك has a reputation beyond reputeنسيتك وبادعيلك has a reputation beyond reputeنسيتك وبادعيلك has a reputation beyond reputeنسيتك وبادعيلك has a reputation beyond reputeنسيتك وبادعيلك has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 6662
 قوة التقييم : 0

نسيتك وبادعيلك غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر Yahoo إلى نسيتك وبادعيلك
أوسمة العضو

وسام الابداع الخيالى المركز الثانى 285 45 

الرسول قدوتنا

د. إسماعيل علي
حين نذكر يوم ميلاد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ينبغي أن نستحضر سيرته لنتبعها، وخُلقه لنقتدي به، واستغراقه في مهمته التي كلفه الله بها لنأخذ عنه الإخلاص في العمل ومضاء العزيمة وإنسانيته في التعامل؛ لنسير على ما عهد به إلينا من حق وعدل فنرتفع بالعدالة ونرتفع عن الدنايا ونتوب عن الخطايا ونعتصم بحبل الله الذي جاء به هذا النبي؛ فقد كان كما أثنى عليه ربه الذي أرسله واجتباه: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)) (التوبة).

فهو القدوة الحسنة: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)) (الأحزاب).

لقد كان مولده صلى الله عليه وسلم نورًا أضاء هذا الكون، وهدًى إلى الصراط المستقيم، لقد بدلت رسالته قومه فأنشأتهم خلقًا آخر؛ إذ وحدتهم بعد فُرقة، وأعزتهم بعد ذلة، اكتسبوا بها إنسانية افتقدوها في مجتمعاتهم وتخلوا في ظلها وعلى هديها عن أنانية مفرطة سيطرت عليهم، واستناروا بالإسلام فأنار الله قلوبهم، وحاربوا دفاعًا عن دينهم فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما استكانوا، وإنما واصلوا نُصرة الحق حتى رفعوا راية القرآن التي وحدت صفوفهم وألفت قلوبهم حتى امتن الله بذلك على رسوله فقال: (لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)) (الأنفال).

وها هو ميراثهم بين أيدينا فلم لا نحمله في صدورنا ونملأ به قلوبنا؟!

إن القرآن مأدبة الله وهداه فلم ننحاز عنه ولا ننزل على حكمه؟ (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)) (المائدة).

في ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ينبغي أن نتحدث عنه من قلوبنا وليس بألسنتنا فحسب؛ فإن حديث القلب دافع إلى العمل ونافع في المستقبل.

ولنتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ونُعلِّم سيرته أولادنا، وإنه لمن الوفاء لذكراه والمعرفة بحقه ألا نذكره إلا مقترنًا بلقب الرسالة أو النبوة كما علمنا ربنا في القرآن الأدب مع رسوله: (لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا) (النور: من الآية 63).

إلى هؤلاء المسلمين الذين يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مجردين اسمه مما كرمه الله به، أسوق هذه الآية لعلنا نتذكر أو أن نخشى.

لتكن هذه الذكرى تذكرة للمسلمين بأن رسالة الإسلام- خاتمة رسالات الله- ينبغي أن تُصان عن العبث، وأن تقود المجتمع وتسود ربوعه في كل شئون الحياة، وأن يكون كل مسلم ومسلمة حارسًا أمينًا عليها، يؤمن بها وينفذ أحكامها، ولا يلتفت عنها إلى غيرها في سره وعلانيته وسلوكه وعباداته ومعاملته مع الآخرين، وأن يعلمها أهله وبنيه، حتى يقوم بناء هذه الأمة من جديد قويًّا على الأسس التي أقامها عليها الله، وحتى تستمر رسالة هذا النبي صلى الله عليه وسلم التي رسمت الطريق لإسعاد الناس:
(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)) (الأنعام).

هذا الصراط المستقيم قد حمَّل أمة المسلمين مسئولية إقامة المجتمع الصالح فكان الواحد منها رجلاً أو امرأة مسئولاً عن عمله وسلوكه وأخلاقه، ومسئولاً عمن في ولايته من أهل وولد:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)) (التحريم).


ينبغي أن يكون الاحتفاء بذكرى ميلاد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بما يناسبه من إجلال وتكريم ومراجعة لأقواله وأخلاقه لنقتدي به في الدين والدنيا.
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)) (الأحزاب).

من الوفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتخذ القرآن إمامًا، وسنته بيانًا، وأن نحذر الفرقة ونوحد الصف، حتى تكون أمة المسلمين كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

في ذكرى مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم نذكر سماحته وتواضعه للناس ورفقه ورحمته بالضعفاء وصدق الله ربه الذي اصطفاه حيث وصفه فقال: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)) (التوبة).

في ذكرى مولد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم نستذكر قول الله في شأنه في القرآن:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46)).


(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)) (التوبة).

(وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64)) (النساء).

(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ ) (آل عمران: من الآية 31).

(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)) (الأنبياء).

(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)) (القلم).

في ذكرى مولد الرسول نذكِّر بكتاب الله الذي أنزل عليه، والذي قال الله في شأنه: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)) (الإسراء).

1- الاقتداء برسول الله في خلقه:
في ذكرى مولد الرسول ينبغي أن نقتدي به في خلقه، وفي إيمانه وعبادته وفي حبه له وللمؤمنين؛ امتثالاً لقول ربنا: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)) (الأحزاب).

ينبغي أن نقتدي برسول الله في سياسة الدين وسياسة الدنيا.

كيف واجه الصعاب وتغلب عليها، كيف صابر وثابر حتى بلَّغ رسالته، فتحول قومه من فرقة وتعصب وتفاخر بالأموال والأولاد إلى أمة واحدة تنتسب إلى الإسلام، وتؤمن به، وتقيم أوامره، وتجتنب ما نهى الله عنه، فأقام دولة وأحيا أمة في زمن قصير- ثلاثة وعشرين عامًا- لم ييأس ولم يبتئس بما وُوجِهَت به دعوته من نفور قومه وإيذائهم وحربهم إياه، إنما فكر وقدر، لكل أمرٍ عدتُه وعتاده، وكان حكيمًا في دعوته، حليمًا في إرشاده وهدايته، يعتمد على الإقناع في الردع عن المعاصي، وكان الزجر عنها الوسيلة الأخيرة عند الإصرار عليها، جاءه أحد شباب المسلمين يستأذنه في الزنا فبماذا أجابه؟ هل سبه وشتمه؟ أو صفعه وقذفه؟ لا.. لم يكن هذا خُلقه ولا طريقته، وإنما كانت صفاته تلك التي وضعها الله في قوله: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)) (النحل).

لقد دعا الشاب إلى الجلوس بجواره ليحميه من ثورة من حوله، ممن استمعوا إلى قوله، ثم حاوره: "أترضى الزنا لأمك؟" فقال الشاب: لا، فقال الرسول: "وكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم، أترضاه لأختك؟" فقال: لا، فقال الرسول: "وكذلك الناس لا يرضونه لأخواتهم"، وما زال الرسول يعرض عليه قرابته من النساء ويقول له: "أترضى لهن الزنا؟" وهو يقول: لا، حتى أقنعه بأن ما طلبه إثم كبير في حق المجتمع، وكما لا يرضاه لنساء أسرته فإن أحدًا من الناس لا يرضاه كذلك لنسائه، وانصرف الشاب تائبًا عما نوى، راغبًا في العفة، مؤمنًا بأن عرض الناس عرضه.

2- الاقتداء به في تعامله مع الأزمات:
في ذكرى مولد الرسول نذكر كيف عالج وواجه عسر المال، وضيق الحال وارتفاع الأسعار، هل كانت المواجهة بمزيد من السرف والإسراف والإنفاق والإتلاف والاستدانة؟ لا.. إنه صلى الله عليه وسلم واجه العسر بتدبير موارده، وبالوقوف عند المقدور عليه، دون المزيد مما في أيدي الناس، فقال: "بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه"، متبعًا ما أوصى به القرآن: (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)) (الإسراء)، (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)) (الإسراء).

3- الاقتداء به في تربية أصحابه:
نذكر في ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم كيف كان حريصًا على العلم والتعليم، حيث جعله تبعة ومسئولية، ولم يجعل العلم من الكماليات، فأوجب على العالم أن ينشر علمه وأن ييسره لغيره فقال صلى الله عليه وسلم: (ويل للعالم من الجاهل حيث لم يعلمه) فلولا أن السعي بالعلم إلى مستحقيه من الواجبات ما كان الويل للعالم إن ترك التعليم، فالمؤاخذة إنما تكون على ترك الواجب لا على إهمال التطوع.

ومن هنا كانت تبعة تربية الأولاد في كل جوانب الحياة تقع أولاً على الآباء ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (وحق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرماية وألا يرزقه إلا طيبًا)، وقوله: (ألزموا أولادكم وأحسنوا أدبهم).

فبذل الجهد للتربية قصدًا إلى إشباع الجوانب النفسية لدى الأولاد ونمائها حتى يشبوا على المودة وحسن المعاشرة، والقدوة الحسنة في التعامل أمر محمود بل مفروض، وأولى من الانصراف عن هذه المهمة إلى جمع المال والممتلكات وتكديسها تركة زائلة إذا لم يحسن الأولاد استثمارها والانتفاع بها، ذلك توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (ما نحل- أعطى- والد ولدًا أفضل من أدب حسن).

وهذا هو الرسول يعلم ابن زوجته أم سلمة، وقد كان في حجره وربيبًا له حين جلس يؤاكله: (يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك)، هكذا كان معلمًا للسلوك والآداب في كل شيء.

وليست تبعة تربية الأولاد مقصورة على الآباء، فقد أوضح الرسول هذه التبعة، بل التبعات بوجه عام في قوله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته الإمام راعٍ ومسئول عن رعيته والرجل في أهله راعٍ ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيتها ومسئولة عن رعيتها والخادم راعٍ في مال سيده ومسئول عن رعيته وكلكم راعٍ ومسئول عن رعيته).

لا بد أن نعي هذه التبعات وأن نحملها عمليًّا، وألا فالنذر التي أطلت علينا خطيرة تهدد مجتمعنا بالتحلل والانحلال وموات الروابط الأسرية التي عُنيَ الإسلام بتوثيقها وحث على الاستمساك بها لا بد أن يحمل كل فرد التبعة في موقعه، الآباء والأمهات والمدرسة والأطباء ورجال الدعوة والمهندسون... كل الناس.

إن تقويم الفرد المسلم وتأكيد انتمائه للإسلام انتماءً وعملاً وترسخ القدوة برسول الله أمر حتمي حتى تستقيم للأمة الحياة ويتأتى هذا بالاهتمام بالتربية الدينية وتقويم السلوك والممارسة واعتبار ذلك واجبًا في الأسرة وفي المدرسة وفي الشارع ولا ننسى الحرص على إعداد المعلم على السلوك والقدوة الحسنة مؤمنًا بواجباته حريصًا على أدائها.

4- الاهتداء به في بناء مجتمع نظيف:
في ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم نذكر أن من آداب الإسلام الحرص على ألا تشيع الفاحشة.. كل الفواحش؛ فاحشة القول، فاحشة الفعل، فاحشة النقل كلما كان به التأثر وفيه التأثير على المجتمع كلما كان مؤذيًا للشعور أو مدرسة للجريمة، أليس هذا هو مقتضى قول الله (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (19)) (النور)، أليس هذا وعيدًا لأولئك الذين يشيعون وينشرون ما يقع من جرائم خلقية وغيرها بإذاعة تفاصيلها ونشرها على الملأ، وما دروا أنهم يفتتحون بذلك مدارس للجريمة وطرق ارتكابها، وما انتشر اليوم من مقاهي للإنترنت والدش المركزي يحتاج منَّا إلى وقفة جادة ومتابعة دقيقة لأولادنا خوفًا من هذا الخطر القادم وكيف يُستثمر في الخير بدلاً من الشر.

في ذكرى الرسول صلى الله عليه وسلم أنصح وسائل الإعلام وعلى الأخص الصحف والمجلات التي بتداولها ويتناولها كل الناس وينساق وراء ما يقرءون أن يكفوا عن نشر الحوادث والجرائم الخلقية والجنائية بتفصيلاتها وإجراءات ارتكابها ووسائلها وأن يستبدلوا بها موضوعات إرشادية للأفراد والمجتمع تنقذ الجميع من التردي في المهالك والأضرار لأنفسهم ومجتمعاتهم فوق عصيانهم لربهم وجحودهم نعمه التي لا تعد ولا تحصى، إنها نصيحة بفرضها قول صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله ؟، قال: لله ولرسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم).

نعم إن من يقرأ الصحف والمجلات في هذه الأيام الأخيرة وتتبعها لتفصيلات بعض الحوادث ومتابعتها لها قد يستقر في نفسه أن المجتمع المصري قد انفكت أواصره وانعدم فيه الوفاء والإخلاص وماتت في أفراده وأسره تعاليم الإسلام وانفلت من كل الآداب والقيم وذلك أمر يشيع اليأس في نفوس المصلحين والمربين ويشجع على التسيب والانفلات من القيم، أكرر النصح لوسائل الإعلام أن تعنى بنشر وإذاعة أخبار المصلحين والمجدين والناجحين في أعمالهم من طلاب وتجار وعلماء في كل فروع العلم والعمل لتكون القدوة فيهم حسنة ونافعة للناس جميعًا في الدين والدنيا وحافزًا لغيرهم على الالتزام بالفضائل، إن حصائد الأقلام كحصائد الألسنة مؤاخذ عليها من الله ومن الناس ولا بد من وقفة مع النفس نصحح بها مسار حياتنا بكل شجاعة وأقدام وألا نسيء إلى الحرية بالفهم الخاطئ أو نظن إنها الأثرة وإنكار الإحسان وطمس القدوة الحسنة في المجتمع، إن صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم قال: (وإياكم والفحش فإن الله لا يحب الفاحش والمتفحش).

ثم لا نسمع قول الله (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148)) (النساء)، ذلك لأن إظهار الفاحش من القول أو الفعل فاحشة أخرى ومن أجل هذا قال صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي معافى إلا المجاهرون وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عليه)، ويبين الرسول صلى الله عليه وسلم ضرر إظهار الخطيئة والإعلان عنها في قوله: (الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها وإن ظهرت- فلم تغير- ضرت العامة).

الاهتداء به في سُنته العملية:
في ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ينبغي أن نأخذ أنفسنا بسنته في أمور الدين والدنيا فيقتدي به الحاكم في مسئولياته والعامل في عمله أيًّا كان نوعه، فلقد كان يتفقد أحوال الناس ويعيش واقعهم ينصح المخطئ ويشجع المحسن ويدعو إلى العمل الديني والدنيوي إخلاصًا لله وقيامًا بالواجب وينزل إلى الأسواق فيرشد الناس إلى الأمانة وينهاهم عن الخداع والغش في المعاملات، ها هو صلى الله عليه وسلم يمر بالسوق فيجد كومة من الطعام فيضع يده في داخلها فتخرج عليها بلل من ماء فيقول: (ما هذا يا صاحب الطعام؟، فيرد التاجر: أصابه المطر يا رسول الله، فيقول الرسول ناصحًا موجهًا: فهلا جعلت ذلك ظاهرًا يراه الناس؟ من غشنا فليس منا)، وها هو يسير بين نفر من أصحابه فيرى رجلاً له نشاطه وقوته وإقباله على عمله فأبدوا إعجابهم به وقالوا: لو كان جلد هذا وقوته في سبيل الله، فقال الرسول: (إن كان خرج يسعى لرزق ولده صغارًا فهو في سبيل الله وإن كان يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله وإن كان يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى رياءً ومفاخرةً فهو في سبيل الشيطان).

ألا يدلنا هذا القول الكريم على أن العمل عبادة؟، العمل الطيب المباح الذي يكسب به العامل رزقًا طيبًا ينفع به نفسه، ويرفع شان أمته.

هديه صلى الله عليه وسلم في الاهتمام بالأمور المفيدة:
في ذكرى ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم نذكر أنه كان يعلم الناس أن يسألوا عن المفيد في حياتهم ودينهم، فها هو رجل يسأله: متى الساعة- يوم القيامة- فيقول له: (ماذا أعددت لها؟) جواب يوجه إلى العمل وإلى إحسانه لينال مثوبة ربه ويصرف عن الاسترسال في التساؤل عن أمر استأثر الله بعلمه فلا محل لإضاعة الوقت والجهد في البحث عنه، ولقد أُثر عن الإمام مالك قوله: (طلب العلم حسنٌ جميل، ولكن انظر إلى الذي يلزمك من حين تصبح إلى حين تمسى فالزمه).

في ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم نذكر أنه حذر من علمٍ لا ينفع ومن كسب حرام، فقد ثبت أنه استعاذ من علم لا ينفع، وها نحن في هذا العصر قد استبحنا الكثير من المحرمات بإطلاق أسماء واستعمال أساليب حتى وقعنا في نطاق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (يأتي على الناس زمان يشربون الخمر ويسمونها بغير اسمها).

وقوله: (يأتي على الناس زمان لا يبقى فيه أحد إلا أكل الربا، فمن لم يأكله أصابه من غباره).
في ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ينبغي أن نستمع إلى قوله: (لكلٍ دعامة، ودعامة المؤمن عقله، فبقدر عقله تكون عبادته أما سمعتم قول الفجار في النار: (لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (الملك: 10) وحين سأله أصحابه: كيف يزداد عقلاً ويزداد من ربه قربًا؟، قال: "اجتنب محارم الله تعالى وأد فرائضه سبحانه تكن عاقلاً، واعمل بالصالحات من الأعمال تزدد في عاجل الدنيا رفعة وكرامة وتنل في آجل العقبى بها من ربك عز وجل القرب والعز".

في ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب أن تأخذ أمة الإسلام نفسها بكتاب الله وسنته.

وقد قال: (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما، كتاب الله وسنتي)، وألا تأخذ ببعض الكتاب وتعرض عن بعض فإن هذه الأمة لا تصلح إلا بما صلح به أولها القرآن والسنة فاستمسكوا بالذي هو خير لتكونوا في المكان والمكانة اللائقة بكم وبدينكم بين أمم الأرض ولا تكونوا عالة على غيركم في علم وعمل وجدوا واجتهدوا واصبروا وصابروا وثابروا واعتصموا بحبل الله جميعًا لعلكم تفلحون (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (41)) (الحج).
----------------
* أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بكلية أصول الدين والدعوة- جامعة الأزهر







  رد مع اقتباس