عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /02-12-2012, 02:17 PM   #18

ابو عبد الماجد
 

 رقم العضوية : 76106
 تاريخ التسجيل : Oct 2011
 الجنس : ~ ذكر
 المشاركات : 99
 النقاط : ابو عبد الماجد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

ابو عبد الماجد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

ثانيا: الإعداد العقلي
ويقصد به إعداد الطفل عقليا وتهيئته كي يكون سليم التفكير قادرًا على النظر والتأمل يستطيع أن يفهم البيئة التي تحيط به ويحسن الحكم على الأشياء ويمكنه أن ينتفع بتجاربه وتجارب الآخرينفالإسلام دين الفطرة فهو يحترم الطاقات البشرية كلها لأنها هبة الله المنعم الوهاب{قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }ولكنه يعطيها أقدارها الصحيحة ومن ثم فهو يحترم الطاقة العقلية ويشجعها ويربيها لتتجه نحو الخير ويمكن تلخيص هذا الإعداد باتخاذ الوسائل الآتية:
- التعليم:
وقد أرشد الإمام الغزالي[في كتابه (إحياء علوم الدين) ج3 ص73]إلى تدعيم هذه الناحية التربوية والعقلية بقوله: (ينبغي حفظ الصبيان عن رداءة الأخلاق من كذب وحسد ونميمة وإنما يحفظ عن جميع ذلك بحسن التأديب ثم يُشغل في المكتب فيتعلم القرآن وأحاديث الرسول وحكايات الأبرار لينغرس في نفسه حُبُّ الصالحين)
وفي مقدمة ابن خلدون إشارة إلى أهمية تعليم القرآن الكريم للأطفال وتحفيظه لهم وأوضح أن تعليم القرآن الكريم هو أساس التعليم في جميع المناهج الدراسية في مختلف البلاد الإسلامية لأنه شعار من شعائر الدين يؤدي إلى تثبيت العقيدة ورسوخ الإيمان ويقول سعد ابن أبي وقاصكنا نعلِّم أولادنا مغازي رسول الله كما نعلمهم السورة من القرآن الكريم) ولهذا يجب علينا أن نقف أمام المعلم الأول والمربي الحكيم مولانا رسول الله لنتعلم منه ما يجب على المربي أن يفعله مع الطفل إذ قال{افتحوا على صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله}[1]ويقول ابن عباس{اعملوا بطاعة الله واتقوا معاصي الله ومُرُوا أولادكم بامتثال الأوامر واجتناب النواهي فذلك وقاية لهم ولكم من النار }وروى الطبراني عن الإمام على كرَّم الله وجهه أنه قالأدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب آل بيته وتلاوة القرآن الكريم فإن حملة القرآن الكريم في ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه) فلا يجب علينا أن نترك عقول أولادنا للمسلسلات التافهة والأفلام الفارغة والمسرحيات العابثة فتملأ عقولهم بالأفكار الفجَّة والمعلومات الغثَّة لأن هذه مسئوليتنا بل يجب أن نطبق منهج النبوة عليهم فكما أنك مسئول عن توفير الطعام والكسوة والعلاج والتعليم لإبنك فأنت أيضًا مسئول مسئولية أكبر أن تحفظ له قلبه وتُعَمِّرَ له عقله بالإيمان فإذا كنت حريصاً على صحته الجسدية فيجب أن يكون حرصك أكبر على صحته الإيمانية وإذا كنت حريصاً على أن أوفر له جلباباً يحميه من الحرِّ والبرد في الدنيا فلا بد أن أخيط له جلباباً يحميه من حرِّ وزمهرير جهنم وذلك لا يكون إلا من كتاب الله وفي ذلك قيل:
إذا المرء لم يلبس ثياباً من التُّقى تجرَّد عريانًا وإن كان كاسيّا
ولكي يتم ذلك فعلينا تعليم أولادنا حُبَّ القرآن والإقبال على القرآن وحفظ القرآن وفهم القرآن حتى يصيروا مغموسين بأنوار القرآن وبأنوار حضرة الرحمن ثم نعلمهم حب رسول الله فأغلب أطفالنا الآن لا يعرفون غير لاعبي الكرة والممثلين والممثلات والمطربين والمطربات وبالتالي لا يحبُّون غيرهم مع أن معظم هؤلاء سيكونون يوم القيامة في الفئة التي يقول الله فيها{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ }لكني أريد أن أربيهم في صفوف القوم الذين يقول الله فيهم{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً }وهم أئمة أهل الجنة وهؤلاء لا بد أن ترتبط قلوبهم بقلب رسول الله
كيف أعلِّمُهم حُبَّ رسول الله ؟
أحكي لهم سيرته وأوضح لهم حياته وأبين لهم مواقفه ومتاعبه في الدعوة إلى الله وما تحمله في سبيل نشر دين الله وأعرض عليهم الفضائل التي خصَّه الله خاصة وأن محبته سرُّ الفوز بالنعيم المقيم يوم لقاء الله لقوله{يحشر المرء مع من أحب يوم القيامة}وقوله أيضاً: {ما اختلط حبي بقلب عبد مؤمنٍ إلاَّ حرَّمه الله على النار }[2]وقد كان لهذه التربية أثر بالغ في نفوس أبناء أصحابه الكرام فقد روي أنه بعد بيعة الرضوان التي تمت في صلح الحديبية فوجئت السيدة عائشة رضى الله عنها بمظاهرة كبيرة من الأطفال الصغار يدخلون عليها ويتقدمهم ابن أختها عبد الله بن الزبير فسألتهم عن سبب مجيئهم فأخبروها أنهم سمعوا عن مبايعة الرسول لأصحابه فأرادوا أن ينالهم شرف ذلك فأخبرت رسول الله بذلك فأمر بإدخالهم وصافحهم وسُرَّ بهم ودعا لهم وعلينا بعد ذلك أن نحببهم في الصالحين من عباد الله وهم الأتقياء والعلماء العاملين والحكماء ونجعلهم يميلون إليهم ويتشبهون بهم ليتعلموا منهم الخشية والتواضع والوقار والأدب والحبّ والإخلاص والصدق وفي ذلك يقول الإمام الشافعي :
أحب الصالحين ولست منهم
عسى أني أنال بهم شفاعةّ
وأكـره من تجارته المعاصي
وإن كنا سويًّا في البضاعة
وقد ردت عليه السيدة نفيسة رضى الله عنها قائلة:
تحب الصالحين وأنت منهم
لعلهم ينالوا بك الشفاعـة
وتكـره من تجارته المعاصي
حماك الله من تلك البضاعة
فإذا عمَّرت عقله وقلبه بكتاب الله وأحاديث رسول الله وقصص الصالحين فإنه يشبُّ على النقاء والصفاء وقد طَهُرَ من الغِلِّ والغشِّ والحقد فيصير رجلاً نافعاً لنفسه ولأهله ولمجتمعه.

[1]روى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنه

[2] الأول: متفق عليه عن أنس ، والثانى:رواه الطبراني عن أنس







  رد مع اقتباس