[game010]

الأيام الأولى لشهر فبراير من العام الجاري.. الساعة تقترب من العاشرة صباحا في يوم شتوي برده قارص والقاهرة غارقة شوارعها بأمطار سماءها.. سكان المحروسة يحلمون بغدٍ سعيدٍ بعد مرور عام على ثورة لم يجنوا ثمارها بعد..
شاب في منتصف العشرينيات ''رمضان درويش'' يحمل حقيبته بصحبة مدربه ''باسل الغرباوي'' في طريقهما إلى مطار القاهرة للسفر لمعسكر تدريبي فى ''فرنسا'' ثم ''النمسا'' ومنها إلى ''ألمانيا'' لتمثيل ''أم الدنيا'' في بطولة الجائزة الكبرى للجودو وزن 100 كيلو..
فى قلبه يحمل خريج التربية الرياضية دفعة 2010 ''غصة'' من إهمال اتحاد اللعبة في مصر ''سنة ونص مفيش مكافآت، مفيش اهتمام من رئيس الاتحاد، أخي الأكبر هو اللي بيساعدني، وكابتن عماد السيد المدير الفني لنادى الصيد كان بيعملي إذن دخول النادي للتدريب وبيتابعني فى الماتشات، كابتن محمد رشوان يتابعني بالتليفون، وطبعا مدرب المنتخب باسل الغرباوي''.
يحفظ درويش عن ظهر قلب إنجازات مصر في هذه اللعبة الفردية ''محمد رشوان مركز ثان في الأولمبيات، هشام مصباح مركز ثالث في الأولمبيات''، ويحمل أمنية الفوز بميدالية في هذه البطولة التي تشارك فيها 103 دولة.
ألمانيا
عندما وطأت قدما ''درويش'' مطار ألمانيا، اقتربت منه سيدة مسنة لتسأله عن جنسيته، لتقول، عندما عرفت أنه مصري، ''مصر فيها مشاكل كتير، لو تقعد في ألمانيا هعملك حاجات كتير''، لينهال عليه سيل من أسئلة لاعبي البطولة عما يحدث في مصر''كل اللي بيقابلني يسألني عن أحداث ماتش الأهلي والمصري في بورسعيد، والوضع في مصر، وأنا أقولهم مفيش مشاكل.. بصراحة الواجهة كانت غير مشرفة''.
استطاع ''درويش'' أن ينحى كل هذه المشاكل جانبا، ويُركز في الحصول على ميدالية في هذه البطولة، وكانت البداية مع لاعب كازاخستان ''قابلت الكازخستاني، مصنف أول عالم، وخسرت في أخر 30 ثانية، والجمهور قدم لنا التحية، وحضنت هذا اللاعب''، ليكون ''درويش'' في مواجهة حاسمة مع لاعب إسرائيل في دور الثمانية، ليضمن من يفوز بهذه المباراة الحصول على ميدالية.
حديث مع النفس
دار حديث مع النفس ''اللاعب الإسرائيلي معروف في إسرائيل ومصنف عالميا وهو اللي بيتقدم بعثة الأوليمبيات''، ليستحضر ذهن ''درويش'' لاعب إيران ''اللاعب الإيراني رغم أنه أخد بطولتين قبلها، لكنه رفض مواجهة اللاعب الإسرائيلي - الضعيف - وخرج من الدور الأول منسحبا''.
لم يفكر طويلا، واستعد لمواجهة اللاعب الإسرائيلي ''لو رفضت ألعب، اللاعب الإسرائيلي هيضمن ذهب أو برونز، وعلم اسرائيل هيترفع''، كما أن لــ''درويش'' ثأر قديم مع هذا اللاعب ''سبق لي اللعب مع هذا اللاعب في بطولة الجراند سلام في موسكو في شهر يوليو 2011 وخسرت أمامه بسبب عدم الاستعداد للبطولة''، ولم يجف بعد لهيب الإهانات التي وجهت له من ''الصحافة الإسرائيلية'' بعدما رفض مصافحة اللاعب الاسرائيلي بعد المباراة.
أحدهم قال ''مسكين آكل الفول هذا الذي يشعر بالعذاب لأن إسرائيل هزمته''، وأَضاف آخر متمنيا ''أن يكون اللاعب الإسرائيلي قد اغتسل جيدا بعد هذا اللقاء''، وقال ثالث''أحداثا من هذا النوع تثير لدينا أفكارا عديدة ومنها التفكير باستعادة سيناء إلينا لكي نعلّم جيراننا درسا كيف يحترموننا''، وعلق آخر''نتمنى أن لا يفوز المصري بأية مباريات قادمة''.
حديث الأم
رنة على هاتفه المحمول تقطع وصل أفكاره قبل دقائق من مباراة ''درويش'' الحاسمة مع اللاعب الإسرائيلي، يفتحها ويرى أنها من والدته، تقول فيها ''ملكش حجة المرة دي.. لو خسرت مش هستقبلك فى المطار''، لتثير هذه الكلمات ''ابتسامة'' و''دافعية للفوز''.
تبدأ المباراة، ينظر ''درويش'' لعيني اللاعب الإسرائيلي قبيل المباراة ''تذكرت اللي بيحصل في فلسطين واللي حصل في مصر''، ثم بدأت المباراة التي استطاع أن يكون النصر حليف ''درويش''، وكأنه أسقط بهذه الفوز جبالا من الأفكار التي تطارده، وقدم للاعب الإسرائيلي تحية الجودو، لكنه رفض للمرة الثانية على التوالي أن يصافحه ''هو في الأول والآخر لاعب وبنى آدم زينا، أنا ماسلمتش عليه لأنه إسرائيلي، وهناك فرق بين يهودي وصهيوني، أنا مش ضد اليهود.. لكن إسرائيل مفيش سلام بينا''، ليسجد لله شكرا، ويقول فرحا ''أنا كسبت وعلمي اترفع وماسملتش عليه''.
يعتبر''درويش'' - الذي كان في 2009 المصنف الأول على العالم - مثله الأعلى في لعبة الجودو ''هشام مصباح لاعب بطل، أحسن أخلاق رياضي شفته فى حياتي، محبوب، وعمري ماشفته غلط في حد''.
الثورة لم تصل للرياضة
يتدرب ''درويش'' يوميا استعدادا للأولمبيات القادمة في أغسطس القادم ''نفسي أجيب أول وأكررها تاني وتالت عشان أعمل حاجة محدش عملها قبل كده''، ويعتبر أن الثورة لم تصل للرياضة بعد ''مفيش تغيير، نفس الناس اللي كانت قبل الثورة لسه في أماكنهم''، ويحلم ''نفسي الجودو يلقى نفس الاهتمام اللي في فرنسا وألمانيا واليابان''، مؤكدا ''لوحطينا رجلنا على البداية ممكن نكون أحسن دولة في العالم''.


[youtube]