الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإننا ننبه بداية إلى أن الأولى بالمسلم أن يبرمج لنفسه برنامجا يتعلم فيه أمور دينه، ولا يعتمد فيه إلا على الكتب المعتمدة وبيان العلماء المعتبرين لها. وأما عن الموضوع الذي ذكره السائل فقد فصله أهل العلم من المحدثين وأصحاب السير فذكروا أنه قد تم تغسيل النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يجرد من ملابسه وكان القائمون بالغسل: العباس، وعليًّا، والفضل، وقثم ابني العباس، وشُـقْران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسامة بن زيد، وأوس بن خولة، فكان العباس والفضل وقثم يقلبونه، وأسامة وشُـقْران يصبان الماء، وعلي يغسله، وأسنده أوس إلى صدره ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ ثم كفنوه في ثلاثة أثواب بيض سحولية نسبة إلى سحول مدينة باليمن من كرسف قطن ليس فيها قميص ولا عمامة، أدرجوه فيها إدراجًا صلى الله عليه وسلم وكانت تشتمل على ثوبين صحاريين وثوب حبرة، ثم صلى عليه الناس أرسالاً تدخل عليه مجموعة فتصلي، ثم تدخل مجموعة أخرى، وبعد أن صلى عليه الرجال والنساء والصبيان دفن في الحجرة التي توفي بها صلى الله عليه وسلم، هذه الكيفية تناقلتها كتب السيرة المعتبرة وأصلها في الصحيحين وغيرهما. وأما أبو بكر فلم نطلع على ما يفيد أنه أقبل على تجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما ثبت أنه كشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تأكد من موته، ثم خرج على الناس مؤكدا موته، كما في صحيح البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وأبو بكر بالسنح فقام عمر يقول والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وقال عمر والله ما كان يقع في قلبي إلا ذاك وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم فجاء أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ فكشف عن رسول صلى الله عليه وسلم فقبله فقال بأبي وأمي طبت حيا وميتا، والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا ثم خرج فقال أيها الحالف على رسلك فلما تكلم أبو بكر جلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال: ألا من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقال الله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ {الزمر: 30}. وقال: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ {آل عمران: 144}. اهـ. وثبت أنهم لم يجردوه من ثيابه، كما في حديث عائشة ـ رضي الله عنها: لما أرادوا غسل النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: والله ما ندري، أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا؟ أم نغلسه وعليه ثيابه؟ فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم، حتى مامنهم رجل إلا وذقنه في صدره، ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو: أن اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه، فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه، وعليه قميصه يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه بالقميص، دون أيديهم، وكانت عائشة تقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه. أخرجه أبو داود وصححه الألباني. وكفنوه في ثلاثة أثواب كما في حديث عروة عن عائشة قالت: كفن رسول الله صلى الله عليه و سلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة. متفق عليه. وروى عبد الرزاق عن الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: كفن النبي صلى الله عليه وسلم في ثوبين صحاريين وثوب حبرة. وقد دفن ببيته وشارك في دفنه ودخل قبره من ذكروا لما روى ابن أبي شيبة عن أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحول عن مكانه، يدفن من حيث يموت، فنحوا فراشه فحفروا له موضع فراشه. وفي سنن الترمذي عن أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ما نسيته، قال: ما قبض الله نبيا إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه. وعن ابن عباس قال: لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعثوا إلى أبي عبيدة بن الجراح وكان يضرح كضريح أهل مكة وبعثوا إلى أبي طلحة وكان هو الذي يحفر لأهل المدينة وكان يلحد فبعثوا إليهما رسولين وقالوا اللهم خر لرسولك فوجدوا أبا طلحة فجيء به ولم يوجد أبو عبيدة فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال فلما فرغوا من جهازه يوم الثلاثاء وضع على سريره في بيته ثم دخل الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا يصلون عليه حتى إذا فرغوا أدخلوا النساء حتى إذا فرغوا أدخلوا الصبيان ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد لقد اختلف المسلمون في المكان الذي يحفر له فقال قائلون يدفن في مسجده، وقال قائلون يدفن مع أصحابه، فقال أبو بكر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض، قال فرفعوا فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي عليه فحفروا له ثم دفن صلى الله عليه وسلم وسط الليل من ليلة الأربعاء ونزل في حفرته علي بن أبي طالب والفضل بن العباس وقثم أخوه وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أوس بن خولي وهو أبو ليلى لعلي بن أبي طالب أنشدك الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له علي أنزل وكان شقران مولاه أخذ قطيفة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها فدفنها في القبر وقال والله لا يلبسها أحد بعدك أبدا فدفنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه ابن ماجه وضعفه الكتاني والألباني. والله أعلم. اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين جزاك الله الجنه ع الطرح القيم
ونفع بك الاسلام والمسلمين
وجعله في ميزان حسناتك
كل الشكر والتقدير لسموكـ
خالص ودي
|