الموضوع
:
موسوعة الطيور المائيه ( طائر البجع )
عرض مشاركة واحدة
منذ /
06-07-2012, 05:05 AM
#
1
مشتاقه للجنه
مشرفة حواء العام سابقا
سلسبيل
رقم العضوية :
29441
تاريخ التسجيل :
Aug 2009
الجنس : ~
أنثى
المكان :
كنانة الله
المشاركات :
19,306
الحكمة المفضلة :
أعمل ما تحب
النقاط :
درجة التقييم :
373006
قوة التقييم :
187
أوسمة العضو
موسوعة الطيور المائيه ( طائر البجع )
طائر البجع . أكبر طائر محلّق في أفريقيا .
تعيش هذه الطيور في البحيرات المالحة السامة ، وتصطاد الأسماك في المناطق المائية الفسيحة وهي تستطيع قتل أي جسم مائي كبير حتى لو كانت حيوانات خطرة .
تُعاني هذه الطيور الكبيرة من مشكلة واحدة في موطنها الإستوائي ، حيث تواجه صغارها كثيراً من المخاطر ، ولا تستطيع البقاء إلا ضمن مجموعات كبيرة وآمنة.
ينبغي أن تكون طيور البجع قابلة للتنقل : إذ أن بحيراتها الغذائية تجف ويملؤ الطمْي جزر تكاثرها ويدفعها الجوع إلى المضي قُدماً في تنقلها . فدعونا نتتبع طيور سماء أفريقيا الضخمة خلال تجوالها عبر القارة .
هذا هو شاطيء المحيط الهندي في جنوب أفريقيا . هنا ، في محمية "لوشيا" ، توجد أعلى كثب الغابات الساحلية في العالم .
إنها أرض داخلية تحيط بها سلسلة من الكثب ، وتحتوي على أهوار خصبة ومستنقعات وبحيرات .
تُشكل أرض صيد مثالية لطيور البجع البيضاء ، بعيداً عن الأمواج العاتية .
ينبغي على هذه الطيور الكبيرة أن تحافظ على الحد الأدنى من وزنها ، كي لا تستهلك الكثير من الطاقة أثناء تحليقها . لهذا ، فإن الله وهبها عظاماً مجوَّفة وخفيفة . ولا يزن هيكلها العظمي أكثر من كيلو غرام واحد .
هذا يعني أنها بحاجة لتعمل بجد كي تبقى تحت سطح الماء لبضع ثوان .
وهل هي تتابع صيد الأسماك . لقد نجح أحدها في ذلك ، وربما كان ناجحاً جداً .
مثل هذه اللُّقمة الصعبة قد تكون خطرة : فبعض الأسماك تستطيع إخراج أشواك من زعانفها عندما تقع بالأسر .
منقار البجع يشبه شبكة صيد كبيرة لها غطاء ، وهي الطيور الوحيدة التي وهبها الله مثل هذا المنقار . إن كيس حنجرتها متين جداً ومرن ، ويستطيع إستيعاب ثلاثة عشر ليتراً ونصف الليتر .
المنقار السفلي يتمتع بقدرة دائمة على الإنثناء بحيث تستطيع إبتلاع فريسة كبيرة .
إن صعوبة عملية الإبتلاع لا تمر من دون مراقبة . فجيرانها الجياع تظهر بسرعة لترى ما إذا كانت تستطيع الإستفادة من ذلك .
لقد عمل طائر البجع كثيراً على هذه الوجبة ، ولكنها ستكون كافية للحظة ، بوجود بعض الندوب ليظهرها له .
يستخدم الناس دائماً جزءاً من المحمية ، فالصيد التقليدي مسموح في بعض الخلجان على طول الشاطىء .
طوال قرون ، كان السكان المحليون ينصبون الشراك للأسماك هنا ، لكي يحصدوا أفواج الأسماك التي كانت تأتي إلى الخليج أثناء المد والجزر .
في هذه الشراك ،كانوا يقتلون الأسماك باستخدام الحراب ومن ثم يعلقونها على غُصين رفيع ليسهل نقلها إلى القرية .
أحياناً ، يتغاضى الصيادون عن سمكة ، ولكن نسور الأسماك لا يمكنها ذلك .
في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) ، ومع نهاية فصل الجفاف ، ينخفض منسوب المياه بسرعة في المستنقعات والأهوار ، فتتجمع الحيوانات الظمآنة حول ما تبقى من ثقوب الماء التي ما زالت تحتوي على قطرة ماء للشرب .
أفراس النهر عادة ما تكون خالية من طفيليات الجلد بواسطة طيور "الناقر" .
ولديها الكثير من العمل لتفعله هنا . ولكن في جنوب أفريقيا ، يتولى العمل دائماً بعض الحيوانات الصغيرة الأخرى أي سلحفاة الحَمَسَةْ ! فهي تقتل القُرادات مصّاصة الدماء بواسطة فكيها اللذان يشبهان الكماشة .
في جنوب افريقيا ، تُسمّم الطفيليات التي تعيش في فراء الحيوانات الداجنة ، طيور "الناقر" . ولأجل هذا ، فإن الكثير من الحيوانات المفترسة هناك ، تحمل حملاً ثقيلاً من القُرادات .
إن الإهتمام بالزوار الأصحاء لا يُقّدر حق قدره دائماً . ولكن تلك الحيوانات التي تستطيع إسترعاء إهتمام سلاحف الحَمَسَة المتمرِّغة ، قد تخلصت من الكثير من الطفيليات ، إلا أن الكماشات تبقى تقرص قليلاً .
على عكس طيور "الناقر" ، لا تأكل سلاحف الحَمَسة القرادان السامة من الحيوانات الداجنة ، ولكنها تستطيع إبعاد الكثير من الطفيليات كما تفعل الطيور . فمع تناقص أعداد طيور "الناقر" في جنوب أفريقيا ، إرتفعت أعداد القُرادات بصورة كبيرة .
يتسبب الجفاف المستمر بجفاف الكثير من المستنقعات ، كما توقف عدد كبير من الأنهار المحيطة بالبلد عن الجريان .
لقد تحولت مساحات المياه الشاسعة إلى برك صغيرة متفرقة .
يسعى القليل من أسماك السِّلَّور للوصول إلى البرك العميقة ، مصارعة عبر آخر مجاري المياه الهزيلة . حيث تجتمع هناك في أعداد هائلة
ولكنها تجد الكثير من الصيادين في انتظارها .
بالنسبة للتماسيح ، تشكل الممرات المائية الجافة مأدبة لها خلال الأسابيع القليلة الوفيرة .
أسماك السِّلَّور في أوج سعادتها ، لأن التماسيح حيوانات متغيِّرة الحرارة ، وهذا يعني أنها تحتاج إلى القليل من الطاقة ، فتشبع بسرعة .
تلتهم التماسيح ما استطاعت من الأسماك ولكن الكثير منها يتمكن من الفرار .
سيعاني الصيادون أيضاً من مشكلة : فإذا انخفض منسوب المياه بنسبة أكبر ، ينبغي عليها مغادرة المكان أو حفر ثقوب لتمكث فيها .
وسرعان ما اختفت المياه في أجزاء كبيرة من محمية " لوشيا" . لم يبق شيئاً لتأكله طيور البجع منذ وقت طويل ، فغادرت المكان منذ عدة أسابيع .
بينما بقي غيرها يصارع لفترة وجيزة ، ولكن طيور البَشُون "غولياث" أيضاً ، ستغادر قريباً بحثاً عن مرعى جديد .
على أفراس النهر أن تبقى ، فهي لا تكترث للطين ، رغم أنه مزدحم إلى حد ما.
أفراس النهر والأسماك والتماسيح محتشدة داخل بقعة ضيقة ، وهذا يؤدي إلى نشوب شجار بين أفراس النهر .
بالنسبة للتماسيح ، بدأت الأمور تأخذ منحاً حاسماً ، ولم يعد الطعام يسترعي إهتمامها ، حتى لو كان يسبح إلى أفواهها .
أفراس النهر مجبرة على التمرُّغ داخل مستنقع الوحل والروث النتن ، للمحافظة على رطوبة أجسادها ، بشكل خاص ، ظهورها الحساسة التي تجف تحت حرارة الشمس . وينبغي عليها تحمل هذه الأوحال حتى يحين هطول الأمطار ، عندها ستعود طيور البجع ثانية .
ولكن في هذه الأثناء ، ستسوء الأمور بالنسبة إليها . لقد حط سرب من طيور البجع رحاله في صحراء "ناميب" على الساحل الجنوبي الغربي لأفريقيا . هنا لا يوجد ما تحتاج إليه طيور البجع من بحيرات ومستنقعات وأنهار ، ولا يحيط بها سوى الصخور ومساحات رملية حارقة ، وهي ليست جذابة جداً لآكلة الأسماك .
ولكن صحراء "ناميب" ، تعتبر صحراء ساحلية ، وخلف تلالها الرملية مباشرة يقع المحيط الأطلسي . وهناك ، يوجد طعام وافر .
إن مياه الــ"بنغولا" الباردة ، والتي تجري على طول الساحل ، مليئة بالأسماك ، وفيها تجد أعداداً كبيرة من طيور الماء إضافة إلى بعض طيور البجع مكاناً للعيش.
في خليج "والفيش" ، تزدهر صناعة صيد الأسماك والتي تنعم بها طيور البجع : وهي تسمح لغيرها بالقيام بهذا العمل . هناك الكثير منها للمختلسين .
تقترب طيور البجع من الناس في خليج "والفيش" ، وهذا أمر غير طبيعي:
فطيور كبيرة وثقيلة مثلها تحتاج إلى السير مسافة طويلة حتى تتمكن من الطيران يبدو حتى الآن ، أنها لا تشعر بأي خطر حقيقي يحدق بها من السكان هنا .
إن قدرتها على التكيف لها ثمن يُدفع . ففي كل يوم ، تشن الفرق المغيرة هجوماً على مستوعبات النفايات .
ربما لا تكون حياة الطيور القمَّامة مثالية ، ولكن بعض طيور البجع في خليج "والفيش" ، تريد التخلي عن كبريائها لقاء بقايا الأسماك التي تلتقطها من بين أكوام النفايات .
في كل عام ، يتكاثر حوالي مائتي زوج من طيور البجع بعيداً عن الشاطىء ، فوق إحدى المنصات الإصطناعية .
طيور البجع تجيد الإنزلاق في الهواء مستفيدة من الحرارة التي تُبقيها على ارتفاع ثلاثة آلاف متر ، دون أن يرفّ لها جانح . وبمثل هذه الطريقة ، تستطيع اجتياز آلاف الكيلومترات .
لا يزال الغموض يحيط بطريقة انتشار البجع في كل أرجاء القارة ، ولا يستطيع أحد توقع ما إذا كانت ستعود ثانية أم أين ستكون وجهتها التالية ؟
بعيداً ، تحت هذه الأسراب أرض خضراء واعدة . يُحلق البجع الآن فوق "أوغندا" في وسط أفريقيا ، حيث يقع تحتها مصدر نبع النيل .
عند شلالات "مورشيسون" ، تصطاد هذه الطيور داخل ممر ضيق يبلغ عرضه خمسة أمتار فقط .
هذه الكمية الكبيرة من المياه مصدرها بحيرة "فيكتوريا" وبحيرة "إدوارد" وتحتوي هذه الأخيرة على أعداد كبيرة من الأسماك .
تبقى هذه المنطقة مكتظة دائماً بالسكان بسبب وفرة الأسماك فيها . هنا عاش الإنسان والحيوان يأكلان من خيرات الله التي في هذه البحيرة
تلعب أفراس النهر دوراً رئيسياً في الحفاظ على مصدر الأسماك ، وطيور البجع لن تشعر بالجوع هنا بإذن الله تعالى
تمضي أفراس النهر جزءاً كبيراً من النهار في المياه المُبرَّدة ، وهي لا تخرج إلى اليابسة إلا لترعى أو تتشمَّس . ولكن أسراب الطيور لا تتأثر بها ، فكل منهما يتجاهل الآخر .
تدعم الحيوانات الضخمة أعداد الأسماك الكبيرة فقط من خلال عيشها هنا.
ولا تزال "أوغندا" تملك أكبر عدد من أفراس النهر في أفريقيا .
شاطىء البحيرة الفسيح مقسوم إلى مناطق للثيران ، والتي تحاول التجمع حول المكان لتحظى بأكبر عدد ممكن من الإناث .
تُلقي أفراس النهر إلى الماء كميات كبيرة من المواد المُغذية عبر روثها : وهذا ما يغذي الثروة السمكية في البحيرة والتي تُعتبر بدورها غذاءً لعدد آخر من الحيوانات .
مساهمات أفراس النهر لم تكن دائماً مقدَّرة حق قدرها . ففي الستينات ، أوصى علماء البيئة بقتلها ، لأنهم كانوا يعتقدون بأن أعدادها في البحيرة كانت كبيرة .
كما أدت الحرب الأهلية في "أوغندا" إلى خسارة فادحة لها . أما في أيامنا هذه ، فلقد بدأ إنقاذ هذه الحيوانات تدريجياً واستعادت الأسماك معها عافيتها .
ولكن بحيرة "إدوارد" ، لا يتوفر فيها كل ما تحتاج إليه هذه الحيوانات لأنها لا تستطيع تربية صغارها هنا . وهكذا أخذت قطعانها بالرحيل لأن طريقها إلى الشرق من هذا المكان .
لا نعلم كيف سلكت هذا الدرّب . بعض الطيور البالغة تملك خريطة شاملة لأفريقيا محفوظة في ذاكرتها ، فتصل إلى "كينيا" ، بعد أيام من الطيران .
تحوم الطيور فوق مشهد طبيعي غريب ، إذ يقع تحتها "صدْعُ وادي أفريقيا الكبير" ، حيث تتلألأ مياه عدد كبير من البحيرات ، أغلبها شديد السِّمية .
هنا ، غطّت جداول الحمم البركانية سطح الأرض بكميات كبيرة من المواد المعدنية المحتوية على أملاح الصوديوم ، والتي تجعل البحيرات الضحلة تومض بألوان غريبة : ولكن الجمال لا يعني شيئاً لطائر البجع .
قليل من الحيوانات المتخصصة قادرة على العيش في مثل هذه المياه القلويّة المسبّبة للتآكل .
لا تحتوي بحيرة الصودا على أية سمكة ، ورغم ذلك ، تحط طيور البجع أحياناً في هذه الأماكن المميتة .
يبدو وكأن مجموعات فردية تحاول الإختبار من وقت لآخر ، لترى ما إذا كانت تستحق المغامرة برحلة صيد . فيدفع عدد من الطيور حياتها جراء هذه الرحلة الإستكشافية ، وإذا لم يتمكنوا من العثور على أراضي صيد في الوقت المناسب ، فستموت جوعاً .
داخل هذا الوادي المحدَّب ، توجد بحيرة آخرى : إنها بحيرة "بوغوريا" . مياهها أقل ملوحة ، وفي بعض الأحيان يحتشد فيها ملايين طيور النُّحام (البشروس) .
وهي تتغذى على الطحالب الصغيرة التي تنمو بأعداد كبيرة في حساء الصودا الدافيء .
عملياً ، لا توجد أسماك هنا ، وطيور البجع القليلة التي حطَّت مع طيور النُّحام لن تمكث هنا طويلاً .
ينابيع المياه الحارة على الشاطىء ، تنبع من جوف الأرض متأثرة بالبراكين . تخرج مياه الينابيع الساخنة الأملاح إلى سطح الأرض ، مما يسمح بازدهار الطحالب . وتستطيع طيور النُّحام أن تعثر هنا على كل شيء تحتاجه لبقائها على قيد الحياة .
أحياناً ، يضفي هجوم النسور وطيور اللَّقلاق "أبو سُهن" نوعاً من الخطر ، ولكن إلتقاط طائر من بين سرب كبير ، لهو أمر مستبعد إلى حد ما . ورغم كل ذلك ، تنظر طيور النحُّام إلى بحيرة "بوغوريا" على أنها بمثابة الجنة لها .
طيور البجع تنظر إلى البحيرة نظرة مختلفة . فبعد يوم واحد من الراحة, غادرت ثانية .
على بعد مئات الكيلومترات تقع بحيرة "ناكورو" . وهي تشتهر أيضاً بطيور النُّحام ولكن في الستينيات ، أدخل بعض الناس إلى هنا أسماكاً صغيرة ، تكاثرت بسرعة كبيرة .
بعد فترة وجيزة ، اكتشفت بعض طيور البجع الجريئة أن في هذه البحيرة ما يكفيها من الغذاء . وخلال بضعة أعوام ، بدأ المزيد من الطيور المتجولة القدوم إليها حتى أصبحت هذه البحيرة أحد أكثر الأماكن أهمية لطيور البجع الأفريقية البيضاء
رغم أن حديقة "ناكورو" العامة صغيرة ، إلا أنها تعتبر موطناً لعدد كبير من الأنواع المختلفة . هنا ، تجد الحيوانات اللاّحمة أكثر من مجرد طيور مائية نحيلة تقريباً ، عادت كل حيوانات أفريقيا الكبيرة إلى الحديقة ثانية ، بعد أن أعاد الناس إدخال بعض الأنواع مثل الزرافات .
لا يشكل هذا لطيور البجع أي اختلاف . فهي قادرة على صيد الأسماك ، أكبر حيوانات ثديّية على ضفة النهر تثير خشيتنا ، تُعتبر خلفية لهذه الطيور .
هذه المرة ، ملك الوحوش غير جدير بحمل إسمه . ولكن الأسود لا تملك سبباً للدخول في معركة مع هذه الجواميس القوية . فهي ما تزال متخمة من وجبة ليلة أمس .
تتنازع النسور وبنات آوى على فتات الطعام . والأسود هنا قادرة على أن تكون كريمة : لتوفر المزيد من الفرائس في بحيرة (ناكورد) .
تشهد المنطقة المحيطة ببحيرة "ناكورا" أمطاراً أكثر مما تشهده بحيرة "بوغوريا" . فهي تمطر هنا حتى في الأشهر التي تعاني فيها مناطق "كينيا" الأخرى من الجفاف الشديد .
بالنسبة للوافدين الجدد ، تشكل العاصفة فرصة لحَّمام جيدٍ مُرحَّب به .
فالمياه العذبة النظيفة نادرة في شرق "صدع أفريقيا" .
تستخدم الطيور مياه الأمطار لتخرج أملاح الصودا من ريشها .
كل شيء يبدو ملائماً لطيور البجع على هذه البحيرة .
رغم ذلك ، وفي صباح اليوم التالي ، يحلق مئات من الطيور المنتعشة والمرتاحة عبر الأفق ، ولكنها لا ترتفع كثيراً ، فهي ليست بحاجة للإبتعاد ، حيث يوجد خلف التلال بحيرة أخرى ، تبعد مسافة بضع دقائق عنها . إنها بحيرة "إليمنتيتا" .
للوهلة الأولى ، لا تبدو البحيرة مغرية جداً : فهي ليست سوى كغيرها من البحيرات المالحة والمهجورة في هذه المنطقة .
ولكن شيئاً ما يجعلها مغرية لهذه الطيور الكبيرة . هناك اسراب متناثرة من طيور البجع تحلق فوق البحيرة قرب بعضها البعض .
تتوجّه الحشود نحو بعض الجزر البركانية القاحلة والتي تسطع فوقها أشعة الشمس ولكن هذه الأراضي القليلة الصخور تتميَّز بشيء واحد ، وهو أن طيور البجع تستطيع وضع بيضها هنا بعيداً عن متناول الحيوانات الأرضية المفترسة ، وتترك فراخها تعيش فيها بأمان .
تشتد وطأة الحرّ ، وسرعان ما يبدأ المحلول المشبع بالملح بالترسب فوق ريشها . ولكنها ، تجد جدول مياه عذبة يجري باتجاه بحيرة "إليمنتيتا" ، حيث تجتمع الطيور للإستحمام والشرب .
من الأفضل لها أن تبقى بعيدة عن طريق طيور البجع ، فهي كطائرات الماء ، تأتي مسرعة ، وتحتاج إلى مدرج هبوط طويل .
تصل هذه الطيور ظمأى ، فتشرب في الحال حتى ترتوي . عندما تروي هذه الطيور ظمأها ، تستحم . هنا في بحيرة "إليمنتيتا" ، تهطل الأمطار بنسبة أقل من بحيرة "ناكورو" رغم أن صفاً واحداً من التلال بفصل بينهما.
وأخيراً ، تلّوث ريشها بالزيت من غددها الدبّوسية (الموجودة في منقارها) . وهذا يحافظ على قوة الريش ومرونته ، ويجعله مقاوماً للماء.
إنها بحاجة إليه هنا : لقد كوّنت الرياح والأمواج رغوة ملحية لاذعة على ضفاف البحيرة . ويبدو أن هذه الجزر الصغيرة داخل البحيرة السامة ينبغي أن تكون إحدى الأماكن القليلة لوضع البيض وتفقيسه .
وبشكل متناقض ، باتت أفعال الإنسان قادرة بإذن الله على جعل هذه الطيور تتكاثر هنا : ستكون جزر "إلمنتيتا" غير مفيدة لها ، بل مفيدة للأسماك في بحيرة "ناكورو" التي أدخلت أصلاً للسيطرة على البعوض .
لقد أنجز الإنسان الكثير من النشاطات في حديقة "ناكورو" الوطنية ، وخير مثال على ذلك حيوانات أفراس النهر . لقد أُحضرت إلى هنا لتنعم بالأمان : حيث ستتكاثر جيداً في هذه الحديقة العامة الصغيرة وسيكون من السهل الإهتمام بها . إضافة إلى أنها تلعب دوراً في جذب السيّاح .
تعتبر أفراس النهر البيضاء مخلوقات مسالمة ، وكغيرها من الحيوانات الراعية ، تفضل أن تأكل ضمن مجموعات ، ونادراً ما يحصل بينها صراع حقيقي .
ولكن هذا لا يعني أن الأمور دائماً تمر بسلام داخل حدود حديقة "ناكورو" العامة.
فالحديقة صغيرة جداً لتكون ملاذاً للحيوانات الكبيرة .
ومع ذلك ، فهي تشتهر عالمياً بأنها محمية للطيور .
تذهب الطيور للإستحمام في الصباح الباكر . ونظراً لبرودة الجو صباحاً ، فلا يوجد هواء ساخن يساعدها على الطيران ، لذلك فهي تحوم في أدنى ارتفاع ممكن لتوفر الطاقة .
تنثر الطيور ما يكفي من الماء لتنظيف ريشها ، كي تصبح ملائمة للطيران ، وتتولى أشعة الشمس الباقي .
في هذه الأثناء ، لا يزال عدد من طيور البجع يصطاد في البحيرة ، فواجبات الأهل تبقي الطيور مشغولة لفترات مختلفة من النهار .
إنها تنتقل بين أماكن الإستحمام ، وهي خلجان صغيرة من المياه العذبة ، بحيث لا تشكل مجموعات على الإطلاق .
في وقت متأخر من المساء ، لا تهتم الطيور البالغة بالعودة إلى بحيرة "إليمنتيتا" . لقد أصبحت مثقلة بالأسماك ، ولا وجود للهواء الساخن الذي يساعدها على التحليق ، وبالتالي ستحتاج لبذل الكثير من الطاقة ، لذلك تمضي الليل هنا على ضفاف النهر ضمن مجموعات .
بعضها يموت هنا . إن الهيكل العظمي للطيور الكبيرة خفيف جداً بحيث تبعثر طيور اللقلاق "أبو سُعن" بقاياها مثل قصاصات الورق .
في الصباح ، وعند بحيرة "إليمنتيتا" ، تنتظر الفراخ عودة أهلها من الصيد بشوق كبير .
بإذن الله تحمي جزر التفقيس ، تحمي صغار البجع من بنات آوى والهررة ، ولكنها لا تحميها من طيور اللقلاق "أبو سعُن" ، والتي لا تجد صعوبة في الوصول إلى المستعمرة ، وعادة ما تقتل الفراخ التي تُترك وحيدة .
يبدو أن الطيور الأهل غير قلقة . فعندما تنجز واجبات الإطعام ، تغادر المكان في الحال للإستحمام . تحلق هذه الطيور بسرعة ثلاثين كيلومتراً في الساعة ، وهي تحتاج إلى جهد مشترك بين الأجنحة والعنق والقوائم لإبطاء سرعة أجسامها الثقيلة التي تصل إلى حدود خمسة عشر كيلوغراماً .
يعيش في بحيرة "إليمنتيتا" حيوانات كبيرة ، ولكنها أقل عدداً من تلك في بحيرة "ناكورو" . وتأتي بعض ظباء الماء إلى هنا لتشرب من مصب الجدول .
لا تكترث الطيور كثيراً لوجودها ، وتبتعد بهدوء عن طريقها . فهي تثق بالظباء ولا تعتبرها حيوانات مؤذية .
حيوان آخر ، يُسبِّب المزيد من الإزعاج عند ظهوره على ضفاف النهر . إنه ثعلب الماء ذو المخالب ، (القُضاعة) .
لا يشكل صياد السرطانات الرشيق أي تهديد للطيور البالغة ، إلا أن وصوله يسبب بعض الإضطراب .
طيور البشروس (النُّحام) عصبية أيضاً . وأثناء هروبها خائفة ، يطير بعضها متجاهلاً العواقب المحتومة .
إن التصادم مع طيور البجع يتسبب بسقوط طيور النُّحام . فتلتقي مع نسر الأسماك وهي فاقدة لصوابها . ولكن الموت يأتي من الأعلى .
بالرغم من كل المشاكل ، يتكاثر أكثر من ثمانية آلاف زوج من طيور البجع هنا ، عند بحيرة "إلمنيتيتا" .
وهو يستطيع التكيف للإستفادة من أدنى فرصة . ومع ذلك ، يفشل تكاثرها خلال بعض الأعوام ، عندما لا توجد أسماك في بحيرة "ناكورو" أو عندما ينخفض منسوب المياه كثيراً في بحيرة "إلمنيتيتا" .
بالنسبة لها ، فإن ظروف التكاثر الجيدة نادرة فعلاً . ولكن في السنغال في غرب أفريقيا ، هناك شيء ما تعتبره طيور البجع بمثابة نعيم لها : إنها حديقة "دجودج" العامة . وهي مساحة كبيرة من الأراضي الخصبة ، يتوفر فيها الكثير من مواقع التكاثر والغذاء .
تغطي الحديقة العامة جزءاً كبيراً من دلتا نهر السنغال . وتوفر مياهه بقعة خضراء وخلابة عند طرف منطقة "الساحل" الجافة .
أعداد لا تحصى من الجداول تجري عبر دلتا النهر ، والحشرات وجماعات النحل والمياه الضحلة المليئة بالأسماك ، منتشرة في كل مكان.
في بحر أزهار زنبق الماء ، يعمل عدد كبير من الصيادين .
طيور البلشون (مالك الحزين) الأرجوانية تسير عبر المستنقعات في حركة بطيئة بحيث لا تتسبب بإخافة فريستها . وبشكل مغاير ، فإن نظريات صيد نسر الأسماك اليافع تعتبر أكثر حيوية .
تقتات الخنازير البرية على النباتات المائية العصارية ، وفي شبه الصحراء المجاورة ، تتغذى على جذور الأعشاب التي تقتلعها بجهد كبير. ولكن مهمتها هنا في المستنقع أكثر سهولة .
فهناك ما يكفي من البقع الجافة في متاهات الأهوار والبحيرات والمياه المكشوفة . توقظ حرارة الشمس ثعباناً يعيش على الحدود بين الماء واليابسة . ولكن هذا الحيوان البري لا يخشى من هذا الثعبان الكبير والقوي . ورغم ذلك ، فهو يعامله باحترام ويمضي في سبيله .
ينسل الثعبان إلى الماء ، ليبحث عن فريسة هناك .
منذ مدة ، وطيور البط ذوات الوجه الأبيض تراقبه .
في أيامنا هذه ، يعدل منسوب المياه في الأرض المطريّة . هذه الفيضانات المنتظمة تعمل وكأنها فصول إصطناعية ، كي تحافظ بقدرة الله على منسوب مياه يلائم طيور البجع .
بفضل الله تجري عمليات التفقيس بنجاح في هذه المنطقة طوال العام ، وأعداد الطيور تتكاثر بثبات ، فلقد أحصي في عام ألف وتسعمائة وتسعة وتسعين وجود أربعة عشر ألف طائر بجع في حديقة "دجودج" العامة .
يعيش في أفريقيا حوالي خمسة وسبعين ألف زوج من طيور البجع البيضاء والتي تُربى في عشر أو خمس عشرة مستعمرة نظامية . وهي تستهلك كمية كبيرة من الطعام ، وقليل هي الأمكنة التي توفر لها الأمان الذي تحتاجه .
خلال عملية تكاثرها ، تكتسي الطيور اللون الوردي الجميل ويظهر على صدرها نتوء بارز .
في الذكور يميل هذا اللون إلى الإصفرار بينما في الإناث يكون برتقالياً فاتحاً . بعيداً عن موسم التزاوج يصعب حدوث التزاوج بشكل منفرد ، إلا إذا كانت الذكور كبيرة بما فيها الكفاية .
عندما يكتمل نمو النتوء على الصدر جيداً ، كما في هذه الأنثى ، فهذا يعني أنه حان وقت التزواج .
بسبب حياتها الإجتماعية المنظمة ، لا تتواجد طيور البجع البيضاء وحيدة ، فلا وجود للعزلة عندها .
وهي تتقبل التنازل عن العزلة في سبيل الفائدة الأمنية . إن وجود أكبر عدد ممكن من أنواعها يناسبها من أجل عملية التزاوج .
تشكل حشيشة الماء مادة ملائمة لبناء الأعشاش .
لا تأخذ طيور البجع البيضاء عملية بناء العش بالكثير من الجدية . وهي لا تعمل بصبر كغيرها من الطيور ، فتجمع الغصينات مرة واحدة طوال أسابيع .
مهما يكن ، ينبغي أن يكون المكان محاطاً بالخضار . لذلك ، فإن حشيشة الماء غير مناسبة لأنها ستيبس بعد بضع ساعات .
عندما يقترب موعد الصيد ، يُقلب قليل من الرمل فوق العش . وهكذا كان . يحشر أحد البنائين منقاره بشكل كلي ليتأكد من أن مركز الجاذبية قد تغيَّر .
أحياناً ، تفوق الحاجة إلى مواد لبناء العش التقديرات .
بعد الإنتهاء من العملية المهمة للبحث عن شريك ، يبدأ فصل التزواج . تنتظر الطيور طوال أربعة أو خمسة أسابيع هادئة ، من دون أية حماية من حرارة الشمس الحارقة .
فقط تحريكها لجراب حنجرتها ، يخفف عنها القليل من الحرارة .
ولأنها تعيش قريبة جداً من بعضها ، فالقتال موجود دائماً على جدول أعمال طيور البجع . وهي تفقد بعض البيض نتيجة لذلك .
تتعمّد الطيور رمي بعض البيض الذي لا تحضنه بعيداً عن حدودها ، كي لا يُشكل مصدراً للتلوث ولكي لا يجذب لصوص البيض .
لا يشكل طائر "أبو منجل" بمنقاره الدقيق أي خطر كبير . فيُساعده أحد طيور البجع على كسر البيضة ، بطريقة مغايرة عن كل المساعدين ، فهو لا يستطيع كسر القشرة السميكة من تلقاء نفسه .
لا يوجد في أفريقيا فصل تزاوج محدد لطيور البجع . فبينما لا يزال الزوجان المجاوران يبنيان عشهما ، يكون غيرهما يحضن بيضة ويكون الزوجان اللذان وصلا باكراً إلى المستعمرة قد إنتهيا من تفقيس البيض .
عندما يتوجب عليها فعل ذلك ، تستطيع أن تكون لطيفة جداً باستخدام مناقيرها الضخمة فتقوم بإطعام فراخها "حساء السمك" بحرص ، خلال أيام ولادتها الأولى ، عن طريق صبه في أفواهها .
بسبب
وجود الكثير من الطيور ، تنفصل الفراخ عن والديها من وقت لآخر . وتموت الفراخ المريضة والمهجورة ويجري إبعادها عن المستعمرة .
في هذه الأثناء يقف طائر "البلشون" الرمادي مراقباً . وإغارة على المستنقع تضع حداً للمأساة . يبدو أن طائر "البلشون" يعلم بوجود شيء ما لياكله هنا .
طائر صغير آخر ينتقل من منقار إلى آخر . يبدو هذا قاسياً في البداية ، ولكن المستعمرة لا تستطيع تحمل ونقل المسافرين المرضى أو الواهنين .
في ظروف الإكتظاظ هذه ، تنتشر الأوبئة بسرعة بين الطيور .
ينبغي أن تزود طيور البجع نفسها وصغارها بالطعام ، فتغادر سوياً في رحلة صيد .
تجوب
الطيور السماء بحثاً عن براري مائية تحتوي على حشود أسماك .
أعداد الأسماك كبيرة في الحديقة العامة ، وهي تكفي لإطعام آلاف الطيور المائية وغيرها من الحيوانات المُغيرة . هنا تصطاد أسماك السِّلَّور الأسماك الصغيرة ضمن مجموعات .
ولكن الضجيج يسترعي انتباه الطيور المراقبة في الجو . فيصبح الصياد والفريسة في الماء صيداً لها .
لا تجذب حشود البجع التي تصطاد إنتباه غيرها من طيور البجع فقط ، بل يكتشف وجودها عدد آخر من الطيور التي تجد فرصة لتناول الطعام هنا .
فتكون طيور الغاق والبلشون من بين أوائل الطيور التي تشاركها الحفل . عندما ينفذ الطعام ، أو عندما تريد الأسماك الهروب إلى المياه العميقة ، تحلّق الطيور البدينة مرة أخرى في الفضاء . ومن هناك تستطيع إلقاء نظرة شاملة على المحمية .
يحتاج طائر البجع المكتمل النمو إلى حوالي كيلوغرام من السمك يومياً ، إضافة إلى ما يحتاجه لإطعام فراخه .
وأخيراً ، تبدأ الطيور بالعودة إلى المستعمرة أسراباً أسراباً ، بعد أن أنهت إطعام فراخها .
تتأكد الفراخ الصغيرة من أنها لن تحصل على طعام أكثر مما تناولته .
لذلك ، يقوم الطائر الصغير الذي لم يجر إطعامه بعد بإختبار إمكانية إلتهام أي شيء يصل إلى منقاره أثناء إنتظاره . أو ربما يستطيع تسوّل لقمة من الفرخ البدين المجاور .
تنتظر الصغار وصول الطعام بمعدة خاوية تتضوّر جوعاً .
عندما تكبر الفراخ الصغيرة ، يصبح إطعامها أكثر صعوبة :
فتنقض إلى داخل منقار والديها لتلتهم الطعام . على الأهل أن يتحملوا الكثير من المعاناة لأن مناقير فراخها في هذا الوقت قد نمت بشكل جيد . كل وجبة تتبعها مرحلة تنظيف شاملة . فالنظافة الشخصية مهمة جداً لها
وجود الطفيليات المزعجة والمرض في هذه الحرارة الشديدة يعني الموت السريع.
بعد ثلاثة أو أربعة أسابيع ، تجتمع الفراخ مع بعضها البعض ضمن ما يسمى "روضة الصغار" حيث تستطيع من خلال تجمعها ، الدفاع عن نفسها ضد الأعداء.
ولكن إذا أحضر الأهل الصغار إلى "الروضة" بسرعة ، فستعاني الفراخ الصغيرة أوقاتاً عصيبة . فبرغم تواجد بعض الطيور البالغة بينها باستمرار ، إلا أنها لا تكترث لصراع الصغار .
يتجرأ أحد الفراخ بالقفز إلى الماء .
في البداية ، تكون التحركات النموذجية لهذه الفراخ أثناء الصيد هزلية . ولكنها عندما تلتقط أول سمكة ، فإن علاقاتها مع الطيور البالغة تتغير فجأة .
فمنذ الآن ، سينظر إليها الآخرون على أنها طيور منافسة ، فتعاملها على هذا الأساس .
تكبر طيور البجع ضمن مجموعات .
لقد أصبحت حديقة "دجودج" العامة وطيورها محط أنظار السياح ، ويستكشف الزوّار المحليون والأجانب هذه الأرض المائية مستخدمين القوارب .
طيور البجع مسالمة جداً ، فهي تسمح للناس بالإقتراب منها . وهذا مهم من أجل الأعمال ، ولأجل هذا ، يتم المحافظة على منسوب المياه في الدلتا ليلائم طيور البجع .
في فصل الجفاف تتضاءل الأراضي المائية . وينخفض منسوب المياه الذي يلطف المستعمرة أثناء النهار : وهكذا يستطيع عدد من الحيوانات المفترسة شق طريقها إليها . ولكن يصعب العثور على أي بيض أو فراخ في هذا المكان . ينبغي على "الورل" أن يبقي فراخ البجع داخل الخليج من خلال ضرب سطح الماء بذيله ورشها به . ولكن طيور البجع أصبحت كبيرة منذ وقت بعيد . بينها تبدو طيور "البلشون" كالأقزام .
في المياه الضحلة قرب المستعمرة ، تصطاد طيور "البلشون" السوداء . ولأنها تملك أجنحة على شكل منقار فهي تفتعل منطقة من الظل في الماء ، فتفترض الأسماك أنه ملجأ آمن وتأتي إليه ، فترتكب خطأ مميتاً .
مسطحات الوحل تتكون باستمرار ، كلما انخفض منسوب المياه . والآن أصبح بمقدور الحيوانات البرية وقرود "باتا" النادرة ، الإقتراب من المستعمرة .
مع حلول شهر شباط (فبراير) ، تصغر المستعمرة . ولا يبقى في مكان التعشيش سوى بضع مئات من طيور البجع البالغة .
أما تلك الفراخ التي لم يكتمل نموها بعد ، فربما لن تكون قادرة على النجاة .
الآن ، سيأتي الإزعاج من خارج المستعمرة يومياً . وبعد ذلك ينحو منحىً جدياً : يصل أول حيوان بري إلى المستعمرة ، وهذه إشارة سيئة لأن هذه الحيوانات تميل إلى التهام الفراخ الطازجة ، وكثير منها لا يستطيع الطيران .
يقولون إن في الإتحاد قوة . ورغم عدم وجود خطة دفاع منظمة ، إلا أن المناقير القوية لطيور البجع وهي متراصة الصفوف تستطيع إبعاد المهاجم . وأخيراً ، يحول المغير إهتمامه إلى طيور "الغاق" . ولا تملك صغارها أية فرصة
لم تعد المستعمرة آمنة . فسيأتي المهاجمون يومياً . لقد حان الوقت لمغادرتها .
تذكروا ، أن هذا يحتاج إلى بعض الممارسة العملية .
إن شهية الصغار ما تزال في أوجها . أما بالنسبة للبالغين ، فإن إطعام الصغار يشكل محنة ، وهو يتطلب منها بذل الكثير من الجهد . لقد نفذ صبرها ولم تعد تستطيع التحمل .
وها هي تغادر المكان . لقد حان الوقت للفراخ كي تشق طريقها بنفسها .
بلونها الرمادي الداكن وعدم رشاقتها وثقل وزنها ، تعاني طيور البجع في الفضاء ، ولكنها إذا تمكنت من النجاة كل هذا الوقت ، فستعود ثانية خلال ثلاثة أو أربعة أعوام طيوراً رشيقة بيضاء بإذن الله . وحتى ذلك الوقت ، ربما تكون قد شاهدت أكبر جزء من قارتها الأم
في قيظ الظهيرة ، تأتي حمير الوحش من الأدغال المجاورة ، لتروي ظمأها وتبرّد أجسادها .
لا تنزعج طيور البجع من زوار ضفة النهر .
المصدر/قناة المجد الوثائقية
مشتاقه للجنه
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى مشتاقه للجنه
البحث عن كل مشاركات مشتاقه للجنه