عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /12-15-2008, 02:49 PM   #1

اسكندريلا

مشرفة قسم الأخبار سابقا

noose

 

 رقم العضوية : 6155
 تاريخ التسجيل : Aug 2008
 الجنس : ~ أنثى
 المكان : مصر
 المشاركات : 5,724
 النقاط : اسكندريلا will become famous soon enough
 درجة التقييم : 92
 قوة التقييم : 1

اسكندريلا غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي الثبات على العمل الصالح ... من أهم علامات المحافظة على الحج المبرور

الثبات على العمل الصالح ... من أهم علامات المحافظة على الحج المبرور
سريعاً مضى موسم الحج وقضى الحجاج عبادة من أعظم العبادات وقربةً من أعظم القربات ، تجردوا فيها لله من المخيطِ ووقفوا في صعيد عرفات متوجهين الى الله وطافوا بالكعبة المشرفة ، وسعوا بين الصفا والمروة في رحلةٍ من أروع الرَحلات ، وسياحةٍ من أجمل السياحات ، عاد الحجيج من رحلتهم الإيمانية الرائعة، فرحين بما أتاهم الله من فضله، آملين أن يكونوا ممن شملهم الله بعفوه وغفرانه، وأن لا يلوثوا صحفهم ثانية بالذنوب، بعدما عادت بيضاء كأن لم يُكتب فيها شيء لحديث النبى صلى الله عليه وسلم "..عاد كيوم ولدته أمه" .
ويقع بعض الحجاج في حيرة من أمرهم بعد العودة من هذه الرحلة ، كيف يحافظون على حجهم؟ وكيف يوجهون جهودهم الإيمانية، ليداوموا على اصلاح نفوسهم، وضبط سلوكهم ، وهدفهم هو الفوز بمعركة ما بعد الحج تلك الفترة التى تكون اختباراً حقيقياً للحاج ..فإلى كل من حج البيت العتيق نقدم بعض النصائح فى السطور القادمة على لسان علماء الدين حتى ينعم الحاج بحياة ما بعد الحج .
فى البداية يقول الدكتور نصر فريد واصل مفتى مصر الاسبق: شرع الله العبادات لحكم عظيمة وغايات جليلة فهي تقوي الإيمان ، وتزكي النفوس وتقوم السلوك وتهذب الأخلاق ، وما لم تكن هذه العبادات طريقاً لتحقيق هذه الغايات ، فلن يستفيد منها المسلم الإفادة المرجوة ، بل ربما تحولت العبادة إلى مظاهر يؤديها الإنسان ، دون أن يكون لها أثر على واقعه وسلوكه .
وعبادة الحج لا تخرج عن هذا الإطار، فإذا قام بها المؤمن خير قيام، وأدرك مقاصدها واستشعر معانيها كان لها أعظم الشيخ نصر فريد واصلالأثر في حياته وبعد مماته، وبناء على ذلك فعلى الحاج - وقد أكرمه الله بزيارة بيته ووفقه لأداء فريضته ، أن يقف مع نفسه وقفات يتأمل حاله ويصحح سيره ، وأول شيء يجب أن تدركه عظم نعمة الله عليك، بأن وفقك لأداء هذه الفريضة العظيمة مما يستوجب شكر الله جل وعلا على هذه النعمة، التى حرم منها غيرك ، فعليك ان تحفظها من الضياع، وأن تلازم طاعة ربك وتستقيم على دينه وشرعه.
ومن أهم القضايا التي ينبغي أن تحرص عليها بعد حجك (قضية الثبات) ، والمحافظة على هذا العمل من المحبطات والآفات وأن تسأل الله في كل حال أن يحفظ عليك دينك ، وأن يوفقك لطاعته ، ويجنبك معصيته ، لتكون مع { الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا } ( النساء) .
وقد ضرب الله عز وجل الأمثال للناس على هذه القضية، محذراً عباده من أن يبطلوا أعمالهم ، ويمحقوا طاعتهم ، فلا يجدونها في وقت هم أشد ما يكونون حاجة إليها وذلك في قوله جل وعلا : { أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون } ( البقرة 266 ) ، وهو مثل ضربه الله جل وعلا لمن حسن عملُه ، ثم انقلب على عقبه بعد ذلك ، وبدل الحسنات بالسيئات .
وباداء المسلم لفريضة الحج يجب ان يدرك أن من أهم حِكَمِ الحج ومقاصده تربية المسلم على عبودية الله وحده ، والتزام أوامره واجتناب نواهيه ، واتباع سنة نبيك - صلى الله عليه وسلم- ، وهذه الأمور لا تتحدد بموسم أو شهر أو عام بل يستصحبها المسلم طيلة عمره ومدة حياته ، ما دام فيه قلب ينبض ونفس يتردد {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين }( الحجر 99).
وليكن حالك بعد العمل كحال الذي وصفهم الله جل وعلا بقوله : { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون } ( المؤمنون 60 ) ، فهم وإن كانوا يتقربون إلى الله بصنوف العبادات وألوان القربات ، إلا أنهم مع ذلك خائفون وجلون أن ترد عليهم أعمالهم ، كان علي رضي الله عنه يقول : " كونوا لِقَبول العمل أشدَّ اهتماماً منكم بالعمل ، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: {إنما يتقبل الله من المتقين } ( المائدة 27 ).
فعلى الحاج بعد ان وقف بِعرفات وأظهر الندم على ما فات عقد النية تجديد العزم والحرص على أن يكون حجه نقطة تحول في حياته وداوم على العمل الصالح ولو كان قليلا ، فإن القليل الدائم خيرٌ من الكثير المنقطع ، واعلم أن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ ، وافتح صفحة جديدة من حياتك مع مولاك،نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يجعل حجك مبروراً ، وذنبك مغفوراً ، وسعيك مشكوراً ، وأن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال ، ويرزقنا الثبات والاستقامة حتى الممات.
يقول الدكتور على جريشة أستاذ الشريعة جامعة الأزهر : الحج بكل مناسكه وأنساكه يعرفنا بالله ويذكرنا بحقوقه وخصائصِ ألوهيته جل في علاه ، فكيف يعود الحاج من حجه ويفعل شيئًا من الشركِ الصريح والعمل القبيح ، أن يأتي المشعوذين والسحرة ويصَدق أصحابَ الأبراج والتنجيمِ ، فأين أثرُ الحج فيمن عاد بعد حجه مضيعًا للصلاة مانعًا للزكاة متعاطيًا للمخدرات والمسكرات ، لا يصل الأرحام ، فيجب ان يعلم الحاج الذى حافظ على محظورات الإحرامِ أثناء حج بيت الله الحرام أن هناكَ محظورات على الدوام وطولَ الدهر يجب ان نحذر إتيانها وقربانها { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّـالِمُونَ}.
فالمسلم الذى لبى لله في الحج مستجيباً لندائه كيف يلّبي بعد ذلك لدعوةٍ أو مبدأ أو مذهب أو نداء يناهض دين الله الذي لا يُقبل من أحدٍ دين سواه ؟ من لبّى لله في الحج كيف يَتحاكم بعد ذلك إلى غير شريعته أو ينقادَ لغير حكمه ، أو يرضى بغير رسالته ؟ ، فعلى الحاج ان يسعى إلى مزيد من التقرب إلى الله عز وجل، كأنه حصل على منحة "إيمانية" في الحج، لا يكتفي بعد العودة بما تزود به في رحلته، إنما يكافح من أجل المزيد من القرب.
وعليه أيضاً تنمية الإحساس بالتقصير بداخله على ألا يكون ذلك سببا لليأس من القبول ولكنه يكون دافعا مستمرا للإجادة في كل أمور الدين والدنيا، لتجديد التوبة والتطهر رغبة في كتابة اسمه بين التوابين والمتطهرين .
ويكفى ان يراقب الحاج نفسه عند أي تفكير يراوده أو تصرف ينوى القيام به حيث يقف لوهلة ويسأل نفسه: هل هذا يليق بحاج أكرمه الله بزيارة بيته الحرام؟ ويضع أمام عينيه قول الإمام علي كرم الله وجهه: "إذا وضعت أحدا فوق قدره فتوقع أن يضعك دون قدرك".

وبعد انتهاء موسم الحج وعودة الحجيج إلى ديارهم ينقسمون الى أصناف متعددة كما يوضح لنا الدكتور مصباح منصور استاذ الدعوة جامعة الازهر، فمنهم من يبدأ حياة جديدة حيث عاهد الله عز وجل على الاستقامة وعزم على عدم العودة إلى ما كان عليه قبل الحج من غفلة وعصيان ، وذلك بعد أن ذاق طعم التوبة وفاز بالمغفرة وانطبق عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم :من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه، ومنهم من كان حجه فضلاً على فضل وزاده إيماناً على إيمان،وهؤلاء هم خير الحجيج، كما ان هناك صنف ثالث من الحجيج وهم الذين اتخذوا من حجهم مجرد صحوة إيمانية أعقبتها غفوة ويعودوا لما كانوا عليه من ذنوب ومعاصي.
فالفريق الأول والثاني علما ان الحج موسم التوبة وتجديد العهد مع الله، وما النداء "لبيك اللهم لبيك" إلا كلمات معاهدة بين الله وعبده ، وتقع المعاهدة دائمًا في بداية أمر ما، فهي ليست نهاية له.، فهذا هو الحج، فمن يعود بعد أداء مناسك الحج فقد رجع بعد عقده لمعاهدة مقدسة مع ربه، فيجب عليه ألا يخلد لحياته على سابق عهدها قبل الحج بل يجب عليه أن يبدأ العمل طبقا لما عاهد عليه ربه ، فالعودة من الحج عودة من مقام العهد إلى مقام العمل، ولا تنتهي مسؤوليات الحاج بعد الانتهاء من الحج بل تزداد وتكبر في حقيقة الأمر .
ومن حِكم الحج التى يستشعرها المسلم أنه يعطي صورة رائعة للوحدة التي يجب على المسلمين أن يسعوا إلى تحقيقها حسبما يؤكد الدكتور ابراهيم عبد الحليم استاذ الشريعة كلية دار العلوم جامعة الازهر ،فقد تجمع المسلمون من كل فج عميق، لا تجمع بينهم سوى رابطة الدين وحب الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم، يرتدون لباسًا واحدًا، ويهتفون هتافًا واحدًا، ويرجون ربًا واحدًا.فتجردوا من كل زينة ليبقوا "أيامًا معدودات" بلباس الإحرام المتواضع، الذي لا مباهاة فيه بين رجل وآخروكل هذه الامور ماهى الا تربية للنفس على بذل كل شيء من أجل إرضاء خالقها تعالى ومحبته، وذلك ليس في الحج وحده، بل في سائر أيام العمر حيث يجب على الحاج الالتزام بذلك .
والتضحية هي الدرس البليغ في هذا الجانب، فعبادة دون تضحية لا يمكن أن تكون. ففي الحج مثلاً، إن كان من تسهيل وتيسير فلا بد من مشقة، بها يعظُم أجر الحاجّ، فالسفر قطعة من العذاب، حيث يغير المسلم مسكنه ومشربه ومأكله ويبعد عن أهله فلا بد إذن من الصبر والتحمّل وعلى الحاج أن يتعلم هذا الدرس جيدًا، فنحن في حاجة إليه؟ ، كما ان أداء الحج يترك أثرًا عظيمًا في نفس المؤمن، فهو يعلّمه النظام والتواضع والتسامح وحسن المعاشرة وطيب الملاطفة ومراقبة الله عز وجل ، فرحلة الحج بمثابة دورة تدريبية تربوية وثقافية، تتولى فيها التدريب على قوة الإخلاص والخير والصفاء الكامنة في القلوب ثم إن شعور المسلم بأنه ربما قبل حجه عند الله يجعله يحس بالطهارة القلبية، فيُحمّل نفسه مسئولية كبرى وهى مجاهدة نفسه ألا يعود إلى الذنوب مرة أخرى، حتى لا يلطخ هذا النقاء الذي ربما أكرمه الله به دون غيره من البشر فيسير على نهج التقرب الى الله وحسن طاعته والسير على سنة نبيه صلى الله عليه وسلم .







  رد مع اقتباس