الموضوع: ((ازمة امة))
عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /12-31-2008, 01:29 PM   #1

عاشق الجمال
عضو سوبر
 

 رقم العضوية : 9874
 تاريخ التسجيل : Dec 2008
 المكان : مصر أم الدنيا
 المشاركات : 2,758
 النقاط : عاشق الجمال will become famous soon enough
 درجة التقييم : 74
 قوة التقييم : 1

عاشق الجمال غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي ((ازمة امة))

إ((ازمة امة))
ليكم نماذج وأمثلة من نكبات وأزمات مرت بأمة الإسلام على مر تاريخها, ثم كيف اجتازتها وخرجت منها, لنصل إلى أزمتنا الحالية, وما السبب في بقاء الأمة هذه الفترة الطويلة من الزمن دون مخرج؟!
فنبدأ بأزمة الردة:
حينما ارتدت قبائل عن الإسلام في زمن خلافة الصديق رضي الله عنه!
أزمة حادة ولا شك! دولة الإسلام كانت دولة ناشئة, دولة طريَّة, وكان أمامها عقبات كثيرة يطلب منها أن تجتازها! فتأتي قبائل بأكملها –كانت قد دخلت في الإسلام وكان يؤمل عليها أشياء وأشياء- فإذا بالخبر أنها قد ارتدت عن الدين ورجعت كافرة مشركة بعد أن كانوا مسلمين!
أزمة مرت بالمسلمين! لكن منذ بدايتها وفي أول لحظة منها لم يخالج الصحابة أدنى شك في أن النصر سيكون للدولة المسلمة وليس للمرتدين هنا أو هناك!
لماذا ؟ وما هو السبب؟
السبب هو أن صلتهم بربهم وإخلاصهم لدينه وصدقهم مع الله كان أضعاف أضعاف إيمان المرتدين بباطلهم المزيف الذي يقاتلون من ورائه, مع خلو موقفهم من أية قيمة حقيقية إلا الهوى والشهوات!
وما كان من جزع الصحابة –رضي الله عنهم- ومشورتهم على أبي بكر - رضي الله عنه - بالتريث في قتالهم, لم يكن ذلك لشك في نفوسهم أن الله سينصر دينه. إنما كانت مشورتهم من أجل إتاحة الفرصة لتجميع الجيش الكافي للمعركة!.
ولكن إيمان أبي بكر الراسخ –رضي الله عنه- وثقته العميقة بوعد الله بالتمكين لهذا الدين في الأرض, وحساسيته المرهفة أن يترك الخارجين على أمر الله دون أن يسارع في توقيع العقوبة التي أمر الله بإنزالها بهم, كل ذلك قد فعل فعله في نفوس الصحابة –رضي الله عنهم- فوقفوا صفاً واحداً خلف أبي بكر, ونصر الله دينه كما وعد! ومرت الأزمة بشكل طبيعي!!
تأتي أزمة ثانية:
فتنـة مقتل عثمان رضي الله عنه! –خليفة المسلمين, أمير المؤمنين-
الحاكم يُقتَل في بيته من بين أهله وعلى مرأى ومسمع من الناس!! والصحابة حضور يشهدون الحادثة!!
إنها أزمة حادة ولاشك! ابتلي بها المسلمون والدولة ما تزال في نشأتها, وعداوات الأرض قائمة من حولها!
لكن الناظر إلى مجريات الأمور يومئذ يرى أن هذه الأزمة أيضا مرَّت ولم يحصل شرخ في الدولة!
ما السبب؟
السبب: هو أن الخلاف الذي حصل بين المسلمين –على كل عمقه, وعلى كل ما أثاره من فُرقة في صفوفهم- كان خلافاً على "من يتولى الأمر ليمكن للإسلام في الأرض", ولم يكن خلافاً على الإسلام ذاته!.
انـتـبـه!
لم يكن خلافهم على الإسلام ذاته: "هل يصلح أن يكون قاعدة حياتهم أو لا يصلح؟ هل نحكم به أو لا نحكم؟ هل نأخذه كله أو بعضه؟".
هذه القضايا كانت محسومة عندهم!!
ولهذا: عندما تأتي أزمة كهذه: "قتل ولي أمر المسلمين", لا يمكن أن يسبب ذلك سقوطاً للدولة, أو شرخاً في نظام الحكم! فيعالج الأمر فتعود المياه إلى مجاريها!
لأنه ما تزال نفوسهم مشبعة بالإيمان, وقناعتهم بالإسلام بأنه منهج حياة!!
مثال ثالث:
أزمة الحروب الصليبية وحروب التتار التي عصفت بالأمة وقتاً من الزمن!
كانت أزمة حادة في حياة المسلمين, وبدا أنها يمكن أن تطيح بالكيان الإسلامي كله وأن تجتث المسلمين من الأرض!
لكن ماذا كانت النتيجة؟ ماذا كانت النتيجة؟
كانت النتيجة الواقعية غير ذلك, وجاء النصر من عند الله في النهاية.
أما البداية فقد هزم المسلمون أمام أعدائهم الصليبيين! لأن واقعهم كان واقعاً سيئاً, مليئاً بالمعاصي والبدع والخرافات والانحرافات والشتات والفرقة والانشغال بالدنيا عن نصرة دين الله والتمكين له في الأرض, لذلك اجتاحت جيوش الأعداء أراضي المسلمين وأزالت سلطانهم إلى حين!
لكن في النهاية جاء نصر الله –عز وجل-!
لماذا؟
لأن جذوة العقيدة كانت ما تزال حية في النفوس! وإن غشيتها غاشية من التواكل والسلبية أو الانشغال بشهوات الأرض.
فما إن تحرك العلماء وجاء القادة المخلصون الذين يردون الناس إلى الجادة بدعوتهم للرجوع إلى حقيقة الإسلام حتى صحت الجذوة واشتعلت!
قام صلاح الدين الأيوبي –رحمه الله تعالى- يقول للـناس: لقد هزمتم لبعدكم عن طريق الله! ولن تنصروا حتى تعودوا إلى الطريق!
وقام شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- يدعو لتصحيح العقيدة مما طرأ عليها من غبش المتكلمين وضلالاتهم, ومن تحريف الفرق وتأويلاتهم!
وصاح قُطُز –رحمه الله تعالى- صيحته الشهيرة: "وا إسلاماه!".
وتبعتهم جماهير الأمة المسلمة, فصدقت الله في عقيدتها وسلوكها وأخلاقها! فجاء نصر الله –جل جلاله- وتغلب المسلمون على أضعافهم من المشركين والكفار!
قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11].
وأولئك غيروا ما بأنفسهم فغير الله حالهم من هزيمة وذلة إلى نصر وعزة!
وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون:8].
مثال رابع:
أزمة الأندلس!
أقام المسلمون دولة في أرض الأندلس, بهرت الشرق والغرب, حيَّرت القريب والبعيد في منجزاتها وحضارتها وإدارتها!
لكن ما هي إلا سنوات وتسقط هذه الدولة, عقاباً ربانياً للمسلمين, على تفرقهم في نهاية الأمر وتشتتهم وحرب بعضهم لبعض, بل وتعاونهم مع أعدائهم من الصليبيين ضد بعضهم البعض، واتخاذ أولئك الأعداء الكفار بطانة من دون المؤمنين –مخالفة لأمر الله جل وعز-, وهم لا يألونهم خبالاً, بالإضافة إلى الفتنة بشهوات الأرض, المباح منها وغير المباح!
ومن عقوبة الله جل وتعالى: أن الأندلس لم تعد إلى حظيرة الإسلام! وخرج المسلمون من الأندلس, وقُتل منهم من قتل، وسبي منهم من سبي!
لكن كل هذه الأزمة –على حدتها وعلى شدتها وضراوتها- هل قضت على المسلمين؟
الجواب: لا!
[i][الجواب: [/b]لا, فإن طاقة الأمة في مجموعها لم تكن قد استنفذت! ففي ذات الوقت الذي انحسر فيه ظل الإسلام عن الأندلس: كانت هناك دولة قوية فَتِيَّة شابة في سبيلها إلى التمكن في الأرض, وهي الدولة العثمانية!
وفعلاً, استطاع المسلمون الأتراك أن يقيموا دولة إسلامية تحفظ كيان المسلمين أربعة قرون كاملة!
أربع مائة سنة أرعبت دول الغرب في ذلك الوقت وأحيت فريضة الجهاد في سبيل الله! وامتدت داخل العالم الصليبي حتى وصلت إلى "فـيـنَّـا"! ودخل في الإسلام على يديها ملايين من البشر في أوروبا وآسيا على السواء!
إن ما ذُكرَ مجرد أمثلة سريعة من بعض مصائب وأزمات الأمة على مر تاريخها الطويل, وكيف أنها اجتازت كل هذه العقبات وكل هذه المعوقات!
نأتي إلى الفترة الحالية التي تمر بها الأمة!
هذه الأزمة التي يعانيها المسلمون اليوم هي أقسى وأشد من جميع الأزمات السابقة من جهة, ومن جهة أخرى: طالت عن سابقتها وصار الناظر يرى أن الفجر بعيد.
عندما وقعت الحروب الصليبية –بين المسلمين والصليبيين- والتي استمرت حوالي مائتي عام, وجاء بعدها غارات التتار على ديار المسلمين: كان المسلمون قد شغلوا عن الإسلام الصحيح ببدع وخرافات ومعاصي, وتواكل وتقاعس وقعود عن الأخذ بالأسباب!.
ولكن الإسلام ذاته لم يكن في نفوسهم موضع نقاش, لا بوصفه عقيدة ولا بكونه نظام حكم أو نظام حياة! وحتى حين كانوا يهزمون أمام الصليبيين أو أمام التتار، ومع ما كان ينزل بهم أعداؤهم من القهر والقتل والخسف, لم يكن صدى الهزيمة في نفوسهم هو الشك في الإسلام! بل كانوا يعتقدون بأن ما أصابهم ما هو إلا لبعدهم عن الدين! كانت تنـزل بهم الهزائم والنكبات, لكن لم يكونوا يتطلعون إلى ما عند أعدائهم من عقائد أو أفكار أو نظم أو أنماط سلوك! بل كانوا يشعرون -حتى وهم مهزومون- بازدراء شديد لأعدائهم! كان التتار في حِسِّهم همجاً لا دين لهم ولا حضارة! كان الصليبيون في نظرهم هم الكفار المشركون عباد الصليب, كانوا يرونهم منحلِّي الأخلاق لا غيرة لهم ولا عرض ولا حفاظ!!.
لذلك لم يهنوا حتى وهم مهزومون أمام أعدائهم فترة غير قصيرة من الزمن, ولم يشعروا أنهم أدنى من أعدائهم! بل كان يتمثل فيهم قول الله تبارك وتعالى: وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الاْعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [آل عمران:139]. وكانوا مؤمنين حقاً!.
نسأل الله جل وتعالى إيماناً في قلوبنا وعملاً صالحاً لآخرتنا وأن يهيئ لهذه الأمة من أمرها رشداً وأن يعجل فرجها, إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول هذا القول وأستغفر الله جلّ وتعالى لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
إن واقع المسلمين في أزمتهم الحالية وفي بعض نكباتهم المعاصرة –كما قلنا- أشد من كل سابقاتها! لأن الدين نفسه قد تزعزع في نفوسهم!.
هذا هو السبب ...
تخلخلت العقيدة في القلوب فأصبح الشك في صلاحية الإسلام! وحصل الانبهار بحضارة الغرب وصار الإعجاب بإنجازات الكافر, وفتح باب الاستيراد من الغرب على مصراعيه: نستورد السيارات والأجهزة والأدوات والأثاث ونستورد معه الأخلاق والسلوك والأفكار بل وحتى العقائد ونُظُم الحكم والتشريع! فأصبح هناك مسافات بعيدة جداً بين الإسلام الصحيح وبين واقع المسلمين! عبادات الناس قد تغيرت, أخلاقهم تغيرت, سلوكهم تغير, بل دينهم تغير –والعياذ بالله-, خلت حياة الناس من الروح, وأصبحت الحياة كلها تقاليد موروثة يحافظ عليها من أجل أنها تقاليد، لا من أجل أنه دين, فالعبادة تقاليد, والسلوك تقاليد, وحجاب المرأة -الذي صار كل يوم يتقلص- تقاليد, وقضية العرض – في بعض المجتمعات - أيضاً أصبحت تقاليد!.







  رد مع اقتباس