لعبت النساء المصريات أدوارا هامة في تاريخ مصر،
وميزن أنفسهن بالحكمة والشجاعة. وحكمت مصر نساء،
مثل الملكة شجر الدر؛ بينما ساعدت أخريات،
مثل الملكة أياح حتب، أبناءهن في تحقيق أمجادهم.
ملكات قدماء المصريين المنفردات بالحكم
قليلة من الملكات هن فقط اللائي انفردن بالحكم في عصور مصر القديمة.
وكان ذلك يحدث عادة عقب وفاة أزواجهن؛
في الوقت الذي بقي فيه أبنائهن أو أبناء أزواجهن دون سن الحكم.
واستولت الملكات على الحكم، في تلك الحالات
وحملن لقب "ملك مصر العليا والسفلى"؛
وهو ما لم يقبله المصريون القدماء، بحكم التقاليد.
وعقب وفاتهن، كانت أسماؤهن وإنجازاتهن تمحى
من الذاكرة مثلما كانت تمحى من الآثار. وعادة
ما كان يشهد عهدهن تغيرات فى الأسر الحاكمة.
وتضم قائمة الملكات الشهيرات المنفردات بالحكم كلا من: نيت إيقرت أو نيتوكريس وسوبك نفرو وحتشبسوت وتاوسرت.
وربما كانت نيت إيقرت أو نيتوكريس أرملة آخر ملوك الأسرة السادسة،
وقد حكمت لفترة وجيزة جدا.
كما حكمت سوبك نفرو عقب وفاة زوجها الملك أمنمحات الرابع،
في نهاية الأسرة الثانية عشر.
وكانت حتشبسوت أعظم من حكم من الإناث؛
بطول تاريخ مصر القديم. وقد حكمت البلاد عقب الوفاة المبكرة
لزوجها تحتمس الثاني، وهو من ملوك الأسرة الثامنة عشرة،
لنحو عشرين عاما؛ بداية بالمشاركة مع تحتمس الثالث،
ابن زوجها، ثم بمفردها.
أما تاوسرت، فإنها كانت أرملة سيتي الثاني؛
آخر ملوك الأسرة التاسعة عشرة.
تأثير الملكات فى العصر البطلمي على أزواجهن الملوك
أثناء العصر البطلمي، كانت النساء فى الطبقة الحاكمة
أندادا للرجال من كل النواحى، فكن يقمن بدور كبير
فى الشئون العامة. كن يستقبلن البعثات ويحصلن
من أزواجهن على ما تحتاج اليه تلك البعثات من
حقوق وإمتيازات، وكن يبنين المعابد ويؤسسن
المدن ويقدن الجيوش ويمتلكن القلاع والحصون.
يقمن مقام الملك أحيانا أو يشتركن فى الحكم على
قدم مساواة مع الملك. وتوفرت لهؤلاء الملكات
نفس الرغبة التى كانت عند أزواجهن الى الثقافة.
أن امرأة مثل أرسينوى الثانية زوجة بطلميوس الثانى،
كانت جميلة، مقتدرة وصاحبة السيطرة والنفوذ،
وكان لها تأثير هائل على من حولها. لقد مارست
نفوذا شديدا على أخيها، وزوجها فى ذات الوقت،
الذى انصاع الى سحرها حتى انه لقب باسم فيلادلفوس أى المحب لأخته.
كان لأرسينوى الفضل الأول فى توجيه السياسة الخارجية لزوجها،
وكثيرا ما كانت المدن والرسل الخارجية تتصل بها وتتشاور معها.
وربما بناء على نصيحة هذه الزوجة أرسل فيلادلفوس
وفد الى روما طالبا الصداقة معها. كان موت ارسينوى ب
داية لانحسار المد البطلمى، لأن أرسينوى كانت
تتبنى النفوذ المصرى فى بلاد اليونان الوسطى،
ولأن بطلميوس لم يستطع مقاومتها والحفاظ عليها.
وعندما ماتت، خلد بطلميوس اسمها بأن أطلقه على
اقليم الفيوم الذى تم اصلاحه، واصبح يعرف باقليم ارسينوى.
أمهات السلاطين الشهيرات
ثمة معلومات قليلة متاحة عن تنشئة أولاد السلاطين،
بيد أننا نعرف من بعض القصص مثل ألف ليلة
وليلة أن الأمهات كن يحببن أبنائهن حباً جماً ويحميهن من العقاب،
إذ اجتهدنْ على الدوام في حمايتهم من بطش
أبائهم بمدارة ما وقعوا فيه من زلل. بل ربما لم
يتورعن عن قتل أي شخص كان يهدد حياة أبنائهن.
ففي العصر الأيوبي ساعدت أم نور الدين ولدها
على الهرب من عقاب أبيه الملك العادل بعد أن
أقسم أن يقطع يديه بعد احتسائه الخمر.
كما تشير المصادر التاريخية إلى أن الخاتون، بنت
بركة خان قامت بدس السم للأمير بيلبك عندما نما
إلى علمها أنه يعمل على عزل ابنها عن سلطنة الديار المصرية.
كما فرت أم الناصر محمد بن قلاوون بابنها خارج
حدود مصر خشية من المؤامرات التي كانت تحاك ضده من قبل الطامعين في العرش.
وثمة مثال آخر هو خوند زينب، بنت خاصيك،
والتي تركت القصر السلطاني بالقلعة لتلحق بولديها،
المؤيد أحمد ومحمد، في محبسهما. وباشرت تمريض
أحمد حتى وافته المنية، وهنالك استأذنت السلطان
خشقدم في حمل جثمانه للقاهرة ليدفن بجوار أبيه الأشرف إينال.
كما أن خوند أصلباي أم السلطان الناصر محمد بن قايتباي
عندما علمت بالتهديد الذي يحدق بولدها من خاله قنصوه،
قامت بجمعهما وحلفتهما بوفاء كل منهما لصاحبه.
وهناك قصة أخرى هي قصة أنوك،
بن السلطان الناصر محمد بن قلاوون،
فقد شغف حباً بمغنية تدعى زهرة، وساعدته أمه، خوند طغاى،
على التنعم بوصالها. وعندما نما إلى علم أبيه السلطان الناصر،
هم بقتله لولا أن أمه، زوجة الناصر محمد، خوند طغاى قد تدخلت.
وهذا الاحترام العظيم والامتياز الذي تمتعت به المرأة
في ذلك العصر قد تردد صداه في العديد من المصادر التاريخية.
ويعكس ذلك المبنى الأخاذ الذي بناه الأشرف
شعبان لأمه "السيدة أم السلطان شعبان" حب العظيم لأمه.
نساء الإسلام الشهيرات
ثمة أدلة تاريخية تثبت مشاركة المرأة مشاركة فعالة في الحياتين العلمية والدينية.
إذ يسجل لنا التاريخ أسماء العديد ممن اشتغلن
بالنحو ونظم الشعر. أما من اشتغلن بالفقه والحديث فعددهن لا يحصى.
ويكفينا أن نشير إلى فاطمة بنت عباس شيخة رباط البغدادية،
التي لقبها المؤرخ المقريزي "بسيدة نساء زمانها"،
وذكر أنها كانت فقيهة وافرة العلم.
كما اشتهرت بعض النساء في الحديث بصحيح البخاري في قلعة الجبل.
كما أن كثير من فقهاء عصر المماليك سمعوا من
بعض السيدات الشهيرات اللائي أجازت لهم. كما
يذكر المؤرخ السخاوي كيف تزاحم طلبة العلم
على أنس بنت عبد الكريم في عصره. وهذا المؤرخ
نفسه أورد في كتابه "الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع" جزءاً كاملاً
فيه ما يزيد عن الألف ترجمة " سيرة ذاتية " لنساء عشن
في القرن التاسع الهجري 15م.
وقبل ذلك في عصر الولاة، قدمت إلى مصر السيدة نفيسة،
وهي من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت تلقي
دروساً دينية في بيتها وقد أحبها أهل مصر حباً جماً.
ومن أشهر النساء في تاريخ مصر الإسلامية، الست مسكة،
وكانت من جواري الناصر محمد ابن قلاوون.
لكنها لعبت دوراً هاماً في الحياة الاجتماعية
وتولت تربيته منذ صغره. وقد أنشأت الست مسكة
مسجداً للصلاة وتعلم الفقه الإسلامي في منطقة السيدة زينب.
وخوند طوغاي، زوجة الناصر محمد بن قلاوون،
والتي كانت من إمائه فأعتقها وتزوجها. وكانت
بديعة الحسن، كما أنها أم الأمير أنوك، والتي
استمرت عظمتها حتى بعد موت الناصر محمد
بن قلاوون، واتصفت بكثرة البر والصدقات،
بل انها جهزت كل جواريها. فقد أنشأت خانقاة وجعلت
بها مساكن للصوفية حيث يتعلمون ويعيشون، ووقفت على
ذلك أوقفاً وجعلت من جملته خبزاً يفرق على الفقراء.
وجعلت على قبر ابنها بالمدرسة الناصرية بالنحاسين قراء.
أما السيدة خوند بركة، أم السلطان شعبان وزوجة الأمير
ألجاي اليوسفي، والتي كانت إحدى أشهر سيدات العصر المملوكي،
وكانت تتمتع بالأبهة والفخامة. فينسب إليها مدرسة عظيمة بالقرب
من قلعة الجبل (مدرسة أم السلطان شعبان). ونظمت بها
دروساً للمذهب الشافعي والحنفي. وعلى باب المدرسة
سبيل وحوض لسقي الدواب. ودفنت بقبتها بالمدرسة
مع ابنها السلطان شعبان بعد موته