عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /12-29-2012, 08:40 PM   #3

سارية فى درب الرسول

مشرفة الاسلاميات والمكتبات سابقا

نور الإيمان

 

 رقم العضوية : 76161
 تاريخ التسجيل : Oct 2011
 الجنس : ~ أنثى
 المشاركات : 9,116
 الحكمة المفضلة : متى أقحطت العين من البكاء من خشية الله ، فاعلم أن قحطها من قسوة القلب
 النقاط : سارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 59626
 قوة التقييم : 30

سارية فى درب الرسول غير متواجد حالياً

أوسمة العضو

ثالث اكثر المشرفين مشاركة بردود داخل قسمه ثالث اكثر المشرفين مشاركة بمواضيع داخل قسمه وسام مسابقه اقلام بعبق الروعه 457 440 185 119 115 15 88 

افتراضي

وعندئذ تتهاوى كل أعذار المهزومين والمهزومات من المسلمين والمسلمات أمام ضغط المجتمع المنحرف وتبرز حدود ما تحفظه الصالحات بالغيب بما حفظ الله مع القنوت الطائع الراضي الودود فأما غير الصالحات فهن الناشزات من الوقوف على النشز وهو المرتفع البارز من الأرض وهي صورة حسية للتعبير عن حالة نفسية فالناشز تبرز وتستعلي بالعصيان والتمرد والمنهج الإسلامي لا ينتظر حتى يقع النشوز بالفعل وتعلن راية العصيان ;


وتسقط مهابة القوامة ; وتنقسم المؤسسة إلى معسكرين فالعلاج حين ينتهي الأمر إلى هذا الوضع قلما يجدي ولا بد من المبادرة في علاج مبادى ء النشوز قبل استفحاله لأن مآله إلى فساد في هذه المنظمة الخطيرة لا يستقر معه سكن ولا طمأنينة ولا تصلح معه تربية ولا إعداد للناشئين في المحضن الخطير ومآله بعد ذلك إلى تصدع وانهيار ودمار للمؤسسة كلها ;


وتشرد للناشئين فيها ; أو تربيتهم بين عوامل هدامة مفضية إلى الأمراض النفسية والعصبية والبدنية وإلى الشذوذ فالأمر إذن خطير ولا بد من المبادرة باتخاذ الإجراءات المتدرجة في علاج علامات النشوز منذ أن تلوح من بعيد وفي سبيل صيانة المؤسسة من الفساد أو من الدمار أبيح للمسئول الأول عنها أن يزاول بعض أنواع التأديب المصلحة في حالات كثيرة لا للانتقام ولا للإهانة ولا للتعذيب ولكن للإصلاح ورأب الصدع في هذه المرحلة المبكرة من النشوز واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليًا كبيرًا واستحضار ما سبق لنا بيانه من تكريم الله للإنسان بشطريه ومن حقوق للمرأة نابعة من صفتها الإنسانية ومن احتفاظ للمرأة المسلمة بشخصيتها المدنية بكامل حقوقها بالإضافة إلى أن قوامة الرجل عليها لا تفقدها حقها في اختيار شريك حياتها ; والتصرف في أمر نفسها والتصرف في أمر مالها إلى آخر هذه المقومات البارزة في المنهج الإسلامي استحضار هذا الذي سبق كله ; واستحضار ما قيل عن أهمية مؤسسة الأسرة كذلك يجعلنا نفهم بوضوح حين لا تنحرف القلوب بالهوى والرءوس بالكبر لماذا شرعت هذه الإجراءات التأديبية أولًا والصورة التي يجب أن تؤدي بها ثانيًا إنها شرعت كإجراء وقائي عند خوف النشوز للمبادرة بإصلاح النفوس والاوضاع لا لزيادة إفساد القلوب وملئها بالبغض والحنق أو بالمذلة والرضوخ الكظيم إنها أبدًا ليست معركة بين الرجل والمرأة يراد لها بهذه الإجراءات تحطيم رأس المرأة حين تهم بالنشوز ;


وردها إلى السلسلة كالكلب المسجور إن هذا قطعًا ليس هو الإسلام إنما هو تقاليد بيئية في بعض الأزمان نشأت مع هو ان الإنسان كله لا هون شطر منه بعينه فأما حين يكون هو الإسلام فالأمر مختلف جدًا في الشكل والصورة وفي الهدف والغاية واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن هذا هو الإجراء الأول الموعظة وهذا هو أول واجبات القيم ورب الأسرة عمل تهذيبي مطلوب منه في كل حالة يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة ولكنه في هذه الحالة بالذات يتجه اتجاهًا معينًا لهدف معين هو علاج أعراض النشوز قبل أن تستفحل وتستعلن ولكن العظة قد لا تنفع لأن هناك هوى غالبًا أو انفعالًا جامحًا أو استعلاء بجمال أو بمال أو بمركز عائلي أو بأي قيمة من القيم تنسي الزوجة أنها شريكة في مؤسسة وليست ندًا في صراع أو مجال افتخار هنا يجيء الإجراء الثاني حركة استعلاء نفسية من الرجل على كل ما تدل به المرأة من جمال وجاذبية أو قيم أخرى ترفع بها ذاتها عن ذاته أو عن مكان الشريك في مؤسسة عليها قوامة واهجروهن في المضاجع والمضجع موضع الإغراء والجاذبية التي تبلغ فيها المرأة الناشز المتعالية قمة سلطانها فإذا استطاع الرجل أن يقهر دوافعه تجاه هذا الإغراء فقد أسقط من يد المرأة الناشز أمضى أسلحتها التي تعتز بها وكانت في الغالب أميل إلى التراجع والملاينة أمام هذا الصمود من رجلها وأمام بروز خاصية قوة الإرادة والشخصية فيه في أحراج مواضعها على أن هناك أدبًا معينًا في هذا الإجراء إجراء الهجر في المضاجع وهو ألا يكون هجرًا ظاهرًا في غير مكان خلوة الزوجين لا يكون هجرًا أمام الأطفال يورث نفوسهم شرًا وفسادًا ولا هجرًا أمام الغرباء يذل الزوجة أو يستثير كرامتها فتزداد نشوزًا فالمقصود علاج النشوز لا إذلال الزوجة ولا إفساد الأطفال وكلا الهدفين يبدو أنه مقصود من هذا الإجراء ولكن هذه الخطوة قد لا تفلح كذلك فهل تترك المؤسسة تتحطم إن هناك إجراء ولو أنه أعنف ولكنه أهون وأصغر من تحطيم المؤسسة كلها بالنشوز واضربوهن واستصحاب المعاني السابقة كلها واستصحاب الهدف من هذه الإجراءات كلها يمنع أن يكون هذا الضرب تعذيبًا للانتقام والتشفي ويمنع أن يكون إهانة للاذلال والتحقير ويمنع أن يكون أيضًا للقسر والإرغام على معيشة لا ترضاها ويحدد أن يكون ضرب تأديب مصحوب بعاطفة المؤدب المربي كما يزاولة الأب مع أبنائه وكما يزاوله


المربي مع تلميذه ومعروف بالضرورة أن هذه الإجراءات كلها لا موضع لها في حالة الوفاق بين الشريكين في المؤسسة الخطيرة وإنما هي لمواجهة خطر الفساد والتصدع فهي لا تكون إلا وهناك انحراف ما هو الذي تعالجه هذه الإجراءات وحين لا تجدي الموعظة ولا يجدي الهجر في المضاجع لا بد أن يكون هذا الانحراف من نوع آخر ومن مستوى آخر لا تجدي فيه الوسائل الأخرى وقد تجدي فيه هذه الوسيلة وشواهد الواقع والملاحظات النفسية على بعض أنواع الانحراف تقول إن هذه الوسيلة تكون أنسب الوسائل لإشباع انحراف نفسي معين وإصلاح سلوك صاحبه وإرضائه في الوقت ذاته على أنه من غير أن يكون هناك هذا الانحراف المرضي الذي يعينه علم النفس التحليلي بالاسم ;


إذ نحن لا نأخذ تقريرات علم النفس مسلمات علمية فهو لم يصبح بعد علمًا بالمعنى العلمي كما يقول الدكتور الكسيس كاريل فربما كان من النساء من لا تحس قوة الرجل الذي تحب نفسها أن تجعله قيمًا وترضي به زوجًا إلا حين يقهرها عضليًا وليست هذه طبيعة كل امرأة ولكن هذا الصنف من النساء موجود وهو الذي قد يحتاج إلى هذه المرحلة الأخيرة ليستقيم ويبقي على المؤسسة الخطيرة في سلم وطمأنية وعلى أية حال فالذي يقرر هذه الإجراءات هو الذي خلق وهو أعلم بمن خلق وكل جدال بعد قول العليم الخبير مهاترة ;


وكل تمرد على اختيار الخالق وعدم تسليم به مفض إلى الخروج من مجال الإيمان كله وهو سبحانه يقررها في جو وفي ملابسات تحدد صفتها وتحدد النية المصاحبة لها وتحدد الغاية من ورائها بحيث لا يحسب على منهج الله تلك المفهومات الخاطئة للناس في عهود الجاهلية ; حين يتحول الرجل جلادًا باسم الدين وتتحول المرأة رقيقًا باسم الدين أو حين يتحول الرجل امرأة ; وتتحول المرأة رجلًا ; أو يتحول كلاهما إلى صنف ثالث مائع بين الرجل والمرأة باسم التطور في فهم الدين فهذه كلها أوضاع لا يصعب تمييزها عن الإسلام الصحيح ومقتضياتة في نفوس المؤمنين وقد أبيحت هذه الإجراءات لمعالجة أعراض النشوز قبل استفحالها وأحيطت بالتحذيرات من سوء استعمالها فور تقريرها وإباحتها وتولى الرسول ص بسنته العملية في بيته مع أهله وبتوجيهاته الكلامية علاج الغلو هنا وهناك وتصحيح المفهومات في أقوال كثيرة ورد في السنن والمسند عن معاوية بن حيدة القشيري أنه قال يا رسول الله ما حق امرأة أحدنا عليه قال " أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت " وروى أبو داود والنسائي وابن ماجه قال النبي ص " لا تضربوا إماء الله " فجاء عمر رضي الله عنه إلى رسول الله ص فقال ذئرت النساء على أزواجهن فرخص رسول الله ص في ضربهن فأطاف بآل رسول الله ص نساء كثير يشتكين أزواجهن فقال رسول الله ص " لقد أطاف بآل محمد نساء كثير يشتكين من أزواجهن ليس أولئك بخياركم " وقال ص " لا يضرب أحدكم امرأته كالبعير يجلدها أول النهار ثم يضاجعها آخره " وقال " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " ومثل هذه النصوص والتوجيهات ; والملابسات التي أحاطت بها ;


ترسم صورة لصراع الرواسب الجاهلية مع توجيهات المنهج الإسلامي في المجتمع المسلم في هذا المجال وهي تشبه صورة الصراع بين هذه الرواسب وهذه التوجيهات في شتى مجالات الحياة الأخرى قبل أن تستقر الأوضاع الإسلامية الجديدة وتعمق جذورها الشعورية في أعماق الضمير المسلم في المجتمع الإسلامي وعلى أية حال فقد جعل لهذه الإجراءات حد تقف عنده متى تحققت الغاية عند مرحلة من مراحل هذه الإجراءات فلا تتجاوز إلى ما وراءها فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً فعند تحقق الغاية تقف الوسيلة مما يدل على أن الغاية غاية الطاعة هي المقصودة وهي طاعة الاستجابة لا طاعة الإرغام فهذه ليست طاعة تصلح لقيام مؤسسة الأسرة قاعدة الجماعة ويشير النص إلى أن المضي في هذه الإجراءات بعد تحقق الطاعة بغي وتحكم وتجاوز فلا تبغوا عليهن سبيلاً ثم يعقب على هذا النهي بالتذكير بالعلي الكبير كي تتطامن القلوب وتعنو الرؤوس وتتبخر مشاعر البغي والاستعلاء إن طافت ببعض النفوس على طريقة القرآن في الترغيب والترهيب إن الله كان عليًا كبيرًا ذلك حين لا يستعلن النشوز وإنما تتقى بوادره فأما إذا كان قد استعلن فلا تتخذ تلك الإجراءات التي سلفت إذا لا قيمة لها إذن ولا ثمرة وإنما هي إذن صراع وحرب بين خصمين ليحطم أحدهما رأس الآخير وهذا ليس المقصود ولا المطلوب وكذلك إذا رئي أن استخدام هذه الإجراءات قد لا يجدي بل سيزيد الشقة بعدًا والنشوز استعلانًا ; ويمزق بقية الخيوط التي لا تزال مربوطة أو إذا أدى استخدام تلك الوسائل بالفعل إلى غير نتيجة في هذه الحالات كلها يشير المنهج الإسلامي الحكيم بإجراء أخير ;


لإنقاذ المؤسسة العظيمة من الانهيار قبل أن ينفض يديه منها ويدعها تنهار وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما إن الله كان عليمًا خبيرًا وهكذا لا يدعو المنهج الإسلامي إلى الاستسلام لبوادر النشوز والكراهية ; ولا إلى المسارعة بفصم عقدة النكاح وتحطيم مؤسسة الأسرة على رؤوس من فيها من الكبار والصغار الذين لا ذنب لهم ولا يد ولا حيلة فمؤسسة الأسرة عزيزة على الإسلام ; بقدر خطورتها في بناء المجتمع وفي إمداده باللبنات الجديدة اللازمة لنموه ورقية وامتداده إنه يلجأ إلى هذه الوسيلة الأخيرة عند خوف الشقاق فيبادر قبل وقوع الشقاق فعلًا ببعث حكم من أهلها ترتضيه وحكم من أهله يرتضيه يجتمعان في هدوء بعيدين عن الانفعالات النفسية والرواسب الشعورية والملابسات المعيشية التي كدرت صفو العلاقات بين الزوجين طليقين من هذه المؤثرات التي تفسد جو الحياة وتعقد الأمور وتبدو لقربها من نفسي الزوجين كبيرة تغطي على كل العوامل الطيبة الأخرى في حياتهما حريصين على سمعة الأسرتين الأصليتين مشفقين على الأطفال الصغار بريئين من الرغبة في غلبة أحدهما على الآخر كما قد يكون الحال مع الزوجين في هذه الظروف راغبين في خير الزوجين وأطفالهما ومؤسستهما المهددة بالدمار وفي الوقت ذاته هما مؤتمنان على أسرار الزوجين لأنهما من أهلهما لا خوف من تشهيرهما بهذه الأسرار إذ لا مصلحة لهما في التشهير بها بل مصلحتهما في دفنها ومداراتها يجتمع الحكمان لمحاولة الإصلاح فإن كان في نفسي الزوجين رغبة حقيقية في الإصلاح وكان الغضب فقط هو الذي يحجب هذه الرغبة فإنه بمساعدة الرغبة القوية في نفس الحكمين يقدر الله الصلاح بينهما والتوفيق إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما فهما يريدان الإصلاح والله يستجيب لهما ويوفق وهذه هي الصلة بين قلوب الناس وسعيهم ومشيئة الله وقدره إن قدر الله هو الذي يحقق ما يقع في



في ظلال القرآن - سيد قطب









  رد مع اقتباس