كتاب الروح لابن القيم كتاب مفيد ونافع
لا يمكن حصول الطمأنينة الحقيقية إلا بالله وبذكره وهو كلامه الذي أنزله على رسوله كما قال تعالى {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}. فإن طمأنينة القلب سكونه، واستقراره بزوال القلق والانزعاج والاضطراب عنه، وهذا لا يتأتى بشيء سوى الله تعالى وذكره
، وأما ما عداه فالطمأنينة إليه غرور، والثقة به عجز، قضى الله سبحانه وتعالى قضاء لا مرد له أن من اطمأن إلى شيء سواه أتاه القلق والانزعاج والاضطراب من جهته كائنا من كان، بل لو اطمأن العبد إلى علمه وحاله وعمله سبله وزايله، وقد جعل سبحانه نفوس المطمئنين إلى سواه أغراضها بسهام البلاء ليعلم عباده وأولياؤه أن المتعلق بغيره مقطوع، والمطمئن إلى سواه عن مصالحه ومقاصده مصدود وممنوع.
الطمأنينه اصل اصول الايمان التي قام عليه بناؤه، ثم يطمئن إلى خبره عما بعد الموت من أمور البرزخ، وما بعدها من أحوال القيامة، حتى كأنه يشاهد ذلك كله عيانا، وهذا حقيقة اليقين الذي وصف به سبحانه وتعالى أهل الإيمان حيث قال: {وبالآخرة هم يوقنون}. فلا يحصل الإيمان بالآخرة حتى يطمئن القلب إلى ما أخبر الله سبحانه به عنها طمأنينته إلى الأمور التي لا يشك فيها ولا يرتاب فهذا هو المؤمن حقا باليوم الآخر كما في حديث حارثة: "أصبحت مؤمنا. فقال رسول الله: إن لكل حق حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟ قال: عزفت نفسي عن الدنيا وأهلها، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا، وإلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وأهل النار يعذبون فيها. فقال: عبد نور الله قلبه..."
جزاكى الله خيراً
|