منذ /03-16-2014, 09:26 PM
|
#5 |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .... نستكمل بأذن الله تعالي في هذا الجزء الخامس من
موضوع هذه حبيبة رسول الله التي يشتيمونها
فنتعرف علي فضلها العلمي والادبي والبلاغي ....ومواقفها العظيمة ...
في التاريخ الاسلامي علي سائر النساء
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي رسول الله فضلها العلمي والفقهي والبلاغي عن سائر النساء
وقد أصابت عائشة ( رضي الله عنها ) من الذكاء حظاَ موفوراً ، ومن العلم قسطاً كبيراً، وأشاد بذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وصحابته الكرام ( رضوان الله عليهم ) ،
فقد أخرج الطبراني في معجمه الكبير ، برجال ثقات عن الزهري ( رحمه الله ) ،
أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:
لو جُمع علم نساء هذه الأمة، ( فيهن أزواج النبي صلي الله عليه وسلم، ) كان علم عائشة
( رضي الله عنها ) أكثر من علمهُنّ...( أخرجه الطبراني )....
وخرج الترمذي وصححه ، وأبن خيثمة عن أبي موسي الأشعري( رضي الله عنه ) أنه قال:
ما أشكل علينا ( أي أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم ) حديث قط ، فسألنا عائشة ،...
إلاّ وجدنا عندها منه علماً .....( رواه الترمذي في مسنده والحاكم ) ....
....فاستمرت الفاضلة في ممارسة حياتها متخذه قربها من المصطفي صلي الله عليه وسلم ، وحبها له وعشقها للتراب الذي يمشي عليه ...ظهرت بوادر علمها وفقهها وتقوتها وزهدها لكل من كان محيط بها ...فاقتربوا منها ومن صومعة علمها وفقهها ، وبدأوا يسألونها في كل شئون حياتهم ولقد برعت في ذلك ....
ومرد ذالك لفطنتها ولقدرتها علي الاستيعاب فقد كانت السيدة الفاضلة عائشة
( رضي الله عنها وأرضاها ) حين تزوجت الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم ، صغيرة السن ، وهذه السن وهذه المرحلة العمرية يكون صاحبها خالي البال لا مشاكل ولا أمور تشغله علي استيعاب وتعلم ما يسمع وما يُلقي علي قلبه من علم ومعرفه ، فكانت متوقدة الذهن ، واسعة الأفق ، شديدة الملاحظة والاستيعاب ، بالرغم من صغر سنها ، ولكن عقلها كان أكبر من سنها ، فكانت فرصتها أنها تربت في بيت النبوة .
.بيت العلم والرقي والإيمان والصفوة في كل شيء ، فزادها ذلك تألق وتميز ...
أما قدرتها البلاغية فقد تمثلت في الخُطب في مختلف المناسبات ، وقد حدث كما قال الرواة وتمثلت بقول الشاعر عندما رأت والدها العظيم وهو علي
فراش الموت يجود بأنفاسه الأخيرة ...فقالت لعمرك ما يغني الثراء علي الغني ===== إذ حشرجت يوماً وضاق بها الصدر
فقال لها والدها ، وهو يذّكرها بأن تستدل بما هو أفضل من الشعر ..
.بكتاب الله العزيز ...فقال: وقد استمع لكلماتها الحزينة :
لا تقولي ذلك ياعائشة ولكن قولي : {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ {19}الحجرات 19 . وتتألق براعتها الأدبية واللغوية عندما وقفت علي قبر أبيها الصديق ( رضي الله عنه ) ترثيه.فقالت : نظر الله وجهك ، وشكر الله صالح سعيك ، فلقد كُنت للدنيا وللآخرة معزا بإقبالك عليها ، ولئن كان مذلاً بأعراضك عنها رزؤك ،أجل الحوادث بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم وأعظم المصائب بعده فقدك ، إن كتاب الله ليعد بالعزاء عنك حُسن العوض منك بالدعاء لك ، إن لله وإنا إليه راجعون ، .توديع غير قاليه لحياتك ولا زاريه ، وعليك السلام ورحمة الله علي القضاء فيك. حيث قال الإمام الزُهري عنها :
لو جُمع علم ومعرفة عائشة ( رضي الله عنها ) إلي جميع علم أمهات المؤمنين ،
لكان علم عائشة أفضل ....
وقال موسي الأشعري : ما أشكل علينا امراً ( استصعب علينا فهمه ) ، فسألنا عنه عائشة
( رضي الله عنها ) ، إلا وجدناه عندها فيه علماً ....
وكان عروة يقول للسيدة عائشة : يا أمتاه ..لا أعجب من فقهك ....
أقول زوجك رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وأبيك أبي بكر الصديق ( رضي الله عنه )
...فلا استغرب ...ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام العرب .....
أقول ا نت أبنت أبي بكر ( رضي الله عنه ) فقد كان عالم في نسب القبائل العربية ...
ولكن أعجب من علمك بالطب ، ومن أين هو وما هو وكيف هو ....؟
قال : فقالت لي : أي عُرية ( تصغير عروة .فقد كانت خالته ) .
انه رسول الله صلي الله عليه وسلم ...كان يسقم في آخر أيامه ( يمرض ) ..فكانت تقدم عليه الوفود من كل وجه ....فكنت أعالجه.......... وصيتها للنساء وموقفها من الزينة والتزين للزوج وقد برعت السيدة الفاضلة في مجالها ، وهو احد العلوم الشرعية والذي يختص بفقه النساء ..فوضحت ما علمته وما سمعته وما تعلمته وما فهمته من أسئلة واستفسارات المسلمات الأنصاريات في المدينة بخصوص الأمور النسائية الخاصة والتي تعتبر التعرف عليها وعلي مفهومها يعتبر مهم للعبادات والحرص علي الطهارة ، وبالتالي علي بناء الأسرة المسلمة المتينة ...فلم يهمل الإسلام أي أمر من أمور النساء .. .حتي الزينة للزوج تم ذكرها في القرآن الكريم ..لأهميتها الكبرى في تحصين المسلمين من النظر إلي ما حرم الله وترك الطيب والسعي الي الخبيث ، فقد كانت رضي الله عنها وأرضاها ، .... تهتم بالزينة والتزين وتجتهد في زينتها لحبيبها الرسول صلي الله عليه وسلم ،.... وتتجمل له ، فكانت تلبس له المعصفر والمضرج ( المزخرف ) وتتطيب له ، فكانت تتحري ما يعجبه من طيب ومن حلية ، وتحاول أن تنأي عن كل ما لا يعجبه ولا يرضيه ، أو حتي تشعر بأنه لا يقبله ... وبذلك كانت المثل الا علي للنساء في التصرف بحق الزوج ..في كل شيء ... وقد سألتها احد المسلمات الحريصات علي رضاء الله عن طريق رضاء أزواجهن ،
وهي كريمة بنت همام عن الخضاب ( الحناء ) ،...فقالت لها:
لا بأس بها ، ولكني كرهها لان حبيبي رسول الله صلي الله عليه وسلم يكرهه ويكره ريحه ..... وكانت رضي الله عنها حسنة المظهر نظيفة الملبس ، لا تهمل أمر نفسها ،ومن اهتمامها بالنظافة ، أنها كانت شديدة العناية بنظافة أسنانها بالسواك ... ويكفيها شرف أن ريقها كان أخر ما اختلط بريق النبي الكريم صلي الله عليه وسلم من هذه الدنيا.. عندما لاكت له ( لينت ) عود السواك ليستاك به وهو علي فراش الموت ،.... فوضعته في فمها وبللته بريقها وأعطته له فأستاك به ... ومن اهتمامها بزوجها صلي الله عليه وسلم ، أنها كانت ترافقه في حجه وتحيطه بعنايتها ، فتطيبه قبل إحرامه ،وبعد التحلل من إحرامه ، وكانت تختار له أجود أنواع الطيب .... وكانت تقول: طيبت رسول الله صلي الله عليه وسلم بيدي ، حين أُحل من إحرامه ، وقد سألها عروة ، بأي شيء طيبت رسول الله صلي الله عليه وسلم ...؟
فقالت: بأطيب الطيب قبل أن يطوف بالبيت ... من اجل ذلك ومن اجل هذا الاهتمام المفرط والمهم بالزينة والاهتمام بمتطلبات الزوج .... اهتمت ووقفت موقف مميز بوصية النساء في تعريفهن بواجباتهن تجاه أزواجهن ، حتي أنها تري أن هذه الواجبات لها أهمية كبري في توطيد العلاقة الزوجية فتقول : يا معشر النساء لو تعلمن بحق اوزاجكن عليكن ، لجعلت المرأة تمسح الغبار عند قدمي زوجها ....
فسألتها بٌكرة بنت عقبة عن الحناء ، فقالت لها شجرة طيبة وماء طهور ،..
وسألتها عن الحفاف ( قص شعر الجبين ) فقالت لها :
إن كان لك زوج ، واستطعت أن تقلعي مقلتيك فتضعيهما أحسن مما هما فافعلي...
.ودخلت عليها إمراة وكانت شابة يعجبها الجمال فقالت:
المرأة تحف جبينها لزوجها ...فقالت رضي الله عنها : أميطي عليك الاذي ما استطعت .... إخوتي وأخواتي الكرام ... هذه من الوصايا المهمة إجمالا فلوا استمعت لها الزوجات ...وأقول الزوجات وليس البنات ...الزوجات المسئولات عن أزواج وقمن بالاهتمام بأزواجهن من مأكل ومشرب وزينة ولباس واهتمام بالمظهر ..لإرضاء أزواجهن .لان خطاب الفاضلة ( رضي الله عنها ) كان خطاب للنساء المتزوجات ...لأنها تعلم علم اليقين بأن إظهار الزينة للزوج فقط لا غير ... فقد كانت ( رضي الله عنها ) لها مداخلات كثيرة وإجابات كثرة ووافيه ومنهاج قويم يختص بفقه النساء و بأمور المرأة ...فقد كانت تُسأل عن هذه الأمور من قِبل النساء الأنصاريات ، في ما كان يحب الرسول صلي الله عليه وسلم وما كان يكره وما الأمور التي يحبها الرجال ويبغضونها ...فقد كانت النساء تستحي من أن تسأل الرسول صلي الله عليه وسلم عن أمور نسائية بحته ، فكان يجيب الفاضلة عائشة ( رضي الله عنها ) ، وهي بدورها تنقلها للسائلات ...وهكذا تتلمذت علي يد اشرف مخلوقات الله ...فلا نستغرب مدي علمها وفهمها وفقهها الديني ..فقد صدق الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم عندما قال : خذوا شطر دينكم من هذه الحميرا ..... هذه السيدة الفاضلة أمنا عائشة ( رضي الله عنها وأرضاها ) بكل صفاتها المميزة من علم وتقوي وحب ونضج عقلي وفكري وأدبي ...كانت سيرتها من انصع السير .... لأنها كانت محاذيةوملصقة حياتها مع حبيبها المصطفي صلي الله عليه وسلم .. مواقف الفاضلة عائشة ( رضي الله عنها ) من الجهاد فمن المعروف أن المرأة لها طبيعتها الخاصة ، وتكوينها الأنثوي ، فتم تطويع هذه الطبيعة في الجهاد ، فكانت النساء يقمن بإسعاف الجرحى وسقاية العطشى ، فكُنّ في زمن الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم ، يقمن بدور مهم في ميدان المعركة ، وكانت علي رأس هؤلاء النسوة المجاهدات ،.... الفاضلة السيدة عائشة ( رضي الله عنها ) ، فقد ضربت الفاضلة أمثلة علي جهاد المرأة في ميدان الجهاد ، من سقاية وطبابة الجرحى ، حتي القتال الفعلي بالمشاركة ،فقد ضربت أمثلة وافرة في الجهاد ،حيث كان لها الأثر الجيد في غزوات الرسول صلي الله عليه وسلم ، فقد كانت أولي مشاهدتها في غزوة أُحد ، حيث خرجت تؤدي دورها بكل بطولة وبسالة فكانت تسقي المجاهدين الماء ..فلما اشتدت المعركة وحمي وطيسها ، فقد شوهدت وهي تنقل الماء لسقاية المجاهدين ، وقد روي شاهد عيان ما حدث ، .... وهو أنس بن مالك ( رضي الله عنها ) دور النسوة وعائشة ( رضي الله عنها ) في غزوة أحد ، فقال: ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر ، وأم سليم ، وأنهما لمشمرتان ،أري خدم ( خلخال ) سوقهما ، تنقلان القِرب علي متونهما ، ثُم تفرغانه في أفواههم ، ثُم ترجعان فتملآنهما ثُم تجيئان ، فتفرغانه في أفواه القوم ،.... وقد شاركت الفاضلة ( رضي الله عنها ) في غزوة الأحزاب ، فقد نزلت من الحصن الذي كانت فيه مع النسوة والأطفال ، وتقدمت إلي الصفوف الأمامية ، ثُم عادت إلي الحصن في المدينة ، ...... حتي أنزل الله سبحانه وتعالي نصره علي المؤمنين ، وأرسل جنوداً لم يروها ، وتشتت جموع الأحزاب ، وقذف في قلوبهم الرعب ، فهاموا علي وجوههم ، وعادوا من حيث أتوا ..... لذلك نجد السيدة عائشة ( رضي الله عنها ) قد سجلت مواقف ومشاركات في ميدان الجهاد ، فأعطت دروسا للنساء في كيفية تحمل أعباء الجهاد والمساندة ...... موقفها ( رضي الله عنها ) من الأنفاق في سبيل الله.... أما ما يخص أنفاقها ومواقفها في الإنفاق ، فقد كانت ( رضي الله عنها ) من أكرم أهل زمانها ، وهذا ليس غريباً ولا مستهجناً ، فقد أنفق أبوها أبو بكر الصديق ( رضي الله عنه ) ماله كله في سبيل الله تعالي ، فتربت هي عنده فتعلمت منه الأنفاق بدون خوف من الفقر ،.... ثُم أنتقلت بعد الزواج إلي من هو ، أجود من الريح المرسلة صلي الله عليه وسلم ، .... فكيف لا تكون ، سخية منفقة وقد تربت علي هذه الخصال الطيبة ...... فقد ذكر عروة بن الزبير أنه قال:
لقد رأيت عائشة ( رضي الله عنها ) ، تقسم سبعين ألفاً ،
وأنها لترفع جيب درعها ........
وقال أيضاً : بعث معاوية ( رضي الله عنه ) إلي عائشة ( رضي الله عنها ) بمائة ألف ، فوالله ما غابت الشمس عن ذلك اليوم حتي فرقتها ، حتي قالت لها خادمتها :
لو اشتريت من الدراهم ، بدرهم لحماً ، فقالت: لو قلت قبل أن أفرقها لفعلت......
.وعن أم ذرة وقد كانت تخشي عائشة ( رضي الله عنها ) أنها قالت:
بُعث أليها بمال في غرارتين ، قالت :
أراه ثمانين أو مائة ألف درهم ....فدعت بطبق ، وهي يومئذٍ صائمة ، فجلست تقسم بين الناس فأمست وما عندها من ذلك درهم واحد ، فلما أمست قالت:
ياجارية هلمي أفطري ، فجاءتها بخبز وزيت ، فقالت لها أم ذرة :
، أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشتري لحماً بدرهم نفطر عليه ، قالت:
لا تعنفيني ، لو كنت ذكرتيني لفعلت ...... وقد جمعت إلي كرمها وسخائها ، زهداً جميلاً ، ولا عجب من هذه المواقف ، سوي في الكرم والسخاء أو في الزهد ، ببساطة لأنها تربت في بيت النبوة ، وعلي الوحي الإلهي المنزّل علي قلب الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم عائشة من العالمات الداعيات الفقيهات فقد تميزت (رضي الله عنها) بفقهها وبعلمها ودرايتها ساهمت بتصحيح المفاهيم، والتوجيه يتكبدون المشاق للأخذ من علمها لإتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقد كان الغزير، فأصبحت بذلك نبراساً منيراً يضيء على أهل العلم وطلابه .. روى الحاكم و الدارمي عن مسروق ، أنه قيل له : هل كانت عائشة ( رضي الله عنها ) تحسن الفرائض ؟ قال : إي والذي نفسي بيده، لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض ، والعبادات... وقال الزُّهري : لو جُمعَ علمُ عائشة إلى علم جميع النساء ، لكان عِلم عائشة أفضل . وعن أبي موسى قال : ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديثٌ قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما ......ً قال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس، وأحسن الناس رأياً ...... تلكم هي عائشة بنت أبي بكر الصديق ( رضي الله عنها وأرضاها ) حبيبة المصطفي وأقرب نسائه إليه صلي الله عليه وسلم ، وأفقه نساء المسلمين وأعلمهن بالقرآن والحديث والفقه ....... فقد بلغ عدد الأحاديث التي روتها السيدة عائشة ( رضي الله عنها وأرضاها ) في مسندها الصحيح عن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم ( الفين ومائتين وعشرة أحاديث ) ... وقد كانت ذات علماً كثيراً وكانت رضي الله عنها أفصح أهل زمانها وأحفظهم للحديث.... روى عنها الرواة من الرجال والنساء ............ عائشة ( رضي الله عنها ) عالمة بتفسير القرآن الكريم وكانت رضي الله عنها وأرضاها عالمة بالتفسير القرآن الكريم ، فقد شرحت ووضحت معني الطواف ، بين الصفا والمروة ..... فقد أخرج مسلم في صحيحة،
عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ( رضي الله عنها )، قال:
قلت لها إني لأظن رجلاً لو لم يطف بين الصفا والمروة ، ما ضرّه، قالت: لِمَ ....؟
قلت: لأن الله سبحانه وتعالي يقول : { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ {158} البقرة 158 ....
فقالت: ما أتم حج امريء ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة ،ولو كان كما تقول لكان : فلا جناح عليه أنْ يطوّف بهما ، وهل تدري فيما كان ذاك ....؟ إنما كان ذاك أن الأنصار كانوا يهلًّون في الجاهلية لِصنمين علي شط البحر ، يقال لهما : إسَافٌ ونائلةٌ ، ثُم يجيئون فيطوفون بين الصفا والمروة ،ثم يحلقون ، فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما للذي كانوا يصنعون في الجاهلية ، قالت: فأنزل الله سبحانه وتعالي : { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ }... قالت: فطافوا ...( رواه مسلم في صحيحة ) وكان مسروق إذا روى عنها يقول : حدثتني الصديقة بنت الصديق البريئة المبرأة .... ولنقدم أخوتي الكرام قليلاً من تلاميذ وتلميذات الفاضلة السيدة عائشة ( رضي الله عنها ) والذي تربوا في حجرها ونهلوا من علمها وبرعوا في كل شيء أخذوه منها ..فأصبحوا أعلام في الفقه والزهد والتقوى والعلم ولنأخذ منهم عينه فقط ..... فكثرة العلماء والفقهاء الذين أخذوا عنها العلم والفقه والزهد ، كثير ولا مجال للتحدث عنهم هنا في هذا المقام ، ولكن ...لا يمنع من أن ندخل في عقول هؤلاء الأفذاذ .. .لنعرف كيف يفكر التلميذ ...فمن خلال معرفة تفكيره ..نستنتج ان جلوسه لأستاذه لم يذهب هباء ...وبالتأكيد فأستاذة وعالمة وفقيهة وزاهدة ، ..... لا يمكن أن تُنشيء الاّ أفذاذ وعلماء وزهاد ومن هؤلاء الأفذاذ : عروة بن عبد الله بن الزبير بن العوام ( رحمه الله ) عالِم المدينة، وأحَدُ فقهائها السَّبعة، هو أبو عبدا لله، القُرَشي الأسدي المدني، أبوه الزُّبَير بن العوَّام، حواري النبي صلَّى الله عليه وسلَّم (وأُمُّه أسماء بنت أبي بكر ) ذات النطاقين .... وُلِد في خِلافة عمر سَنَة ثلاث وعشرين للهِجرة، تفقَّه علي يد السيِّدة عائشة ( رضي الله عنها ) ، وكان يدخل عليها كثيرًا...... أثْنَى عليه أهلُ العلم ثناءً عطر لقربه وروايته لمجمل أحاديثها .... قال عمرُ بن عبد العزيز: ما أجِدُ أعلمَ من عروة بن الزُّبَير، وما أعْلَمه يعلم شيئًا أجهله. حدَّث الأصمعي عن مالك، عن الزهري، قال: سألتُ ابن صُعَير عن شيء من الفِقه، فقال:عليك بهذا، وأشار إلى ابنِ المسيّب، فجالستُه سبع سنين لا أرى أنَّ عالِمًا غيره، ثم تحوَّلتُ إلى عروة، ففجَّرْتُ به ثَبَجَ بَحْر ...وحدَّث ابنُ أبي الزناد: قال حدَّثني عبد الرحمن بن حُمَيد بن عبد الرحمن، قال: دخلتُ مع أبي المسجِدَ، فرأيتُ الناس قد اجتمعوا على رجل، فقال أبي انظر من هذا، فنظرتُ فإذا هو عروة، فأخبرتُه وتعجبْت، فقال: يا بني، لا تعجبْ،لقد رأيت أصحابَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يسألونه قلت : وحديثُه في الكُتُب السِّتَّة. وقال ابنُ شهاب : كان إذا حدَّثَني عُروةُ ثم حدّثتني عمرة ،صدّق عندي حديث عمرة ، فلما بحرتهما إذ عروة بحر لا ينزف ..... : قال ابن سعد : كان فقيهًا عالِمًا، كثيرَ الحديث، ثبتًا مأمونًا وقال ابن حبَّان: كان مِن أفاضل أهلِ المدينة وعُلمائهم الثقات .... وقال سفيانُ بنُ عيينة، عن الزهري: كان عروة يتألَّف الناس على حديثه ، وكان يقول لأبنائه: يا بَنِيَّ، تعلَّموا العِلم، فإنَّكم إنْ تكونوا صغار قومَ عسى أن تكونوا كبارَهم، واسوأتاه، ماذا أقبحُ مِن شيخ جاهل ....! وفي رواية أخري عن مبارك بن فضالة ، عن هشام عن أبيه إنه كان يقول لنا ونحن شباب: ما لكم لا تَعلَّمون؟! إنْ تكونوا صِغارَ قوم يوشك أن تكونوا كبارَ قوم، وما خير الشَّيْخ أن يكون شيخًا وهو جاهِل؟! وكان يَرَى أنَّ على طالبِ العلم أن يَطلُبَ العلم، وأن يُذلَّ نفسه في طلبه حتى يورثَه ذلك عِزًّا طويلاً، فيقول: رُبَّ كلمةِ ذُلٍّ احتملتُها ...أوْرَثتْني عزًّا طويل ،..... وأنت لو قلَّبْتَ أيَّ ديوان من دواوين السنَّة، لوجدتَ رواية عروة عن عائشة كثيرة جدًّا، وإن دلَّ على شيء، فإنَّما يدلُّ على كثرةِ ملازمته لها ، قال قبيصة بن ذؤيب: كان عروةُ يغلبنا بدخوله على عائشة، وكانتْ عائشةُ أعلم الناس، وكان عروةُ أعلمَ الناس بحديث عائشة؛ .علي اعتبار أنها خالته ...... وحدث أنَّه كان جالسًا في فناء الكعبة ، ومعه عبدا لله بن عمر، ومُصْعَب بن الزبير، وعبدا لله بن الزبير، فقال لهم مُصْعَب: تَمنَّوا، فقالوا ابدأ أنت.... فقال عروة : وأتمنَّى الفِقه، وأن يُحمَل عني الحديث، فنال ذلك. وصار عروةُ منِ أثبت الناس في عائشة، حتى قال: لقدْ رأيتُني قبل موْت عائشة بأربع حِجج، أو خمْس حجج، وأنا أقول لو ماتتِ اليومَ ما ندمتُ على حديث عندَها إلا وقد وعيته .... قال هشام، عن أبيه: ما ماتتْ عائشة حتي تركتها قبل ذلك بثلاث سنين رحمه الله تعالي ( بخالته ) السيدة الفاضلة عائشة ( رضي الله عنها ) ولم يقفْ عند حدود العلم فقط ..فقد انهل منها وأخذ من شمائلها وعبادتها أيضا ... فعن ضَمْرة بن ربيعة ، وعن ابن شوذب أنه قال: كان عروة بن الزبير يقرأ رُبع القرآن كل يوم نظراً في المصحف ،وكان يقوم الليل ، فما تركه إلاّ ليلة قُطعت رجله ، ثُم عاود ما كان يفعل من الليلة ، المُقبلة ،وكان قد وقع في رجله الأكلة ( تسوس) فنشرها ( بترها )،..... وكان عروة بن الزبير ، إذا كان أيام الرطب ثُلم حائطه ، فيدخل الناس ، فيأكلون وكان إذا دخله ، يردد هذه الآيات : : ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ الكهف 39، حتى يخرج وذكر... علي بن المبارك الهنائي عن هشام بن عروة : أن أباه كان يصوم الدهر كله إلاّ يوم الفطر ويوم النحر ، ومات وهو صائم .... وتوفي رحمه الله ورضي عنه سنة أربعة وتسعين ...وتوفي يوم الجمعة...... ومن أقواله المأثورة .... • إذا رأيتَ الرجل يعمل الحَسَنة، فاعلم أنَّ لها عندَه أخوات، وإذا رأيتَه يعمل السيئة، فاعلم أنَّ لها عندَه أخوات؛ فإنَّ الحسنة تدلُّ علي أختها، وإنَّ السيئة تدلُّ على أختها؛
• ما حدثتَ أحدًا بشيء من العِلم قطُّ لا يبلغه عقلُه، إلاَّ كان ضلالة...
• لتكن كلمتُك طيبة، وليكن وجهُك بسطًا، تكُنْ أحبَّ إلى الناس ممَّن يُعطيهم العطاء...
• إذا جعَل أحدُكم لله عزَّ وجلَّ - شيئًا، فلا يجعلْ له ما يستحي أن يجعلَه لكريم، فإنَّ الله أكرمُ الكرماء، وأحقُّ مَن اختير له ...... القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ( رضي الله عنه ) وهو الإمام القُدوة، أبو عبد الرحمن، التيمي المَدني، الفقيه، قُتِل أبوه وهو صغير، فتربَّى يتيمًا في حجْر عمَّته عائشة (رضي الله عنها ) ، فتفقه بها....حيث قال عنه أبو نعيم في الفقيه :الوَرِع، الشفيق الضّرع نَجْل الصِّدِّيق، ذو الحَسَب العتيق، .... القاسِم بن محمد بن أبي .بكرٍ الصِّدِّيق ، كان لغوامضِ الأحكام فائقًا، وإلى محاسن الأخلاق سابقًا .... قال ابن سعد في الطبقات الكبرى : كان رفيعا عالياً فقيهاً ، كثير الحديث وورعاً ..... اهتمَّتْ به السيدةُ عائشة بعد مقْتل أبيه كثيرًا، وكان يَذكُر ذلك، فيقول : كانت عائشةُ تَحلِق رؤوسنا عشيةَ عرَفَة، ثم تحلقنا وتبْعَثُنا إلى المسجد، ثم تُضحِّي عندنا مِنَ الغد.... وقد وَرِثَ عن عمَّته ومُعلِّمته عائشة (رضي الله عنها ) روايةَ السنَّة حتي قيل: أعْلمُ الناس بحديثِ عائشةَ ( رضي الله عنها ) والي رواية والسنة والفقه ثلاثة: (القاسم، وعروة، وعَمْرة بنت ، عبد الرحمن ) قال أبو الزناد: ما رأيتُ فقيهًا أعلم من القاسم، وما رأيتُ أحدًا أعلم بالسُّنَّة منه، وكان الرجلُ لا يُعدُّ رجلاً حتى يعرفَ السُّنَّة..... وفي روايةٍ أخرى.....وما رأيتُ أحدَّ ذِهنًا من القاسِم، إنْ كان ليضحَك مِن أصحاب الشُّبَه كما يضحَك الفتَى ، وكان عفيفًا ورعًا.....كريمًا متواضعًا، ناسيًا حظَّ نفسه، وكان السَّلَف يتشبَّهون به في عبادته....... .قال ابنُ وهب: ذكَر مالكٌ القاسمَ بن محمد، فقال: كان مِن فقهاء هذه الأمَّة، ثم حدَّثني مالك أنَّ ابن سيرين كان قد ثَقُل وتخلَّف عن الحجِّ فكان يأمُر مَن يحجُّ أن ينظر إلى هدي القاسم ولُبوسِه وناحيته، فيبلغون ذلك، فيقتدي بالقاسم ..... قال :أيوبُ السختياني: ما رأيتُ رجلاً أفضل من القاسِم، لقد ترك مائةَ ألف ، وهي له حلال ، ومن ورعه في العِلم ما ذكره أيوب السختياني ،فقال: سمعتُ القاسم يُسأل بمنًى، فيقول: لا أدْري، لا أعْلم، فلمَّا أكثروا عليه قال: والله لا نعلمُ كلَّ ما تسألونا عنه، ولو علمنا ما كتمناكم ولا حل لنا أن نكتمكم ..... وكان عمرُ بن عبد العزيز متأثِّرًا به، علمًا وزهدًا وورعًا وأُخُوَّةً في الله، ويقول: لو كان لي مِن الأمر شيءٌ، لاستخلفتُ أُعَيْمش بني تيم؛ يعني القاسم، وروى الواقديُّ أنَّها بلغتِ القاسم، فقال: إني لأضعُف عن أهلي فكيف بأمْر الأمَّة؟! وبلغ من عدم تزكيته لنفسه أنّ إعرابياً جاءه فقال : تمن أعلمُ أم سالم....؟ قال: ذاك منزلُ سالِم، فلم يزدْه عليها حتى قام الأعرابي. قال: محمَّد بن إسحاق معلقًا: كَرِه أن يقول: هو أعلمُ مني فيكذب، أو يقول: أنا أعلم منه فيزكي نفْسَه. قال الذهبي معلقًا: وكان القاسمُ أعلمَهما..... مات القاسِم بن محمَّد بيْن مكة والمدينة حاجًّا أو معتمرًا فقال لابنه سُنَّ على التراب سنًّا، وسوِّ على قبري، والْحَقْ بأهلك، وإيَّاك أن تقول كان وكان .. .إنَّه مات بقديد، وقال : كفِّنوني في ثيابي التي كنتُ أصلِّي في قميصي، ورِدائي؛ هكذا كُفِّن أبو بكر الصديق وكان موته سَنَةَ ثمانٍ ومائة. من أقواله ( رحمه الله ): لأنْ يعيشَ الرجلُ جاهلاً بعدَ أن يعرِفَ حقَّ الله عليه خيرٌ له من أن يقول ما لا يَعْلم.... كان إذا سُئِل عن حُكْم مسألة، قال: أرَى، ولا أقول: إنَّه الحق وقال لقومٍ يذكرون القَدَر: كفُّوا عمَّا كفَّ الله عنه....... مسروق بن الأجدع ( رحمه الله ) وهو من المخضرمين الذين أسلموا في حياة النبي الكريم صلي الله عليه وسلم ،وسميّ مسروقاً ، فيقال إنّهُ سُرق وهو صغير ، ثُم وجدوه ...فسمي مسروقاُ ، وأسلم أبوه الأجدع ، وكفلته عائشة ( رضي الله عنه ) ......فلازمها وحمل عنها علماً كثيراً ، وأحبها حُباً عظيماً ، إكراماً لها وتبجيلاً لقدرها .... وعن سعيد بن عُثمان التنوخي الحمصي ، عن الثوري عن فطر بن خليفة عن الشعبي قال: غُشي علي مسروق وكان في يوم صائف، وكانتْ عائشة قد تبنتْه، فسَمَّى بِنْتَه عائشة،..... وكان يعصي ويعاند ابنته شيئاً ..حيث قال: نزلت إليه فقالت له: يا أبتاه ، أفطر وأشرب .... .فقال: لها : ما أردتي الرفق بي يا بُنية..؟ قالت: إنما طلب الرفق لنفسي في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ......... وعن مسروق، قالتْ عائشة: يا مسروقُ، إنَّك مِن ولدي، وإنَّك لَمِنْ أحبِّهم إلي.... أخذ عنها علمًا وعبادةً، وتقوى وورعًا، وخوفًا من الله عزَّ وجلّ ، َ وكان حريصًا على طلب العلم، حتى قال فيه الشعبيُّ :ما علمتُ أنَّ أحدًا كان أطلبَ للعِلم في أُفق من الآفاق مِن مسروق ..... وقال ايضاً : كان مسروق أعلم بالفتوي من شريح ، وكان شُريح أعلم بالقضاء من مسروق ، وكان شريح يستشير مسروقاُ ، وكان مسروقاُ لايستشير شريحتا....... قال أنس بن سِيرين،عن امرأةِ مسروق: كان مسروقٌ يُصلِّي حتى تُورَّمت قدماه، فربَّما جلستُ خَلْفَه أبْكي ممَّا أراه يصْنع بنفسه؛ و عن إسماعيلَ بن أمية قال: قيل لمسروق: لو أنَّك قصرتَ عن بعض ما تصنع؛ أي من العبادة ...؟ والله لو أتاني آتٍ فأخبرني أنَّ الله لا يُعذِّبني، لأجتهدت في العبادة .... : وكيف ذلك...؟! قال: حتي تعذرني نفسي إن دخلت جهنم ..لا ألومها ..أما بلغك قوله سبحانه وتعالي : لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ {1} وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ {2}القيامة 1 ، إنَّما لاموا أنفسَهم حين صاروا إلى جهنم، واعْتقبتْهم الزبانية، وحِيل بيْنهم وبيْن ما يَشْتَهون، وانقطعتْ عنهم الأمانيُّ، ورُفِعتْ عنهم الرحمة، وأقبل كلُّ امرئ منهم يلوم نفسَه؛ وكان يحزن على تفريطِه في السُّجود في حقِّ مولاه: قال سعيدُ بن جُبَير: قال لي مسروق: ما بَقِي شيء يُرغَب فيه إلا أن نُعفِّر وجوهنا في التراب، وآسي علي شيء إلا السجود لله تعالي ..... عن إبراهيم قال: كان مسروقٌ يُرْخِي السِّتر بيْنه وبيْن أهله، ثم يُقبِل على صلاته، ويُخلِّيهم ودُنياهم ...... وقال شُعْبةُ عن أبي إسحاق: حجَّ مسروقٌ، فلم ينمْ إلا ساجدًا على وجهه حتى رَجَع...... وكان يحبُّ الجهادَ في سبيل الله، ويؤثره على ما يحتاجه قال أبو إسحاق السَّبِيعي: زوَّج مسروقٌ بنته بالسائب بن الأقرع على عشر آلاف لنَفْسه يجعلها في المجاهِدين والمساكين ....ومات ( رحمه الله ) سَنَة ثلاث وستِّين. ومن أقواله : كفَى بالمرء علمًا أن يخشى الله تعالى وكَفَى بالمرء جهلاً أن يُعجَب بعمله إنَّ المرء لحقيقٌ أن يكونَ له مَجالسُ يخلو فيها، يَتذكَّرُ ذنوبَه ويستغفر منها؛ بحسبِ المؤمن من الجهل أن يُعجَب بعمله، وبحسب المؤمِن من العلم أن يَخْشَى الله هذا أخوتي الكرام احد تلاميذ الفاضلة أُمنا عائشة ( رضي الله عنها ) والذي تربي في كنفها وغرف من علمها وورعها وتقوتها ، حتي أصبح من الأعلام في الزهد والتقوي والعلم ، وما سرد قصته الا لتبيان مدي نتائج تربيتها وتأثيرها علي من تقربوا منها ..... ونأتي لذكر عالمة وتلميذه نجيبه لأمنا عائشة ( رضي الله عنها ) ... ولننظر إلي هذه العالمة ولنسبر أغوارها لنعرف ..كيف أصبحت بهذا القدر من العلم وما مدي قربها بأستاذتها الفاضلة عائشة ( رضي الله عنها وأرضاها ) ....... العالمة عمرة بنت عبد الرحمن ، تلميذة الفاضلة عائشة ( رضي الله عنها ) هي بنت عبد الرحمن بن سعْد بن زرارة بن عدس، عَمْرة لأنصاريَّة النجاريَّة المدنية الفقيهة ، تربية عائشة وتلميذتها ، قيل لأبيها صُحْبة، وجدُّها سعدٌ من قدماء الصحابة، وهو أخو النقيب الكبير أسْعَد بن زُرارة ضمَّتْها عائشة رضي الله عنها مع إخوتها وأخواتها إلى حجْرِها بعدَ وفاة والدهم، وبعدَ وفاة رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فنشأتْ في بيْت التقوى والعِلم، والدِّيانة والوَرَع، وكانتْ ذَكيةَ الفؤاد، لمَّاحة، وقَّادَة الذِّهن، فوعَتْ عن عائشةَ كثيرًا من العِلم، وكانتْ عالِمَ فقيهة، حُجَّة، كثيرة العلم، وحدَّثتْ بحديثها مِن بَعْدها، وكانتْ منِ أعلم الناس بحديثِ عائشة، وحديثها في الكتب الستَّة. تزوَّجت عبد الرحمن بحارثة بن النعمان، فولدتْ له محمَّدًا وهو( أبو الرِّجال ) وهو لَقب كان له؛ قال :أيوبُ بن سُوَيد، عن يونس، عن ابن شِهاب، عن القاسِم بن مُحمَّد: قال لي: يا غلامُ، إني أراكَ تحرِص على طلب العلم، أفلاَ أدلُّك على وعائه؟ قلتُ: بلى، قال: عليك بعَمْرة؛ فإنَّها كانتْ في حجْرِ عائشة، قال: فأتيتُها فوجدتُها بحرًا لا ينزف؛..... وقال محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر المُقدَّمِي، عن أبيه: سمعتُ عليَّ بنَ المديني، وذكَر عَمْرَةَ بنت عبد الرحمن، ففخَّم من أمرها، وقال عَمْرة أحدُ الثِّقات العلماء بعائشةَ، الأثبات فيها.. قال ابنُ المديني عن سفيان: أثبتُ حديثِ عائشة حديثُ عمرة، والقاسم، وعروة......... فهذا إخوتي الكرام غيض من فيض علوم الفاضلة عائشة رضي الله عنها وأرضاها بحر العلوم والتقوي والورع .والذين تربوا وتعلموا علي يديها ونقلوا منها وأغترفوا من نبعها .. ولا عجب من ذلك فهي حبيبة المصطفي صلي الله عليه وسلم........ وقد بلغ عدد الأحاديث التي روتها ،( الفين ومئتين وعشرة ) أحاديث ..... عن الرسول صلي الله عليه وسلم فورثت عن الرسول الكريم علماً كثيراً، وكانت رضي الله عنها أفصح أهل زمانها وأحفظهم للحديث وقد روى عنها الرواة من الرجال والنساء , وكان مسروق إذا روى عنها ، يقول حدثتني الصدّيقة بنت الصدّيق البريئة المبرأة..... فهذه الفاضلة عائشة ( رضي الله عنها ) بعلمها وبتقوتها وبزهدها ، وبغزارة علمها ، والذي سرعان ما وجد الأرض الطيبة ، من تلاميذ وتلميذات تتلمذوا علي يديها ، فأصبحوا منارات يُشد لها الرحال ، ويشار إليهم بالبنان ، في العلم والزهد والتقوى ....... .................................. نفعني الله وأياكم بما قُلنا .. ......نستكمل بأذن الله بقية التعريف بحبيبة المصطفي صلي الله عليه وسلم
في الجزء القادم ( السادس ) |
|
التعديل الأخير تم بواسطة توحد ارواح ; 03-19-2014 الساعة 01:29 AM |
| |