خامساً: قصدت هذه السورة إلى ولوج ميدان النفس المؤمنة، من حيث تصوراتها، ومشاعرها، وأطماعها، وشهواتها، ودوافعها، وكوابحها. وقد عالجت السورة هذه النفس بكل رفق وتلطف وإرشاد وتوجيه، نلمس ذلك في الآيات التي تحدثت عن وقائع غزوة أُحد، وما جرى فيها من تمحيص للنفوس، وفحص للقلوب، وتمييز للصفوف، وتحرير لكثير من آفات الفكر والسلوك والمشاعر في الصف المسلم؛ وذلك بتميز المنافقين من المؤمنين، وتوضيح سمات النفاق وسمات الصدق، في القول والفعل، وفي الشعور والسلوك، وتبيين تكاليف الإيمان، وتكاليف الدعوة إليه، ومقتضيات ذلك كله من الاستعداد بالعلم والعمل، والتزام الطاعة والاتباع بعد هذا كله، والتوكل على الله وحده، في كل خطوة من خطوات الطريق، ورد الأمر إلى الله وحده في النصر والهزيمة، وفي الموت والحياة، وفي كل أمر وفي كل اتجاه.
|