إن شكونا الهوى فماذا نقول *** أو تلفنا شوقاً فماذا السبيل
أو بعثنا رسلاً تترجم عنا *** ما يؤدي شكوى المحب رسول
أو صبرنا فما لنا من بقاء *** بعد فقد الأحباب إلا قليل
ليس إلا تأسفاً ثم حزناً *** و دموعاً على الخدود تسيل
أيها الغائبون عن لمح عيني *** و عمّا في الفؤاد مني حلول
هل حفظتم لدى الهوى عهد صب *** ليس عنه مدى الزمان يحول
و إذا نسيتم على التباعد صباً *** شفه فيكم الضنى و النحول
و إذا الحشر ضمنا أتمنى *** من لدن ربنا حساباً يطول
ردوا على جفني النوم الذي سلبا *** و خبروني بعقلي أين قد ذهبا
علمت لما رضيت الحب منزلة *** أن المنام على جفني قد غصبا
قالوا عهدناك من أهل الرشاد فما *** أغواك قلت اطلبوا من لحظه السببا
إني له عن دمي المسفوك معتذر *** أقول حملته في سفكه تعبا
القى بمرآة فكري شمس صورته *** فعكسها شب في أحشائي اللهبا
من صاغه الله من ماء الحياة و قد *** أجرى بقيته في ثغره شنبا
ماذا ترى في محب ما ذكرت له *** إلا شكى أو بكى أو حن أو طربا
يرى خيالك في الماء الزلال إذا *** رام الشراب فيروى و هو ما شربا
فإلى متى هذا الصدود و ذا الجفا *** فلقد جرى من أدمعي ما قد كفى
كم قد أطلت الهجر لي متعمداً *** إن كان قصدك حاسدي فقد اشتفى
لو أنصف الدهر الخؤون لعاشق *** ما كان يوم للعواذل منصفا
فلمن أبوح بصبوتي يا قاتلي *** يا خيبة الشاكي إذا فقد للوفا
و يزيد وجدي في هواك تلهفاً *** فمتى وعدت و لا رأيتك مخلفا
يا مسلمون خذوا بثأر متيم *** ألف الشهادة ما له طرف ما غفا
ايحل في شرع الغرام تذللي *** و يكون غيري بالوصال مشرفا
و لقد كلفت بحبكم متلذذاً *** و غدا عذولي في الهوى متكلفا
يترجم طرفي عن لساني لتعلموا *** و يبدو لكم ما كان صدري يكتم
و لما التقينا و الدموع سواجم *** خرست و طرفي بالهوى يتكلم
تشير لنا عما تقول بطرفها *** و أرمي إليها بالبنان فتفهم
حواجبنا تقضي عما تقول بطرفها *** فنحن سكوت و الهوى يتكلم
أقمتم فؤادي في الهوى و قعدتم *** و أسهرتم جفني القريح و نمتم
و منزلكم بين الفؤاد و ناظري *** فلا القلب يسلوكم و لا الدمع يكتم
و عاهدتموني أن تقيموا على الوفا *** فلما تملكتم فؤادي غدرتم
و لم ترحموا وجدي بكم و تلهفي *** أأنتم صروف الحادثات أمنتم
سألتكم بالله إن مت فاكتبوا *** على لوح قبري إن هذا متيم
لعل شجياً عارفاً لوعة الهوى *** يمر على قبر المحب فيرحم