مرونة ألفاظ اللغة العربية
يُحكى عن الخليفة الوليد بن عبد الملك أنه كان فى طفولته مدللاً من أبويه فشبَّ بلا أدبٍ فى اللغة
وروى الإمام السيوطى عن روح بن زمباع هذه الحكاية:
أنه دخل يوما على عبد الملك بن مروان فرآه مهموما فسأله فقال: لقد فكرت
فيمن أوليه أمر العرب بعدى فلم أجد.
قال له : وأين أنت من الوليد؟
قال : إنه لا يحسن النحو.
وكان عبد الملك بن مروان يقول: حبنا للوليد أفسد لسانه, إذ لم نطق فراقه وهو صغير
فلم نبعث به للبادية ليستقيم لسانه.
ويُحكى أنه كان فى مجلسه يوما ومعه عمر بن عبد العزيز عندما دخل الآذن يطلب الإذن
لأعرابىٍّ جاء من البيداء شاكياً فأذن الوليد له.
فدخل الأعرابى وألقى السلام ورد عليه الوليد وأشار إليه بالجلوس
ثم قال له من أنت؟ ولكنه وصل نون من بأنت فلم ينطق الهمزة فكان نطقها مننت
فعجب الأعرابىُّ وقال: لله المنّة ولرسوله ولأمير المؤمنين.
فقال عمر: إنه يسألك من أنت؟
قال الأعرابى :نعم, أنا رجل من تميم
قال الوليد: وكيف أهْلِك؟ وكسر اللام بدلاً من رفعها ففهمها الأعرابى على انها من فعل هلك
فقال: أعاذ الله أمير المؤمنين, وإنما يهلك الرجل إذا سقط عليه جدار أو قتله أحد.
قال عمر: بل يسألك أمير المؤمنين: كيف أهلُك؟
قال نعم بخير يدعون لأمير المؤمنين
قال الوليد: وما شانك؟ ولم يجعل همزة على الألف ونصب النون
ففهمها الأعرابى على أنها من الفعل شان
فقال: والله ما شاننى شئٌ إلا آثار جدرىّ بوجهى
فقال عمر: يسألك ما شأنُك؟
قال: نعم إنى جئت أشكو ختنى. والختن هو الصهر
فقال الوليد: ومن خَتَنَك؟ وفتح النون
ففهمها الأعرابى على أنها من الفعل ختن وقال محتجاً:
وما شأن أمير المؤمنين بمن ختننى؟ إنه حجّامٌ فى بلدتى ومات
فتدخل عمر وقال:إنه يسألك من ختنُك؟
قال : نعم إنه فلان.
فقضى له الوليد حاجته.
ويُحكى أيضا
أن القاضى عامر الشعبىّ دخل عليه ذات يوم رجلٌ شاكيا
فقال أيها القاضى إنى أنازع إخوتى فقد توفى أبانا
فقال له عامر: بل قل أبونا
فقال الرجل: فورثنا من أبونا.. فقال عامر: قل أبينا
فقال وقد وصّى أبينا... قال الشعبى: قل أبونا
فقال فما ورثنا أبونا... قال الشعبى: قل أبانا
فغضب الرجل وقال: أرانى أحاول موافقتك ولكنك مولع بمخالفتى
فقال الشعبى: وأنا والله أرى أن ما ضاع من لسانك أعظم مما ضاع من ميراثك.