ولكن وربما لأول مرة فى تاريخ مصر الممتد عبر الزمان يتم اختراق هذا المجتمع الأصيل وبأيدي أبنائه؛ والعجيب أن هذا الاختراق لا تقوم به حضارة أقوىٰ مثل الفرس أو الروم فيما مضىٰ ولكن طفرة نوعية إستغرابية -بل قل بداوة اختلطت بنمط متأمرك أو غربي أوروبي- لا يتجاوز عمرها أعمار أبائنا وأمهاتنا، ويحضرنا هنا ما يردده البعض دائما من قبيل المزاح وأحيانا من قبيل الغضب من أن "أمريكا ليس لها تاريخ" وأنها "حضارة بلا جذور"؛ كل ذلك لان حضارتها لا تتجاوز خمسمائة عام فما بالك بـ طفرة -تغيُّر يطرأ بشكل مفاجئ- نفطية لا يتجاوز عمرها خمسة عقود؟. من العجيب أن أبناء مصر الذين «علموا قلب الحجر يوصف معارك الانتصار» كما قال الشاعر الغنائي عبدالفتاح مصطفىٰ علىٰ لسان سيدة الغناء العربي كوكب الشرق أم كلثوم والذين علموا أهل البادية ألف باء الحضارة والذين علىٰ أكتافهم قامت أكبر نهضة عمرانية فى الإمارات قبل أن يحل محلهم أبناء جنوب شرق آسيا من العمالة الرخيصة المطيعة؛ من العجيب حقاً أن تخترق قيم البداوة النسيج الثقافي والاجتماعي لهذا الوطن الضاربة جذوره فى تراب وادى النيل منذ فجر التاريخ.
|