عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /11-02-2021, 11:35 PM   #1

بحر القمر

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي الحب العذري عند العرب

رأى الكاتب أن يعرض علينا طائفة من قصص الحب العذري عند أسلافنا الذي يتحول الحب في بعض جوانبه إلى ضرب من ضروب التصوف المجرد من قيود المادة والحس .. وهو حب حقيقي عاشه العرب في عصورهم الإسلامية الأولى .. حب ليس فيه إثم ولا جناح ولا فسوق ولا حرج ولا خيانة ولا عار ولا خطيئة ولا ريبة .. إنما فيه الوفاء والصفاء والعفاف والطهر والنقاء .. وفيه كان يحتفظ المحبون بكرامتهم مهما ألح عليهم الحب ومهما اصطلوا من نيرانه واحتملوا من خطوبه .. حتى أنهم ليموتون في سبيله .. وفيه تحتفظ الفتاة بجلالها ووقارها مع رقة العواطف ورهافة المشاعر ومع البر والحنان والإشفاق .. ومع العشق والصبابة والهيام .
وقد صاغ أسلافنا هذا القصص العذري النقي العفيف في لغة ناصعة أروع ما يكون النصوع .. ليس فيها إسفاف .. بل فيها القوة والجزالة والمتانة والرصانة وهذا الجمال اللفظي الذي يحدث لذة محققة في نفوسنا .
وأحاديثه لا تجري نثرا خالصا ولا شعرا خالصا .. بل تجمع بين الفنين فتمتع الأسماع حين تصغى إليها كما تمتع القلوب والأفئدة .
الحب
هو الحب النقي البريء ذلك الحب الذي يرتفع عن الصغائر ويتنزه عن الدنايا .. والذي يكسب صاحبه المعرفة والحكمة .
وعرض ستندال لنشأة الحب ونموه فجعله يرقى في سبع مراتب : أولاها مرتبة الإعجاب المتصل بالمحبوب .. ثانيها مرتبة الشوق إليه .. ثالثها مرتبة الأمل .. رابعها المرتبة التي ينشا فيها الحب إذ يحس صاحبه إحساس اللذة والألم فيه .. خامسها المرتبة التي يصبح فيها محبوبه مثله الأعلى في الجمال والسعادة بحيث لا يدانيه إنسان آخر في صفاته ومحاسنه , وعَبَّرَت عن ذلك عزة صاحبة كُثيّر حين قال لها الحجاج : والله ما أنت كما قال فيك كُثيّر فقالت :
انه لم يرني بالعين التي رأيتني بها .. ومن اجل ذلك قال بعض المحبين :
ووالله ما ادري أزيدت ملاحةً
وحُسنا على النسوان أم ليس لي عقل
وينتقل المحب عند ستندال من هذه المرتبة إلى المرتبة السادسة التي يصطلى فيها نيران القلق والخوف والشك والمحرقة .. ولا تلبث هذه المرتبة أن تسلمها إلى المرتبة السابعة وهي أقصى مراتب الحب وأبعدها غاية وهي المرتبة التي يعنف فيها الحب ويجمح بصاحبه جموحا لا يعرف فيه قصدا ولا اعتدال .
عوارض الحب :
متى برّح الحب بصاحبه أصبح إنسانا غير عادي .. فهو يعيش في عالم خاص به لا يرى إلا محبوبه وخياله .. وكأنما تضيق في عينيه آفاق الكون فتصبح أفقا محدودا .. بل رقعة محدودة يملؤها المحبوب والفكر فيه والتأمل في جماله .. ولعل ذلك ما يجعل ينطوي على نفسه .. فمحبوبه كل همه وفكره وشغله .. وهو لا يأنس إلا إليه والى ما يذيقه من رحيق حبه وحريقه .
هو الحب فاسلم بالحشا ما االمحبلهوى سهل
فما اختاره مُضني به وله عقل
وعيش خاليا فالحب أوله عنا
وأوسطه سقم وآخره قتل

الحب العذري
بنو عذرة والحب :
بنو عذرة إحدى قبائل قضاعة الكثيرة التي تنتشر في شمال الحجاز وتمتد عشائرها وبطونها من المدينة إلى الشام .. وكانوا يسكنون وادي القُرى .. وهو وادي طويل بين تيماء وخيبر فيه قرى منثورة وفيه زروع ونخيل وفيه يقول جميل بثينة :
ولقد أجرُّ في وادي القُرى
نشوان بين مزارع ونخيل
وفي هذا الوادي الممرغ الخصب كان بنو عذرة يتنقلون بخيامهم .. وقد رزقهم الله الثمرات ما جعل حياتهم رغدة هانئة بالقياس إلى قبائل الصحراء الذين كانوا يقاسون غير قليل من الشظف .. حين تجدب مراعيهم فتموت القطعان ويموت الناس .

لم تكن حياة بني عذرة قاسية .. ولا كان فيها الجدب المهلك .. إنما كان فيها خصب ونماء هيأ لشيء من الفراغ كما هيأ لشيء من الاستقرار وأن تجري الحياة هادئة فليس فيها منازعات القبائل على المراعي وما صحب هذه المنازعات من حروب لا تنقطع .
وكان لذلك أثره فيما خلفت بنو عذرة من شعر .. فإننا لا نجد عندها شعر الحماسة والفخر والزهو الذي كان منتشرا بين قبائل نجد .. وإنما نجد عندها نمطا آخر من شعر غنائي قوامه التعبير عن آلام النفس إزاء الحب وكأنهم لما فرغوا لأنفسهم اخذوا يغنونها هذا الضرب من الشعر الوجداني .
وليس معنى ذلك إننا لا نجد شعر الحب عند غير بني عذرة .. إنما معناه أنهم أكثروا منه وان حياتهم أعطتهم الفرصة لكي يغنوا أنفسهم .
أما بنو عذرة فانطووا على أنفسهم واستمدوا من عواطفهم الذاتية ما جعلهم يشتهرون بين القبائل العربية بهذا الغزل الصافي الرقيق .. وكان للإسلام أثره في نمو الغزل .. بما فرض على الناس من أن يغضوا أبصارهم ولا يأتوا بفاحشة ولا ينتهكوا الحرمات .
ولم يقف تأثير مثالية الإسلام عند بني عذرة .. فقد أخذت هذه المثالية تطبع شعر البدو في نجد بطوابع واضحة من البراءة والطهارة والتسامي .. فلم نعد نقرأ شعر الحب الاباحي الذي يردده امرؤ القيس وغيره من شعراء نجد في الجاهلية .. إنما أخذنا نقرأ شعرا عفيفا فيه نبل .. وفيه الحزن الذي يصدر عن نفس ملتاعة تخاف الله فيما يأتي من قول وفعل .
الصحراء والإسلام إذن هما اللذان أعدا لظهور هذا الغزل العفيف الحزين وما طوي فيه من حب نبيل شريف .. وهو غزل يعبر عن أسمى العواطف التي يفيض بها القلب الإنساني .
غزل نحس فيه لذع الحرمان وأن الرجل يتهيب الاقتراب من المرأة .. فهي كائن ملائكي تحول قدسيته دون لمسه وحتى هي إن وصلته لا يزال يشعر شعورا عميقا بالألم واليأس .. بل قد يفضي به إلى الجنون أو الموت .. وهو لا يأتي ذلك وحده .. بل تأتيه المرأة أيضا سعيدة قريرة العين .
وتستفيض الأخبار بذلك عن بني عذرة وغيرهم من الأعراب في عصر الإسلام الأول عصر مجنون ليلى .. وجميل بثينة .. وقيس بن ذريح .
سئل رجل من بني عذرة : ممن أنت ؟ قال : من قوم إذا عشقوا ماتوا .
وقال رجل لعروة بن حزام العذري : يا هذا بالله أصحيح ما يقال عنكم : أنكم ارق الناس قلوبا ؟ قال : نعم والله لقد تركت ثلاثين شابا قد خامرهم الموت .. ما لهم داء
إلا الحب .
وسئلت امرأة عذرية بها هوى يدنيها من الموت : ما بال العشق يقتلكم معاشر عذرة من بين أحياء العرب ؟ فقالت : فينا تعفف .. والعفاف يورثنا رقة القلوب .. والعشق يفني آجالنا .
وقيل لأعرابي : ما كنت صانعا لو ظفرت بمن تهوى ؟ قال : كنت أمتع عيني من وجهها وقلبي من حديثها واستر منها ما لا يحبه الله .. قيل : فان خفت أن لا تجتمعا بعد ذلك ؟ قال : أَكِلُ قلبي إلى حبها ولا أصير إلى نقض عهدها .
وقيل لأعرابي آخر: وقد زوجت عشيقته وأهلها يجهزونها لزوجها : أيسرك لقاؤها ؟ قال : نعم والذي أمتعني بها وأشقاني بطلبها .. قيل : فما كنت صانعا ؟ قال : أطيع الحب في لقائها والتمتع بحديثها واعصي الشيطان في إثمها وما يوحي من نزواته .. ثم قال : وهل افسد عشق عشر سنوات بما يبقى عاره في ساعة تنفذ لذتها وتبقى تبعتها .. إني إذن للئيم .. لم ينجبني أصل كريم .
وقيل لبثينة : هذا جميل يتعذب في حبك فهل عندك شيء تنفسين به وَجْده ؟ فقالت : ما عندي أكثر من البكاء إلى أن ألقاه في الدار الآخرة أو أزوره وهي ميت تحت الثرى .
.................................
الحديث عن الحب ممتع وذو شجون وله بقية فمن أراد مني أن استزيد فليفعل .. فاني أمتعنت عن الكتابة خوفا من أن تملوا القراءة .. ولكي تتمتعوا معي بما تمعت به وأنا اكتب .







  رد مع اقتباس