أخلاق العرب
خرجت أم سلمة رضي الله عنها وحيدة حاملة رضيعها ومهاجرة من مكة إلى المدينة، وفي الطريق لقيها عثمان بن طلحة ، وكان من مشركي قريش ،
فأخذته مروءة العرب ونخوتهم ،فأبى أن يتركها وحدها دون حماية ،فانطلق بها يقودها الى المدينة وما رفع نظره إليها قط،، وكلما نزل منزلًا استأخرعنها مروءة ، كما قال صاحبه الجاهلي :
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي** حتى يواري جارتي مثواها.
فلما وصل قباء قال: زوجك في هذه القرية فادخليها على بركة الله ثم انصرف راجعا إلى مكة .
الغريب موقف ذلك المشرك الذي صاحب هذه المرأة المسلمة
التي ليست على دينه ليوصلها ، وأحسن معاملتها وغض بصره عنها طيلة مئات الكيلومترات قطعها في أيام ثم عاد إلى مكة دون راحة .
والأغرب بمقاييسنا اليوم أن الرجل لم يفكر أن ( يسجّل ) مأثرته.
ولم يرسل رسلًا الى مضارب القبائل العربية يخبرها " في تواضع " أن من مآثره حفظه الله في كذا وكذا؛
بل انصرف عائداً مباشرة دون أن يراه أحد ، ليواصل مسيرةً طويلة رجوعًا إلى مكة دون أن ينتظر من أحد جزاءً ولا شكورًا ،هكذا كانت أخلاق العرب ،
فقارن هذا الكلام بأخلاق العرب والمسلمون اليوم ...
المصدر : البداية والنهاية _ابن كثير
|