الحمد لله، يُعطي ويمنع ويخفضُ ويرفع, ويضُرُّ وينفع, ألا إلى اللهِ تصيرُ الأمور، وأُصلِّي وأسلِّمُ على الرحمةِ المهداة, والنعمةِ المُسداة, وعلى آلهِ وأصحابه والتابعين، أمَّا بعدُ:
أيها المسلمون:
هذه بعض أحكام الصيام أسوقها للتذكير بها؛ امتثالاً لقوله تعالى: (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) [آل عمران:187]، فمن أحكام الصيام:
وجوب تبييت النية من الليل, وتكفي نيةٌ واحدة لصيام الشهر كله على الصحيح من قولي العلماء.
ومن أحكام الصيام سقوطه عن المريض، فإن كان مرضه ملازماً له لا يرجى زواله فيطعم عن كل يوم مسكيناً, ومثله الكبير الهرم العاجز عن الصوم, وأمَّا إنْ كان المرض يرجى زواله, والشفاء منه فيلزم القضاء من غير إطعام.
ومما يجب معرفته أنَّ المرض إنْ لم يكن شاقاً أو ضاراً بالمريض فلا يجوز له الفطر بتاتاً, وأما المسافر فيجوز له الفطر حتى وإن لم يشقّ عليه الصوم, أما الذين يتحايلون بالسفر من أجل الفطر على الطريق لقطعهم في الأسفار ففطرهم حرام لا يجوز.
وأما مفسداتُ الصوم فسبعة:
الأول: الجماعُ في نهار رمضان، فمن جامع امرأته بطل صومه، ولزمته الكفارة المغلظة, وهي عتق رقبة, فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين, فإن لم يستطع, فإطعام ستين مسكيناً.
والثاني من مفسدات الصوم: إنزال المني بمباشرة أو نحوهما.
والثالث: الأكل والشرب، سواءً عن طريق الفم أو الأنف، بطريقة طبيعية أو صناعية.
الرابع: ما كان بمعنى الأكل والشرب، كالإبر المغذية, وأما غير المغذية فلا تفطر.
الخامس: التقيؤ عمداً، فإن لم يتعمده صحّ صومُه ولا شيء عليه.
السادس: خروج دم الحيض والنفاس، ولو قبل المغرب بيسير.
السابع: إخراج الدم بالحجامة، أو ما يشابهها كالفصد ونحوه.
وهذه المفطرات كلها لا تفطر الصائم إلا بثلاثة شروط:
الأول: أن يكون عالماً بالحكم، وعالماً بالوقت غير جاهل.
الثاني: أن يكون ذاكراً غير ناسٍ.
الثالث: أن يكون مختاراً غير مكره.
اللهمَّ إنَّا نسألُك إيماناً يُباشرُ قلوبنا، ويقيناً صادقاً، وتوبةً قبلَ الموتِ، وراحةً بعد الموتِ، ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ, والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة، ولا فتنةً مضلة.
اللهمَّ زيِّنَّا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هُداةً مهتدين, لا ضالِّيَن ولا مُضلين, بالمعروف آمرين, وعن المنكر ناهين، يا ربَّ العالمين.
ألا وصلوا وسلِّموا على من أُمرتم بالصلاة عليه، إمام المتقين، وقائد الغرِّ المحجلين وعلى ألهِ وصحابته أجمعين.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاءِ الراشدين، أبي بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، وعلي.
اللهمَّ آمنا في الأوطانِ والدُور، وأصلحِ الأئمةَ وولاةِ الأمورِ, يا عزيزُ يا غفور.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون .
|