الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لاشريك له له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأشهد أنَّ عبدَه محمداً بعثه ربه تذكرة لمن يخشى، أو مَن يذَّكَر فتنفعه الذكرى.
ثم أما بعد: آمين آمين آمين، آمين، لمن كان رمضانُ عنده كشعبان! آمين لمن كان رب رمضان عنده ليس هو ربَّ غيره من الشهور! آمين، لمن أدركه رمضانُ فلم يتغير فيه شيئ مما كان قبلُ عليه! آمين لمن أدركه رمضان فلم يحفظ نعمة الله في موسم طاعته! وآمين لمن أدركه رمضان،
فلم يتذكر أن هناك من أُطبق عليهم الثرى يموتون حسرات على ألا يصوموا كما صام، ويموتون مثلها مرات، على تسبيحة واحدة يدَّخرونها ليوم التغابن!.
آمين، لمن أمهله الله حتى هذه الساعة فضيعها! آمين لمن بلغه ربه رمضان، فقضاه بالنوم وبالخسران! آمين لمن أبدل نهاره سباتا، وجعل الليل خرابا! آمين لمن لم يرع حرمة شهره!.
وآمين لمن أدركه رمضانُ فلم يقترب لله فيه شبرا؛ بل رجع باعا! وآمين لمن أدركه رمضانُ فضيع الصلوات والجمعةَ والجماعات! آمين لمن نام عن الهاجرة والصلاة الوسطى، "ومَن ضيعها فكأنما وُتِر أهله وماله"، وآمين لمن ادرك رمضان فلم يحسن صحبته، ولم يعرف حق الله فيه، ولم يشكر ربه!.
آمين، لمن علم أن رمضان شهرُ صلصلة السيوف وقعصِ الرماح، ثم هو لم يكلف نفسه أن يقطع شهوته فيه بسيف التقوى! آمين لمن علم أن الشآم تنامُ وتصحو على فوهات المدافعين صائمين، قائمين، مجاهدين، ولم يكلف أن يجاهد نفسه هواها، فاغرة ملء هواها فاها! آمين، آمين، آمين لهم! ورغمت أنوفُ مَن ضيعوا من صيامهم كل شيء إلا الجوع والعطش! ياحسرة عليهم!.
روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن خليله أنه رآه ذات يوم وقد صعد المنبر فلم يرعه إلا وحبيبه ظل يهتف رافعا بها صوته: "آمين! آمين! آمين!"، فقيل: يا رسول الله! إنك صعدت المنبر فقلت: آمين! آمين! آمين! فقال: "إن جبريل أتاني فقال: مَن أدرك شهر رمضان فلم يُغفَر له فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلتُ: آمين! ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين! ومن ذُكرتَ عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين!".
فاللهم صَلِّ وسلِّمْ على حبيبنا وحبيبك محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه، وسلِّم تسليما...
|