إليك..
يا من تتذبذب وتهتز عند أول محطة ابتلاء!
يا من تظن بالله الظنون وتميل بك الوساوس والأوهام ويخوفك الشيطان بأوليائه!
يا ضعيف العزم وسريع الاستسلام!
يا مصاحب اليأس!
أنسيت أن نبي الله يوسُف -وهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم- قد بِيع واشتري بثمن بخس دراهم معدودة؟! وكان بائعوه فيه من الزاهدين !!
يباع في السوق وهو ابن نبي الله يعقوب ابن نبي الله إسحاق ابن خليل الله إبراهيم عليهم السلام!
ثم ،، لا يخرج من هذا البلاء حتى يسُجن بضع سنين بعد أن قيل فيه ما قيل!!
والله يرى ويسمع، ويقدر الأقدار، ويقضي بالمنح العظيمة ضمن البلايا الجسيمة، فيقول في نفس الآية التي ذكر فيها شراء العزيز ليوسف (وكذلك مكّنّا ليوسف).!
نعم، كان ذلك بداية طريق التمكين لنبي الله الكريم وإن كانت صورته الآنيّة استرقاقا أو تبنياً!
وهكذا في تقدير العليم الحكيم يكون البلاء محطة بداية بينما هو في أنظار القاصرين نهاية الطريق..!
قال الطبري في تفسير الآية (19 من سورة يوسف) -مستحضراً إيناس الله لنبيه محمد ﷺ بهذه القصة-:
(فاصبر، يا محمد، على ما نالك في الله , فإنّي قادرٌ على تغيير ما ينالك به هؤلاء المشركون , كما كنت قادرًا على تغيير ما لقي يوسف من إخوته في حال ما كانوا يفعلون به ما فعلوا , ولم يكن تركي ذلك لهوان يوسف عليّ، ولكن لماضي علمي فيه وفي إخوته , فكذلك تركي تغييرَ ما ينالك به هؤلاء المشركون لغير هوان بك عليّ , ولكن لسابق علمي فيك وفيهم , ثم يصير أمرُك وأمرهم إلى عُلوّك عليهم، وإذعانهم لك , كما صار أمر إخوة يوسف إلى الإذعان ليوسف بالسؤدد عليهم، وعلوِّ يوسف عليهم)
|