عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /08-04-2022, 04:58 AM   #1

belly

عضو فعال

 

 رقم العضوية : 103332
 تاريخ التسجيل : Feb 2018
 العمر : 44
 الجنس : ~ رجل
 المكان : الإسكندرية
 المشاركات : 471
 الحكمة المفضلة : السعادة الحقيقية في رضي الله
 النقاط : belly has a reputation beyond reputebelly has a reputation beyond reputebelly has a reputation beyond reputebelly has a reputation beyond reputebelly has a reputation beyond reputebelly has a reputation beyond reputebelly has a reputation beyond reputebelly has a reputation beyond reputebelly has a reputation beyond reputebelly has a reputation beyond reputebelly has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 15700
 قوة التقييم : 0

belly غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي الفارس - قصة طويلة - الجزء الاول

الفارس – قصة طويلة – الجزء الأول

هوت تلك اليد القاسية الخشنة علي وجهها بقوة فائقة و غل غير طبيعي ، جعلها تصرخ كما لو كانت روحها تنتزع من أعماقها إنتزاعاً و تسقط علي الأرض من شدة الضربة و تتمزق شفتها ليسيل دمها في سرعة مع براكين من الحمم الملتهبة تتساقط من عينيها في صورة دموع حارقة رهيبة تحرق المسافة من مقلتيها حتي نهاية خديها..

و هي تنظر إليه ، تنظر إليه و في عينيها ألم ووجع لا يمكن وصفهما قط ، لم يكن وجعها بسبب ألمها الجسدي – رغم قسوته بعد هذه الصفعة المزلزلة - ، و لكن ألمها الروحي و المعنوي فاقا أي ألم آخر ..

و عادت إلي ذهنها ذكري قريبة ، ذكري لم يمر عليها سوي عام و نصف ، ذكري حبيبها الفارس الشهم المغوار ...

بدأت حكايتها مثل المئات ، بل لنقل الآلاف من تلك القصص الشبيهة التي تحدث في الجامعة ، حينما كانت فتاة غضة بريئة لم يتجاوز عمرها التاسعة عشرة ، لكن الله عز و جل وهبها جمال طبيعي غير عادي ، فلم تكن تهتم بوضع تلك المساحيق التي تتفنن البنات بوضعها لتغير الشكل بصورة رهيبة كما نري الآن .. لكنها كانت فقط تضع أحمر شفاه خفيف بلون الجلد يعطي لشفتيها بهاء و جمال فوق الوصف و يجعل كل من يراها يحلم بها و يتمناها من صميم قلبه ..

كانت هذه الفتاة محط أنظار الجميع ..... و عندما أقول الجميع فأنا أعني الجنسين ، فكما ينظر لها الشباب من منطق الرغبة في التعرف و الحديث و القرب و ما إلي ذلك ، كانت تنظر لها البنات هن الأخريات .. من منطق الحسد و الحقد و الكره ، فهي كانت جميلة أكثر من اللازم و كانت تعتني بنفسها لدرجة غير عادية ، فعلي سبيل المثال كما تري أنها ترتدي حذاء يظهر جمال أصابع قدميها و الإظافر كذلك ، و من أجل هذا المشهد الذي يمر علي الغالبية مرور الكرام كانت تنفق ساعات و ساعات من أجل عمل حمامات لقدميها و تقشير للجلد الميت و تنعيم و ما إلي ذلك من الأمور التي تفهمها و تتقنها البنات فقط ...

كذلك فقد كانت فتاة ترتدي ملابس متحررة ، لا أعني بذلك أنها كانت ترتدي ثوب يظهر بطناً عارية أو تنورة لا تصل إلي الفخذ ، فهي في الواقع كانت محجبة ! ، أجل محجبة و لكنه ذلك الحجاب الذي نراه في كل مكان للأسف ، فكانت تهوي إرتداء سراويل الجنز شديدة الضيق التي تظهر ملامح الساقين و حجم الردفين بمنتهي الوضوح و بلوزة خفيفة تظهر ثوبها الداخلي و حجم صدرها البارز في شموخ و تحدي كما لو كانت تباهي به ، و تقول في خفوت " من من البنات تملك أنوثة و رقة و جمال مثلي ؟"

و مع هذه الصفات كان من الطبيعي أن يتهافت عليها الشباب كما يتهافت الذباب علي الطعام العفن .. فهذا يتمني أن تكلمه و ذلك يتمني أن تنظر إليه و ثالث يتمني أشياء قذرة لا يمكن الإشارة إليها هنا بأي حال !

و لكن هذه الفتاة – رغم إستهتارها بالحشمة و الوقار – لم تكن من النوع الذي يحب إقامة علاقات مع الجنس الآخر سواء أكانت علاقات صداقة أو زمالة أو أي شئ من هذا القبيل ، لقد كانت من النوع الذي يحب جذب إنتباه الآخرين بملابسها المتحررة و جسدها المثير و لكن بنفس الوقت كانت علاقاتها في الكلية تقتصر علي الفتيات فقط و علي عدد محدود منهن فحسب...

كان ذلك حتي ظهر هو في حياتها ...

لا تدري ما الذي جذبها إليه ، رغم أنه لم يكن يتمتع بوسامة خاصة أو حديث جذاب ، لكنها وجدت نفسها تميل إليه بصورة شديدة ... حتي أنها كانت تحادث إحدي زميلاتها في إنتظار المحاضرة عندما رأته قادماً فتوقفت عن الحديث من فورها ، و لما دُهشت صديقتها من صمتها المفاجئ نظرت لوجهها و رأيت عينيها تنظر بإهتمام غريب نحو شئ خلفها ، و لما نظرت الصديقة لتري الشئ الذي جذب إنتباه الفتاة إلي هذه الدرجة رأته ، و لم يكن رد فعلها سوي أن قالت في هدوء :-

- هل قررتِ أخيراً التنازل عن عرش وحدتك و بعدك عن الذكور ، من أجل هذا الشخص الذي لا يبدو أي أثر للوسامة علي وجهه ؟

قالت الفتاة في صوت غائب بعالم غير عالمنا :-

- لا أدري ماذا تقولين ؟ إنه وسيم لدرجة لا يمكن تصورها .

هزت زميلتها كتفيها في عجب و هي تقول :-

- هذا شأنك ، هيا ... لقد حان وقت المحاضرة .

لم تسمعها الفتاة و هي تحدق في ذلك الشاب بكل كيانها ، بل أنها كانت تتفحصه من منابت شعر رأسه حتي إخمص قدميه و تأكله بعينيها أكلاً ...

لم تكن تدري ما الذي أصابها ؟ ، إنها لم تكن فتاة ضعيفة إلي هذه الدرجة ، فلكم رأت عشرات بل مئات من النظرات العطشي الشبقة التي تخترق جسدها في عيون الشباب و هي ترتدي ملابس متحررة و تسير أمامهم في دلال مصطنع مرتدية الحذاء عالي الكعب ، و لكم كانت تسعدها هذه النظرات و ترضي أنوثتها و تشعرها بأنها أصبحت فتاة ناضجة مرغوبة تملك وجه فاتن و جسد بديع .. لكن غير هذا لم تشعر بشئ ، لم تنجذب قط نحو أياً من معجبيها .. أما في هذه المرة فهي تشعر أنها منقادة ..

منقادة بدون إرادة منها و تتطلع إلي هذا الشاب و تنظر إليه بهذه الصورة الفجة و تتمني لو أنه تقدم نحوها و تكلم معها ، و لم تكد الفكرة تختمر في رأسها حتي لاحظ هو نظراتها ، و تأمل جسدها الرشيق العامر بالرقة و الأنوثة بشبق غريب و في عينيه نظرة شيطان حقيقي ، و لم تلحظ الفتاة هذه النظرة لأنها كانت بعالم آخر ..

كانت تنظر إليه وهي تتصوره فارس مغوار ، ينتشلها من عالمها الرتيب الممل ليزرعها بعالم آخر ... عالم كله سعادة و حب و حنان و تتخيل أن يده الغليظة الخشنة هذه تمتد إليها بزهرة بديعة رقيقة تجعل قلبها يخفق بقوة و يطير بعوالم الحب و الهيام

تقدم الشاب نحوها ، و لم تلحظ هي ذلك في البداية فعينيها كانتا تحدقان به و لكنهما لا تريان شيئاً من عالمنا ، فكل فكرها كان منصب بعالم من الرومانسية لم يعرفه أعتي الشعراء و لا مخضرمي العشق و الهوي ...

حتي أصبح علي مسافة تقل عن النصف متر منها ، و منحها بسمة بدت في عينيها رقيقة حنونة و هو يعرفها علي نفسه ...

قال لها أنه زميل جديد ، من كلية أخري .. و لما كانت إجراءات التحويل بين الكليات تستغرق الكثير من الوقت ، كان هذا هو يومه الأول رغم مرور أكثر من شهر و نصف علي بداية الدراسة ، و طلب منها أن تعرفه علي الكلية و مبانيها و الأقسام المختلفة فيها ..

لم تدري ماذا أصابها ، و لا كيف أصبحت لينة رقيقة نحوه إلي هذه الدرجة ، و لا السر في طاعتها له و إرشاده لكل مباني الجامعة ، بل أنها لم تعترض حينما مسكها من يدها في آخر الأمر و سحبها نحو الكافتيريا و هو يقول :-

- إنكِ أنسانة مخلصة للغاية ، لذلك تستحقين أن تشربي أي شئ تحبينه علي حسابي الشخصي .. أي شئ ...

شعرت برعدة كهربائية مع ملامسة أصابعه الخشنة ليدها الرقيقة ، لكنها كانت سعيدة في نفس الوقت ، كانت سعيدة و تريد هذا التلامس بينهما .. إنها تشعر بأن هذا الشاب ينتمي إليها أو أن جسداهما جسد واحد .. لا أدري ما هو تفسيرها لأنه خشن فظ و هي ناعمة رقيقة و كيف لهذا أن يجتمع مع ذاك و لكن هذا الشاب ذوبها بنظرة واحدة منه و جعلها أسيرته ...

ظل يتحدث طويلاً عن آماله و طموحاته و مشاريعه المستقبلية و لم تسمع هي حرف واحد ، كانت ذائبة في ملامحة و غارقة في عينيه و تائهة في فؤاده ، و علي الرغم من أن هذا يخالف مبادئها كانت تتمني لو أنه أمسك بأناملها الرقيقة و لو أنها شعرت بأصابعه الخشنه و هي تحتضن كفها و لم تمر دقائق قليلة حتي شعرت بأنامله و هي تتسلل في خفوت و تقترب من يدها ثم تحتضنها ...تضرج وجهها بدماء الخجل و الحياء و هي تقول له بصوت رقيق :-

- ما هذا الذي تفعله ؟

قال هو بثقة شديدة :-

- لا شئ ، لقد شعرت أنكِ متوترة فأمسكت بيدك حتي تشعري ببعض الثقة و الهدوء و الطمأنينة لا أكثر ...

أرادت أن تعترض و لكن إعتراضها لم يتجاوز حد عقلها .. لقد كانت تريد و تتمني ذلك ، كانت تريد حضن أصابعه الخشنة لأناملها الرقيقة ..

و إنتهي اليوم و هي تشعر كما لو أنها كانت بحلم .. لقد سمعت آلاف كلمات الإعجاب من قبل و لكن أياً منها لم تحرك بداخلها ذرة ، أما معه هو فلقد تملك كل ذرة في كيانها و دون أن ينطق حرفاً واحداً قط !

" ما الذي أصابني يا ربي ؟"

كان هذا السؤال يتردد في كل كيانها و هي تشعر أنها لم تصبح ملك نفسها كما كانت قبل أن تراه ، لقد أصبحت ملكه هو فقط ... بنظرة منه تتحرك و بتقطيبه منه تقف ، كما لو كانت بلا إرادة علي الإطلاق ...

لم تنم في ذلك اليوم و هي تتخيله في عشرات الآلاف من المواقف .. فتراه حيناً يضحك و تراه حيناً يمزح و بثالثة يمنحها نظرة رومانسية رقيقة تذوب كل كيانها في بوتقة الحب ..

حب ؟ هل ذلك الذي تشعر به هو الحب ؟ ... رغم سنواتها القليلة في الحياة إلا أنها كانت رومانسية ... رومانسية إلي درجة كبيرة للغاية ، و كانت تهوي قراءة القصص الرومانسية حتي أن مكتبتها كانت تزخر بالمئات منها .. لقد قرأت الكثير عن الحب و العشق و الهوي و الهيام .. لكنها لم تذق طعم الحب و لو لمرة واحدة في حياتها ، أجل ربما أُعجبت بممثل وسيم أو مطرب شاب أو حتي شخص جميل الوجه لمحته ذات مره في الطريق ، لكنها لم تعرف ما هو الحب ..

فهل ذلك الذي تشعر به هو الحب ؟ .. إن المشاعر التي تجتاحها الآن لا يمكن وصفها .. إنها تشعر بشوق و حنين نحوه و تتمني لو انها رأته مرة أخري ، رغم أن الساعة كانت قد جاوزت الثالثة صباحاً ، إلا أنها كانت تتمناه و تتمني رؤيته الآن و تشعر بشوق رهيب نحوه ... لم يكن يعنيها سوي أن يكون بجوارها يحدثها و يمتعها بسحر مفرداته ، لقد أدمنت نظراته نبراته ملامحه ، إنها حتي تتمني أن تتلامس أناملهما مرة أخري ، لن تنسي قط أصابعه الرجولية الخشنة التي لامست أناملها الرقيقة الطرية ، لقد حرك هذا التلامس حنين و شوق جارف إليه ، و حقق أمنيتها في أن يكونا جسداً واحداً منذ أن رأته ، لقد أدمنت كل شئ فيه .. لقد إنتزعها من واقعها و جذبها نحو عالمه دون جهد يذكر منه ...

و في اليوم التالي ذهبت إلي الجامعة و هي في قمة فتنتها و سحرها و أناقتها ، بل و لنقل في تبرجها ، فكما ترون ها هي ترتدي سروال ضيق إلي درجة غير معقولة يظهر أدق تفاصيل جسدها و فوقه قميص يبرز أنوثتها بشكل صارخ ، مع حجاب إسباني – و هو أن تضع المرأة قطعة من القماس تغطي جزء من شعرها مع ترك رقبتها و بداية صدرها عاريين ! - ، و هي التي كانت ترفضه في البداية ..

لقد كانت تريد أن تقول بصورة عملية " أنا هنا " ، فأبرزت أنوثتها بشكل غير عادٍ ، حتي أنها نالت الكثير من المعاكسات و كلمات الإعجاب في ذلك اليوم .. لكنها عبثاً لم تجده ، لم تجد ذلك الفارس الذي ذوبها بكلماته و نظراته و قربه و لمساته لها ..

كانت تشعر بأنها تحترق من الداخل .. و تدور في رأسها آلاف الإحتمالات .. فهل أصابه مكروه ؟ هل شعر بالملل من الجامعة و قرر تركها ؟ هل يتعمد عدم الحضور ؟ هل أصيب أحد أفراد أسرته بسوء ؟

مئات و آلاف الأسئلة كانت تدور بأعماقها دون أن تجد جواباً واحداً شافياً .. كل ثاية كانت تمر عليها و هي في إنتظاره بمثابة دهور ، دهور تشعر أنها تتحرق فيها آلاف المرات و الشوق يكاد أن يجهز عليها و يزهق روحها ، لأول مرة في حياتها تشعر بان الدموع تطفر من عينيها و هي في الجامعة ... اجل كانت أنثي عادية تبكي بسبب رقتها و حنانها الشديدين و لكنها لم تبكِ قط داخل الكلية ...

ذهبت إلي دورة المياه النسائية و تركت لنفسها العنان ، بكت .. بكت بحرقة و ألم و عذاب لا حدود لهما .. بكت و هي تقول" لماذا يا إلهي ؟ لماذا لا أراه اليوم و قد كان – و لا يزال – بداخلي شوق جارف لرؤيته ؟" .. كانت المسكينة متعلقة به كما لو كانت طفلة تتعلق بلعبة جديدة و لا تريد مفارقتها قط ...

مر اليوم و هي بحالة سيئة جداً .. لم تجد رغبة في تناول الطعام ، حتي أن أمها خشيت عليها و هي تري حالها بهذا السوء .. ساهمة واجمة تحبس دمعتها بالكاد حبسية غرفتها و لا تريد تناول أي شئ .. لكنها أخفت مشاعرها عن أمها وواصلت اليوم إلي أن نامت و بداخل رأسها آلاف الأفكار السوداء..

و في اليوم التالي حدث نفس الشئ ، لم تره أبداً و بكت بحرقة و ألم أشد .. و طوال الإسبوع تكرر نفس المشهد ، حتي أن جمالها الإسطوري قد بات علي شفير الخطر ، فها هي الهالات السوداء تملأ أسفل عينيها ، و العين نفسها تائهة متعبة مرهقة من قلة النوم و الدموع و أصبحت أكثر نحافة من قلة الطعام ، و لم تعد تعبأ بزينتها كما كانت تفعل طوال حياتها ، لدرجة أنها نسيت وضع ذلك العطر القوي الذي كان يدير عقول أعتي الرجال .. و ذهبت إلي الكلية ، ثم رأته ..

لم تدري ماذا تفعل ؟ فلو أنها تركت العنان لمشاعرها لركضت نحوه و ضربته ! ، ضربته لأنه غاب طوال هذه الفترة عنها دون سابق إنذار ، ثم لغابت في حضنه و ذابت بين ذراعيه .. عليها أن تعترف .. إنها تحبه ، و إن لم يكن الذي تشعر به حباً فهو إعجاب وصل إلي درجة لا يمكن تصورها أو تخيلها ...

تقدم نحوها في هدوء بارد ، و شعرت برغبتها في ضربه تنحسر و شوقها إلي إحتضانه يزداد و يزداد ، لكنها بمعجزة فائقة كبحت نفسها عن فعل ذلك .. صافحها و هو ينظر إلي جمالها الذي غاب عنه الكثير بسبب إرهاقها طوال الإسبوع الفائت ، و إبتسم في ثقة كما لو كان ذلك يعني له أمراً و قال :-

- كيف حالك ؟

فوجئت بأنها ترد في صوت خانع مستسلم و تقول :-

- أين كنت طوال كل هذه المدة ؟

إبتسم في خبث و هو يدرك مدي تأثيره عليها و قال :-

- أعتذر عن ذلك ، فلقد كانت أمي مريضة و كنت بجوارها طوال هذه الفترة

قالت في قلق حقيقي :-

- ماذا ؟ و كيف هي الآن ؟

تبسم من جزعها و قال في بطئ :-

- حمداً لله ، إنها بخير الآن و في أتم صحة ...

و سار اليوم مثل يومهما الأول ، هو يتحدث و يمسك بكفها الرقيق و هي تسمعه بأذن لا تعي و تنظر إليه بعين لا تري ، فهي بعالم آخر من الحب الخالص و العشق الصادق وسط بحر يعج بالمشاعر الحنونة ، و يجتذبها ذلك البحر إلي وسطه رويداً رويداً دون سبيل واحد للتراجع ..

قال لها : -

- ما رأيك في أن نذهب إلي الكورنيش و نجلس أمام البحر ؟

قالت بدون وعي :-

- إنها جميلة للغاية !

نظر لها بدهشة و هو يقول :-

- ما هي الجميلة للغاية ؟

قالت دون أن تعي معني كلامها :-

- أصابعك الخشنة الرجولية .. إنها حلوة و جميلة !

ثم إنتبهت إلي ما تفهوت به ، ليحمر خداها في خجل ، فإبتسم هو بإستخفاف و سحبها من ذراعها و هي تسير بجواره مثل المنومة بلا إرادة ...

كان المنظر بديع بحق ، فهذه الأمواج المتلاطمة و تلك الشمس الرائعة المشرقة بدون حرارة في الجو و ذلك الشاب الذي بجوارها ، كل هذا جعلها في سعادة ما بعدها سعادة قط ..

و قال لها الشاب :-

- تقولين أن أصابعي حلوة الملمس ؟

نظرت للأرض في حياء و هي تهمس :-

- لقد قلت ذلك بدون وعي .

نظر لها بخبث و قال :-

- حسناً ، لو كانت أصابعي حلوة ، فماذا عن هذا ؟

و بحركة سريعة ضمها إلي صدره بقوة ، حاولت الفتاة أن تبتعد عنه و لكن عضلاته القوية غلبت رقتها و حنانها ، إضافة إلي أنها كانت تريد ذلك الحضن ، و ذلك القرب ، كانت تريد أن تشتم رائحة رجولته عن قرب و تشعر بعضلاته القوية و هي تحيط بها .. كانت تشعر ببعض الحرج لأن صدرها كان يغوص بأعماق حضنه ، لكنها كانت تشعر بالفرحة بنفس الوقت .. و احست بحركات غير عادية أو بريئة من أصابعه و هو يعابث ظهرها بذلك الحضن ، لكنها كانت مثل المخدرة ، إستسلمت له دون أن تقوي علي التفوه بحرف ...

و لم يزد هو عن ذلك الحضن القوي و تلك المعابثة قبل أن ينصرفا و ذلك الشاب واثق من شئ واحد فقط ، و هو أن تلك الفتاة قد أصبحت أسيرته و أنها ملكه هو فقط و يمكنه أن يسيرها نحو هلاكها بإشارة واحدة من خنصره ..

مرت الأيام و الفتاة تتعلق به أكثر و أكثر و أكثر ، و هو يتعمد أن يشوقها إليه أكثر و أكثر و أكثر .. حتي أنها ألحت عليه كي يعطيها رقم هاتفه لكنه كان يتعلل في كل مرة بمرر واه ٍ حتي يحرمها من سماع صوته ..

كانت ترجوه – دامعه – بأن يجعلها تسمع صوته قبل أن تنام ، ليس صوته حتي ، فلو أنها طلبته و ظلت تحدثه دون أن تسمع منه حرفاً ، لكان هذا كافياً ، فيكفيها أن تستمع إلي صوت أنفاسه علي الهاتف حتي تشعر بالأمان و الطمأنينه و الهناء ...

أصبحت لقائاتهما يوميه ، حتي في عدم وجود محاضرات ، كانت تصر علي النزول من المنزل حتي تلقاه و إذا ما حدثت ظروف منعته من اللقاء كانت تصاب بإحباط رهيب ، إنها لا تنسي ذلك اليوم حينما إتفقا علي اللقاء أمام البحر ، و إنتظرته هي طويلاً دون ان يأتي .. إنتظرت ثلاث ساعات كاملة و أمطرت السماء قبل ذهابها للموعد لكنها لم تبالي و ذهبت إلي هناك و طوال الساعات الثلاث كانت الأمطار تنهال علي رأسها دون أن تجد مكان تحتمي به ، لكننها لم تتراجع .. حتي أصبحت ملابسها عبارة عن كتلة من المياه و ذهبت إلي المنزل و هالها ما رأت ، كانت كل ثيابها تقطر ماءاً ، حتي أنها تجردت من كل شئ لتجده مبلل بالماء ، حتي أن حذائها قد تشرب و تشبع بالماء و صبغ قدمها الرقيقة بلونه القاتم .. لقد كانت حالتها تدعو للرثاء ..

***

نهاية الجزء الأول








  رد مع اقتباس