عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /08-27-2022, 04:16 PM   #152

د. محمد الرمادي

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي [28] حادثة شق الصدر!

[28]

حادثة شق الصدر

من أهم أحداث مرحلة طفولته صلى الله عليه وآله وسلم:
سأتعرض لـ أهم أحداث طفولة محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب.. ابن الزهرية آمنة بنت وهب.. لما يهمنا من الإستفادة لكيفية تربية وإنشاء جيل يتحمل صعاب الحياة ليكون نافعاً لأمته ومن ثم للبشرية جمعاء..
إذ أننا نفتقد - في هذا الزمان - لمثال صالح يحتذى به وقدوة حسنة.. ومِن أهم تلك الأحداث :

[١.] : حادث شق الصدر:" ٤٩ ق.هـ ~ ٥٧٥ م " .

تمهيد :
عند تلقي أو سماع خبر ما؛ توجد طرق مختلفة في التعامل معه من حيث التصديق أو التكذيب أو الإنكار؛ أو قبول جزء أو أجزاء منه؛ أو نشره بقدر المستطاع؛ خاصة حين تتنوع وتزايد وسائل الإعلام والنشر.. وبروز منصات التواصل الإجتماعي، والتي مكنت الكثير من الكتابة.. وهناك مَن يصدق على الفور ما ينشر دون إعمال عقل أو تدبر؛ أو تحقيق وتدقيق ومراجعة علمية ومِن ثم يعمل على نشره وإن كان نص الموضوع فاسد أو باطل.. كــ
- حديث عائشة والإبرة ونور وجه الرسول..
ويوجد فريق آخر يمحصه ويفكر في متنه ويدقق في سنده ويحقق في مَن رواه؛ ويبحث عن مَن نقله أو تحدث به؛ وهناك فريق يشكك في الخبر على الفور والتو؛ وهناك فريق ينفي وقوع الخبر: إما عناداً وإما إنكاراً.. وإما مكابرة.. والأفكار المسبقة عن الآخر والصورة النمطية عن الغير وفق إيديولوجية متبناه مِن قَبل؛ كما يلاحظ عند البعض تلعب الدور الرئيس في القبول أو الرفض من حيث التعامل مع الخبر الوارد.. وهذا يظهر بوضوح عند الحديث من حيث القبول أو الرفض لحادثة شق صدر محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب صلى الله عليه وآله وسلم سواء حدثت في طفولته المبكرة أو في صباه أو عند تبليغه الوحي ونزول عليه الرسالة.. أو قبيل معراجه.
**
مدخل للمسألة :
أصل حادث شق الصدر - دون الزيادات والإضافات والتوضيحات والتفريعات - تجده ثابت في صحيح البخاري حين خرَّج أحاديث الإسراء بعد تكليفه بالنبوة مقتربا من عامه الخمسين - إذ يوجد ستة [ 6 ] أقوال في تحديد ليلة الإسراء؛ سأبحثها في موضعها -
و
تجد أصل الحادثة في صحيح مسلم حين خرَّج أحاديث متعلقة بطفولته؛ كما تجد ذلك في المسند المستخرج على صحيح مسلم لأبي نعيم الأصبهاني؛
و
عند النووي في شرحه على متن صحيح مسلم؛
و
في صحيح ابن حبان؛
و
أخبرنا به ابن إسحاق في السيرة النبوية؛
و
مِن بعده ابن هشام؛
ثم
شرح الحادثة السُهيلي في الروض الأُنف..
و
عند مسند أحمد بن حنبل
و
البحر الزخار بمسند البزار..
و
تجده في الشريعة للآجري..
و
عند أبي يعلى الموصلي؛
و
أيضا عند البيهقي في دلائل النبوة؛
و
في مستخرج أبي عوانة؛
و
فى حديث شداد بن أوس عن رجل من بنى عامر، وتجد الحديث هذا عند :
أبى يعلى
و
أبى نعيم
و
ابن عساكر؛
و
قد خرَّج الحديث البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة
و
هذا الحديث إسناده ضعيف.
ودار " الإفتاء المِصرية " كتبت تقول:" لقد شاءت إرادة الله تعالى أن يُشق صدر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم مرتين:
- أولاهما وهو صغير دون الخامسة في بادية بني سعد - وهي مسألة البحث هنا -،
و
- الثانية ليلة الإسراء والمعراج[1] - وهذه ستأتي في موضعها في البحوث إن شاء الله تعالى -... والإفتاء المِصرية أكتفت بذكر مرتين لحادث شق صدره دون التعرض للباقي.
**
المشككون:
ورغم كل هذا التخريج فقد شكك المستشرقون ومن سار خلفهم من المضبوعين بالثقافة الغربية مِن المسلمين - شككوا - في صحة هذا الخبر..
وتعدى البعض حدوده فوصمه عليه السلام بأنه كانت تنتابه نوبة من الصرع - معاذ الله تعالى وحاشا لله -..
هذا مِن جانب؛
و
من جانب آخر ومِن السادة أتباع الشيعة مَن وصف هذه الروايات بأنها خرافة:
تقرأ ذلك في " أضواء على الصحيحين "؛ لــ محمد صادق النجمي؛ ص: 236 فــ
قال:"... وهذا الحديث هو من الأحاديث الغريبة؛ مع إقرار صاحب "الأضواء" بأن الحادث قد أخرجه البخاري ومسلم(!) في كتابيهما، وتبعهما أكثر المؤرخين".
ثم
يكمل و "المفسرون اعتمدوا على أحاديث الصحيحين(!) اعتمادا كبيرا، فذكروا هذه الأسطورة في تفاسيرهم "..

ثم
يقول النجمي:" القصة تعد من قضايا التاريخ الإسلامي!؟.. ولو فرضنا أنهم -يقصد: أهل البيت - تطرقوا إليها.. فلِمَ لَمْ نر لها أثرا في أحاديثهم الصحيحة التي وصلتنا!؟ ".

ثم
أكمل النجمي:" وزد على كل ما ذكرناه، ما أقر به العلامة المجلسي - من علماء السادة الشيعة - مِن أن القصة لم تصلنا بسند موثوق ومعتبر. وهذه.. لا أصل ولا حقيقة لها[2] ". أنتهى كلام النجمي..
قلتُ (الرمادي)" سأبحث هذه المسألة في: باب الـ „شبهات” حول السيرة و „مغالطات” حول السنة.. وكذا مسألة التي تكلم البعض عنها؛ أي :"هل الشق كان حسيا أم معنويا!!؟".. وهذا ملحق خاص سأجعله - بمشيئته وعونه - في نهاية البحوث.

و
الحادثة - شق صدره [بطنه] صلى الله عليه وآله وسلم حدثت في طفولته المبكرة:


[١. ١.]: ــــ حادث شق الصدر ــــ
مِن أهم أحداث مرحلة طفولة محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب المبكرة: وتقع ضمن إرهاصات النبوة؛ ومقدمات الرسالة الخاتمة مِن مَن رفع السموات بغير عمد نراها - سبحانه وتعالى - إلى أهل الأرض ومَن عليها:
حادث شق صدره صلى الله عليه وآله وسلم؛ وقد وردت بتعبيرات عدة؛ في زمنها وحاله.. وكيفيتها ومن نزل للقيام بفعل الشق.. منها:

شق «الصدر»..
وجاء في صحيح البخاري :" فَفَرَجَ صَدْرِي[3]".. وهذا في حديث الإسراء.. وفي البحر الزخار بمسند البزار.. وأيضا رواية مسلم " فَأَخَذَهُ، فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ صَدْرَهُ، فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ ".

وجاء بتعبير شق «البطن[4]».. " فَشَقَّا بَطْنَهُ " .
فـ عند الحاكم في المستدرك على الصحيحين : اقبل" .. طَيْرَانِ أَبْيَضَانِ كَأَنَّهُمَا نَسْرَانِ ... فَشَقَّا بَطْنِي، ثُمَّ اسْتَخْرَجَا قَلْبِي فَشَقَّاهُ ".

وعند دلائل النبوة للبيهقي:" عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: " أَنَّهُ قَدْ شُقَّ بَطْنُهُ ".. ثم يحدد موضع الشق وطوله :" مِنْ عِنْدِ صَدْرِهِ إِلَى أَسْفَلِ بَطْنِهِ.." وهذه رواية عن قتادة وليس ثابت البناني.

أو شق [غسل] «القلب».. في صحيح ابن حبان:" فَشَقَّ قَلْبَهُ "،
وقال شارح صحيح البخاري: العسقلاني[5]:" قَوْلُهُ : ( فَفَرَجَ صَدْرِي ) أَيْ شَقَّهُ، وَرَجَّحَ عِيَاضٌ في الشفا :" أَنَّ شَقَّ الصَّدْرِ كَانَ وَهُوَ صَغِيرٌ عِنْدَ مُرْضِعَتِهِ حَلِيمَةَ"، وَتَعَقَّبَهُ السُّهَيْلِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ وَهُوَ الصَّوَابُ[6] "...
قلتُ (الرمادي) :" وهذا ما قالت به دار الإفتاء المِصرية؛ كما أسلفت..


و
عن حال حدوثها:
جاء في صحيح ابن حبان[7]:"أتاه جبريل- وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ[8] ".

أما
و
عن كيفيتها:" فقد جاء في صحيح ابن حبان:" فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ.."؛

و
عند الحاكم في المستدرك على الصحيحين :" فَأَضْجَعَاهُ.. "، فــ
يقول :
1.] أقبل " طَيْرَانِ أَبْيَضَانِ كَأَنَّهُمَا نَسْرَانِ ... فَأَقْبَلَا :

2.] يَبْتَدِرَانِي

3.] فَأَخَذَانِي

4.] فَبَطَحَانِي لِلْقَفَاءِ

5.] فَشَقَّا بَطْنِي،

ثُمَّ

6.] اسْتَخْرَجَا قَلْبِي

7.] فَشَقَّاهُ

8.] فَأَخْرَجَا مِنْهُ عَلَقَتَيْنِ سَوْدَاوَيْنِ "..


وهذا عن حديث عتبة بن عبدٍ السلمي أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: كيف كان أول شأنك يا رسول الله؟.. فأجابه... ولهذا الحديث شواهد الصحة والحسن.
و
عن ما استخرج من العضو:
جاء في صحيح ابن حبان؛ وايضاً رواية مسلم:" فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً،
فَقَالَ -المَلك- :" هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ،
ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ .
أما
رواية الحاكم النيسابوري :" في المستدرك على الصحيحين :" فَشَقَّا بَطْنِي، ثُمَّ اسْتَخْرَجَا قَلْبِي فَشَقَّاهُ فَأَخْرَجَا مِنْهُ عَلَقَتَيْنِ سَوْدَاوَيْنِ ".
و
عن ما وضع بدلا من تلك العلقة:
١.] جاء عند البيهقي في دلائل النبوة:" ثُمَّ مُلِئَ إِيمَانًا وَحِكْمَةً "..
٢. ] وجاء عند مجمع الزوائد[9]:" وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ -:" أَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَخْرَجَ حَشْوَةً فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَغَسَلَهَا ثُمَّ كَبَسَهَا حِكْمَةً وَنُورًا وَحِكْمَةً وَعِلْمًا "

و
عن المواد المستخدمة في حادث الشق جاء عند رواية مسلم:
١. ] بِـ " مَاءِ زَمْزَمَ " ، ثُمَّ "لأَمَهُ "، ثُمَّ "أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ".

٢. ] وايضاً رواية مسلم: " ثُمَّ غَسَلَهُ فِي " طَسْتٍ " مِنْ " ذَهَبٍ" ..
و
في رواية أبي نعيم عند ابن كثير :" فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: ائْتِنِي بِــ

٣.] مَاءٍ ثَلْجٍ فَغَسَلَا بِهِ جَوْفِي، ثُمَّ قَالَ: ائْتِنِي بِـــ

٤.] مَاءٍ بَرَدٍ فَغَسَلَا بِهِ قَلْبِي ".
السيرة النبوية والإعجاز العلمي:"
واللافت للإنتباه أنه توجد في العصر الحديث ومع التقدم العلمي الهائل بحوث جراحية طبية عن هذه المسألة سنضعها في مكانها بإذنه سبحانه وتعالى.
ومؤخراً.. ومن الناحية العلمية قام علماء جراحون بإجراء عملية فتح صدر دون تخدير بالطريقة القديمة التي كانت متبعة بواسطة وضع المريض في حوض من الثلج.. وسأبحثه في موضعه.. إن شاء سبحانه وتعالى.

**
[١. ٢.]: « مدخل لمسألة فاعل الشق في صدر محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب »:
يتكلم الدميري[10] فيقول تحت عنوان:" فائدة:
ذكر السهيلي في الروض الأُنف عن رواية ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان في بني سعد، نزل عليه :

[١. ٢. ١ .] كركيان فشق أحدهما بمنقاره جوفه، ومج الآخر في فيه بمنقاره ثلجاً، أو برداً أو نحو هذا. - وذكر الدميري ما علق به السهيلي[11]- في شرحه عن رواية أوردها ابن إسحاق بالقول :" هي « رواية غريبة[12]»".
يكمل الدميري فيقول: وفي أوائل المجالسة للدينوري، أنه " أقبل عليه صلى الله عليه وسلم – ولعل هذا وصف لمَن نزل -"

[١. ٢. ٢ .] طَيرَان أبيضان، كأنهما نسران.
وفي المستدرك للحاكم النيسابوري[13]:" [1636] ذِكْرُ شَقِّ صَدْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ [4288] - عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ " كَيْفَ كَانَ أَوَّلُ شَأْنِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ "؛
قَالَ :" كَانَتْ حَاضِنَتِي مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ فَانْطَلَقْتُ أَنَا، وَابْنٌ لَهَا فِي بَهْمٍ لَنَا، وَلَمْ نَأْخُذْ مَعَنَا زَادًا.
فَقُلْتُ: يَا أَخِي اذْهَبْ فَأْتِنَا بِزَادٍ مِنْ عِنْدِ أُمِّنَا فَانْطَلَقَ أَخِي، وَكُنْتُ عِنْدَ الْبَهْمِ،
فَأَقْبَلَ طَيْرَانِ أَبْيَضَانِ كَأَنَّهُمَا نَسْرَانِ،
فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَهُوَ هُوَ ؟،
قَالَ: نَعَمْ،
فَأَقْبَلَا يَبْتَدِرَانِي
فَأَخَذَانِي
فَبَطَحَانِي لِلْقَفَاءِ
فَشَقَّا بَطْنِي،
ثُمَّ اسْتَخْرَجَا قَلْبِي
فَشَقَّاهُ
فَأَخْرَجَا مِنْهُ عَلَقَتَيْنِ سَوْدَاوَيْنِ
فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: حِصْهُ - يَعْنِي خِطْهُ وَاخْتَتِمْ عَلَيْهِ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ،
فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اجْعَلْهُ فِي كِفَّةٍ وَاجْعَلْ أَلْفًا مِنْ أُمَّتِهِ فِي كِفَّةٍ فَإِذَا أَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْأَلْفِ فَوْقِي أُشْفِقُ أَنْ يَخِرُّوا عَلَيَّ،
فَقَالَا: لَوْ أَنَّ أُمَّتَهُ وُزِنَتْ بِهِ لِمَالَ بِهِمْ.
ثُمَّ انْطَلَقَا وَتَرَكَانِي وَفَرِقْتُ فَرَقًا شَدِيدًا " .
وذكر الحديث بطوله.
و
روى ابن أبي الدنيا وغيره، بإسناد يرفعه إلى أبي ذر رضي الله عنه، قال:
قلت:" يا رسول الله(!) كيف علمت أنك نبي؛ وبم علمت حتى استيقنت؟".
قال صلى الله عليه وآله وسلم: " يا أبا ذر أتاني :

[١. ٢. ٣ .] مَلَكَان فوقع أحدهما بالأرض، وكان الآخر بين السماء والأرض...
ثم قال أحدهما لصاحبه: شق بطنه. فشق بطني،
فأخرج قلبي،
فأخرج منه مغمز الشيطان وعلق الدم،
ثم قال أحدهما لصاحبه: اغسل بطنه غسل الإناء، واغسل قلبه غسل الملاء،
ثم قال أحدهما لصاحبه: خط بطنه، فخاط بطني، وجعل الخاتم بين كتفي كما هو الآن، وولياً عني فكأني أعاين الأمر معاينة "

[١. ٢. ٣ .١. ] وفي صحيح ابن حبان:" عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ .صلى الله عليه وآله وسلم أَتَاهُ جِبْرِيلُ : وأيضاً رواية مسلم في صحيحه ".
[١. ٢. ٤ .] وجاءت رواية: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا أَحْسَبُهُ إلَّا عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ الْكُلَاعِيِّ: جَاءَهُ " رَجُلَانِ[14] " عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ " [ابو يعلى الموصلي؛ وأيضا عند : مسند عبد بن حميد ].
[١. ٢. ٥ .] وفي رواية أبهم الفاعل:
فــعَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: " بَيْنَمَا هُوَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ إِذْ أَتَاهُ آتٍ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ بَطْنِهِ ".[15]
بحث مسألة حادثة شق الصدر :

[١. ٣.]: ابن هشام[16] يمهد ويقدم لحادثة شق الصدر بقوله عن السعدية حليمة؛ وأيضا تجد رواية اثبتها المجلسي في كتابه الأنوار[17] :
".. حَتَّى مَضَتْ سَنَتَاهُ وَفَصَلْتُهُ، وَكَانَ يَشِبُّ شَبَابًا لَا يَشِبُّهُ الْغِلْمَانُ، فَلَمْ يَبْلُغْ سَنَتَيْهِ حَتَّى كَانَ غُلَامًا جَفْرًا.
قَالَتْ : فَقَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمِّهِ وَنَحْنُ أَحْرَصُ شَيْءٍ عَلَى مُكْثِهِ فِينَا، لِمَا كُنَّا نَرَى مِنْ بَرَكَتِهِ. فَكَلَّمْنَا أُمَّهُ.. وَقُلْتُ [أي: السعدية: حليمة] لَهَا [أي: أمه: آمنة بنت وهب ]: لَوْ تَرَكْتُ بُنَيَّ [تقصد: محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب ] عِنْدِي حَتَّى يَغْلُظَ ، فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ وَبَأَ مَكَّةَ، قَالَتْ : فَلَمْ نَزَلْ بِهَا حَتَّى رَدَّتْهُ مَعَنَا [18] ".

ثم يخبرنا ابن هشام عن " حَدِيثِ الْمَلَكَيْنِ اللَّذَيْنِ شَقَّا بَطْنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ" ..
قَالَتْ [ السعدية: حليمة.] : فَرَجَعْنَا بِهِ، فَوَاَللَّهِ إنَّهُ بَعْدَ مَقْدِمِنَا ( بِهِ ) بِأَشْهُرِ :"- يحدد الذهبي المدة بالقول:" فَمَكَثَ عِنْدَنَا شَهْرَيْنِ ".

إذاً
حادثة شق الصدر وقعت للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو في بادية بني سعد كما جاء صريحاً في رواية أبي نعيم عند ابن كثير في بدايته[19] :"
و
نصها :".. قَالَ [صلى الله عليه وآله وسلم] : كَانَتْ حَاضِنَتِي مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَابْنٌ لَهَا فِي بَهْمٍ[20] لَنَا، وَلَمْ نَأْخُذْ مَعَنَا زَادًا فَقُلْتُ: يَا أَخِي[21] اذْهَبْ فَائْتِنَا بِزَادٍ مِنْ عِنْدِ أُمِّنَا[22] فَانْطَلَقَ أَخِي؛ وَمَكَثْتُ عِنْدَ الْبَهْمِ،
فَأَقْبَلَ طَائِرَانِ أَبْيَضَانِ كَأَنَّهُمَا نَسْرَانِ
فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَهْوَ هُوَ ؟؛
فَقَالَ: نَعَمْ..
فَأَقْبَلَا يَبْتَدِرَانِي؛
فَأَخَذَانِي؛
فَبَطَحَانِي لِلْقَفَا؛
فَشَقَّا بَطْنِي،
ثُمَّ اسْتَخْرَجَا قَلْبِي
فَشَقَّاهُ
فَأَخْرَجَا مِنْهُ عَلْقَتَيْنِ سَوْدَاوَيْنِ
فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: ائْتِنِي بِمَاءٍ ثَلْجٍ فَغَسَلَا بِهِ جَوْفِي،
ثُمَّ قَالَ: ائْتِنِي بِمَاءٍ بَرَدٍ فَغَسَلَا بِهِ قَلْبِي،
ثُمَّ [ رواية ابي نعيم عند ابن كثير في البداية] :قَالَ : ائْتِنِي بِالسَّكِينَةِ فَذَرَّهَا فِي قَلْبِي،
ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: حُصْهُ[23] فَحَاصَهُ، وَخَتَمَ عَلَى قَلْبِي بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ،
فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اجْعَلْهُ فِي كِفَّةٍ، وَاجْعَلْ أَلْفًا مِنْ أُمَّتِهِ فِي كِفَّةٍ فَإِذَا أَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْأَلْفِ فَوْقِي أُشْفِقُ أَنْ يَخِرَّ عَلَيِّ بَعْضُهُمْ
فَقَالَ: لَوْ أَنَّ أُمَّتَهُ وُزِنَتْ بِهِ لَمَالَ بِهِمْ ، ثُمَّ انْطَلَقَا فَتَرَكَانِي، وَفَرِقْتُ فَرَقًا شَدِيدًا، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا بِالَّذِي لَقِيتُ فَأَشْفَقَتْ أَنْ يَكُونَ قَدِ الْتُبِسَ بِي. فَقَالَتْ: أُعِيذُكَ بِاللَّهِ فَرَحَّلَتْ بَعِيرًا لَهَا، وَحَمَلَتْنِي عَلَى الرَّحْلِ، وَرَكِبَتْ خَلَفِي حَتَّى بَلَغْنَا إِلَى أُمِّي فَقَالَتْ أَدَّيْتُ أَمَانَتِي وَذِمَّتِي، وَحَدَّثَتْهَا بِالَّذِي لَقِيتْ فَلَمْ يَرُعْهَا، وَقَالَتْ : إِنِّي رَأَيْتُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ..."

قال ابن كثير:" وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ بِهِ.[24]"..[25].
يصف الذهبي[26] حال الطفل محمد مع أخيه من الرضاعة فيقول :" فَبَيْنَا هُوَ يَلْعَبُ وَأَخُوهُ خَلْفَ الْبُيُوتِ – وفي روايةٍ خَلْفَ بُيُوتِنَا - يَرْعَيَانِ بُهْمًا لَنَا"..

ثم
تلتقط خيط الرواية السعدية؛ حليمة فتقول:" إذْ أَتَانَا أَخُوهُ يَشْتَدُّ، فَقَالَ لِي وَلِأَبِيهِ: ذَاكَ أَخِي الْقُرَشِيُّ قَدْ أَخَذَهُ رَجُلَانِ؛ فَقَالَ : أَدْرِكَا أَخِي قَدْ جَاءَهُ رَجُلَانِ فَشَقَّا بَطْنَهُ، فَخَرَجْنَا نَشْتَدُّ، فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ قَائِمٌ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ، فَاعْتَنَقَهُ أَبُوهُ وَأَنَا، ثُمَّ قَالَ: مَا لَكَ يَا بُنَيَّ؟؛ قَالَ : أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَضْجَعَانِي ثُمَّ شَقَّا بَطْنِي فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا صَنَعَا، فَرَجَعْنَا بِهِ. قَالَتْ: يَقُولُ أَبُوهُ: يَا حَلِيمَةُ مَا أَرَى هَذَا الْغُلَامَ إِلَّا قَدْ أُصِيبَ، فَانْطَلِقِي فَلْنَرُدَّهُ إِلَى أَهْلِهِ. فَرَجَعْنَا بِهِ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ : مَا رَدَّكُمَا بِهِ؟؛ فَقُلْتُ: كَفَلْنَاهُ وَأَدَّيْنَا الْحَقَّ، ثُمَّ تَخَوَّفْنَا عَلَيْهِ الْأَحْدَاثَ. فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ بِكُمَا، فَأَخْبِرَانِي خَبَرَكُمَا، فَمَا زَالَتْ بِنَا حَتَّى أَخْبَرْنَاهَا. قَالَتْ: فَتَخَوَّفْتُمَا عَلَيْهِ؟؛ كَلَّا وَاللَّهِ إِنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنًا، إِنِّي حَمَلْتُ بِهِ فَلَمْ أَحْمِلْ حَمْلًا قَطُّ كَانَ أَخَفَّ مِنْهُ وَلَا أَعْظَمَ بَرَكَةً، ثُمَّ رَأَيْتُ نُورًا كَأَنَّهُ شِهَابٌ خَرَجَ مِنِّي حِينَ وَضَعْتُهُ أَضَاءَتْ لِي أَعْنَاقُ الْإِبِلِ بِبُصْرَى، ثُمَّ وَضَعْتُهُ فَمَا وَقَعَ كَمَا يَقَعُ الصِّبْيَانُ، وَقَعَ وَاضِعًا يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، دَعَاهُ، وَالْحَقَا شَأْنَكُمَا. [هَذَا حَدِيثٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ] . [27] ".

[١. ٣.]: فحاله بعد شق الصدر :

جاء عند ابن حبان في صحيحه وعند رواية مسلم:" وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ، وعند رواية مسلم:"يَعْنِي : ظِئْرَهُ - مرضعته] فَقَالُوا :

[١. ٣.]: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ ".] قَالَتْ: فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُوهُ نَحْوَهُ ، فَـ

[١. ٣.]: وَجَدْنَاهُ قَائِمًا مُنْتَقَعَا وَجْهُهُ [ابن حبان في صحيحه وعند رواية مسلم:":

[١. ٣.]:" فَاسْتَقْبَلُوهُ مُنْتَقِعَ اللَّوْنِ ".]. قَالَتْ : فَالْتَزَمْتُهُ وَالْتَزَمَهُ أَبُوهُ ، فَقُلْنَا لَهُ : مَا لَكَ يَا بُنَيَّ ، قَالَ : جَاءَنِي رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ ، فَأَضْجَعَانِي وَشَقَّا بَطْنِي ، فَالْتَمِسَا ( فِيهِ ) شَيْئًا لَا أَدْرِي مَا هُوَ . قَالَتْ : فَرَجَعْنَا ( بِهِ ) إلَى خِبَائِنَا . " [السيرة النبوية لابن هشام؛ ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاعته].
أما رواية الطبري في تاريخه يذكر حديثاً مرفوعاً (٣٧٩)؛ تختلف بعض مفرداته عن الحديث السابق نثبته.. فــ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ الْكَلاعِيِّ، أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، قَالُوا: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِكَ؟؛ قَالَ: نَعَمْ ، ... ثم قال: وَرَأَتْ أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَ لَهَا قُصُورَ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ .. ؛ ثم قال :" وَاسْتُرْضِعْتُ فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، فَبَيْنَا أَنَا مَعَ أَخٍ لِي خَلْفَ بُيُوتِنَا نَرْعَى بَهْمًا لَنَا، أَتَانِي رَجُلانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ ثَلْجًا، فَأَخَذَانِي، فَشَقَّا بَطْنِي، ثُمَّ اسْتَخْرَجَا مِنْهُ قَلْبِي، فَشَقَّاهُ فَاسْتَخْرَجَا مِنْهُ عَلَقَةً سَوْدَاءَ فَطَرَحَاهَا، ثُمَّ غَسَلا بَطْنِي وَقَلْبِي بِذَلِكَ الثَّلْجِ حَتَّى أَنْقَيَاهُ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: زِنْهُ بِعَشَرَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنَنِي بِهِمْ فَوَزَنْتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: زِنْهُ بِمِائَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنَنِي بِهِمْ فَوَزَنْتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: زِنْهُ بِأَلْفٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنَنِي بِهِمْ فَوَزَنْتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ : دَعْهُ عَنْكَ، فَلَوْ وَزَنْتَهُ بِأُمَّتِهِ لَوَزَنَهَا.".
**
أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ :
عند ابن حبان في صحيحه وعند رواية مسلم:
" قَالَ أَنَسٌ : قَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ .صلى الله عليه وآله وسلم ".[28]
تصرف السعدية حليمة بعد وصولها لموضع الطفل محمد؛ كما جاء عند مستدرك الحاكم النيسابوري:
ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا بِالَّذِي رَأَيْتُ فَأَشْفَقَتْ أَنْ يَكُونَ قَدِ الْتَبَسَ بِي فَقَالَتْ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ فَرَحَلَتْ بَعِيرًا لَهَا فَجَعَلَتْنِي عَلَى الرَّحْلِ، وَرَكَبَتْ خَلْفِي حَتَّى بَلَغْنَا أُمِّي :" فَقَالَتْ أَدَّيْتُ أَمَانَتِي وَذِمَّتِي وَحَدَّثَتْهَا بِالَّذِي لَقِيتُ"
مقولة آمنة بنت وهب للسعدية حليمة:
فَلَمْ يَرُعْهَا ذَلِكَ فَقَالَتْ : إِنِّي رَأَيْتُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ.

وقال الحاكم صاحب المستدرك:" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ ".


[١. ٤.] عدد مرات شق الصدر:
ثبت شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات[29]:

وإليك البيان:
1. ] الأول في طفولته عند حليمة ‏لنزع العلقة التي قيل له عندها:" هذا حظ الشيطان منك"، والحديث في ذلك ثابت صحيح؛ ‏أخرجه مسلم وغيره[30].
وقال الذهبي :" وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا لِيُعْرَفَ أَنَّ جِبْرِيلَ شَرَحَ صَدْرَهُ مَرَّتَيْنِ؛ وهذا ما ذكره [قال الحافظ البيهقي (70) عقب (ما روى مسلم حديث المعراج): "ويحتمل أن ذلك كان مرتين، مرةً حين كان عند مرضعته حليمة، ومرة حين كان بمكة بعدما بعث ليلة المعراج".ا.هـ.[31]]
أي : فِي صِغَرِهِ [32]؛ وهنا يعلق العسقلاني شارح صحيح البخاري فيقول:" وَمُحَصَّلُهُ أَنَّ الشَّقَّ الْأَوَّلَ كَانَ لِاسْتِعْدَادِهِ لِنَزْعِ الْعَلَقَةِ الَّتِي قِيلَ لَهُ عِنْدَهَا :" هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ "[33] .

الثانية : عند مبعثه ليتلقى ما يوحى إليه بقلب قوي في أكمل الأحوال من التطهير.. قال ‏الحافظ في الفتح عند شرحه لحديث باب المعراج من البخاري قال: وثبت شق الصدر عند ‏البعثة كما أخرجه أبو نعيم في الدلائل.‏ وقد ذكر هذه الشقة أصحاب السير[34].‏
وهذه الثانية عند الذهبي؛ والثالثة: عند الإسراء والمعراج ليتأهب للمناجاة. قال الحافظ ويحتمل أن تكون الحكمة في ‏هذا الغسل لتقع المبالغة في الإسباغ بحصول المرة الثالثة كما تقرر في شرعه صلى الله عليه وآله وسلم وقد ثبتت هذه المرة في الصحيحين وغيرهما.‏
ويؤيد هذا الكلام ما ذكره ابن حبان(71) حين قال:[35] " كما ينهي ابن حبان الحديث بصحيحه بالقول :" قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شُقَّ صَدْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وَهُوَ صَبِيٌّ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، وَأُخْرِجَ مِنْهُ الْعَلَقَةُ، وَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلا الإِسْرَاءَ بِهِ، أَمَرَ جِبْرِيلَ بِشَقِّ صَدْرِهِ ثَانِيًا، وَأَخْرَجَ قَلْبَهُ فَغَسَلَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ مَكَانَهُ مَرَّتَيْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ، وَهُمَا غَيْرُ مُتَضَادَّيْنِ . ".[36]
وقال عبدالعزيز اللمطي في نظمه قرة الأبصار في سيرة المشفع المختار :‏
وشق صدر أكرم الأنام * وهو ابن عامين وسدس العام
وشق للبعث وللإسراء * أيضاً كما قد جاء في الأنباء
روى أحمد (الفتح الرباني (20 /195)، وابن عساكر (تاريخ مدينة دمشق (: ص: 375 ، وهو من طريق أحمد نفسها) وغيرهما أن شق الصدر قد وقع له وهو ابن عشر سنين وأشهر.
وروى البخاري (الفتح(13/ 24 / ح: 3207 ) ومسلم((1 /147/ ح: 261؛ 262)) وأحمد (المسند (3/ 121؛ 149؛ 288) والحاكم (المستدرك ( 2 / 616) والترمذي (صحيح الترمذي للألباني (3 / 631 – 632 / ح: 3584) أن شقاً لصدره قد وقع له وقد تجاوز الخمسين من عمره؛ وحين أسري به إلى بيت المقدس،
وذكر الذهبي (السيرة النبوية؛ ص 49) الروايات الدالة على أن شق صدره كان مرتين:

[1. ] في صغره، و

[2. ] وقت الإسراء به.

وهناك من ذكر وقوعها مرة رابعة (انظر دلائل النبوة للبيهقي ( 2 / 6)؛ والفتح الرباني ( 20 / 195 - 1969).
وقد ختم الحافظ ابن حجر(الفتح (15 / 25 / ح: 3887) مبحثه في شق صدره صلى الله عليه وسلم وغسل قلبه بكلمة تحدد ‏واجب المسلم تجاه ما ثبت في هذا الصدد وأختم بها بحثي هذا.. قال الحافظ :" وجميع ما ‏ورد من شق الصدر واستخراج القلب وغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة مما يجب ‏التسليم له دون التعرض لصرفه عن حقيقته لصلاحية القدرة فلا يستحيل شيء من ذلك.
أما وَقْتِ الْإِسْرَاءِ بِهِ[37] . ثم يعلق هنا العسقلاني بالقول :" وَالشَّقُّ الثَّانِي كَانَ لِاسْتِعْدَادِهِ لِلتَّلَقِّي الْحَاصِلِ لَهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ[38] ". وهذا ما نميل إلى تأكيده ؛ بيد أنه :"
قَدْ رَوَى الطَّيَالِسِيُّ وَالْحَارِثُ فِي مُسْنَدَيْهِمَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ الشَّقَّ وَقَعَ مَرَّةً أُخْرَى عِنْدَ مَجِيءِ جِبْرِيلَ لَهُ بِالْوَحْيِ فِي غَارِ حِرَاءٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَمُنَاسَبَتُهُ ظَاهِرَةٌ .
وَرُوِيَ الشَّقُّ أَيْضًا وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ أَوْ نَحْوِهَا فِي قِصَّةٍ لَهُ مَعَ عَبْدِالْمُطَّلِبِ أَخْرَجَهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ . وَرُوِيَ مَرَّةً أُخْرَى خَامِسَةً وَلَا تَثْبُتُ[39].".
**
"سنه" عند: شق البطن أم شق الصدر:
حدثٌ تم زمن رضاعته صلى الله عليه وآله وسلم عند حليمه السعدية.. أو قيل ختن يوم شق قلبه الملائكة عند ظئره حليمة "
وقد سكتت بعض المصادر عن تحديد سنه صلى الله عليه وآله وسلم حين وقعت له هذه الحادثة لأول مرة[40] . هذا أولا .
أما ثانيا :"البعض الذين حددوا سنه؛ فلم يتفقوا على سن محددة:
*.] فــ
يفهم من رواية ابن إسحاق (ابن هشام (1 / 214)، وهي ضعيفة)[41] أن ذلك كان وعمره فوق الثانية بشهور؛ إذ تقول حليمة :" حَتَّى مَضَتْ سَنَتَاهُ وَفَصَلْتُهُ ،... فَلَمْ يَبْلُغْ سَنَتَيْهِ حَتَّى كَانَ غُلَامًا جَفْرًا . قَالَتْ : فَقَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمِّهِ وَنَحْنُ أَحْرَصُ شَيْءٍ عَلَى مُكْثِهِ فِينَا ، .. : فَرَجَعْنَا بِهِ، فَوَاَللَّهِ إنَّهُ بَعْدَ مَقْدِمِنَا ( بِهِ ) بِأَشْهُرِ :. "... مع أَخُيهِ لْفَي بهم لَنَا خَلْفَ بُيُوتِنَا..
وفي رواية ابن سعد ( الطبقات(1 / 112) من طريق شيخه الواقدي؛ فالرواية ضعيفة جداً)[42] : "أن القصة وقعت وللرسول أربع سنين؛ وقال بهذا ابو نعيم دلائل النبوة ( 1/ 159؛ 161)[43] "من طريق ضعيفة أيضاً.".
*.] ويذكر آخرون أنه كان في الخامسة (انظر : دلائل النبوة لأبي نعيم (1 / 162)؛ ونسب ذلك لابن عباس؛ ولم يسق لذلك سنداً؛ وذكر أن غير ابن عباس كان يقول إن إرجاع حليمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أمه بعد الحادثة كان عمره أربع سنوات )[44] ،
أو
*.] بعدها (انظر المواهب اللدنية بشرح الزرقاني (1/149 – 150)، والبداية لابن كثير (2/ 300 – 301) حيث ذكر رواية للأموي مرسلة موقوفة على ابن المسيب وضعيفة لأن بها عثمان الوقاصي؛ وهو ضعيف كما قال ابن كثير؛ ذكر الأموي أن عمره كان ست سنين.[45] .
*.] وإني أميل مع الزرقاني (في شرحه على المواهب اللدنبة (1 / 150)[46] وأرجح رواية ابن سعد في أنه كان في الرابعة؛ لأنها السن التي يمكن أن يمارس فيها رعي البهم؛ ويفهم شيئا مما يدور حوله.

و
تكررت حادثة شق الصدر مرات آخرى غير هذه التي في بادية بني سعد.
قبيل رحلة الإسراء:" ذَكَرَ الذهبي في سير أعلام حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ:" وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم :" أُتِيتُ وَأَنَا فِي أَهْلِي، فَانْطُلِقَ بِي إِلَى زَمْزَمَ فَشُرِحَ صَدْرِي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئَةٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَحُشِيَ بِهَا صَدْرِي قَالَ أَنَسٌ: وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِينَا أَثَرَهُ - فَعَرَجَ بِيَ الْمَلَكُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا" . وَذَكَرَ حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ[47] ".
تحديد سنين عمره علية صلى الله عليه وآله وسلم:" جاء عند محمد رشيد رضا ( سيدنا محمد { صلى الله عليه وسلم }):" كان أول ما شق صدره صلى الله عليه وآله وسلم في السنة الثالثة من عمره[48]، أما د. هيكل فيشكك في القصة بقوله :"في هذه الفترة وقبل أن يبلغ الثالثة تقع الرواية التي يقصونها ".[49] ..
وتقرأ في كتاب "سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم"؛ لـ رشيد رضا: وقيل: في الرابعة وذلك لتطهيره وإخراج حظ الشيطان منه[50] ، وهذا ما قال به صاحب الرحيق:"

و
في السنة الرابعة من مولده على قول المحققين وقع حادث شق صدره، ". و
وعند رشيد رضا : شق صدره صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الإسراء كما رواه البخاري.
حكمة شق الصدر:
1.] يبدو أن هذه الحادثة كانت إعلاناً لأمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والتهيئة للعصمة والوحي منذ صغره بوسائل مادية، ليكون ذلك اقرب إلى إيمان الناس به وتصديقهم برسالته .
إنها إذاً عملية تطهير معنوي؛ ولكنها اتخذت هذا الشكل المادي الحسي، ليكون فيه ذلك الإعلان الإلهي بين أبصار الناس وأسماعهم[51] .
2.] فيها بيان إعداد الله تعالى عبده ورسوله محمداً لتلقي الوحي عنه.
3.] تشير الحادثة إلى تعهد الله نبيه من مزالق الطبع الإنساني، ووساس الشيطان، وهي حصانة أضفاها الله على نبيه محمداً (مهدي رزق الله؛ ص 119)".

ـــــــــــــــــــــــــــــ
محمدفخرالدين الرمادي
**
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)







  رد مع اقتباس