عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /09-07-2024, 04:26 PM   #2

د. محمد الرمادي

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,313
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي 2 بداية قصة أول إنسان.. آدم!

2 بداية قصة أول إنسان.. آدم

لعله مِن المفيد أن أبدء الحديث عن كيفية التعامل مع الآخرين.. وهم على كل الأحوال كُثر.. وكثرتهم تعود إلى أنه عند اكتشاف الجديد في هذ الكون أو ما هو موجود فيالحياة المعاشة المرئية أو فيما يحيط بهذا الإنسان وقد يكون مخفي عنه.. عند اكتشاف الجديد : يزدادوا كماً.. ويختلفوا نوعاً.. ويتعارضوا صنفاً.. فـ المفيد أن أبدءُ الحديث عن الإنسان الأول..
ولعل الحديث عنه سهل وميسور عند اعتماد حقيقة : «„ قياس الغائب على الشاهد “ ».. فالإنسان الحالي المشاهد والمحسوس كما بينتُ في الجزء الأول السابق.. يمتلك قدرات إدراكية عالية الدقة ويستحوذ على قوى عقلية بدقة جيدة.. وعنده القدرة على الفهم والاستيعاب والمقدرة على الحفظ واسترجاع المعلومات السابقة والتي خزنها في بعض خلايا المخ.. وهذه القدرات لم يكتسبها بنفسه بل وجدت ابتداءً به.. فيه وفي تركيبته الإنسانية البشرية الآدمية الأصلية.. وبين جنبيه توجد حاجات عضوية تتطلب إشباعا حتميا تبقيه حياً وإلا هلك.. وعنده مجموعة مظاهر متعددة لـ غرائز وجدت فيه تتطلب إشباعا غير حتمي.. تمكنه من الاستمتاع بالحياة وزينتها وزخرفها.. وبقفزات سريعة متتالية تمكن من التمقعد على حضارة عالية راقية ومدنية متقدمة وعلمية متميزة.. مشهودة آثارها اليوم وفي مستقبل الإنسان سيأتي المزيد..
لذا فالإنسان الأول الغائب ملكَ من العقل والحاجات العضوية والغرائز مع فارق المستوى الحضاري والعلمي التقدمي والمدني الذي يسهل له سبل الحياة ورغد العيشة ما يملكه الإنسان الحالي المنظور.. والفارق يلاحظ بين القبائل البدائية في بعض المناطق وفي البلدان المتقدمة علميا وذات حضارة راقية ومدنية عالية..
وهنا تأتي عدة مسائل.. منها :
- مَن أوجد الإنسان الأول!؟..
فهل أوجدَ -هو- نفسَه بنفسه!
أم..
- أوجده واجد!.. وانشأه صانع.. وصنعه مبدع.. وأبدعه فاعل.. وركبه خالق.. ويصلح أن نستشهد :
.. {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم}[التين:4] ..
والإفتراضية الأولى -أوجد الإنسان نفسَه بنفسه- مستحيلة..
وليس كما يقول السذج من القوم : «„ دود المش في البلاص منه فيه “ » ..إذ تَرْك الجبن القريش على سطح بيت الفلاح تحت أشعة الشمس ليجف وتتبخر مافيه من سوائل فتقف عليه العديد من الحشرات كالذباب وتترك بيضها فوقه إثناء مدة تجفيفه ويتبقى ذلك البيض بين ثنايا الجبن وحين يوضع في البلاص يبدء في التحرك.. وتدب فيه الحياة.!
إذاً.. الإفتراضية الأولى مستحيلة أن يوجد الإنسان الأول نفسه بنفسه.. أو كما يقول سذج القوم وجهلاء العلماء أنه نتيجة تفاعلات في الطبيعة..
وعليه فمَن الذي أوجد الإنسان الأول!.
ثم تأتي معضلة مثل الأولى-تماماً- : وهي : مَن الذي أوجد المرأة الأولى!!..
إذ أن المشاهد المحسوس اليوم أنه يوجد ذكر وأنثى.. وهذا في كافة الموجودات.. وكل الكائنات..
ولماذا احتاج الإنسان الأول - ذكر- للإنسان التالي.. الثاني -المرأة: أنثى-
وأثبتُ حسب الواقع الملموس المرئي والمشاهد المحسوس الموجود أن كلاهما: -الذكر.. والأنثى- لديهما ميل جنسي طبيعي في التركيبة الأصلية لكليهما..
وتبين بوضوح تام أن نتيجة هذا الميل الطبيعي الجنسي عندهما: أن المرأة -الأنثى- قد(!) تحمل نتيجة هذا الوقاع -حسب التعبير السائد: بـ نكاح صحيح شرعي موثق قانوني.. أو سفاح فاسد باطل: زنا- وقد لا تحمل.. فـ مَن الذي سمح بحمل الأولى.. وأن تظل الثانية فتصبح عاقراً مع وجود الأجهزة الصالحة والتي تسمح بالتبويض وصلاح وكمال الرحم..
ثم مَن الذي جعل فترة الحمل عند غالبية الإناث تسع شهور.. والعلم الحديث تتبع خطوات تكوين الجنين في رحم أمه بشكل ملفت للنظر.. مع وجود مصدر بشقين موثوق به سأتحدث عنه لاحقاً!
نخلص من هذا المختصر الشديد أن الذي أوجد الإنسان الأول-بنوعيه الذكر والأنثى- فصنعه وكونه فركبه فأبدعه فخلقه -بالقطع وجزماً- له من الصفات والمميزات والخاصيات ما هو خلاف ما يملكه الإنسان الأول أو الحالي: فهذا الواجد المُنْشأ.. الصانع الفاعل.. المبدع الخالق الرازق -بالقطع- لا يأكل كالإنسان الأول أو الحالي.. ولايحتاج لماء كي يشرب.. ولا يصيبه الإرهاق فلتزمه غفوة فيحتاج أن ينام ولا يصيبه تعب أو نصب.. وبالتالي: لا يحتاج لغيره ابداً في أي شئ كان.. فلا وزير ولا نصير له ولا معين ولا مشير.. فتلك الخاصيات السابقة كلها والصفات والمميزات من خواص الإنسان الأول والحالي..
ثم إن هذا المُنشأ.. الواجد أراحنا من عناء البحث وطول التنقيب.. فذكر لنا كيف أوجد.. وأنشأ.. فابدع.. فصنع.. فخلق الإنسان الأول: فــ
أولاً:
قصة آدم في القرآن الكريم وما نطق به فجاء في الذكر الحكيم كبقية القصص -عدا قصة الصديق يوسف-.. فقصة آدم ترد في أكثر من موضع على هيئة مشاهد ولقطات يتكرر بعضها.. والبعض الآخر لا يتكرر.. وقد كان هذا التكرار معجزًا.. ففي كل موضع تُعرض القصة بأسلوب يناسب سرد السورة وجوها العام.. أو مناخ الفقرة المعروضة بها علاوة على مشهد أو لقطة أو جزئية يتفرد بها كل عرض مكرر.. وكل مشهد أو لقطة غير مكررة لا تناسب إلا الموضع الذي ذكرت فيه .
فــ القصة في :
- سورة البقرة كان محورها استخلاف آدم في الأرض.. لأن موضوع السورة كلها الخلافة : خلافة آدم.. خلافة بني إسرائيل.. ثم خلافة المسلمين.. ( تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة )
- أما في سورة الأعراف فالقصة تعرض في إطار ومشاهد قصة البشرية الطويلة من الجنة وإليها.. ودور إبليس في ذلك.. ففريق من الناس يعود إلى الجنة التي أخرج الشيطان أبويهم منها.. وفريق ينتكس إلى النار..و
أما في :
- سورة الإسراء فمحور الرواية وسبب ذكرها هو التخويف فقد ذكر قبلها { وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً } [ الإسراء : 59 ].. لذلك كان مناسبًا عند ذكر حوار المولى -عزَّ وجلَّ- مع إبليس أن يقول تعالى : { وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً } [ الإسراء : 64 ]..
وقس على ذلك سائر المواضع.. وتلكم المشاهد..
ولكن هناك ألوان أخرى من الإعجاز في هذه القصة لا ندركها إلا بمقارنة ما ورد من آيات(!) قصصية في القرآن الكريم وما ورد في كتب أهل الكتاب.. فبضدها تتميز الأشياء.. سواء منها ما يُتَعبَّد به كالتوراة أو ما ورد في المخطوطات المكتشفة حديثًا وكذلك النصوص المخفية.. وهذا بحث آخر قادم بإذنه تعالى..
-*/*-
بدء في محكم كتابه العزيز بالتصريح باسمه العلي الذي لم يتسمَ به أحد غيره فجاء المقطع الأول من المشهد الأول بالقول:
- {إِنَّ اللّهَ}
وجاء التصريح باختياره فقال : {اصْطَفَى آدَمَ}
وهذا هو المشهد الأول..
فبدء به ..
ثم جاء المشهد الثاني بقوله :
- {عَلَى الْعَالَمِين}
ثم جاء المشهد الثالث في نفس السياق بقوله :
- {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ} :
فأثبت من بداية الخلق وجود ذرية : أبناء وأحفاد.. مع ذكر بقية مَن تم اصطفاؤهم واختيارهم واجتباؤهم فقال :
- {وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِين}
ولحكمة قد نغفل عنها تم خلق الإنسان الأول :" آدَمُ ".. على مراحل :
وإليك ترتيب مراحل الخلق وإيجاد: آدم: فـ
إنها بدأت بـ :
1.] " التراب "،
فَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ - جَلَّ وَعَلَا - أَوْضَحَ فِي كِتَابِهِ أَطْوَارَ هَذَا الطِّينِ الَّذِي خَلَقَ مِنْهُ آدَمَ.. فَبَيَّنَ أَنَّهُ أَوَّلًا تُرَابٌ بِقَوْلِهِ :
{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن «„ تُرَابٍ “ » ؛ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُون}[آل عمران:59]
ثم يؤكد المعني بقوله: .. {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن «„ تُرَابٍ “ »}..
ثم يبين علامة من العديد من علامات وجوده الأزلي بقوله : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن «„ تُرَابٍ “ »}..
ثم حكم على جميع أفراد هذا الجنس البشري مع ذكر اسمه العلي الذي تفرد به بقوله .. {وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن «„تُرَابٍ “ » .. ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِير}[فاطر:11]
.. .ثم يزيد في تأكيد المعنى السابق بقوله: . {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن «„تُرَابٍ“ »}
ثم يؤكد المعنى من خلال محاورة بين طرفين من نفس الجنس ذاته بقوله : .. {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن «„تُرَابٍ“ » ؛ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً}[الكهف:37]
..
.. ثُمَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ التُّرَابَ بُلَّ فَصَارَ طِينًا يَعْلَقُ بِالْأَيْدِي فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ
إذ قد أضيف إليه" الماء " فصار :
2.] " طيناً "..
{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن «„ طِين“ »}[السجدة:7]
ثم يخبر عن قضية الخلق والإيجاد بقوله.. {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن «„طِينٍ“ » .. ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُون}[الأنعام:2] ..
ثم يزيد القضية وضوحاً بقوله : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن «„طِين“ »}[المؤمنون:12]
ثم يأتي موضع الاستشهاد بقوله : .. {فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ «„لاَّزِب“ »}[الصافات:11]
..ثم يأتي وضوح تام عند بداية الخلق وبدء التكوين بقوله : .. {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن «„طِين“ »}[ص:71]
..
ويأتي مشهد من مشاهد بدايات الخلق .. {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ }.. فـ .. جاء على لسان إبليس اللعين:..{قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن «„طِين»}[الأعراف:12]
وفي نفس السياق وفي نفس المشهد : {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ «„طِينًا“ »}[الإسراء:61]
ثم يزداد المشهد وضوحاً بقوله : .. {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن «„طِين“ »}[ص:76]
..
..
ثم صار هذا الطين
3.] " حمأ مسنوناً " أي : طين أسود متغير.. فجاء الحديث في مشهد جديد في عملية الخلق والإيجاد:
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن «„صَلْصَالٍ “ » مِّنْ «„حَمَإٍ مَّسْنُون“ »}[الحِجر:26]
{وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُوم}[الحِجر:27]
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن «„صَلْصَالٍ“ » مِّنْ «„حَمَإٍ مَّسْنُون“ »}[الحِجر:28]..
ويتدخل طرف حاسد حاقد :" {قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن «„صَلْصَالٍ“ » مِّنْ «„حَمَإٍ مَّسْنُون“ »}[الحِجر:33]
وَالْمَسْنُونُ قِيلَ : الْمُصَوَّرُ مِنْ سَنَّةِ الْوَجْهِ وَهِيَ صُورَتُهُ.. وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
تُرِيكَ سَنَّةَ وَجْهٍ غَيْرَ مُقْرِفَةٍ * مَلْسَاءَ لَيْسَ بِهَا خَالٌ وَلَا نَدَبُ
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ لَمَّا سَأَلَهُ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ عَنْ مَعْنَى الْمَسْنُونِ.. وَأَجَابَهُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ الْمُصَوَّرُ..
قَالَ لَهُ : وَهَلْ تَعْرِفُ الْعَرَبَ ذَلِكَ ؟..
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ:نَعَمْ.. أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ يَمْدَحُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
أَغَرٌّ كَأَنَّ الْبَدْرَ سَنَّةُ وَجْهِهِ * جَلَا الْغَيْمُ عَنْهُ ضَوْءَهُ فَتَبَدَّدَا
وَقِيلَ الْمَسْنُونُ الْمَصْبُوبُ الْمُفْرَغُ أَيْ أُفْرِغَ صُورَةَ إِنْسَانٍ كَمَا تُفْرَغُ الصُّوَرُ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُذَوَّبَةِ فِي أَمْثِلَتِهَا..
وَقِيلَ : الْمَسْنُونُ الْمُنْتِنُ ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : الْمَسْنُونُ الْأَمْلَسُ..
فلما يبس هذا الطين - من غير أن تمسه النار - صار
4.] " صلصالاً " - والصلصال هو الطين اليابس لم تمسه نار،
إذاً..
الصَّلْصَالُ الطِّينُ الْيَابِسُ الَّذِي يَصِلُ.. أَيْ يُصَوِّتُ مِنْ يُبْسِهِ إِذَا ضَرَبَهُ شَيْءٌ مَا دَامَ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ.. فَإِذَا مَسَّتْهُ النَّارُ فَهُوَ حِينَئِذٍ فَخَّارٌ
{خَلَقَ الإِنسَانَ مِن «„صَلْصَالٍ“ » كَــ «„الْفَخَّار“ »}[الرحمن:14]
ثم
5. ] نفخ الله سبحانه وتعالى، في مادة الخلق هذه من روحه.. فصار هذا المخلوق بشراً، وهو آدم عليه السلام .
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُون}[الحِجر:26]
{وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُوم}[الحِجر:27]
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُون}[الحِجر:28]
* .) ] : ثم جاء التكريم والتبجيل:
فقد
1. ] خلق الله آدم بيده.
2. ] ونفخ فيه من روحه
3. ] وعلم آدم جميع الأسماء :
{وَعَلَّمَ آدَمَ «„الأَسْمَاء“ »..«„كُلَّهَا“ ».. ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِين}[البقرة:31]
4. ] - وأسجد له ملائكته
5.] وقد خلق الله آدم.. وخلق منه زوجته وجعل من نسلهما الرجال والنساء كما قال سبحانه : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء ) النساء/1 .
-
6.] ثم أسكن الله آدم وزوجه الجنة امتحاناً لهما فأمرهما بالأكل من ثمار الجنة ونهاهما عن شجرة واحدة : ( وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ) البقرة/35 .
- التفخيم
{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَــ «„قَعُوا لَهُ سَاجِدِين“ »}[ص:72]
{فَــ«„سَجَدَ“ »الْمَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُون}[ص:73]
{إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِين}[ص:74]
والإكرام والتعظيم:
- {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن «„تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ“ » أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِين}[ص:75]
.. {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَـ «„ قَعُواْ لَهُ سَاجِدِين“ »}[الحِجر:29]
{فَــ «„سَجَدَ“ » الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُون}[الحِجر:30]
{إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِين}[الحِجر:31]
{قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِين}[الحِجر:32]
{قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُون}[الحِجر:33]
..
.. ثانياً :
مما لا شك فيه أن الله-تعالى لا يقدِّر شيئاً ولا يخلقه ولا يشرعه إلا لِحكَمٍ بالغةٍ.. فهو الحكيم -سبحانه وتعالى- .. وهذا من اسمائه الحسنى وصفاته العلى.. فـ من صفاته الحكمة ، لكنَّه -تعالى- لم يُطلعْ خلقه على حكَمِ كل ما شاءه أو اراده أو شرعه أو أوجده.. والشريعةُ الغراء والمنهاج الأبلج يأتيا بما تحار به عقول الأذكياء وأذهان الفهماء.. لا بما تحيله عقولهم.. أو أذهانهم..
والسادة العلماء حاولوا تلمس الحكَم فيما لم يطلعهم الحكيم الخبير العليم.. ربهم -تعالى- على حكَمه..
فمنه ما استطاعوا الكلام فيه.. بقدراتهم العقلية ومداركهم الفهمية..
ومنه ما عجزوا عنه.. لنقص الإدراك وضعف الإفهام.. وما زالوا يحاولون.. وفي كل الحالات سلَّموا الأمر لله -تعالى- أنه هو الحكيم في خلقه والخبير العليم بـ شرعه.. وإن كانت المسائل شرعية بادروا لفعل الأمر.. والكف عن فعل النهي.. وهذا هو مقتضى العبودية.. وعلو قدر وصحة العبادة..
والمسلم يعتقد جازماً ويؤمن صادقاً أن أمر الله -تعالى- للشيء مهما بلغت عظمته إذا أراد خلقه وإيجاده أن يقول له " كن " فيكون.. فأمره بين الكاف والنون.. كما جاء ذلك في مثل قوله تعالى ﴿أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ.. إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ «„كُنْ“ » فَيَكُونُ﴾ [يس/81 ، 82]..
وتأمل أيها المؤمن الصادق والمسلم الناصح الواعي.. تأمل هاتين الآيتين فإنهما في سياق خلق السموات والأرض وخلق البشر.. فليس يعجزه - سبحانه - خلق.. دون خلق.. وإيجاد شئ دون آخر.. فإذا شاء وجوده قال له «„كن“ » فيكون.. فإذا أخبرنا الخالق المبدع المصور المنشأ أنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام فلا شك أن في ذلك حكماً عظيمة
.. وهكذا خلق-سبحانه وتعالى ذكره- أبينا آدم -عليه السلام- فهو قادر -سبحانه عزَّ وجلَّ- أن يوجده بكلمة «„كن“ » .. لكنه -تعالى- شاء أن يخلقه -آدم- في أطوار.. ولا شك أن في ذلك حكماً جليلة .
ويمكن استنباط عدة حِكم من ذلك :
1. ] أن الله -تعالى- خلقه من التراب والطين لإظهار عظيم قدرته .
والمقصود من ذكر هذه الأشياء : التنبيه على عجيب صنع الله -تعالى- إذ أخرج من هذه الحالة المهينة نوعاً هو سيد أنواع عالم المادة ذات الحياة .
[انظر: " التحرير والتنوير " ( 14 / 42 ) ].
2. ] ولاختلاف حال الخلق اختلف أصل خلقتهم.. فكان خلْقُه -تعالى- للملائكة من نور .. وخلْقُه للشياطين من نار.. وخلقه لآدم من تراب.. ومنه يُعلم أنه لما كان حال أولئك الخلق مختلفاً : كان أصل خِلقتهم مختلفاً.. فـ
- لما كان الملائكة للعبادة والتسبيح والطاعة : ناسب أن يكون خلقهم من نور.. و
- لما كان حال الشياطين للوسوسة والكيد والفتنة : ناسب أن يكون خلقهم من نار.. و
- لما كان الإنسان معمِّراً للأرض وفيه سهولة وليونة وصعوبة وشدة وطيب وخبث : ناسب أن يكون خلقه من مادة تحوي ذلك كله.. فــ
النار شيء واحد.. والنور شيء واحد.. لكن التراب يختلف من مكان لآخر.. وهذا هو حال الإنسان.. وهو ما بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله : «„إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ.. فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ.. جَاءَ مِنْهُمْ الأَحْمَرُ.. وَالأَبْيَضُ.. وَالْأَسْوَدُ.. وَبَيْنَ ذَلِكَ.. وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ.. وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ.. وَبَيْنَ ذَلِكَ)
[رواه الترمذي (2955) وأبو داود (4693) وصححه الترمذي والألباني في "صحيح الترمذي" ].
ثم قال المباركفوري -رحمه الله- : قال الطيبي : لمَّا كانت الأوصاف الأربعة ظاهرة في الإنسان والأرض : أجريت على حقيقتها.. وأُولت الأربعة الأخيرة لأنها من الأخلاق الباطنة.. فإن المعنى بالسهل : الرفق واللين.. وبالحزن : الخرق والعنف.. وبالطيب الذي يعني به الأرض العذبة : المؤمن الذي هو نفع كله.. وبالخبيث الذي يراد به الأرض السبخة : الكافر الذي هو ضر كله .
[راجع: " تحفة الأحوذي " ( 8 / 234 ) ].
3 .] ومن أعظم الحكَم :
أن الله -تعالى- أراد تمييز آدم عن جميع خلقه بأن يخلقه بيده الكريمة مباشرة.. وهذا لا يكون إذا كان خلقه من العدم.. فــ :
- الملائكة و
- الجن مخلوقون من العدم.. ولا يقال فيهم إنه خلقهم بيده.. قال الله -تعالى- : ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾ [ ص/75].. وعندما يأتي الناس إلى أبيهم آدم -عليه السلام- للشفاعة للفصل بين الناس يقولون : «„يَا آدَمُ!.. أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ.. خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ.. وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ.. وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ.. وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّة.. أَلَا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ.. أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا..)
[رواه البخاري (3162) ومسلم (194) ].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : وإنما ذكروا ذلك له من النعَم التي خصه الله بها من بين المخلوقين دون التي شورك فيها.. فهذا بيان واضح.. دليل على فضله على سائر الخلق .
[انظر: " مجموع الفتاوى " (4/366) ].
ولمثل هذا الإكرام كان خلق آدم أعجب من خلق السيد المسيح ابن مريم العذراء البتول -عليهما السلام-.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : وكان خلْق آدم وحواء أعجب من خلق المسيح.. فإن حواء خُلقت من ضلع آدم.. وهذا أعجب من خلق المسيح في بطن مريم.. وخلْق آدم أعجب من هذا وهذا.. وهو أصل خلق حواء .
[راجع: " الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح " (4/55) ].
وأخيراً وليس آخراً..
حكمة الله -تعالى- أعظم وأجل من أن تحيط بها عقول البشر .. وأفهام الناس ومدارك ما خلقهم..

--*/--
القسم الأول من قصة أبي البشر وأول إنسان.. سيدنا آدم عليه السلام..
21 أغسطس 2024م~16 صفر 1446 هـ.







  رد مع اقتباس