حركة الاصلاحية في الجزيرة العربية
&&&&&
أراد محمد علي و أبنه ابراهيم ان يسيطر على البلاد العربية تمهيدا ً لإقامة امبراطورية عربية واسعة , و كان الابن أكثر أكثر تفهما ً لهذه الحركة من أبية محمد علي اأنه كان أكثر إدراكا ً للوعي العربي العام , و لذلك حبت نفسه الى الاستيلاء على الجزيرة العربية و القضاء على حركة الوهابية التي قام بها أحد زعماء الاصلاح الديني في الجزيرة و هو
({محمد بن عبدالوهاب})
و محمد بن عبد الوهاب بن سليمان هذا هو فقية مصلح من بني تمام ولد في سنة / 1115h-1703m في العيينة من بلاد نجد و كان ذكيا ً ألمعيا ً درس مبادىء العلوم الدينية في بلده على شيوخه ثم رحل الى الحجاز و سكن ا المدينة المنورة فقرأ على شيوخها ثم انتقل ال العراق و سكن البصرة فآذاه بعض أهلها و رجع الى نجد فسكن في حريملة فترة ثم رجع الى مسقط رأسه يبشر بدعوة الاصلاح الديني التي إتآها و يعمل على تطهير الدين
و يدعو الى مذهب الإمام حنبل و يحرض على قراءة كتب المجتهد أحمد بن تيمية , و قد آزره أول الأمر في دعوته هذه أمير العيينة عثمان بن حمد بن معمر ثم خذله فقصد الى الدرعية في سنة / 1157h فرحب به أميرها محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن فرحان بن ابراهيم الذهلي الشيباني
و آزره لما كان بينه و بين أمير عيينة من التنافس , و في الدرعية كثر مريدوه , و لما مات محمد بن سعود سنة /1179h-1765 mو خلفه أبنه عبدالعزيز , قوي سلطان ابن عبد الوهاب لحب الأمير إياه و إخلاصه في تقبل دعوة الاصلاح التي دعا اليها ابن عبدالوهاب , و لما مات عبدالعزيز سنة / 1218h-1803 mوخلفه أبنه سعود الثاني المعروف بالكبير اتفق هو و الشيخ على نشر الدعوة بالسيف فاتسع نطاقها و عمت جميع شرق الجزيرة العربية و اليمن و الحجاز الى ان مات ابن عبدالوهاب سنة /1206h-1792m في الدرعية فخلفه أبنه و قويت الصلات بين
آل عبدالوهاب و آل سعود طوال العصر و ما يزال أبناء عبدالوهاب حتى أيامنا هذه معروفين بآل الشيخ و لهم لدى الملوك السعوديين أعظم المكانة
و لما عضمت مكانة السعوديين الوهابيين السياسية و امتد سلطانهم ذلك الامتداد الواسع خافت الدولة العثمانية منهم و خصونا ً في أيام سعود الكبير , بعد استيلائهم على الأماكن المقدسة و زحفهم على النجف و بغداد
و دمشق , فعهدت الى أمير مصر محمد علي بمحاربتهم و صادف ذلك هوى من نفس محمد علي فجيش جيشا ً ضخما ً و بعث به , على رأسه أحد ابنائه طوسون , فزحف على المدينة المنورة و لكن السعوديين تمكنوا من الفتك بالجيش , و لم ينجح طوسون إلا بأعجوبة فجمع قواته من جديد
و زحف على المدينة فاستولى عليها ستة /1228h-1812 mو لكن السعوديين ظلوا يناوئونه حتى توفي سنة / 1229h-1814h فخلفه أبنه عبدالله و كان مثل أبيه نجدة و شجاعة , و قد استمرت الحرب بينه و بين محمد علي فترة طوياة , حتى عهد محمد علي الى أبنه ابراهيم , فهاجم بلاد القصيم و أخرج السعوديين منها ثم اظطرهم الى الاحتماء بعاصمتهم الدرعية , و ما زال محاصرا ً لها حتى استسلم له أميرها عبدالله في أيلول سنة / 1818m فساقه أسيرا ً الى الاستانة حيث قتله السلطان سنة /1243h-1818m و هدم مدينة الدرعية و أقام في نجد أميرا ً من قبله
و أعاد بلاد الحجاز الى الأشراف الذين كان السعوديون قد أقصوهم عنه ثم حاول الاستيلاء على بلاد عسير فلم يتمكن و استمرت حروبه في الجزيرة منذ سنة /1825m الى سنة / 1837m و لما احتل الانكليز بلاد عدن في سنة /1839m رأى ان يتخلى عن مطامعه في جزيرة العرب و يسلم المدينتين المقدستين المدينة و مكة الى الباب العالي
و لما ضعف سلطان محمد علي في الجزيرة , لمع نجم أحد امراء السعوديين في نجد و هو تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود في الرياض
و كان تركي هذا رجلا ً قويا ً ذا شكيمة فاتخذ الرياض عاصمة له و أعاد للسعوديين عزتهم و وطد احترام دولتهم فلما قتل سنة /1249h -1832m خلفه أبنه فيصل و كان فتى حازما ً كثير المطامع مؤمنا ً بقوميته و دينه عاملا ً على تطهير بلاده و سائر الجزيرة من الخلاء و الأجانب , فشمر عن ساعده و ثار على قاتل أبيه مشاري بن عبدالرحمن فقتله , ثم انصرف الى محارة جنود محمد علي المصريين محاره عنيفة , و لكنهم استطاعوا بمعونة ابن عمه خالد بن سعود ان يفلو من حده و يأسروه , فجيء به الى مصر في سنة /1255h– 1848m فأقام أسيرا ً سجينا ً الى سنة /1259h ثم فر من سجنه و عاد الى نجد و دانت له البلاد الى ان توفي في الرياض سنة /1282h-1865m فخلفه سعود بن فيصل بن تركي فترة قصيرة
و خلع منها في سنة /1287 h, و في أيام سعود تفرقت الديار النجدية الى إمـارات صغيرة , و ضعف شأن السعوديين فكان بلد الخرج تحت سيطرة ثنيان بن عبدالله بن ثنيان , وكانت بلاد الاحساء و القطيف و قطر
و البحرين و عمان تحت سيطرة عبدالله بن ثنيان , و كانت بلاد العارض تحت نفوذ سعود بن جلوي بن تركي , و بلاد الفرع و ما اليها تحت سلطان فهد ابن حنيتان بن ثنيان , و مدينة الرياض تحت نفوذ عبدالرحمن بن فيصل و قد ظلت هذه الحاله الى ان كانت سنة /1292h - 1875m , ففيها مات سعود بن فيصل و تمكن الامير محمد بن الرشيد الشمري أمير حائل في شمالي نجد من الاستيلاء على أكثر ملك آل سعود , و في سنة /1305h تمكن من الاستيلاء على الرياض عاصمتهم و امتد سلطانه على نجد كله فخضع له , و ظل على ذلك الى ان مات سنة /1314h-1896m
و لا شك في أن الحركة الوهابية كانت بذره من بذرات القومية العربية
و عاملا ً من عوامل إيقاظ الوعي الوطني الديني الساعي الى تطهير النفس العربية مما علق بها من أوضار الماضي و جهالات الاستعمار الأجنبي الذي أفسد كل شيء في دنيا العرب , وحاول ان يطمس نور الحقيقة
و الايمان , ويقضي على الحيوية العربية , في البلاد العربية عامة
و جزيرة العرب خاصة , ولكن ظهور الدعوة الوهابية بما اشتملت عليه من تحريض على الجهاد , و تطهير للنفوس , و إذكاء للوعي بصفة عامة قد أيقظ العرب من سباتهم , و أثار فيهم الوعي القومي العربي و إن لم تكن هذه الإثارة مقصودة بذاته