عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /06-14-2008, 08:22 PM   #1

همسة دلع
 

 رقم العضوية : 4199
 تاريخ التسجيل : Jun 2008
 العمر : 33
 المكان : المنصوره
 المشاركات : 26
 النقاط : همسة دلع will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

همسة دلع غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي الشفعاء عند الله تعالى

الشفعاء عند الله تعالى

- عباد الرحمن
- الشهيد
- قارئ القرآن
- المصلي على الجنازة
- شفاعة القرآن
- شفاعة سورتي البقرة وآل عمران
- شفاعة سورة الملك
- شفاعة الأذان
- شفاعة الصيام

عباد الرحمن

أخرج مسلم في صحيحه حديثاً مطولاً في الشفاعة رواه أبو سعيد الخدري جاء فيه:
"يقول الله عز وجل: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط.

****
الشفاعة عند الله تعالى ليست كالشفاعة عند البشر، فالله تعالى لا يشفعه أحد فلا يضم إلى شيء ولا يضم إليه شيء، فهو سبحانه وتر، ولا يشفع عند الله أحد إلا بإذنه، وقبول الشفاعة تكريم من الله تعالى للشفعاء وبيان لحسن منزلتهم عند الله تعالى، فالشفاعة ابتداء وانتهاء لله عز وجل، قال سبحانه:
"قل لله الشفاعة جميعاً له ملك السموات والأرض ثم إليه ترجعون" (سورة الزمر آية 44).
والشفعاء عند الله هم الملائكة والنبيون والمؤمنون،
وتبدأ شفاعة هؤلاء بعد أن يتحمل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الشفاعة العظمى كي يبدأ فصل الخطاب بين الخلائق، فيكون هذا النبي العظيم أول شافع أي طالب للشفاعة وأول مشفع أي مقبول الشفاعة.. وتتوالى الشفاعات بعد ذلك، كل فيما يحب ربنا ويرضى..

الملائكة تشفع للمؤمنين الصالحين،
والأنبياء يشفعون في أقوامهم،
والمؤمنون يشفع بعضهم لبعض..

وإذا انتهى هؤلاء جميعاً من شفاعاتهم التي ارتضاها الله عز وجل وأذن لهم فيها تظل في جهنم طوائف من الخلائق لم تنلهم شفاعة الشافعين، وهذه الطوائف من المؤمنين إلا أن إيمانهم ويقينهم تجرد عن العمل الصالح، فاستحقوا أحقاباً يقضونها في النار..
هؤلاء المؤمنون الذين لم يعملوا خيراً قط، ولم تشملهم شفاعة الشافعين..
تتداركهم في النهاية رحمة الله عز وجل فيخرجون من النار ويدخلون الجنة
ويعرفون بين أهل الجنة بأنهم عتقاء الله..

إن ميزان العدل الإلهي دقيق، لا يظلم مثقال ذرة، وليس من حق أحد أن يهون من أمر المعصية اتكالاً على الشفاعة، فإن الشفاعة ليست خاضعة لأهواء البشر، ولا تنفي العذاب المؤقت، ولا تعني الفوز بالجنة ابتداء لكل أحد..

فالحديث الشريف الذي معنا يثبت أن هؤلاء العتقاء قد قضوا في النار أحقاباً كثيرة حتى تداركتهم رحمة الرحمن..

*****

شفاعة الشهيد

أخرج أبو داود وابن حبان بإسنادهما عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته" .

******
للشهيد منزلة رفيعة في الإسلام،
فهو إنسان قدم نفسه فداء لدينه وأمته.
وقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ودافع عن العرض والكرامة حتى قتل..
وقد جعل الله الشهيد في أعلى درجات الجنة،
وامتن عليه بنعم مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر،
وخصه بحياة برزخية متميزة،
قال تعالى:
"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون.
فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم
ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون. يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين" (سورة آل عمران الآيات 169- 171)

ولعظم هذه المنزلة قال عليه الصلاة والسلام:
"والذي نفسي بيده لوددت أن أقاتل في سبيل الله، فأقتل ثم أحيا فأقتل ثم أحيا فأقتل" .
.
ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم يؤثرون الجهاد على كل متع الحياة، حتى لقد خرج أحدهم ليلة عرسه لما سمع النداء بالجهاد فمات شهيداً فغسلته الملائكة..
والشهيد مقدم عند الله تعالى وله شفاعة مقبولة في أهله الذين جمعهم به الإيمان وشملتهم كلمة التوحيد.. وفي حديث رواه أحمد بإسناد حسن عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن للشهيد عند الله سبع خصال:
أن يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة ويحلى حلة الإيمان ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه.
وهذه الشفاعة للشهيد هي في إطارها الشرعي، فهي بإذن الله ولمن رضي الله عنه، وهي خاصة بجماعة المؤمنين..
قال تعالى:
"من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه.." (سورة البقرة)
وقال جل شأنه:
"يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون" (سورة الأنبياء آية 28).

*****

شفاعة قارئ القرآن



أخرج الترمذي وابن ماجة بإسنادهما
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ القرآن فاستظهره،
فأحل حلاله وحرم حرامه أدخله الله به الجنة
وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت لهم النار..

*****
من معالم الحياة الإسلامية حفظ القرآن وتحفيظه،
كي تتواصل سلسلة المتواترة بنقل القرآن المجيد
في أجيال الأمة سليماً من التحريف، بعيداً عن التبديل والتغيير،
تحقيقاً لوعد الله في قوله عز وجل:
"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" (سورة الحجر آية 9).

ثم إن الأمة ترتهن سعادتها في الأولى والآخرة الولاء لهذا الكتاب الخالد فهو ذكرها وشرفها، قال تعالى:
"وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون" (سورة الزخرف آية 44).
وقال جل شأنه:
"لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون" (سورة الأنبياء آية 10).


وقارئ القرآن العامل به، الملتزم بأحكامه،
المعتز بدينه، له منزلة رفيعة عند الله عز وجل،
فهو يدخل الجنة مكرماً،
ويعلو في درجاتها بقدر ما يحفظ،
ففي حديث رواه أبو داود وابن حبان والترمذي وقال حسن صحيح ..
قال عليه الصلاة والسلام:
"يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا
فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها".

ومن تكريم الله تعالى لقارئ القرآن أن يمنحه شفاعة مقبولة
لجماعة من أهل بيته كلهم قد وجبت لهم النار..
أي أنهم ارتكبوا معاصي يترتب عليها وعيد إلهي،
لكن هذه المعاصي لم تخرجهم عن دائرة الإيمان،
فإن الكافر مخلد في جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ..
أما العاصي فيستحق العذاب بقدر معصيته
ثم قد يعذب عذاباً مؤقتاً وقد يعفو الله عز وجل لحكمة يعلمها..
هنا يأتي قارئ القرآن المستظهر له أي الحافظ لآياته،
والذي يحل حلاله ويحرم حرامه أي الملتزم بالأحكام الشرعية،
فيشفع في عشرة من أهله بعد أن يأذن الله ويرضى،
وتكون هذه الشفاعة مقبولة إما بالعفو المطلق
وإما بإخراجهم من العذاب المؤقت،
وذلك على سبيل التكريم لحملة القرآن والإعلاء لشأنهم..


شفاعة المصلين على الجنازة

أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة رضي الله عنها
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"ما من ميت تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة،
كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه..

****
للمسلم حقوق على مجتمعه حياً وميتاً،
وكرامة الإنسان في حال موته ككرامته في حال حياته..
وإذا كان الناس يستقبلون الإنسان الوليد بفرح غامر
فإنه يجب عليهم توديعه في نهاية حياته بدعاء خالص..
وقد شرع الإسلام صلاة الجنازة على الميت،
وهي أربع تكبيرات بلا ركوع ولا سجود،
يقرأ عقب التكبيرة الأولى سورة الفاتحة،
ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عقب الثانية،
ويدعو للميت عقب الثالثة،
ثم يقول في الرابعة:
اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله، ثم يسلم..

وللصلاة على الجنازة وتشييعها فضل كبير،
وفي صحيح مسلم بسنده عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من شهد الجنازة حتى يصلى عليها، فله قيراط،
ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان،
قيل وما القيراطان قال: مثل الجبلين العظيمين". والقيراط مقدار من الثواب معلوم عند الله عز وجل ..

والذين يصلون على الميت ويدعون له إنما هم شفعاء لهذا الميت عند الله تعالى،
فإذا استجاب الله دعاءهم فقد شفعهم فيه أي قبل شفاعتهم
فغفر للميت ورفع درجاته في النعيم المقيم..

والحديث الذي معنا يصل بعدد المصلين الشفعاء إلى مائة،
لكن جاءت روايات أخرى في صحيح مسلم بسنده عن ابن عباس قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً
لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه ..

وجاءت روايات في السنن تجعل الشفاعة لثلاثة صفوف قل العدد أو كثر
وللعلماء توجيهات لهذه الروايات منها:
أن العدد لا مفهوم له والمراد هو الكثرة مطلقاً دون التقيد بعدد معين،
وأن تعدد الروايات نشأ من تعدد التساؤلات،
فأجاب الرسول صلى الله عليه وسلم كل سائل بما يناسبه
، ولا يلزم من قبول الشفاعة من مائة عدم قبولها مما دون ذلك..
فكل من صلى على الميت فهو داع له وشفيع له،
وقد وعد الله، ووعده الحق أن يقبل الدعاء من عباده الصالحين..
فالدعاء للميت هو لون من الشفاعة المقبولة عند الله عز وجل.

********

شفاعة القرآن


أخرج مسلم في صحيحه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه" ..

******
قراءة القرآن من القربات التي يعظم ثوابها عند الله تعالى،
لأنها علم وعمل، ذكر وعبادة ومناجاة..
فقراءة القرآن تصحح العقيدة وتبين صالح الأعمال،
وتصل القلب بالله، وتجعل اللسان رطباً بذكر الله،
وتدفع المسلم إلى الضراعة الخاشعة لله،
ولهذا جاء في حديث رواه الحاكم وصححه:
"إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا مأدبته ما استطعتم،
إن هذا القرآن حبل الله،
والنور المبين،
والشفاء النافع،
عصمة لمن استمسك به،
ونجاة لمن اتبعه،
لا يزيغ فيستعتب،
ولا يعوج فيقوم،
ولا تنقضي عجائبه،
ولا يخلق من كثرة الرد،
اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته،
كل حرف عشر حسنات،
أما إني لا أقول آلم حرف
ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف.

وشفاعة القرآن لأصحابه يوم القيامة تظاهرت عليها نصوص الأحاديث،
وكيفية هذه الشفاعة وحقيقتها ومناجاة القرآن لله عز وجل
مما نفوض علمها إلى الخلاق العليم.

ونؤكد أن شفاعة القرآن تعني في النهاية
ما يمنحه الله لقارئ القرآن من ثواب عظيم
ومنزلة رفيعة ونعم لا تعد ولا تحصى..
وفي حديث رواه ابن حبان عن جابر رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"القرآن شافع مشفع وما حل مُصدَّق،
من جعله أمامه قاده إلى الجنة
ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار".

فالقرآن شافع أي طالب للشفاعة لأهله،
ومشفع أي مقبول الشفاعة عند الله عز وجل،
وماحل أي ساع إلى الخير أو خصم مجادل عن صاحبه،
ومصدق أي يصدقه الله فيما يقوله عن حملة القرآن المعظمين لشعائر الله.

******



شفاعة الصيام


روى أحمد والطبراني والحاكم (وقال صحيح على شرط مسلم)
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"الصيام والقرآن يشفعان للعبد،
يقول الصيام رب إني منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه،
ويقول القرآن رب إني منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان.."
*****
الصيام فريضة محكمة ارتبطت بشهر رمضان،
ذلكم الشهر الكريم الذي تلقى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم الوحي الإلهي،
وتعاهده المصطفى بمزيد العبادة والطاعة لله عز وجل..
والصيام عبادة لم يتقرب بها أحد لغير الله تعالى،
ولا يدخلها الرياء، وبها يتشبه المسلم بالملأ الأعلى
الذين لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناسلون..
ولهذا خصه الله تعالى بمزيد الثواب والأجر
وأضافه إلى نفسه العالية،
ففي صحيح مسلم بسنده عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف،
قال الله عز وجل، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي،
للصائم فرحتان، فرحة عند فطره،
وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك".

هذا الصوم إذا أداه المسلم بآدابه وكمالاته يكون شفيعاً للصائمين يوم القيامة،
فيقف الصوم ليدافع عن أهله ويذكر محاسن أعمالهم
ويعدد فضائل سلوكهم، ويقول بلسان يعلمه الله تعالى
وبكيفية يخلقها المولى جل شأنه، وبطريقة ندعها لعلام الغيوب:
رب إني منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه..

أي يارب اقبل شفاعتي للصائمين فأنا شهيد على التزامهم بأحكام الصيام..
ويستجيب الله تعالى لشفاعة الصيام فينزل سكينة ورحمة على الصائمين
ويدخلهم من باب الريان ويرفعهم مكاناً علياً في الجنان
ويمدهم بآلاء ونعم فوق الوصف والخيال..
*******

شفاعة سورتي البقرة وآل عمران

أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن أبي أمامة الباهلي قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"اقرأوا الزهراوين البقرة وآل عمران،
فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان
أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما".

******
لسورتي البقرة وآل عمران فضل خاص ومنزلة كريمة،
فهما تسميان الزهراوين لكثرة نورهما وعظم هدايتهما
واشتمالهما على أمور الدين وعقائد التوحيد وأحكام التشريع بتفصيل كبير..
وعندما يقرأ المسلم القرآن المجيد ويتأمل هاتين السورتين
تعظم في نفسه نعمة الله عليه، ويشرق قلبه بنور الله،
فيتعلم ما يسعد به في الدنيا والآخرة
وقد اشتملت سورة البقرة على أعظم آية في القرآن وهي آية الكرسي،
وأطول آية وهي آية المداينة،
ونزلت الآيتان الأخيرتان في سورة البقرة من كنز تحت عرش الرحمن،
ومن قرأهما في ليلة كفتاه.
وسورة آل عمران تحكي تاريخ المسلمين في بدر وأحد،
وتحدد علاقة المسلمين بأهل الكتاب،
وتتحدث عن فريقين متقابلين بينهما بعد المشرقين
هما المنافقون الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا،
والشهداء الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم
فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل..

وكانت الآيات العشر في ختام سورة آل عمران ي
قوم بها النبي صلى الله عليه وسلم ليلاً وينظر في السماء ويقرؤها
ثم يقول ويل لمن يقرأ هذه الآيات ثم لم يتفكر فيها ثم يبكي ويدعو الله قائلاً:
اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي سمعي نوراً، وفي بصري نوراً، وعن يميني نوراً، وعن شمالي نوراً، ومن بين يدي نوراً، ومن خلفي نوراً، ومن فوقي نوراً، ومن تحتي نوراً،
وأعظم لي نوراً يوم القيامة".
هاتان السورتان تأتيان يوم القيامة شافعتين لأصحابهما،
والتعبير بالصحبة يدل على كثرة الملازمة في التلاوة والتأمل والعمل والالتزام.
هاتان السورتان ضرب الرسول الكريم لهما ثلاثة أمثلة :
"كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف"
والغمامتان والغيايتان كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه والفرقان الجماعتان..
تتقدم هاتان السورتان بهذا الشكل تدافعان عن صاحبهما
وتشفعان له عند الله عز وجل ويجعلهما الله تنطقان
بما كان يقوم به المسلم من عناية بالقرآن
ورعاية لآدابه والتزام بأحكامه، فيقبل الله تعالى شفاعتهما
ويحقق لصاحبهما فوزاً وفضلاً عظيماً..

*******

شفاعة سورة الملك


روى أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن،
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال صلى الله عليه وسلم:
"من القرآن ثلاثوآية شفعت لرجل حتى غفر له".

*******
من بركة القرآن أنه يشفع لأصحابه العاملين به الملتزمين بأحكامه،
الموفين بعهد الله، وشفاعة القرآن قد تقع من القرآن كله أو من بعض سوره..
وجاءت الروايات تثبت الشفاعة لسورة البقرة وسورة آل عمران،
وقد شرحنا ذلك فيما سبق..
والحديث يخبرنا فيه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بشفاعة سورة الملك،
وهي سورة مكية، عدد آياتها ثلاثون،
وتبدأ بتقديس الله وتنزيهه وإثبات قدرته المطلقة
وسلطانه العظيم على الملك والملكوت، قال تعالى:
"تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير" (سورة الملك آية1).

وتسمو بفعل الإنسان إلى آفاق الماضي والحاضر والمستقبل
وتبسط أمام ناظريه آيات الأنفس والآفاق.. قال تعالى:
"الذي خلق سبع سموات طباقاً ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت
فارجع البصر هل ترى من فطور" (سورة الملك آية 3).
وتدفع هذه السورة الكريمة الناس إلى المسارعة إلى الخير والبر والمعروف
قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله، يقف فيه الكافرون موقف الهوان والحسرة:

"وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير. فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السعير" (سسورة الملك آية 10،11).

وتعدد السورة نعم الله في الخلق والرزق والإحياء والإماتة
لتصل إلى جوهر الحقيقة في إيجاز شديد:
"قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون" (سورة الملك آية24).

فالمبدأ من الله والمرجع إلى الله، ولا مجال لقول قائل:
"ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين" (سورة الملك آية 25).

فالجواب حاضر، وبدهي:
"قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين" (سورة الملك آية26).

فالموعد لن يخلف، ومهمة الرسول هي البلاغ،
والعاقل من استخدم نعم الله في طاعة الله.
وهكذا فإن تلاوة سورة الملك والتأمل الواعي
في آياتها وانشراح الصدر بها عملاً وسلوكاً
يجعل المسلم محلاً لشفاعة هذه السورة الكريمة،
وتقوده حتى يغفر له، وتسلمه إلى الجنة ونعيمها..
******

شفاعة الأذان

أخرج البخاري في صحيحه بسنده عن المازني
عن أبيه أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري قال له:
إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك (أو باديتك)
فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء
فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء
إلا شهد له يوم القيامة،
قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

*******
أبو سعيد الخدري صحابي جليل قدم نصيحة لأحد إخوانه المسلمين
عندما علم أنه يحب الخلاء لكونه يرعى الغنم
وقد يجره ذلك إلى أماكن نائية،
فأراد أبو سعيد أن يرشد صاحبه إلى خير يجب أن يحرص عليه،
وهو رفع الصوت بالأذان في تلك الأماكن البعيدة عن العمران..
والأذان حق الوقت والإقامة حق الصلاة
أي أن الأذان للإعلام بدخول وقت الفريضة فلا يتعدد،
فالأذان واحد في المسجد أو في أي مكان عند بدء الوقت،
أما الإقامة فتتعدد كلما تعددت الصلاة لمنفرد أو لجماعة.
فراعي الغنم في باديته يؤذن ويرفع الصوت
بالأذان للإعلام بدخول وقت الصلاة حتى
ولو لم يحضر أحد ليصلي معه
لأن هناك حكمة أخرى بالغة
وهي أنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس
ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة.

ومعنى مدى صوت المؤذن أي غاية صوته ومنتهى
ما يصل إليه فإذا كان الأبعد وهو الذي يسمع الصوت ضعيفاً
يشهد للمؤذن فإن الأقرب
وهو الذي يسمع الصوت قوياً يكون أولى بالشهادة.
والتعبير بقوله:
"ولا شيء" يشمل الحجر والشجر والحيوان
فهو من العام بعد الخاص وهذه الشهادة من السامعين للأذان
شهادة تكريم وشفاعة للمؤذن،
فهؤلاء السامعون على تنوع أجناسهم وأنواعهم
يقدمون شفعاء عند الله عز وجل فيتقبل الشفاعة
منهم وهو أعلم بهم، ويتفضل سبحانه على المؤذنين
بمزيد الثواب والأجر والنعيم..

والشهادة يوم القيامة نوعان:
شهادة تفضح، وشهادة ترفع،
فشهادة الفضوح كما في قوله تعالى:
"ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون.
حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون.
وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا
قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون" (سورة فصلت الآيات: 19- 21).

وشهادة الرفعة والتكريم كشهادة القرآن لأهله وشهادة الأذان لأصحابه.

*******

ذلك بتدبير إلهي
وعلم أزلي
وليست الشفاعة مفاجأة لله ولا إلزاماً له سبحانه،
فالشفاعة عند الله ليست كالشفاعة عند البشر،
والحكمة من شفاعة الأعمال هي الترغيب في الصالحات
وحث المكلفين على مداومة الطاعات


******

تم بحمد الله ولاتنسونا من دعواتكم بظهر الغيب







  رد مع اقتباس