عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /08-21-2009, 08:21 PM   #1

احمد يحي
موقوف
 

 رقم العضوية : 21822
 تاريخ التسجيل : Jun 2009
 الجنس : ~ رجل
 المكان : مصر
 المشاركات : 760
 الحكمة المفضلة : ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين
 النقاط : احمد يحي will become famous soon enoughاحمد يحي will become famous soon enough
 درجة التقييم : 123
 قوة التقييم : 0

احمد يحي غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي الدين و الخطيئة


بقلم الشيخ " محمد الغزالى " رحمه الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


هل الدين قاس على المخطئين ، يبيت لهم العقاب ويتربص بهم الدوائر ويسعى للخلاص

منهم ؟ أم له موقف أحنى وأرعى بغية تألفهم واستصلاحهم ؟

ان عيسى ابن مريم لم يكن يشجع الزناة حين جائوا له بإمرأة عاثرة لكى يرجمها

فقال : ( من كان منكم بلا خطيئة فليتقدم لرجمها ) .

إنه كان أولاً يستبشع سيرة نفر من علماء اليهود يشتهون أن يروا المخطئ مطروحا للعقاب

مفضوحا بين الناس ، انهم ـ بهذه الشهوة ـ ليسوا أفضل من الزانية .


وكان ثانيا يريد إعطاء العاثر فرصة يستعيد فيها رُشده ويصلح نفسه ، فمهمة الدين اذا رأى


عاثراً أن يعينه على النهوض ، لا أن يتقدم للإجهاز عليه .

وعيسى فى هذا شبيه بمحمد ـ عليهم جميعا السلام ـ الذى كان يلقن المقر بالزنا كلمات

الرجوع والنجاة من الموت .


ولسنا بتاتاً نلغى وظائف الشرطة والقضاء ، أو نهون من شرائع الحدود والقصاص .. فالقانون الخلقى باق ، والقانون الجنائى باق ، وكلاهما له نطاقه الذى يعمل فيه ، وكلاهما ضرورة اجتماعية .


إننا نريد أن ننفى عن الدين تهمة القسوة ، متذكرين مع ذلك قول الشاعر :

فقسا ليزدجروا ومن يك راحما * فليقسُ أحيانا على من يرحم

والناس معادن ، وللمعدن الواحد أحوال يصفو فيها ويكدر ، وسنة صاحب الرسالة الخالدة أن الامام يخطئ فى العفو خير من أن يخطئ فى العقاب ...


وجاء فى الصحيح عن أبى أمامة ـ رضى الله عنه ـ وكان من أهل الصفة ـ قال بينما أنا قاعد


مع رسول الله فى المسجد جاءه رجل فقال : يا رسول الله ، إنى أصبت حداً فأقمه على ،

فسكت عنه رسول الله ، فقال : يارسول الله إنى أصبت حداً فأقمه على ، قالها الرجل ثلاث

مرات ، وأقيمت الصلاة ، فلما انصرف تبعه الرجل !

قال أبو أمامة : فاتبعته أنظر ما يرد عليه رسول الله فقال : يا رسول الله إنى أصبت حداً

فأقمه على فقال له الرسول : ألست حين خرجت من بيتك قد توضأت فأحسنت الوضوء ؟

قال : بلى !، قال : وشهدت الصلاة ؟ قال : نعم ، قال : إن الله قد غفر لك حدك .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


وروى عن أبى الدرداء أنه جئ له بامرأة سرقت ، ليحقق معها ويعاقبها فقال لها أبو

الدرداء : سرقت ؟ قولى : لا .. !

وهو تلقين غريب ! ولكنه يشير الى طبيعة الدين فى درء الحدود والتنفيس عن الخاطئين .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


" ويروى أن المأمون أتى بمرتد عن الاسلام الى النصرانية فقال له : أخبرنا عن الشئ الذى

أوحشك عن ديننا بعد أنسك ، واستيحاشك مما كنت فيه ، فإن وجدت عندنا دواء دائك

تعالجت به . وإن أخطأك الشفاء كنت قد أعذرت ولم ترجع على نفسك بلائمة .

فإن قتلناك قتلناك بحكم الشريعة ، وترجع أنت فى نفسك الى الاستبصار والثقة ، وتعلم أنك
لم تُقصر فى اجتهادك ، ولم تفرط فى الدخول فى باب الحزم.

فقال المرتد : أوحشنى ما رأيت من كثرة الاختلاف فيكم .

قال المأمون : لنا اختلافان : أحدهما كالإختلاف فى الآذان والاقامة ، وتكبير الجنائز

والتشهد ، وصلاة الأعياد وتكبير التشريق ، ووجوه القراءات ، ووجوه الفتيا ، وهذا ليس

بإختلاف ، إنما هو تخيير وسعة وتخفيف من المحنة ، فمن أذن مثنى وأقام مثنى لم يخطئ ،

ومن أذن مثنى وأقام فرادى لم يخطئ . ولا يتعايرون ولا يتعاتبون بذلك .

والإختلاف الآخر : كنحو اختلافنا فى تأويل الآية من كتابنا وتأويل الحديث مع اجتماعنا على

أصل التنزيل ، واتفاقنا على عين الخبر ،

فإن كان الذى أوحشك هذا حتى أنكرت له هذا الكتاب ، فقد ينبغى أن يكون اللفظ لجميع

التوراة والإنجيل متفقاً على تأويله كما يكون متفقاً على تنزيله ، ولا يكون بين جميع اليهود


والنصارى اختلاف فى تأويلها من لفظها .


ولو شاء الله أن يُنزل كتبه ويجعل كلام أنبيائه وورثة رسله لا تحتاج الى تفسير لفعَل ، ولكنا

لم نر شيئاً من أمر الدين والدنيا وقع على الكفاية ، ولو كان الأمر كذلك لسقطت المحنة

والبلوى ، وذهبت المسابقة والمنافسة ، ولم يكن تفاضل ، وليس على هذا بنى الله أمر الدنيا



فقال المرتد : أنا أشهد أن لا اله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وأن المسيح عبد الله ، وأنك أمير المؤمنين حقا .




ــــــــــــــــــــــــ


ليكن فى ذلك عبرة لكل داعى للخير .