انتشركثيرا من الأحاديث الموضوعة والضعيفة بين أفراد المجتمع المسلم ، وقد لاقت هذه الأحاديث قبولا واستحسانا عند أفراد المجتمع المسلم ،
وأصبح الكثير يعمل ساعيا لنشرها عن طريق المنتديات الحوارية والرسائل البريدية ،
ونظرا لخطورة هذا الأمر ، ومنطلقا من حديثه عليه الصلاة والسلام
( فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )
كان اللقاء مع فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم : س1 : ماهو الحديث الموضوع ؟ الجواب : هو الحديث المكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم . س2 : 2- كيف نشأ الوضع في الحديث ؟ و هل مازال الوضع في الحديث حتى يومنا هذا ؟ الجواب : نشأ الوضع بعد الفتنة التي قُتِل فيها الخليفة الراشد عثمان بن عفان
رضي الله عنه
فعمّت الفتنة الأمة ، وظهرالأدعياء ، ومُثيري الفتن ، وعلى رأسهم ابن السوداء اليهودي عبد الله بن سبأ، فاليهود أفسدوا دين النصارى ، وأردوا إفساد دين المسلمين ، ولكن دين الله محفوظ . قال بن سيرين رحمه الله : كانوا لا يسألون عن الإسناد ، فلما وقعت الفتنة قالوا : سمّوا لنا رجالكم ، فننظر إلى أهل السنة فنأخذ حديثهم ، وإلى أهل البدعة فلا يؤخذ حديثهم . وبدأ الوضع يظهر في فضائل بعض الخلفاء الراشدين . ولكن بشكل غيرواضح خلال القرنين الأول والثاني ،
لوجود الصحابة رضي الله عنهم ،
وهذا يؤكد على حقيقة أنها لا تظهر البدع ، ولا الافتراءات إلا عند قلّة العلماء . كان أنس بن مالك إذا أراد أن يُحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تغير لونه ثم قال : أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم .
روى مسلم عن ابن عباس أنه قال :
إنما كنا نحفظ الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فأما إذ ركبتم كل صعب وذلول فهيهات .
بواعث ودوافع أدّت إلى نشأة الوضع وانتشاره ،
منها :
1 – الخلافات السياسية ، بعد مقتل عثمان رضي الله عنه ،
انتشرمعها الكذب نُصرة لطائفة أو خليفة .
2 – الخلافات المذهبية ،
فالرافضة أكذب الناس ، حتى أن رجلاً منهم تاب فقال :
كُـنّـا إذا اجتمعنا فاستحسنّـا شيئا جعلناه حديثاً . وقال الإمام مالك عن الرافضة : لا تُكلّمهم ، ولا تروِ عنهم ، فإنهم يكذبون . وقال الشافعي : ما رأيت في أهل الأهواء قوماً أشهد بالزور من الرافضة . وقال شريك بن عبد الله :
احمل عن كل من لقيت إلا الرافضة ،
فإنهم يضعون الحديث ويتّخذونه دِيناً .
إن الخوارج لايتورّعون عن الكذب ،
بناء على ما يذهبون إليه من تكفير مرتكب الكبيرة ،
ثم ظهرت الفرق والمذاهب ،
وكلٌّ يجعل له ما شاء من أحاديث ويضعها نُصرة لمذهبه .
حتى وضع مُتعصّبة الأحناف حديثا في ذم الإمام الشافعي رحمه الله نصّـه :
يكون في أمتي رجل يُقال له محمد بن إدريس أشد على الناس من إبليس !
وهكذا في الفرق والطوائف والمذاهب .
3 – الزندقة والطعن في الإسلام ، فقد أدرك الزنادقة وأعداء الإسلام أن للإسلام قوة ،
فلجئوا إلى وضع الأحاديث التي تُنفّر الناس منه ،
وتُشكك المسلمين بدينهم .
ومن هؤلاء :
محمد بن سعيد المصلوب على الزندقة ،
فقد قال : (أنا خاتم النبيين ، لا نبي بعدي إلا أن يشاء الله ) 4 – القصص والوعظ ، لحرصهم على ترغيب الناس أو ترهيبهم ،
قال معاذ رضي الله عنه :
(إن من ورائكم فتناً يكثر فيها المال ،
ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق والرجل والمرأة والصغير والكبير والعبد والحر ،
فيوشك قائل أن يقول :
ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن ،
ما هم بمتبعيّ حتى أبتدع لهم غيره ،
فإياكم وما ابتدع ،
فإن ما ابتدع ضلالة ، وأحذركم زيغة الحكيم ،
فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم ).
رواه أبو داود وغيره .
5 – الوعظ والتذكير ، فقد وضع الوضاع ميسرة بن عبد ربه
حديثاً في فضائل سور القرآن ،
وتبريره :
رأيت الناس انصرفوا عن القرآن ،
فوضعتها أرغّبهم فيه !
ومثله نوح بن أبي مريم .
6 – التكسّب وطلب المال ،
قال جعفر الطيالسي :
صلى أحمد ابن حنبل ويحيى بن معين في مسجد الرصافة ، فقام قاصّ فقال :
حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
من قال لا اله إلا الله خلق الله من كلمة منها طيراً منقاره من ذهب وريشه من مرجان
-وأخذ في قصة نحو عشرين ورقة -
فجعل أحمد ينظر إلى يحيى ويحيى ينظر إليه وهما يقولان :
ما سمعنا بهذا إلا الساعة !
فسكتا حتى فرغ من قصصه وأخذ قطعة دراهم ثم قعد ينتظر ،
فأشار إليه يحيى فجاء متوهما لنوالٍ يجيزه ،
فقال يحيى :
من حدثك بهذا الحديث ؟
فقال الكذّاب : أحمد وابن معين !
فقال : أنا يحيى وهذا أحمد ! ما سمعنا بهذا قط ،
فإن كان ولا بُـدّ من الكذب فعلى غيرنا !
فقال : أنت يحيى بن معين ؟
قال : نعم .
قال : لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق !
وما علمت إلا الساعة !
كأنه ليس في الدنيا يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما ؟
كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل ويحيى بن معين !
قال : فوضع أحمد كمّه على وجهه ، وقال : دعه يقوم .
فقام كالمستهزئ بهما !
ومن ذلك ترويج السلع ، كما وضع أحدهم حديثاً في فضل الهريسة !
7 – العصبية للجنس والقبيلة أو اللغة والوطن .
8 – التقرب للحكام والسلاطين ! بما يوافق أهوائهم .
وضع غياث بن إبراهيم النخعي الكذاب ،
حديثاً في فضل اللعب بالحَمَام !
لحب المهدي له، قال :
لا سبق إلا في نصل أو خفّ أو حافر – ثم زاد فيه – أو جناح !
فلما خرج أمر المهدي بذبح الحَمَام !
وهارون الرشيد رحمه الله ؟
فقد حدّث أبو معاوية الضرير هارون الرشيد بحديث
" احتج آدم وموسى "
فقال رجل شريف : فأين لقيه ؟ فغضب الرشيد ، وقال : النطع والسيف ! زنديق يطعن في الحديث . فما زال أبو معاوية يسكِّـنه ويقول :
بادرة منه يا أمير المؤمنين . حتى سكن .
9 – المصالح الشخصية أو قصد الانتقام من شخص أو فئة مُعيّنة ،
جاء ابنٌ لسعد بن طريف يبكي لضرب المعلّم له .
فوضع حديثا فيه :
معلموا صبيانكم شراركم ...
10 – قصد الشهرة ، وهذا ما يفعله الذين يُريدون أن يُذكروا بعلوّ الإسناد .
ولا يزال الوضع إلى يومنا هذا ،
فيُسارع الواحد منهم إلى نشره دون التأكد ، وإذا سُئل قال : وصلني عبر البريد .
وصول الحديث لك عبر البريد ليس بحجة ..
أن تنشره وتنسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دون التأكد منه ،
وإلا كان الناشر من زمرة الكذّابين على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن آخر ما رأيت من وضع الأحاديث ما وُضِع في فضائل " الخميني " يوم وفاته !
س3 ماالفرق بين الحديث الضعيف والموضوع ؟ الجواب : الحديث الضعيف عُرّف بأنه : ما لم يجمع صفات الصحيح والحسن .
والحديث الضعيف : يكون ضعفه إما في السند وإما في المتن ،
فيكون الحديث ضعيف المتن إذا كان في المتن شذوذ أو نكارة .
ويكون ضعيف السند إذا كان في إسناده راوٍ ضعيف ( على اختلاف درجات الضعف ) ،
أو كان فيه راوٍ مجهول ولو لم يُعلم ضعفه ،
أو كان فيه عِلّـة قادحة ، أو شذوذ أو نكارة أيضا .
ودرجات الضعف هي :
( هالك – متروك – حديثه مردود – ضعيف جداً – ليس بشيء –
لا يُكتب حديثه – مضطرِب الحديث – لا يُحتج به – ضعفوه – ضعيف –
أحاديثه مناكير – ليس بحجة – ليس بالقوي – فيه ضعف – مجهول ... )
والحديث الضعيف قد يتقوّى بكثرة الطرق إذا لم يكن شديد الضعف . والضعيف أنواع : الشاذ المُعلل المضطرب المرسل المنقطع المعضل المقلوب وقد وصلت إلى ( 49 ) نوعاً وأما الحديث الموضوع : فهو المصنوع المُختلق وهو ما كان في إسناده وضّـاع أو كذّاب أو متُهم بالكذب .
أو كان في متنه ما يُخالف أصول الشريعة مما يُعلم معه قطعاً أنه كذب صريح .
وهذا لا تجوز روايته إلا على سبيل التحذير منه ، وبيان حاله .
ولا يُمكن أن يتقوّى بحالٍ من الأحوال .
وبعض العلماء يُدخل الحديث الموضوع تحت أقسام الحديث الضعيف ..
ولذا قال بعض العلماء :
الموضوع شـرّ أنواع الضعيف .
س4 : ماحكم العمل بأي حديث دون التأكد من صحته ؟ الجواب : العلماء ينصُّون على أن العبادات توقيفية ،
فلا يُتعبّد لله إلا وفق نصوص الوحيين .
فلو عمِل الإنسان بحديث فإنه يتعبد لله بمقتضى هذا الحديث إن كان في العبادات ،
وإن كان في غيرها فإنه بعمله هذا ينسب الحديث إلى الرسول صلى الله عليه على آله وسلم ،
إلا إن أخذ الحديث على أنه حِكمة فعمِل به فلا حرج
ويُقال مثل ذلك في الحديث الضعيف ،
ولا يجوز أن يُنسب الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد التأكد من صحته ،
بالرجوع إلى كتاب اشترط صاحبه الصحة كالصحيحين ،
أو ينصّ إمام على صحة الحديث ، وهكذا .
وفي المقابل فإن الحديث إذا عُلِمت صحته فإنه يُعمل به ،
قال الإمام الشافعي في الرسالة :
ليس لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول إلا بالاستدلال ،
ولا يقول بما استحسن ، فإن القول بما استُحسِن شيء يُحدِثه لا على مثالٍ سابق .
انتهى .
قال الإمام الشافعي رحمه الله في الوضوء من لحوم الإبل:
إن صح الحديث في لحوم الإبل قلتُ به .
قال البيهقي :
قد صحّ فيه حديث جابر بن سمرة وحديث البراء .
قاله أحمد بن حنبل : وإسحاق بن راهويه .
س5 :