تابع
يقول أحد إخوة(نايف) أتذكر ليلة وفاته غفر الله له : أنه لم ينم تلك الليلة بل قامها كلها مصلياً إلى الصباح , وأيقظ إخوته كلهم لصلاة الفجر وعاد ولم ينم بل كان يقرأ القرآن ضحى ذلك اليوم كله حتى عاتبته جدته في ذلك وكان يقابل هذا العتاب بابتسامة المتأدبين , وكان منشرح الصدر كما حدثني أحد الإخوة الذين اتصل به بعد فجر ذلك اليوم ,
أما (إبراهيم ) فقد قال لي والده : رأيته آخر ما رأيته وهو يتوضأ للصلاة ثم يخرج متطهراُ , كانت وفاتهم يوم جمعة وقد استعدا للذهاب إلى القرية للصلاة بالناس صلاة الجمعة وكان(نايف) الخطيب و( وإبراهيم)مرافقا له ومعه بعض الإعلانات لمحاضرة لتوزيعها هناك ,
وقدر الله عليهم ذلك الحادث الأليم قبل الوصول إلى المسجد بمسافة قصيرة وينتقلا إلى جوار الكريم سبحانه وتعالى في يوم جمعة وفي أشرف عمل – الدعوة إلى الله تعالى- ,وعلى أشرف حال –متطهرين متطيبين - , قاصدين عبادة عظيمة – صلاة الجمعة والخطبة في الناس – وصدق الله ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) (النساء:100)
آلا ما أشرفها من ميتتة , وما أعظمها من خاتمة , وانظر كيف جمع الله لهم الخير بحذافيره .
جاء فقد روى الترمذي في جامعه من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر. قال الألباني في أحكام الجنائز: فالحديث بمجموع طرقه حَسَنٌ أو صحيح.
وفي الحديث أيضا أِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِدِ فَلا يُشَبِّكَنَّ يَدَيْهِ ، فَإِنَّهُ فِي صَلاةٍ ) رواه أبو داود (562) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
فنحسبهم أنهم في حال صلاة من حين خروجهم من بيوتهم .
مع واجب الدعوة في مشوارهم هذا , وأعمال البر القريبة التي سبقت ميتتهما
فما أعظمها من خاتمة , وأحسنها من عاقبه ,
وأشهد وقد كنت فيمن غسلهما أن كل واحد منهما قد رفع إصبع السبابة علامة التوحيد فرحمهم الله رحمة واسعة
ولقد أكرمهما الله برؤى ومنامات بعد موتهما, والمؤمن تسره الرؤيا وهي من المبشرات فقد جاء في صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا . يراها العبد الصالح أو ترى له " , وقد جاءت المبشرات لهما في رؤى كثيرة
يقول أحد إخوة نايف : بكيت عليه أول خمسة أيام من رمضان بكاء كثيرا فرأيته في منامي يقول لي : لا تبكي علي يا أخي فوالله إني لفي عداد الشهداء ومقدمتهم
وتقول أم إبراهيم من الرؤى التي رأيتها فيه أنه جالس بجوار نهر جار – مما يدل على جريان عمله – بإذن الله تعالى .
دروس وعبر من هذه السيرة المباركة :
المؤمن يبادر عمره وحياته , فلما ينتظرا (نايف وإبراهيم ) أن يكبرا ثم يستقيما , كما هو حال الكثير من الشباب الذين يُسوفون حتى ربما أدركهم الموت , وكم نعرف ممن مات في سن الشباب , بل هم ماتا في هذا السن .
فضل الاستقامة في سن الشباب والأحاديث في ذلك كثيرة , ( وليس من تقدم كمن تأخر, وليس من سارع كمن تباطأ) فبادر وقتك .
الصدق في الاستقامة من أعظم أسباب حسن الخاتمة , يظهر هذا جلياً في خاتمتهم , نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا
من الأشياء البارزة في حياة الصالحين , دعاء بعضهم لبعض , وهذا ما أعرفه عن إخوان (نايف وإبراهيم ) من الأخيار أنهم كثيري الدعاء لهم , يقول أحدهم : كثيراً ما أدعو لهم عندما أدعو لنفسي ولا أذكر أني دخلت المقبرة يوماً إلا خصصتهما بالدعاء ,فهل حرصت على الصحبة الطيبة , ومن سيدعو لك بعد موتك ؟
اللهم اغفر ل (نايف وإبراهيم ) وارفع درجتهما في المهدين واجمعنا بهم قي جنات النعيم , نحن ووالدينا والمسلمين آمين
وانتظرونـــــــــــا مع باقى السلسلة
منقول