قصــــة رجــل تــم شـــطبه مــن الحيــــاة !!

[عمر عيسى محمد أحمد]

بسم الله الرحمن الرحيم

:cv27::cv27::cv27:

قصة رجل تم شطبه من الحياة !!

يقف الآن بالقرب من تل .. وهناك بعض الأشجار من حوله .. والليل بدأ يسكن قليلاً من آثار تلك الإنفجارات الكبيرة المتتالية .. والتي هزت الصحراء وهناك وبالقرب من مكان تواجده يمر النهر مسرعاً متعجلاً حتى يغادر تلك الغفار الموحشة .. وكان وحيداً في ظلام دامس يحس بالفرحة تارة ثم يحس بالخوف تارة أخرى .. ويسمع صوت موجات فوق صفحة النهر تتلاعب بها النسمات الصحراوية .. أما تلك الإنشاءات العمرانية التي أقيمت في تلك البقعة بعيدة من أعين الدخلاء فقد تناثرت بفعل تلك الإنفجارات .. وقبل تلك اللحظات كان يسكن فيها حسب أوامر المنظمة .. وقد كان هو من ضمن أعضاءها .. ولكن طبيعة العمل في تلك المنظمة هي سرية للغاية .. وورائها عقول ومواقع معلومات خطيرة .. والأعضاء في تلك المنظمة يمثلون خلايا تعمل في نقل معلومات من جهة لأخرى .. وإذا تسربت تلك المعلومات بطريقة ما فإن القمة عادة تتخذ نوعاً من التصفيات الجسدية لعناصرها المريبة والبريئة إذا استلزم الأمر .. ولكن الذين ينفذون تلك التصفيات يعملون بذكاء شديد حيث يمهدون لها رويداً رويداً وحتى تحين ساعة التنفيذ ..
يقول بدأت ملامح الشك تتسرب إلى قلبي .. عندما بدأت المنظمة تعاملني بخصوصية زائدة عن المألوف .. وقررت المنظمة أن اسكن في تلك المنشآت السرية التابعة لها والتي تقبع في قلب الصحراء بالقرب من مجرى نهر يشق الصحراء .. ثم وفرت لي كل ما يلزم من متاع الحياة .. حراس وأتباع وعمال الخدمات والنظافة والطباخة .. بجانب أفخم السيارات التي وضعت تحت تصرفي كما أشاء وكيفما أشاء .. بجانب توفير أحدث أجهزة الاتصالات من هواتف استخباراتية وموبايلات .. وأجهزة الترفية من تلفزيونات وفيديوهات وأجهزة كمبيوتر .. وباختصار شديد عشت لحظات سعيدة في تلك المنشآت البعيدة عن العمران .. ولكني كنت أحس في أعماق نفسي أن هناك أمر ما يجري في الخفاء .. وبحكم عملي الذي أتقنه جيداً فإن كل خطوة لا بد أن تعني خطوات تفسيرية لها .. وبدأ الشك يراود نفسي ويقاوم بواطن الثقة في تلك المنظمة التي عملت لها بإخلاص .. فبدأت آخذ حذري وأراقب الأحداث بسرية غير لافتة للأنظار .. وفي الآونة الأخيرة بدأت أحس بعيون بدأت تراقب حركاتي وسكناتي .. وفي ذات ليلة دخلت غرفة نومي بالدور الثاني من الفيلات .. ثم نمت قليلاً بعد أن أطفأت أنوار الغرفة .. ثم فجأة قمت من فراشي ووقفت بجانب الشباك خلف الستار وأخذت أراقب تلك الحديقة التي تزين مقدمة الفيلا التي أسكن فيها .. في البداية كان كل شئ يوحي بالاطمئنان .. ولكن فجأة لاحظت أمراً لفت انتباهي .. فهناك اقتربت سيارة نحو الفيلا .. ولكن أنوارها الأمامية غير مضيئة .. وتسير ببطء شديد ..ثم توقفت على بعد أمتار من الفيلا تحت ظلال كثيفة من أشجار تلفحها ظلمات الليل .. ثم فجأة خرج أحدهم من خلف الأشجار وتقدم نحو تلك السيارة .. ثم أدخل رأسه وبدأ يتحدث مع السائق .. وكل تلك الأحداث تجرى أمامي ولكن الأشكال مجرد رموز متحركة في ظلام .. ودون أن تكون لها ملامح واضحة .. ثم تراجعت تلك السيارة إلى الخلف ببطء أيضاً ودون أية إضاءات .. ثم غادرت الصحراء .. وبعد دقائق طويلة ظهرت أنوارها بعيدة تحترق كبد الصحراء .. لم أنم تلك الليلة .. وتوقعت أن يدخل في غرفة نومي في أية لحظة شخص ما فجأة شاهراً مسدسه ليقتلني .. ولذلك تعمدت في تجهيز مسدسي للدفاع عن نفسي .. ولكن مرت تلك الليلة بسلام دون أن يحدث شئ .. وفي الليلة التالية كان تركيزي للأمور أكثر اهتماماً وترقباً .. فلاحظت أن هناك وجوه جديدة بين عمال الفيلا .. كما أن وجوهاً أخرى قد اختفت .. وهناك ملاحقات ومراقبات مركزة لتحركاتي وسكناتي .. ولكن بحذر شديد .. ولكن تلك هي من ضمن تخصصي في المهنة .. وعليه فإنا أجيد التعامل معها .. ولذلك لم أظهر لهم أية إشارة تفيد شكي وترددي .. وتعاملت مع الأمر بمنتهى البرود وعدم الاهتمام .. ثم دخلت غرفة نومي متظاهراً بأني أريد النوم باكراً في تلك الليلة .. ولكني لم أصل إلى سريري بل أطفأت أنوار غرفة النوم ووقفت بالقرب من الشباك خلف الستار .. ثم بدأت أراقب حركات وسكنات الفيلا .. وعند منتصف الليل والهدوء التام يلفح المكان جرت الأمور بشكل سريع وعجيب .. حيث قدمت أربعة سيارات كبيرة طافئة أنوارها .. ثم وقفت أمام الفيلا .. ثم بعد لحظات لدهشتي الشديدة رأيت كل عمال الفيلاً يتسللون واحداً تلو أخرى ويركبون في تلك السيارات .. ثم في لحظات اختفوا في جوف الصحراء .. وتيقنت بأنني أصبحت وحيداً في تلك المنشئات .. فلم انتظر كثيراً فأسرعت بالنزول درجات السلالم .. ووصلت للطابق الأرضي .. ثم تسللت بين الأشجار مبتعداً بأقصى سرعة من الفيلا .. ثم وصلت إلى مكان بعيد ووقفت بالقرب من تله صغيرة .. ومن بعيد وقفت أراقب الوضع .. وكان كل ظني أن تأتي سيارة صغيرة فيها مجموعات تحمل رشاشات أو كاتم صوت .. ثم تقتحم غرفتي وتغتالني .. فانتظرت هناك مدة ساعة تقريباً .. ثم فجأة دوت إنفجارات قوية من داخل الفيلا .. واحدة تلو أخرى .. وتطايرت المباني إلى كل الاتجاهات مع شرارات قوية من وهج ساطع .. ووجدت نفسي في لحظة قد خطف جسمي إلى الأعلى ثم أرتطم به بالأرض .. رقدت بالأرض لدقائق ثم لما سكنت الإنفجارات وقفت لأجد أن المنشئات قد أزيلت تماماً من وجه الأرض .. ولم تبقى في الموقع إلا بقايا حرائق ودخان كثيف .. في تلك اللحظة علمت أن المنظمة قد أخرجت ملفاتي من الأضابير وأجهزة الحاسوب .. ووضعت اسمي ضمن قائمة ( الملفات المغلقة ) .. وعليه فالذكاء والحكمة تقتضي من أمثالي أن يولدوا من جديد تحت اسم جديد .. مع أجراء عمليات تجميلية للوجه وتغيير الملامح .. وتلك حياة جديدة لأمثالي هبة لا تقدر بثمن .

ــــــــــــــــــــــــ

الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

[جبل الخير]

سلمت اتاملك
يعطيك الله الف عافيه