..{ فع‘ــآآليـآآت المنتــدى }..



آخر 12 مواضيع
الشفاء فى السجود
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 4 -
صدفة البحر
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 4 -
ياليت قومى يعلمون ..مسابقة أفضل موضوع
الكاتـب : العاشق الذى لم يتب - آخر مشاركة : طبيب الهوى - مشاركات : 4 -
زكاة المال ام الضرائب تابع مسابقة أفضل موضوع
الكاتـب : طبيب الهوى - آخر مشاركة : ساحر الأحزان - مشاركات : 4 -
دعوة لنقاش تابع مسابقة اجمل موضوع
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 10 -
مسابقة اجمل موضوع
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 9 -
سئمت الصمت
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 6 -
الفرق بين الكسل والايمان
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 15 -
رأيك خير دليل
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 6 -
شاعر الأنسانيه مبارك الأشراف
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : شاعر الانسانية - مشاركات : 16 -
أيران وحرب الجرذان
الكاتـب : ساحر الأحزان - مشاركات : 12 -
واجب عزاء لأختنا لميـس في وفاه والدتها
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : جبل عالي - مشاركات : 17 -

الإهداءات


عشرة أيام في حياة الرسول (للكاتب الإسلامي / خالد محمد خالد )

السيرة النبوية


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /11-28-2008, 05:01 PM   #21

|§| أداره الاقسام السابقة  |§|

 

 رقم العضوية : 3822
 تاريخ التسجيل : May 2008
 المكان : فى قلـــب نجمـــ في السما ــــمة
 المشاركات : 9,063
 النقاط : همس الروح has a spectacular aura aboutهمس الروح has a spectacular aura about
 درجة التقييم : 174
 قوة التقييم : 1

همس الروح غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي


razan


شكرا لكي أختي الكريمة

علي مرورك العطر

واشكر لكي رقة كلماتك الراقية

أسعدني تواجدك

وأهتمامك بكل جديد

والتميز دوما يكون منكم ومتابعتكم لكل ماهو نافع ومفيد

شكرا لكي

ودمتي بكل خير

مع ارق المني

وعاطر تحيتي











  رد مع اقتباس
قديم منذ /11-28-2008, 06:21 PM   #22

|§| أداره الاقسام السابقة  |§|

 

 رقم العضوية : 3822
 تاريخ التسجيل : May 2008
 المكان : فى قلـــب نجمـــ في السما ــــمة
 المشاركات : 9,063
 النقاط : همس الروح has a spectacular aura aboutهمس الروح has a spectacular aura about
 درجة التقييم : 174
 قوة التقييم : 1

همس الروح غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي اليوم السابع ( يوم الفتح )

اليوم السابع


يوم الفتح :


"جاء الحق و زهق الباطل"


...بعد توقيع المعاهدة و رجوع "الرسول" الى المدينة ، تفرغ عليه الصلاة و السلام لتوسيع مجال الدعوة الى الله ، فأرسل رسله الى اقطار الارض حاملين كتبه الى رؤساء الدول و اباطرتها و ملوكها يدعوهم الى الايمان بالله الواحد الأحد. و لقد حافظ "الرسول " على عهد الحديبية محافظة وثقى ، فلم يخل بحرف منها، وحاشاه أن يخل بعهد أو التزام....


و هنا ، في" يوم الفتح" نلتقي بواحد من الأيام العظيمة لرسول الله .. يوم تألقت فيه شمائل" بن عبد الله" و شخصيته الفريدة.


يوم الحساب هذا يحوله" الرسول" الى آية كبرى من اخلاقيات النصر .آية كبرى في السمو و التسامح و الرحمة على الانسان و على الحياة . ها هو ذا يدخل عليه في خيمته الرجل الذي قاد كل حروب قريش ضد الاسلام ، يدخل عليه و هو يرتجف اذ رأى سيف "عمر بن الخطاب" يتلمظ به يريد ان يخطف راسه.. و هو وحيد اعزل ، لم يعد معه و لم يعد له جيش العرمرم ، ها هو ذا و لا مطمح له أكثر من ان يحقن الرسول دمه و يحفظ له حياته ..فاذا "رسول الله "تتجلى انسانيته و تتألق في اجراء ما نعرف له نظير.. لقد عز عليه ما بدا عليه "أبو سفيان" من ذلة و مهانة فامر بعض اصحابه أن ينادي :" من دخل المسجد الحرام فهو آمن " "و من دخل دار ابي سفيان فهو آمن " " و من دخل داره فهو آمن" . أي تكريم هذا الذي ما كان ليطوف بخاطر قائد قريش و لو في الأحلام. أين في تاريخ البشر ، جميع البشر ، تسامح كهذا ، سمو كهذا ، جلال كهذا ؟؟ صدق ربنا الأعلى :" انك على خلق عظيم"...


كان "رسول الله" قد تكتم نبا خروجه الى مكة و دعا ربه قائلا :" اللهم خذ العيون و الأخبار عن قريش، حتى نبغتها في بلادها .."و كان حرصه على نجاح المفاجأة مظهرا لرحمته الوارفة ، فهو يعلم انه اذا استيقظت قريش على أخبار الفتح قبل انجازه ، فسوف تستعد للحرب و تتهيا ، و عندئذ يكون الصدام المسلح .. الأمر الذي لا يريده "الرسول"و لا يتمناه . و لقد كتب الله للخطة توفيقا و نجاحا باهرين. و فوجئت مكة بعشرة آلاف مسلم ... وفي وهج هذا الانتصار الساحق ، تطل علينا المعجزة بضياء جديد يبهر الالباب .فهذا هو" الرسول " المنتصر تواتيه الفرصة لكي يفرض دينه و تعاليمه ، فاذا هولا يصنع ذلك ابدا .انه كان معنيا بامر واحد ، هو ازاحة مظاهر الوثنية و الشرك و نسف ما وراءهما من باطل و ضلال...


كانت قريش لا تزال ترتجف .فصحيح ان الجيش دخل مكة في سلام ، و لكن ماذا بعد ؟؟ ماذا سيصنع" الرسول" و المسلمون بأولئك الذين طاردوهم بالاضطهاد ثم بالحرب طوال عشرين عاما ؟؟ هل سيعاملهم كمجرمي حرب ؟ و على أي شاكلة سيكون القصاص ؟ و نودي الناس ليسمعوا خطاب "رسول الله" .. وعلى باب الكعبة و قف "رسول الله" و استهل خطابه فقال :" لا اله الا الله وحده ، لا شريك له ، صدق و عده ، و نصر عبده ، و أعز جنده ، و هزم الأحزاب و حده "


و بعد أن يهلل لله و يكبر و يوحد و يمجد ، يبدأ خطاب النصر الذي ارهقت لسماعه القلوب : "يا معشر قريش ، ان الله قد اذهب عنكم نخوة الجاهلية ، و تعظمها بالآباء ، الناس من آدم ، و آدم من تراب .. ثم تلا الآية الكريمة "يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر و أنثى ، و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ، ان اكرمكم عند الله أتقاكم " ثم عاد يقول : "يا معشر قريش ، ما تظنون أني فاعل بكم ؟" و هدرت الجموع الوجلة ، بكلمة واحدة ، كأنما كانوا على اتفاق بترديدها :" خيرا ، أخ كريم ، و بن اخ كريم "و تهلل ثغر "المصطفى ، و قال : "اذهبوا فأنتم الطلقاء"


هذا هو خطاب النصر في يوم النصر العظيم .لم يستغرق سوى دقيقتين أو ثلاث . مجد الله فيها و حمد .. و أعلنت كرامة الانسان الجديد الذي ينشئه الاسلام ، و غمر المذنبون الذين كانوا ينتظرون القصاص و يستحقونه ، بانبل عفو ، و اجمل صفح . هذا هو سلوك "الرسول" و مسلك الاسلام.


ان روعة التسامح الذي شهده "يوم الفتح" تتمثل في انه لم يكن مجرد مبدا يقرر و يعلم و يبشر ، بل كان تطبيقا و ممارسة داخل ظروف تكافأت فيها عوامل النجاح و عوامل الاخفاق ..لكن النبوة كانت هناك في شخص "خاتم النبيين "و "امام المتقين" فربح التسامح الموقف بغير منافسة و بغير عناء. و استطاع" الرسول" بتوفيق ربه و نعمته ، ثم بعظمة نفسه و نبل شمائله أن يجعل من "يوم الفتح " هذا شرفا للانسان و نورا للحياة.


(( نهاية اليوم السابع ))







  رد مع اقتباس
قديم منذ /12-03-2008, 06:17 PM   #23

|§| أداره الاقسام السابقة  |§|

 

 رقم العضوية : 3822
 تاريخ التسجيل : May 2008
 المكان : فى قلـــب نجمـــ في السما ــــمة
 المشاركات : 9,063
 النقاط : همس الروح has a spectacular aura aboutهمس الروح has a spectacular aura about
 درجة التقييم : 174
 قوة التقييم : 1

همس الروح غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي اليوم التامن ( يوم حنين )

اليوم الثامن

يوم حنين :

"أعجبتكم كثرتكم ، فلم تغن عنكم شيئا"


لعل اصدق وصف لهذا اليوم ان نقول انه كان "يوم الله" ..كان يوم آياته .. و يوم معجزاته.. و يوم التمحيص الذي رد المؤمنين الى ربهم خشعا عارفين . و"يوم الله" الذي تجلت فيه حكمته سبحانه و تعالى في اختيار "محمد بن عبد الله" للرسالة ، و لقيادة البعث الجديد و المجيد الذي اراده الله للعرب خاصة و للبشر كافة.


الى الجانب الشرقي من مكة ، كانت تقيم قبيلة من كبريات قبائل العرب ، و من أشدها بأسا و اكثرها تمرسا في الحرب و ضراوة في القتال .تلك هي قبيلة "هوازن" ..نادت اليها قبائل ثقيف و نصر و جشم ، و قرروا أن يبطشوا بالمسلمين بطشة كبرى ، ظانين أنهم اذا قدروا عليهم و انزلوا الهزيمة بهم ، فانهم يرثون كل امجاد مكة و قريش...

و تحت إمرة رجل طموح اسمه "مالك بن عوف النصري" خرجت تلك القبائل في اعداد لجبة هائلة من المقاتلين الأشداء و معهم اموالهم و نساءهم و ابناءهم ، ليوحي اليهم انها معركة مصير ...

و أرسل "الرسول" أحد أصحابه ليعرف له أنباء القوم و جدية استعدادهم و نواياهم. .و عاد رسوله بصورة واضحة عن الموقف كله وهو موقف قوم يصممون على شن حرب عاتية ضد المسلمين.

كان مع "رسول الله" عشرة آلاف ، هم الذين سار بهم الى فتح مكة ، و انضم اليهم ألفان من أهل مكة ، منهم من أسلم يوم الفتح و منهم من بقي على دينه ... كان تعداد الجيش اذن اثني عشر ألفا . عدد كبير يبعث الزهو ، لاسيما و المسلمون قد فتحوا بالامس القريب البلد الذي كان عاصمة الوثنية في الجزيرة كلها و مركز المقاومة الضارية للاسلام و جماعته . هنالك ازدهاهم النصر و العدد الكبير و قالوا :" لن نغلب اليوم من قلة" .

قلة و كثرة ، ما لجند الله و هذا الحساب ؟ لقد و ضعوا قوتهم لذاتية في الميزان ، بينما الميزان كله بيد الله ، وليس في كفته الراجحة سوى فضل الله على رسوله و على المؤمنين .

كان وادي "حنين" الذي دارت فيه المعركة كثير الأغوار و المضايق و المنحدرات . ولقد سبقت "هوازن" و حلفاؤها الى الوادي ، و كمنوا في شعابه . و جاء المسلمون ليحتلوا الوادي ، دون ان يعرفوا أن عدوهم قد سبقهم اليه . و حين بلغوه ، كان الصبح يتنفس و يبعث بشائر ضوئه في خفوت .

و بينما المسلمون ينسابون باعدادهم الكثيرة فوق منحدرات الوادي ، اذا النبال و الحراب و السيوف ترشهم في بغتة مزلزلة ، اوقعت في صفوفهم من الفزع و الهلع ما لم يصابوا به في "يوم احد" الرهيب . و هكذا اراهم الله الخبير العليم أن كثرتهم لم تغن عنهم شيئا و أنه ليس من حقهم أن ينسوا ما نزل به الوحي على رسولهم " و ما النصر الا من عند الله" .

لقد لقنهم هذا الدرس في أوانه ، وانتقل بهم في نفس اللحظة الى درس آخر جديد .ذلك أنه حين اضطربت صفوفهم ، و ولوا راجعين بعيدا عن المنحدر العريض الذي فاجأتهم "هوازن" من مكامنه ، وقف "الرسول" و حده في ثبات يصعب تصوره ، و قف ينادي بأعلى صوته غير محاذر أن يدل الصوت اعداءه عليه : "الى أين أيها الناس ، هلموا الي ، أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبد الله ، أنا النبي لاكذب أنا بن عبد المطلب" .لم يكن معه و لاحوله آنئذ سوى "أبي بكر" و "عمر بن الخطاب" و "عمه العباس" و ابن عمه "علي" و "اسامة بن زيد" و "أبي سفيان بن الحارث" و "ابنه" و "الفضل بن العباس" و أخيه "قثم" و "ربيعة بن الحارث" و "أيمن بن عبيد".

أجل بقي الرسول وحده ، وسط هؤلاء العشرة او الاحد عشر من اصحابه ، في قلب المنحدر الرهيب الذي برزت منه فجأة مئات المحاربين من هوازن تخفق فوق رؤوسهم راياتهم السوداء ، و تمتلىء أيديهم بسيوف الموت و حراب المنايا .

ثبت "الرسول "في الموقف الرهيب ليكون ثباته آية يزجيها القدر على انه في كل غزواته ، لم يكن يستمد شجاعته من جيشه ، بل الجيش هو الذي يستمد الشجاعة و الثبات منه.هذه الحقيقة التي عبر عنها أصدق تعبير الامام "علي " كرم الله و جهه حين قال :" كنا اذا اشتد القتال و حمي الوطيس ، احتمينا" برسول الله" .

و أمر "الرسول "عمه "العباس" و كان جسيما جهوري الصوت أن ينادي ، فصاح : "يا معشر الأنصار ، يا اصحاب البيعة" . و صدحت نداءات "الرسول "و عمه في آذان الذين شتتهم مفاجاة هوازن ، فانقلبوا راجعين كالجبال يطحنون المنحدر طحنا ، و راحت سيوفهم و نبالهم و رماحهم تحاصر هوازن و حلفاءها بالموت و الاسر ، و صاح "الرسول " في حماس و ابتهاج :" الآن حمي الوطيس" .

و راحت خيل الله تصهل و هي تطا بأظلافها القاهرة خيل االلات و خيل هوازن.و تم الدرس الثاني من دروس "حنين" بنجاح .. و بعد حين قريب سيسجل الوحي ببعض أياته هذه الظاهرة فيقول :" و يوم حنين ، اذ اعجبتكم كثرتكم ،فلم تغن عنكم شيئا، و ضاقت عليكم الأرض بما رحبت ، ثم وليتم مدبرين . ثم انزل الله سكينته على رسوله ، و على المؤمنين ، و انزل جنودا لم تروها ، و عذب الذين كفروا ، وذلك جزاء الكافرين" .

لقد تجلى في هذا المشهد من أي جوهر فريد يختار الله رسله.. و يتجلى ثبوت الإلهية و عملها .. فمن ذا الذي عصم "رسول الله" من موت محقق و قد صارو حيدا بين مئات السيوف و النبال و الرماح؟...

لقد أسفر القتال عن كثرة كاثرة من قتلى المشركين و ستة آلاف اسيرو بحر زاخر من الغنائم و الأسلاب و فر قائد الجيش ومعه مجموعة من المنهزمين حيث احتموا وراء حصون الطائف ، فلحق بهم جيش الإسلام و ضرب حول الطائف حصارا محكما ...

و لم يكد "الرسول يدرك انهم قد ملوا سلاحهم ، و أمسوا اعجز من ان يعودا للقتال حتى اتخذ موقفا جديدا ينقلنا الى المكرمة الثالثة من مكارم "يوم حنين "و دروسه و امجاده..لقد أمر برفع الحصار عن الطائف بعد ان لبث قرابة عشرين يوما ...

اهذا رسول حرب و عنف ؟ إن "يوم حنين " يعطينا أصدق تبيان و تفسير لقضية الإسلام و الحرب و لأخلاقيات الإسلام في الحرب ، ليس فقط لما شهده ذلك اليوم من مشاهد الصفح و النبل و السمو ، بل قبل ذلك لموقف المشركين في ذلك اليوم المثير..

ويوشك "يوم حنين "ان يشارف نهايته التي نلتقي عندها بعجيبة أخرى من عجائبه العظام .

لقد كان "الرسول "مصمما ان يجعل من هذا اليوم "يوم الله" .لقد رأى نصر الله يتجسد امام عينيه فلم يدركيف يشكر ربه العلي الكبير .لقد انتهت معركة حنين بنصر و كل حرب تنتهي بنصر تطرح على الفور مشاكل السلام و أولى هذه المشاكل " غنائم الحرب" ... و كان هناك آلاف من الإبل و الغنم ، تملا الاعين وتسيل اللعاب ..

و بينما المسلمون الاوائل يتطلع كل منهم الى قسمه و نصيبه اذا "برسول الله" ينادي المؤلفة قلوبهم من مسلمة الفتح الذين لا يزال إسلامهم على شفة المنفعة والنكوص، فيعطيهم من الغنائم بغير حساب ، حتى اذا بقي منها القليل ،راح يوزعها على فقراء المهاجرين .

اما الأنصار و المسلمون الأوائل و الكبار ، فقد فوجئوا بالغنائم تزاور عنهم الى الآخرين.وكانت مفاجأة لم يعودهم "الرسول" على مثلها من قبل، و في زحمة النصر و الناس و الغنائم، لم تأت الفرصة ليـعطي تفسيرا لما حدث ،فكان طبيعيا ان يكون الموقف موضع تساؤل ،بل و احساس بالأسف و المرارة لاسيما من الأنصار الذين لم تصب الغنائم منهم أحدا ...

ودخل زعيم الأنصار"سعد بن عبادة" خيمة "رسول الله" فقال :" يا رسول الله ، ان هذا الحي من الأنصار قد و جدوا عليك في انفسهم لما صنعت في هذا الفيء" .قال الرسول :" فأين أنت من ذلك يا سعد ؟" قال سعد : " ما أنا الا من قومي ". فأمره "الرسول ان يجمع له الأنصار ، فجمعهم "سعد "حيث خرج اليهم "الرسول" و قام فيهم يحدثهم ، فحمد الله و أثنى عليه ، ثم قال : "يا معشر الانصار ، مقالة بلغتني عنكم ، وجدة و جدتموها علي في أنفسكم ؟ .. الم آتيكم ضلالا ، فهداكم الله ، و عالة فأغناكم الله ، و أعداء ، فألف الله بين قلوبكم ؟ "أجاب الأنصار هاتفين :" بلى الله و رسوله امن و أفضل " و استأنف "الرسول" حديثه فقال :" ألا تجيبوني أيها الأنصار ؟ "قالوا و قد بلغهم الحياء : "بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ فلله و لرسوله المن و الفضل " قال "الرسول " : "أما و الله ، لو شئتم لقلتم ، فلصدقتم و وصدقتم ، أتيتنا مكذبا ، فصدقناك ، و مخذولا ، فنصرناك ، و طريدا ، فآويناك ، و عائلا ، فآسيناك.

اوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم من أجل لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا و وكلتكم الى اسلامكم ؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة و البعير ، و ترجعوا أنتم الى رحالكم برسول الله ؟ . فوالذي نفس محمد بيده ، لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار . و لو سلك الناس شعبا ، و سلكت الأنصار شعبا ، لسلكت شعب الأنصار . اللهم ارحم الأنصار ، و ابناء الأنصار ، و ابناء أبناء الأنصار.."
لم يكد الأنصار يستمعون الى هذه التحية الماجدة ، ينثر عليهم زهورها الصادق الأمين عليه صلاة الله و سلامه ، حتى فاضت أعينهم من الدمع ،و علا نشيبهم و بكاؤهم...




وهكذا ، ترك الغنائم التي تفتن الألباب تذهب الى المؤلفة قلوبهم من حديثي الإسلام ، بينما ترك للسابقين الاولين من المهاجرين و الأنصار مثوبة الله و رضوانه ، و فردوس الإيمان و جنانه...


نهاية اليوم الثامن







  رد مع اقتباس
قديم منذ /12-06-2008, 03:37 PM   #24

|§| أداره الاقسام السابقة  |§|

 

 رقم العضوية : 3822
 تاريخ التسجيل : May 2008
 المكان : فى قلـــب نجمـــ في السما ــــمة
 المشاركات : 9,063
 النقاط : همس الروح has a spectacular aura aboutهمس الروح has a spectacular aura about
 درجة التقييم : 174
 قوة التقييم : 1

همس الروح غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي اليوم التاسع ( يوم التخيير )

اليوم التاسع

يوم التخيير :

"يا ايها النبي ، قل لأزواجك"


هنا تفتح مفاتيح الزمن ، لتقدم بين الأيام العظيمة في حياة "رسول الله" ، هذا اليوم الاغر الجليل.و هو يوم ، تعودنا ان نمر بوقائعه مسرعين ، لا نكاد نعي منها الا ان"الرسول" غاضب أزواجه ، لأنهن أردن منه أن يوفر لهن شيئا من مناعم الحياة،فأبى" الرسول" ذلك ، و نزل الوحي مؤيدا موقف "الرسول" ، ومعاتبا زوجاته في لهجة التانيب و التهديد. ولكن ، وقبل ان نواجه الموضوع، علينا أن نقف قليلا مع كلمة " ازواج" حيث اعتاد نفر من المريبين و المستربين أن يتخذوا منها موضوع غمز ، أو في احسن مواقفهم ، موضوع تساؤل."لماذا كان لرسول الله هذه الكثرة من الزوجات ؟؟" و الجواب عن تساؤلهم ، كتبت فيه كتب كثيرة ، و أسفرت الحقيقة في هذه القضية اسفارا مبينا .

لقد بعث "الرسول عليه السلام" في سن الاربعين ، وهاجر الى المدينة بعد ثلاثة عشر عاما من بعثته ، أي و هو في الثالثة والخمسين . و طوال هذه المدة المباركة من عمره ، لم تكن له سوى زوجة واحدة وهي السيدة "خديجة" رضي الله عنها . وبعد موتها ، لم يتخذ لنفسه سوى زوجة واحدة هي "سودة بنت زمعة" رضي الله عنها ، ولبث على ذلك حتى هاجر الى المدينة و هناك اعرس "بعائشة بنت الصديق" رضي الله عنها.

ان هذه الحقيقة وحدها تدحض كل تساؤل ، وتظهر في و ضوح كامل أن تعدد الزوجات في حياة "الرسول" ، كان وليد أغراض أخرى أبعد ما تكون عن الرغبة في اشباع جنسي .

و تاتي الحقيقة الثانية ، لتؤكد الأمر ، تلك هي أن جميع زوجاته عدا "عائشة" كن ثيبات و نصفهن عجائز.

و تأتي حقيقة ثالثة ، هي أن كل نسائه بعد "خديجة" تزوج بهن عدا "سودة" في المدينة بعد الهجرة ،أي في السنوات التي قضى ليلها و نهارها في صراع مستمر لا يهدا مع المنافقين في المدينة و المشركين في قريش و هوازن و ثقيف بعد فتح مكة ، ثم مؤامرات الروم بعد أن دانت الجزيرة كلها للإسلام . اذن فما سر هذا التعدد ؟؟

لقد كان النبل و الابوة و الإحساس العميق بالمسؤولية وراء تعدد الزوجات في حياة "الرسول" . و يمكن القول أن الزواج الذي وقع في حياة "الرسول" بقصد الزواج ذاته ، انما حدث مرتين : أولهما زواجه ب"خديجة "و ثانيهما زواجه ب "عائشة" بعد موت "خديجة".اما بقية الزوجات ، فقد كان وراء الزواج منهن سبب غير قصد الزواج...

ف "حفصة" مثلا استشهد زوجها في غزوة" بدر" ، و بقيت مترملة زمنا ليس بالقصير ، و كان "النبي" يرى في ترملها مشكلة ترهق مشاعر ابيها "عمر بن الخطاب" الذي عرضها على "ابي بكر "ليتزوجها فاعتذر ثم على "عثمان" فاعتذر ايضا .هنالك آواها "الرسول" الى عصمته.

و "سودة" ، أسلمت هي و زوجها "السكران بن عمرو" و هاجرا الى الحبشة ، و في طريق عودتهما منها ، توفي زوجها ، وتمنت أن تقضي حياتها في بيت "رسول الله" فتزوجها.و "أم حبيبة" بنت" أبي سفيان " أسلمت و زوجها "عبيد الله بن جحش" و هاجرا الى الحبشة و هناك غير زوجها دينه و اعتنق النصرانية ، و بلغ أمره "رسول الله" فشغلته مأساة الزوجة الوحيدة في بلاد الغربة و الهجرة ، هذه التي اسلمت مبكرة في الوقت الذي كان ابوها و أسرتها يتزعمون اضطهاد المسلمين ...

"زينب "بنت عمة" الرسول" ، ذات الحسب و الجمال ، خطبها "الرسول " لزيد بن حارثة" ، لكن "زينب "لم تظهر ارتياحها لهذا الزواج و كذلك اخوها ، بيد انهما أمام رغبة "الرسول" وافقا لكن حياتهما الزوجية اتسمت بفقدان التفاهم و الانسجام و كان لابد من الطلاق .

وبعد الطلاق ، رغبت "زينب "ان تكون زوجة" للرسول" و رأى" الرسول" نفسه مسؤولا عن الزج بها في زواج لم تكن تريده ، فلم يكن هناك تعويض لها أقل من تحقيق رغبتها ، و هكذا ضمت الى أمهات المؤمنين.

و "صفية بنت حيي بن أخطب" زعيم اليهود في بني النضير و في معركة "خيبر "التي دارت بين المسلمين و اليهود ، فقدت أباها و زوجها و أخاها ، و وقعت في ايدي المسلمين بين السبي و الأسرى . ونقل بعض أصحاب "الرسول "اليه نبأها و هو عليه السلام كان وافر الأسى و الرحمة لكل عزيز قوم يذل ، دعا "صفية" و خيرها بين امرين : أن يعتقها ، و يردها الى من بقي من أهلها ، أو تسلم ، وتكون له زوجة و أما للمؤمنين . وصاحت "صفية "مغتبطة و شاكرة :"اخترت الله و رسوله" و تزوجها الرسول.


على هذا النمط ، كان تعدد الزوجات في حياة "الرسول" ... و بعد هذه الوقفة ، نعود الى موضوعنا ، موضوع التخيير و المفاضلة اللذين نزل بهما الوحي في حسم شديد و أكيد "يا أيها النبي" قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا و زينتها ، فتعالين أمتعكن و اسرحكن سراحا جميلا ، و ان كنتن تردن الله و رسوله و الدار الآخرة ،فان الله أعد للمحسنات أجرا عظيما".

ماذا كان حدث حتى يتنزل الوحي بهذه الآيات التي تحمل طابع الاحتجاج و الرفض؟
ان الذي حدث يومها لعجيب . كانت الجزيرة العربية قد دانت كلها بالاسلام ، و كان المسلمون قد انتعشت معايشهم بما افاء الله عليهم من غنائم و مغانم ، و كانت ضريبة الزكاة تحمل الى المدينة من شمالي الجزيرة و جنوبها الحصاد و العطاء ، و من الابل و الغنم و الاموال ، و أخذ الرغد النسبي طريقه الى كل دار و كل اسرة .


لكن اسرة واحدة ظلت مثابرة على شظف العيش لا تتحول عنه و لا تريم ، يمر الشهر و الشهران و الثلاثة دون أن توقد هذه الأسرة نارا تطهو عليها شيئا من الوان الطعام .. تلك هي اسرة "رسول الله" أسرته جميعها.كانت زوجاته يقمن في حجرات منفصلة الى جوار المسجد ،و كن في شظف العيش سواء .ليس هذا فحسب ، بل امتد الى بنت "الرسول " "فاطمة الزهراء" التي تعيش بعيدا مع زوجها الامام "علي" فكانت كلما ذهبت الى ابيها تسأله من العطاء الذي يعطي منه الناس جميعا ، تسمع منه هذا الجواب:"لا اعطيك و أدع فقراء المسلمين " .ثم يضمها الى صدره حين يرى الدمع يترقرق في مآقيها و يقول لها:" الا ادلك على خير من ذلك ، سبحي الله ثلاثا و ثلاثين ، و احمدي الله ثلاثا و ثلاثين ، و كبري الله أربعا و ثلاثين " .

كان "عليه السلام "يعرف تماما مكانه و آل بيته من الدنيا ، و مكان الدنيا منهم ، كان يعلم أنه جاء الحياة ليعطي لا ليأخذ ، و من ثم عاش و حمل اهله على العيش معه في مستوى الكفاف ، و الكفاف كثير .

و حين فتحت الدنيا على المسلمين ، و زف اليهم الكثير من أطايب الطعام و اللباس و الفراش ،بدا لزوجاته أن يسالنه من ذلك النعيم حظا .. لم يطلبن ، بل لم يرغبن في اكثر مما يتاح للناس العاديين .و تحدثت بعضهن مع "الرسول "في ذلك .

كان "الرسول "يقدر فيهن طبيعة البشر ، و ما كان ليضن عليهن بتلبية رغباتهن المتعففة اليسيرة ، لكن أين القدوة اذن؟ و اين حقوق القدوة على من جعلتهن الأقدار أمهات للمؤمنين ؟ .

ان القدوة هنا لا تطلب من "الرسول "وحده ، بل و من كل من تربطه ب "الرسول "صلة نسب أو قرابة ...
هاهو ذا يعيش و يعيشون معه على التمر و الماء ، بينما ريح الشواء تفوح من اكثر البيوت . ها هو ذا ينام على حصير يترك أثاره الضاغطة على جسده الكريم ، حتى ان "عمر بن الخطاب "ليبكي حين يراه ، و يسأله أن يتخذ له فراشا لينا أ فيكون جوبه "عليه السلام" : "يا عمر ، انها لنبوة ، لا ملك " .


ألا ان يوم التخيير هذا ، وان مسلك "الرسول" بعد أن فتح الله له و لدينه الجزيرة العربية كلها ، و بعد أن صارت خيراتها و حاصلاتها تحت امره ، لأصدق البراهين لمن شاء برهانا على صدق نبوته و رسالته...

وهكذا رأيناه يغضب حين رأى زوجاته يردن الخروج الى الدنيا ، الى نعيمها ، و مباهجها و زينتها ، و يتنزل الوحي بتاييد موقفه و يرفض موقف الزوجات .

أجل ، لا مكان للدنيا في بيت النبوة ، و الله لا يريد لهن ارغاما ، فمن شاءت الدنيا و زينتها فلتغادر بيت النبوة و لتتخل عن مكان القدوة ، و لتأخذ من طيبات الدنيا بعد ذلك ما يأخذ بقية الناس.أما من كانت تريد الله ، و رسوله ، و الدار الآخرة ،فلها ذلك ، و لها الأجر العظيم من الله ، شريطة أن تنبذ الدنيا و راءها ظهريا ، و ان تتقبل في غبطة و راحة، شظف الحياة في بيت النبوة و الوحي و اليقين . و نهض" الرسول " الى زوجاته يتلو عليهن واحدة بعد واحدة كلمات الله ، و يبلغهن حكمه و تخييره .و بدأ ب "عائشة" ، ثم بقية الزوجات ، و ما منهن واحدة تسمع آي الله الا تصيح : "بل اختار الله و رسوله" .

و هل كان ينتظرمنهن غير ذلك ؟ أفئن وضع رضوان الله و رسوله في كفة ، و وضعت مباذخ الدنيا في الكفة الأخرى ، يكون ثمة مكان للإختيار و للخيار ، و ممن ؟ من زوجات "الرسول " و أمهات المؤمنين!!

لقد اراد الله سبحانه و تعالى أن يجعل من "يوم التخيير" و وقائع المفاصلة مزيدا من الإيضاح لجوهر الحياة اللائقة برسله و صفوته من خلقه . و مزيدا من التوكيد على هوان الدنيا و هوان ما يقتتل عليه الحمقى من زخرفها الباطل و أمجادها الكاذبة ، ثم درسا بليغا للناس في كل عصر و زمان ، لكي يبصروا طريق الرشد ، و يختاروا بين عالم الله و دنيا الناس.

نهاية اليوم التاسع








  رد مع اقتباس
قديم منذ /12-09-2008, 01:49 AM   #25

|§| أداره الاقسام السابقة  |§|

 

 رقم العضوية : 3822
 تاريخ التسجيل : May 2008
 المكان : فى قلـــب نجمـــ في السما ــــمة
 المشاركات : 9,063
 النقاط : همس الروح has a spectacular aura aboutهمس الروح has a spectacular aura about
 درجة التقييم : 174
 قوة التقييم : 1

همس الروح غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي اليوم العاشر ( يوم الوداع )

مع آخر يوم من أيام الرسول صلى الله عليه و سلم و لعله أصعب يوم على الإطلاق


اليوم العاشر


يوم الوداع :

"فسبح بحمد ربك و استغفره ، انه كان توابا"



أتم الله على رسوله نعمته و أمسى قرير العين و الفؤاد ، اذ رأى الشرك و الوثنية قد كنسا من الجزيرة العربية ، و طهر بيت الله للطائفين و العاكفين و الركع السجود ، فلم يعد يطوف بالبيت مشرك ، و لم تعد هناك مناة و عزى و لا هبل و لا اللات..

عاد دين "ابراهيم " عليه السلام الى وطنه مسبحا بحمد الله مقدسا له ، وبلغت كلمات الله الى ملوك الارض عن طريق الرسل الذين انتدبهم "الرسول" الكريم لهذه المهمة الجليلة.

وعلى قمة ثلاث و عشرين عاما قضاها و صحبه الأبرار في معاناة و نضال ، ترتكز الآن سارية النصر حاملة راية الله التي تغطي أرض الجزيرة كلها بمجدها و سناها و هداها ...

و في أواخر "ذي القعدة" من السنة العاشرة للهجرة ، شد "الرسول "رحاله الى بيت الله الحرام ، وشد المسلمون معه الرحال. و في "عرفات" ينزل عليه الوحي بهذه الآية الكريمة : "اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي ، و رضيت لكم الإسلام دينا" .كمل الدين و تمت النعمة و ساد الإسلام ، اذن فالمهمة قد انتهت ، و الرحلة قد شارفت مداها .. و من دار " الأرقم" الى "مدينة رسول الله" الى دنيا الناس و عالم البشر ، يواصل النور سيرته و مسراه.

لقد أوقد "محمد" و أصحابه الشعلة المباركة ، و كتب الله ألا يخفت أبدا لها ضياء. لقد أديت الرسالة ، و بلغت الأمانة ، و أصبحت كلمة الله هي العليا. أترى الرحيل قد آن أوانه ؟ و حان للمسافر ان يعود الى داره ؟ بلى .. آن موعد العودة و الرحيل .

و في "منى" ، بعد ان تمت شعائر الحج ، و أذنت أيام التشريق ، جاءه الوحي بهذه الآيات : "إذا جاء نصر الله و الفتح ، و رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ، فسبح بحمد ربك و استغفره إنه كان توابا" . و تلا "الرسول " على أصحابه كعادته هذا الوحي الجديد ، فازدادوا به طمأنينة و فرحا ، لما يحمله من توكيد لاستمرار نصر الله و فتحه .. لكن "أبا بكر "و "عمر "و " العباس" فاضت أعينهم بالدمع ، اذ وجدوا فيه نعيا "لرسول الله "و ايذانا بقرب رحيله..و لقد صدق "الرسول "فهمهم هذا ، و أنباهم أن هذه الآيات تنعي اليه نفسه.

هكذا يومىء الوحي و ينيء بقرب وفاة "الرسول" ..
لم يعد "للرسول" مكان في دنيا الناس بعد أن انتهت مهمته ، انه لا يعطى و لو بضع سنوات يحتفل خلالها بالنصر و يحيا في بحبوحته و رفاهه. ولقد كانت هذه النهاية السريعة تعني أعظم التكريم و التمجيد "لرسول رب العالمين".

ذلك أنها تكشف مقام "النبي" عند الله ، انه "رسوله" و مبعوثه الى دنيا البشر ، انه خلقه و اصطفاه لهذه المهمة لا غير ، مهمة التبليغ عنه ، و الدعوة اليه ، و غرس رايته في الارض . فاذا انتهى دوره ذاك ، صعد على الفور الى الرفيق الاعلى ، حيث هناك وطنه الحق و مقامه الابدي. ولكن ، لماذا و الوحي ينبئه بقرب رحيله ، يدعوه لأن يسبح و يستغفر؟

انه برهان جديد و لعله سيد البراهين على أن "محمدا" عليه الصلاة و السلام كان "رسول الله "، يتلقى عنه ، و يدعو اليه باذنه ..فلو أنه يعمل في نطاق شخصي ، و تدفعه حوافز ذاتية مهما يكن نبلها ، ثم احس بدنو أجله و أراد أن يعبر عن احساسه بكلمات ينعي بها نفسه ، لما جاءت على هذا النحو أبدا ..دعوة الى الاستغفار و المتاب...


من أجل هذا ، رأيناه "عليه السلام " على الرغم من تفانيه الدائب في عبادة ربه يزداد بعد نزول هذه الآيات امعانا في النسك و اقبالا على التعبد..يقول "أبو هريرة" رضي الله عنه : "اجتهد النبي صلى الله عليه و سلم بعد نزولها ، حتى تورمت قدماه ، و نحل جسمه ، و قل تبسمه ، و كثر بكاؤه" ...

هذه أولى نفحات "يوم الوداع" ، نلتقي بها في بواكير صباحه . و الآن ، فالى ذلك الجمع المشهود ، لنسمع و نرى ..

هناك فوق المنبسط الفسيح من "منى" وقف مئة و عشرون ألفا من المسلمين ، و قفوا حافين حول "رسولهم الكريم" الذي تهيا ليلقي عليهم من حديثه المضيء بعض النصائح و الكلمات.

كان الفرح و البشر و الأمل و الثقة تشيع في الزمان و المكان و تملأ الانفس حيوية و انبهارا.. لم يكونوا يعلمون أن "الرسول" نعي الى نفسه .. فحتى الذين تليت عليهم سورة "النصر" و سمعوها لم يفهموا منها ما فهمه" أبو بكر "و "عمر" و "العباس" رضي الله عنهم و عن الصحابة أجمعين .. لم يكونوا يدرون الا أنهم في مهرجان عظيم ، يحتفلون فيه بانتهاء مناسك الحج ، كما ينعمون بنصر الله و فضله . فهؤلاء المائة و العشرون ألفا من المسلمين ، من يمثلون الجزيرة العربية كلها بكل قبائلها و مواطنها.


وهم "الرسول " بالحديث ، بينما وقف قريبا منه بعض اصحابه ليبلغوا عنه ، حتى تصل كلماته الى جميع المسلمين.

لم يعد "الرسول " خطابه و لم ينمقه حتى يجيء في الصورة المحسوبة لخطبة الوداع ، و أي وداع !!
بل لعله لم يكن في حسبانه أن يقف اليوم خطيبا ، فقد جاءه ما يشغله : التهيؤ للقاء ربه.

وكعادته دائما في ايثاره البساطة ، و نبذه التكلف و التعاظم ، وقف يذكر أصحابه ، و يزودهم ببعض وصاياه ، و تحدث فجمع و أوعى .. و اشرأبت الأعناق ، و أصغت القلوب ، و أرهفت العيون أحداقها.. و أشرق في الأفق الساكن ، صوت " الرسول" :

"أيها الناس ..اسمعوا قولي ، فإني لا أدري ، لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ، في هذا الموقف أبدا .
أيها الناس .. ان دماءكم و أموالكم عليكم حرام ، الى ان تلقوا ربكم ، كحرمة يومكم هذا ، و كحرمة شهركم هذا ..و انكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ، و قد بلغت . فمن كانت عنده أمانة فليؤدها الى من ائتمنه عليها .

و إن كل ربا موضوع .. لكم رؤوس أموالكم، لا تظلمون و لا تظلمون .. قضى الله أنه لا ربا .. و أول ربا أضع ، ربا العباس بن عبد المطلب، و إن كل دم كان في الجاهلية موضوع ..و أول دمائكم أضع دم بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.


أيها الناس .. إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه ، و لكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من اعمالكم ، فاحذروه على دينكم .


أيها الناس.. انما النسيء زيادة في الكفر ، يضل به الذين كفروا ، يحلونه عاما و يحرمونه عاما ، ليواطئوا عدة ما حرم الله، فيحلوا ما حرم الله ، و يحرموا ما أحل الله .. و إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات و الأرض .. و إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا منها اربعة حرم..

و استوصوا بالنساء خيرا ، فإنهن عندكم عوان ، لا يملكن لأنفسهن شيئا ..وٌإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله .. و استحللتموهن بكلمات الله ..
قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به ، فلن تضلوا أبدا .. كتاب الله و سنة نبيه .

تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم .. و أن المسلمون إخوة ، فلا يحل لامرىء من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه .. فلا تظلمن أنفسكم "".

ثم احتوى الجموع الحاشدة بعينيه الثاقبتين ، ونادى : "اللهم هل بلغت؟؟"

و ارتج السهل العريض بالأصوات العالية ، تنبعث من حناجر مائة و عشرين ألفا ، تجيب "الرسول" :

"اللهم نعم" ...

ومضى على ذلك اليوم المجيد ألف وأربعمائة عام.. و ستمر ألف و أربعمائة عام أخرى .. ستمر آلاف الأعوام ، ما أذن الله لهذه الأرض أن تبقى و تدوم .

و خلال ذلك الزمان ، ما بقي الزمان ، سيظل رشد الإنسان و ضمير الحياة ينبضان بسؤال "الرسول" "هل بلغت؟؟" و سيظل كل شيء في لدنيا الناس يؤوب ، و يشهد ، و يجيب : "اللهم نعم . اللهم نعم""

نهاية اليوم العاشر

تم بحمد الله







  رد مع اقتباس
قديم منذ /12-16-2008, 11:48 AM   #26

عضو جديد

 

 رقم العضوية : 8724
 تاريخ التسجيل : Nov 2008
 المكان : مصر
 المشاركات : 103
 النقاط : ايهاب ناجى will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

ايهاب ناجى غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ايهاب ناجى
أوسمة العضو
افتراضي

اللهم صلى على سيدنا محمد وال سيدنا محمد كما صليت على ابراهيم وال ابراهيم
وبارك على محمد وال محمد كما باركت على ابراهيم وال ابراهيم فى العالمين







  رد مع اقتباس
قديم منذ /12-16-2008, 01:35 PM   #27

|§| أداره الاقسام السابقة  |§|

 

 رقم العضوية : 3822
 تاريخ التسجيل : May 2008
 المكان : فى قلـــب نجمـــ في السما ــــمة
 المشاركات : 9,063
 النقاط : همس الروح has a spectacular aura aboutهمس الروح has a spectacular aura about
 درجة التقييم : 174
 قوة التقييم : 1

همس الروح غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

عليه أفضل الصلاة والسلام

أيهاب ناجي

جزاك الله خيرا

وبارك الله فيك

ودمت بخير







  رد مع اقتباس
قديم منذ /12-08-2015, 10:53 PM   #28

عضوية تميز

 

 رقم العضوية : 100074
 تاريخ التسجيل : Nov 2015
 الجنس : ~ أنثى
 المكان : بني سويف
 المشاركات : 4,426
 الحكمة المفضلة : كن كما تريد حتى وان كان ماتريد مستحيل
 النقاط : مــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 22129
 قوة التقييم : 12

مــريــم غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

وسام مسابقة لمحة من حياتنا مركز ثالث وسام النشاط العام لشهر ديسمبر 2015 وسام مسابقة مولد الهدى مركز ثالث المسابقة الفلاشية للمولد النبوي المسابق الفلاشية وسام تميز قسم السويتش ماكس 

افتراضي

جزاك الله خيرا وجعله فى ميزان حسناتك







  رد مع اقتباس
قديم منذ /12-01-2020, 02:07 AM   #29

عضو جديد

 

 رقم العضوية : 115624
 تاريخ التسجيل : Oct 2020
 الجنس : ~ امرأة
 المشاركات : 105
 النقاط : ريحانة الاسلام will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

ريحانة الاسلام غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو
افتراضي

جزاك الله خيرا ونفع بكم الاسلام والمسلمين







  رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
للكاتب, محمد, أداء, الرسول, الإسلامي, جامد, حياة, عشرة

« ادخل و.استفيد | جبريل عليه السلام ورسول الله »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

Posting Rules
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
محمود فيجو رجع من تانى لوب جامد مووت بى اسم السلام خمورجي جامد موووت madolovely اغاني شعبية - اغانى شعبى - تحميل اغاني شعبية mp3 7 04-07-2011 03:37 AM
قصة حياة خالد بن الوليد Loyalty منتدى الشخصيات التاريخيه 6 12-23-2009 08:58 PM
مقطع جامد جدا عن الرسول ҉ آنينُ صمتـﮯ ҉ يوتيوب - موقع يوتيوب - يوتيوب فيديو - مقاطع يوتيوب 6 11-12-2009 05:35 PM
اختبار جامد جامد جامد موووووووووووووووووووووووووت princess saso نكت - طرائف - وناسة - فرفشة 7 08-15-2009 11:01 AM
رد الشيخ الفاضل محمد حسان على الأستاذ عمرو خالد بخصوص ما قاله عمرو خالد عن النبي Liverpool 1892 صوتيات اسلامية - تلاوات - خطب - يوتيوب 4 03-09-2009 10:43 AM

مجلة الحلوة / مذهلة

الساعة الآن 05:38 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 RC 1
منتديات بنات مصر . منتدى كل العرب

a.d - i.s.s.w


elMagic Style.Design By:۩۩ elMagic ۩۩